ابنة خالتك ذاتها التي تحدثنا عنها في المقالين الماضيين، هي مع ابنة عمتك وبقية قريباتك والصديقات القريبات والبعيدات، هن السبب في هذا الضغط النفسي والهوس المظهري الذي تعانيه ابنتكِ، تلك التي تتعذب بوزنها، «تناضل» من أجل «تعديل» مظهرها، ساعية إلى شكل غير حقيقي وكمال لا تمتلكه حتى الظاهرات به على أوجه الصحف والمجلات التي تبيعنا الوهم الذي نشتريه بكل أريحية لنتعذب به.
كل هؤلاء السيدات اللواتي يعذبنك وابنتك اليوم قد عذبن أو يعذبن أنفسهن يومًا ما، كلهن عانين من التعليق على أشكالهن، ومن التندر على أوزانهن، من الانغمار في المستحضرات التي لا نهاية لأنواعها وأشكالها، من الانبهار بتكنولوجيا التجميل أيًا كان زمنها وتطورها، من التوق إلى الظهور بمظهر هؤلاء الساحرات الخلابات اللواتي يظهرن على أوجه الصحف والمجلات، واللواتي، حتى هن، لا يظهرن في الحقيقة كما هنّ على هذا الورق اللامع المصقول. كلنا تعذبنا بمظهرنا ووزننا وشكلنا وطموحنا في أن نبدو أجمل وأن نقاوم الزمن، لننتقل في مرحلة لاحقة إلى تعذيب بناتنا وصغيراتنا بأدوات التعذيب ذاتها ولنحملهن الأعباء ذاتها، ولنسبغ عليهن ذلك الحرمان من اختبار الحياة بحالة من الرضا والتصالح مع النفس، الحرمان ذاته من اختبار الحياة من خارج الجسد وبلا تأثير من المظهر وبلا تأثر برأي الآخرين وحمل عبء تعليقاتهم وأحكامهم.
كم منا، نحن الأمهات، من تضغط على صغيرتها لتأكل أقل، ولتحافظ على شكلها ووزنها ومظهرها؟ كم منا من تعلق بقسوة على وزن ابنتها، ومع كل تعليق تنهش هذه الأم بشراسة جزءًا من ثقة ابنتها بنفسها ومن سعادتها وانطلاقتها في الحياة؟ كم واحدة منا تمر بجانب ابنتها وتلقي التعليق بكل عفوية «سمنتِ»، «كفاك أكلا»، إلى ما يتعداها من تعليقات قاسية ترسل تهديدات للفتاة في قبولها الاجتماعي وفرصها في الزواج خالقة هزة في النفس وتتجاوزها نظرة ساذجة وهدامة للزواج على أنه غاية المنى؟ كم واحدة منا تتذكر كيف سرقت منها فرحتها وانطلاقتها وتمتعها الطفولي بالحياة بسبب هذه التعليقات والأحكام لتعود وتلتف فتمارسها على ابنتها وتعذبها بها؟ لماذا لا نترك الفتيات ليستمتعن بالحياة من زاوية مختلفة، زاوية لا أحكام فيها ولا مخاوف، لا قطار زواج يفوتها، ولا كلام ناس يحكم ويتحكم؟
واجبنا بصفتنا أمهات، بكل تأكيد، هو المحافظة على صحة صغارنا، بنات وأولادًا، وتوجيههم ليحيوا حياة صحية بأجساد قوية، يعتنون بها من خلال الأكل السليم والحركة الرياضية، لتصل بهم إلى أعمارهم الطويلة المتقدمة التي نتمناها لهم. زاويتنا يجب أن تكون زاوية صحية، نحكي من خلالها للأولاد والبنات عن قيمة الجسد وعن ضرورة المحافظة عليه ليحملنا إلى آخر الحياة ويمكننا من رؤية المزيد منها. ما تفعله معظم الأمهات يأتي من زاوية مختلفة، زاوية تحمّل الصغيرة- ما إن تبلغ العشر سنوات وربما قبل ذلك- عبء جسدها الذي يجب أن تحرمه من رغبات طفولتها حتى يستطيع ملاحقة المظهر المطلوب، وفي الوقت ذاته يستطيع تفادي الأحكام القاسية. تقسو الأمهات وهن يضغطن على الصغيرات، يعلقن عليهن بتعليقات هدامة تضع في اعتبارها الجسد غير آبهة أبدًا بالروح، تعليقات تهدم مفهوم الثقة بالنفس وتضع الصغيرة تحت رحمة أعين الناس وتقييمهم، تعليقات تسرق المتعة الحقيقية بالحياة وتبعد القضايا الأهم فيها، تعليقات تخلق أرواحًا مكلومة ونفوسًا مهمومة لاهثة خلف رضا الآخرين وعقولاً تسطح نشاط تلك النفوس وتكتم ما تبقى من قدراتها وتسد كل المنافذ المهمة القيمة لأعماقها الحقيقية.
أعلم أن كل واحدة فينا لا تأتي على أبنائها وبناتها إلا عن محبة غائرة وقلق يستأثر بالروح، ولكن الواجب هو أن نعيد قراءة إستراتيجياتنا الأمومية لنخفف عنهم، وخصوصًا عن فتياتنا اللواتي يأتين إلى الدنيا محملات أصلاً بأعباء متوارثة. لا يجب على بناتنا أن يمررن بما مررنا به، لا يفترض بهن أن يعتقدن كما اعتقدنا، بل يا حبذا لو كان الهدف أن نعكس طريقهن ونبدل مفاهيمهن ونغير تمامًا طريقة عيشهن للحياة وتقييمهن لطعمها ومتعها. إذا كنا حملنا أحمال المظهر، وإذا كانت أوزاننا وأشكالنا دائمًا هي الهاجس الأول والسد الأعلى بيننا وبين الانطلاقة في هذه الحياة، فلا أقل من أن نقتل هذا الهاجس في قلوب صغيراتنا ونهدم هذا السد أمام طرائق حياتهن، ونعطيهن فرصة لأن يكن صغيرات، ولأن يستمتعن حقيقة بالحياة، ولكي يضعن هذا الحمل الثقيل المتوارث جيلًا بعد جيل من على أكتافهن، فمن دون هذا الحمل سيستقيم الظهر، وستتسع الرؤية ويرتفع نطاقها، وسيكون المنظر أوضح والحركة أخف والأنفاس أجمل، وربما ستغير هذه الصغيرات ما كنا اعتقدنا نحن باستحالة تغييره. ستعيش هذه الصغيرات عمرًا كاملاً يتعاملن فيه مع نظرة المجتمع وأحكام الناس وقسوة الإعلام والإعلان، تلك القسوة التي ستقدم أنماطًا غير حقيقية ليتعذبوا بها. فلا أقل إذن من أن نصبح نحن، الأمهات، مصدر الراحة والثقة، ولا أقل من أن نكون القوى المعاكسة التي تدفع للاستمتاع بالحياة وتمييز الحقيقي الجدير بالاهتمام فيها. خففن عن فتياتكن، لا تذْكرن أشكالهن إلا بالمديح والمحبة، أنتن من أورثتن الجينات المسؤولة، وعلى ذلك أتيتن بهن إلى الحياة، فلا أقل من أن تكن مصدر سعادة فيها.
د. ابتهال الخطيب
اثني على كلام اخي د. رياض واقول له و لكل الإخوة المعلقين و الى طاقم القدس العربي الذي يبذل جهود جبارة ، كل اضحى و انتم و عوائلكم الكريمة بكل خير .
.
انا لست مقتنعاً البتة إن اينشتاين العبقري قلب نظرية نيوتن رأساً على عقب أو نسفها البتة ، وانما هو وسعها واضاف عليها و اكمل نواقصها ، فقوانين نيوتن للحركة و هي لا تزال تسمى قوانين و تعمل ولم تنسف و تستند إليها مخترعات كبرى إنما استندت إلى نظرية نيوتن ، لكنها محدودة بنطاق معين ، لا تعمل بطريقة صحيحة أو كاملة خارجه ، لكنها ظلت و لا تزال تقدم اجوبة صحيحة ضمن هذا النطاق
ما فعله اينشتاين ، أنه توسع و قدم اجوبة لنطاق أوسع من الكون و ذهب ابعد بكثير و استكمل عمل نيوتن العبقري و الجبار ولم يتعارض ما قدمه آينشتاين مع النطاق الذي تحققت فيه نظريات و قوانين نيوتن.
.
ويحسب لنيوتن الريادة في تقعيد الكثير من اسس علم الميكانيك و الحركة.
.
اعتذر ان تعليقي خارج عن موضوع المقال ، لسببين ، الأول أن الفكرة طرحت بشكل أو بآخر ولي كما ذكرت رأي فيها ، و السبب الثاني لم اجد اي جديد يذكر ، و القديم هو هو يعاد فيما يخص موضوع المقال ، ناهيك عن افتقاده لما وضحه اخي د. رياض البارع و الرائع.
الاخ اثير،
.
يحكى ان استاذا في علم الفلك ذهب بتلامذته الى قمة الجبل و رفع يده الى السماء و هو يشرح
.
اين المجرات و النجوم … كل التلاميذ كانوا مهتمين .. الا واحد كان عوض ان يشاهذ ما يشير له الاستاذ، كان
.
هذا التلميذ يهتم بشكل يد الاستاذ .. و كيف يحرك اصابعه …
.
الخلاصة، ان اردت ان نتحدث في نظرية انشتاين فلا مانع عندي، لكنني اشير بالمثال اعلاه الى شيئ معين بيدي.
.
قولك ليس خطءا و ليس حقيقة في نفس الوقت، و ليس هذا هو بيت القصيد كما اوضحت، بل شيئ آخر …
شكرا لك أخي الحبيب د. أثير كل اضحى وانت ومن تحب بالف خير. فعلا لم اجد شخصيا ما اعلق عليه لان المواضيع مكررة فاكتفيت بداية بالمعايدة ثم علقت لانني وجدت مبالغة كبيرة في تقييم الواقع. ثم علقت تعليق آخر على تعليق احد الاخوة وضحت فيه ان ما يطلق عليه السلفية ليس حجة على الاسلام وان الصحابة انفسهم كانوا مختلفين في شخصياتهم فعمر ليس كابي بكر وابو بكر ليس كعلي وعلي ليس كعثمان ( رضي الله عنهم جميعا) ولكنهم جميعا اجمعوا على الاصول والقواعد التي يقوم عليها الدين واختلافهم واختلاف التابعين كان في الفروع التي هي اصلا رحمة للامة ثم ياتي هنا احدنا فيحاول الغاء مصدر التشريع الثاني بجرة قلم دون مراعاة اولى ابجديات البحث العلمي …. هذا التعليق للاسف لم ير النور. ولقد لخصت هنا بعض ما احتواه. تحية طيبة لك اخي الحبيب د أثير وبارك الله في علمك ووقتك والبسك دوما ثوب الصحة والعافية
من ناحية علمية وبدقة معك حق أخي أثير إلى حدما, حيث أن قوانين نيوتن بقيت صحيحة لكن ضمن حدود ضيقة حيث أن نظرية أينشتاين اصبحت الأوسع والأكثر شمولاُ ومبكانيك نيوتن أصبحت صحته تقريبية. وبالمناسبة ميكانيك الكم الحديث هو الأخر كان أكثر ثورية وأصبح الأكثر والأوسع وتحول ميكانيك نيوتين إلى ميكانيك تقريبي أيضاُ, وقع اصابت أينشتاين الصدمة بسبب هذا التطور الجديد الذي عارضه في نقاط كثيرة لكن دون جدوى فقط أخطأ أينشتاين في التقدير. أما نظرية أنشتاين النسبية فقد تم جمعها مع ميكانيك الكم لتصبح أوسع نظرية فيزيائية معروفة حتى الآن ولكن العلم متطور وهناك نزريات وتجديد وتحديث ولن تنتهي الحكاية في الوقت القريب.
تحية طيبة للجميع…واعتذر عن تاخري اليوم في التعليق بسبب انشغالي باستقبالات ومجاملات العيد التي تمتد عندنا هنا في المغرب..بطواجينها ومشاويها…وكؤوس شايها….التي يفوق شغفنا بها شغف الروس بالفودكا….والالمان بالجعة ….والفرنسيين بالنبيذ….ونحمد الله ان فقهاء عصور التبعية والتاخر فشلوا في حملتهم لتحريم الشاي والقهوة وقياسهما على المسكرات…بعدما هجاهم احد الشعراء بسبب افتاء احدهم بحرمة القهوة في دولة مشرقية…فقال : القهوة حرمت فاشربوا ماء العنب….واطربوا وعربدوا والعنوا من كان السبب!!!! ..؛ وبالرجوع الى موضوع اليوم ..اعتقد انه يجب اقتداء بانشتاين ان نعتمد الكثير من النسبية في احكامنا حتى نضمن اكبر قدر من التوازن في تمثل الاشياء على صورتها الواقعية….ومنها مثلا ان الحرص على شكل المراة الجسماني هو هاجس مرضي تجده اكثر حدة في الغرب بعدما اصبح الشكل الخارجي للمراة..وجسدها من الامور القابلة للترويج التجاري…وتدر ربحا يفوق ما تحققه ابار البترول في كثير من الاحيان…وهذا ما ادى الى انتشار امراض النحافة المزمنة نتيجة للعزوف والنفور المرضي من الاكل الى درجة مقلقة…؛ وفي البلدان التي تتشدق بحرية المراة …تحولت الانثى الى اسيرة لمنطق مقص مصممي الازياء والملابس والموضة…الى درجة التحكم في المقاييس المطلوبة في كل جزء…وكاننا بصدد تشكيل تماثيل بلاستيكية او حجرية…ولسنا امام كاءن تشكل فيه الروح والنفس والاحساس 90% من مكوناته الحقيقية الحية…؛ وما ينطبق على هذا الجانب ينصرف ايضا الى الصاق صفة المصادرة والتقييد والتضييق على المراة..للمجتمع المحافظ اخلاقيا..والمنضبط دينيا..؛ فعبقرية الفزياء التي اغتالتها الصهيونية الاثمة…سميرة موسى نشات وتربت في بيت صعيدي محافظ ومتدين….؛ وفي بيت مشابه نشات استاذة الاجيال الدكتورة عاءشة بنت الشاطىء التي تشرفت بالتلمذة على يديها في مرحلة وجيزة في الثمانينات …. ونوال المتوكل اول رياضية عربية مسلمة حصلت على الميدالية الذهبية الاولمبية في العاب القوى…والامثلة في هذا المجال كثيرة جدا…واعتقد ان التوازن المطلوب يجب ان يصبح موضوع توجه انساني عام يشمل كل الثقافات والحضارات..وان لايظل حبيس تلك النظرة التقليدية التي ترتد الى الداخل…بنوع من الاصرار…حتى ولو كانت الامثلة في المجتمعات الاخرى …اكثر وضوحا ودلالة على البعد السلبي الذي ننتقده.
بما ان التعقيبات حادت قليلاً عن مجال طرح الدكتورة ابتهال , اقترح عليها في الاسبوع القادم ان يكون مقالها عن سيرة حياة الفيزيائي الاشهر ستيفن هوكينغ صاحب نظرية العلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية!!! ما راي القراء بذلك ؟.
بالنسبة لاينشطاين فقد استطاع ان يحصل على الصدارة العلمية الفيزيائية الكونية, ولكنه كزوج كان فاشلًا وقاسيًا وخائنًا و…السلام.
و كما تنبأت للاسف، حصيلة عدد النساء المشاركات في النقاش اليوم هو واحد، الاخت سلوى.
.
لان الموضوع يدور حول الجسد، جسد المرأة، و هذا يدعي للقلق بصراحة، ان لا يشارك نساء و يتكلمن عن تجاربهن مع جسدهن
حتى بطريقة غير مباشرة … لكن هذا ليس بالسهل بصراحة، و اتفهم الموقف، و قد شرحت اعلاه بناءا على نتائج علمية سببا ربما
يكون له دور اساسي، الا و هو ” الهوية الجسدية” الموؤودة عند نسائنا عموما، و نحن جميعا مسؤولين على هذا الوضع.
.
ربما اختين كانتا ستشاركان في النقاش اليوم، و ربما اجواء الزيارات في العيد حالت دون هذا .. لكن المشكل يبقى واضح للعيان.