في كتابة هذا التاريخ، الطريف والمتمرد، حول كرة القدم؛ يبحث إدواردو غاليانو، الروائي والصحافي والكاتب الأوروغوائي المعروف، في أساليب اللعب، واللاعبين، والأهداف، والعناصر الأخرى الكثيرة التي تصنع سحر كرة القدم، وتفسّر شخصيتها الفريدة ضمن أزمنة وأماكن ذات أبعاد فريدة بدورها. «كرة القدم تحت الشمس وفي الظلّ» يقود قارئه إلى الصين القديمة، حيث المحفورات من عهد سلالة الـ»مينغ»، 1368ـ1644، تُظهر كرة كان يمكن أن تصممها شركة أديداس؛ إلى إنكلترا الفكتورية، حيث وضع الجنتلمان البريطاني القواعد التي ما نزال ملتزمين بها حتى اليوم؛ وصولاً إلى أمريكا اللاتينية، حيث قام الجنتلمان نفسه بإدخال اللعبة، لكي يجد أنها اصطبغت بصبغة محلية مختلفة، مرّة وإلى الأبد!
جميع الكبار ـ بيليه، دي ستيفانو، كرويف، أوزيبيو، بوشكاش، غوليت، باجيو، بيكنباور… ـ يجدون لهم فسحة ترحيب خاصة في هذا الكتاب؛ رغم أنّ غاليانو لا يكفّ عن التحذير: كرة القدم «متعة تسبّب الاذى»! هنالك، إلى هذا، ذبحات صدرية، وجنون، وشغب، وتعصب أعمى؛ وهنالك لاعب الأوروغواي أبدون بورتي، الذي انتحر بإطلاق الرصاص على نفسه في قلب الستاد الوطني؛ وهنالك مدرّب الأرجنتين، الذي حظر على لاعبيه أكل الدجاج، خشية أن يجلب النحس؛ وهنالك الفضائحي دييغو مارادونا الذي تُختزل جريمته الحقيقية، حسب غاليانو، في ذنب واحد كبير: «أنه الأفضل»!
كرة القدم هي اللعبة التي يحاول البيروقراطيون إضفاء الملل عليها، ويسعى المتنفذون إلى استغلالها، لكنها تحتفظ بإغوائها لأنها لعبة ساحرة، «مأدبة للعين، ومتعة للجسد الذي يلعب»، يكتب غاليانو؛ ويبسط القول هذا على امتداد فصول تناقش خفايا اللاعب، وحارس المرمى، والنجم، والمدرّب، والحكم، والجمهور، والمشاغب، والمسرح، ولغة الحرب… تحت شموس العالم، وفي ظلاله!
Soccer in Sun and Shadow
by Eduardo Galeano
Nation Books, New York 2013
320 pages