غزة – «القدس العربي»: في مسعى إسرائيل للتأثير على نهج «مسيرة العودة الكبرى» وحرف مسارها الذي يتبنى «المقاومة الشعبية»، وكذلك للضغط على حركة حماس، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي مجددا مواقع للمقاومة الفلسطينية، ما أدى إلى مقتل أحد ناشطي الجناح المسلح لحركة حماس، في الوقت الذي تواصلت فيه النشاطات تحضيرا لانطلاق فعاليات الجمعة الثالثة لـ «مسيرة العودة الكبرى».
وبدا واضحا أن حجم الرد الإسرائيلي العسكري الكبير وغير المعتاد على هجمات مسلحة خفيفة تحدث على الحدود، يهدف إلى حرف بوصلة «المقاومة الشعبية» التي أثرت كثيرا على إسرائيل، مع انطلاق فعاليات «مسيرة العودة الكبرى» على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بعد أن بدأت حركة حماس تبنيها كنهج لمقارعة الاحتلال، حيث تهدف حكومة تل أبيب حاليا لإعادة الحركة إلى طرق الرد السابقة التي تأخذ الشكل العسكري، في مسعى منها لوقف تنامي العمل الشعبي السلمي، الذي يخطط لاجتياز الحدود الشهر المقبل.
وتمثل ذلك في عودة الطيران الحربي الإسرائيلي للرد للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، على هجوم خفيف استهدف آلية عسكرية خلال توغلها صباح أول أمس على حدود غزة الشرقية، من دون أن يحدث أي ضرر أو إصابات، من خلال قصف مواقع للمقاومة فجر أمس، بعد أن قصف أول أمس مواقع عدة في غزة ردا على ذلك الهجوم.
وفي الرد الأخير الذي تعمدت فيه إسرائيل إلحاق الضرر والخسائر، سقط ناشط من كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس، عندما استهدفت إحدى الطائرات الحربية نقطة رصد للمقاومة الفلسطينية على الحدود الشرقية لمدينة غزة.
وأعلنت مصادر طبية في غزة عن استشهاد محمد حجيلة «31عاًما»، وإصابة آخر بجراح خطيرة، جراء قصف طائرة استطلاع إسرائيلية «بدون طيار» نقطة للمقاومة الفلسطينية تقع شرق مدينة غزة.
وشهد الهجوم الإسرائيلي الذي وقع فجر الخميس أيضا الإغارة على موقع للمقاومة وسط قطاع غزة، باستخدام طائرات حربية ما أوقع أضرارا مادية بدون أن يسفر عن وقوع إصابات.
القسام تحتفظ بسلاحها
وقالت كتائب القسام إن الشهيد حجيلة استشهد أثناء تصديه ومجموعة كانت برفقته لطائرات الاحتلال المغيرة على قطاع غزة.
وعقب صلاة ظهر أمس شيعت جماهير غفيرة جثمان الشهيد حجيلة إلى مثواه الأخير، بمشاركة قادة من حركة حماس.
وجاء الرد الإسرائيلي، الذي يهدف إلى تصعيد الوضع في قطاع غزة وبالأخص منطقة الحدود، قبل يوم واحد من «الجمعة الثالثة» لمسيرات العودة، التي تنطلق اليوم تحت شعار «جمعة حرق علم الاحتلال».
وأشادت حركة حماس على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم بتصدي الشهيد لطائرات الاحتلال، وقال إن ذلك يعد «دليلا على أن المقاومة حاضرة وبقوة وملتصقة بشعبها، وسلاحها وأبنائها، وتمثل الدرع الحامي لهم، وتدافع عنهم، وتضحي من أجلهم».
وقال برهوم إن «حركة حماس إذ تؤيد الحراك الشعبي الجماهيري كشكل من أشكال النضال والمقاومة ضد الاحتلال إلا أنها تحتفظ بسلاحها الطاهر، وتحْسن استخدامه فيما يخدم أهداف شعبنا»، مؤكدا أن ما جرى سيمثل «حافزا لجماهير شعبنا الفلسطيني للاحتشاد والمشاركة القوية والفاعلة في مسيرات العودة وكسر الحصار».
وفي السياق نفذت جرافات عسكرية «إسرائيلية، يوم أمس عملية توغل برية محدودة في المنطقة الحدودية الواقعة إلى الشرق من مدينة رفح جنوب القطاع.
ودخلت تلك المنطقة أربع جرافات عسكرية، بعد اجتياز السياج الأمني، انطلاقًا من إحدى البوابات العسكرية، وشرعت بأعمال تمشيط وتجريف في المنطقة المقابلة لـ «مخيم العودة» أحد المخيمات الخمس التي أنشئت ضمن فعاليات «مسيرة العودة الكبرى».
كذلك استهدفت بحرية الاحتلال بنيرانها الرشاشة الثقيلة الصيادين الفلسطينيين خلال رحلة عمل يومية قبالة بحر مدينة غزة.
ورغم أن الهجوم لم يسفر عن وقوع إصابات إلا أنه أجبر الصيادين على مغادرة البحر وترك عملهم، خشية تعرض حياتهم للخطر أو تعرضهم للاعتقال.
تواصل فاعليات مسيرة العودة
إلى ذلك تواصلت لليوم الـ 14 على التوالي، المشاركات الشعبية الواسعة في فعاليات «مسيرة العودة الكبرى»، في المناطق الخمس المخصصة شرق قطاع غزة.
وقد دشنت وزارة الثقافة الفلسطينية، في «مخيم العودة» المقام على الحدود الشرقية لمخيم البريج وسط القطاع، جدارية فنية تحت عنوان «معا لنرسم فلسطين»، تحاكي معاناة التهّجير التي تعرض لها الشعب الفلسطيني على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948، وحلم العودة الذي توارثه الأطفال عن أبائهم وأجدادهم، وذلك بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين.
ونظم في «مخيم العودة» المقام إلى الشرق من مدينة رفح سباق للخيول، أقيمت بالترافق مع انطلاق فعاليات فنية تراثية.
وكانت مديرية الخدمات الطبية نظمت وقفة احتجاجية في «مخيم العودة» المقام شرق مدينة خان يونس، ضد استهداف قوات الاحتلال للطواقم الطبية والإسعافية.
وشارك في الوقفة الاحتجاجية أطباء ومسعفون يعمل في إطار الخدمات الطبية، وبعض المسعفين الذين أصيبوا من قبل قوات الاحتلال أثناء عملهم، حيث استنكرت المديرية سياسة الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة، في استهدافه الطواقم الطبية الميدانية، بهدف إعاقة عملها في إخلاء ونقل المصابين.
ووفق إحصائية جديدة نشرتها وزارة الصحة حول أحداث مسيرات غزة الشعبية، قالت إنها أسفرت عن استشهد 31 مواطنا منهم 3 أطفال دون 18 عاما، فيما لم تشمل الإحصائية شهيدين أعلن الاحتلال أنه يحتجز جثمانيهما.
وذكرت الوزارة، أنها استقبلت 3078 إصابة منهم 445 طفلا و152 امرأة، وتبين من المعطيات الرسمية أن 106 مصابين حالتهم خطيرة، و1183 متوسطة، و1789 طفيفة.
وحسب الإحصائية فإن 152 كانت إصابتهم في الرقبة والرأس، و284 في الأطراف العلوية، و59 في الظهر والصدر، و72 في البطن والحوض، و1343 في الأطراف السفلية، و197 في أماكن متعددة، كما أشارت إلى أنه نجم عن الإصابات أربع حالات بتر في القدم، وأربع حالات بتر في الأصابع.
ووثقت الوزارة 30 إصابة في المسعفين والدفاع المدني بالرصاص الحي والاختناق بالغاز، إلى جانب تضرر 14 سيارة إسعاف بشكل جزئي، إضافة إلى الاستهداف المباشر للصحافيين، الذي أدى إلى استشهاد الصحافي ياسر مرتجى، وإصابة 14 بالرصاص الحي و29 بالغاز اختناقا.