غزة ـ «القدس العربي»: من جديد نكأت إسرائيل جراح السكان الغزيين في المنطقة الوسطى، المحاذية لأحد الوديان التي تمر من جبال الخليل، حتى بحر غزة، وهم ممن ذاقوا وما زالوا، مرارة التشرد جراء الحرب الأخيرة، وأجبرتهم من جديد على الرحيل وترك المنازل، بعد أن فتحت عليهم عمدا أحد السدود المائية لتغرق المنطقة بفيضان، كاد أن يقضي على العديد منهم.
وفاض منسوب المياه جراء فتح إسرائيل أحد السدود من جهة «وادي غزة» الذي يخترق عرض القطاع من المنطقة الوسطى، ويمر من الحدود الشرقية إلى البحر، ووصل منسوب المياه جراء الفيضان، ثلاثة أمتار، ما كاد أن يقضي على العديد من سكان المنطقة خاصة النساء والأطفال، خاصة وأن العملية تمت في ساعة متأخرة من ليل السبت وفجر أمس.
وقال مدير الإعلام في جهاز الدفاع المدني محمد الميدنة أن سلطات الاحتلال فتحت منتصف الليل أحد سدود المياه باتجاه منازل المواطنين في منطقة وادي غزة، ما أدى لغرق عشرات المنازل بالمياه. وأوضح أن منسوب المياه ارتفع إلى 3 أمتار، وتمكنت طواقم الدفاع المدني بالتعاون مع لجنة الطوارئ في وزارة الأشغال العامة والشرطة الفلسطينية من إخلاء حوالى 100 أسرة تضررت منازلها بفعل المياه. وأضاف أنه تم نقل الأسر المتضررة إلى مركزي إيواء في منطقة الزهراء ومخيم البريج وسط القطاع، لافتا إلى أن فتح هذا السد أدى إلى الحاق أضرار مادية كبيرة في منازل المواطنين.
وقال مواطنون من المنطقة لـ «القدس العربي» إن العناية الإلهية وحدها منعت غرق الأسر التي وصل منسوب المياه في منازلها الى أكثر من مترين، وأنهم واجهوا في بداية الأمر صعوبات بالغة في إخراج الأطفال والنساء.
ويجري وداي غزة بين عدة مناطق في القطاع، وهي منطقة جحر الديك، ومخيم النصيرات، وبلدتي وادي غزة والمغراقة، وآخر هذه المناطق، كانت الأكثر تعرضا للضرر خلال الفيضانات، واستوحت اسمها «المغراقة» حسب ما يقول سكانها كبار السن، مما تعرضت له من عمليات غرق على مر العقود، جراء الفيضانات أو فتح السدود.
وقال طارق الشرباصي أحد الذين غرقت منازلهم في المنطقة، إن الأمر كان مفاجئا، وإنهم علموا بالأمر فقط عندما تسربت المياه لمنازلهم، ما دفعهم على الفور لإخراج النساء والأطفال من البيت والمنازل المجاورة لأماكن أكثر أمنا.
ووصلت على الفور فرق الإسعاف والطوارئ، وفرق الإنقاذ من الدفاع المدني وأخلت الأسر المحاصرة بمياه الفيضان بقوارب صغيرة.
وفي تلك المنطقة القروية لا يمكن الدخول إلى منطقة المنازل والفيضان، إلا عبر آليات إما زراعية أو جرافات تابعة لوزارة الأشغال أرسلت للمنطقة لفتح الطرق والمساعدة في الإنقاذ، وهو أمر لجأ إليه الصحافيون لتغطية الحدث.
والتقت «القدس العربي» أسرة لجأت إلى سقف منزلها هربا من مياه الأمطار التي غمرت الطابق الأول، رب الأسرة وإسمه إياد زينو الذي صب جام غضبه على المسؤولين الفلسطينيين، وعلى الحكومات المتعاقبة، التي قال إنها لم تنجح في فتح ممر مائي مناسب يمنع وصول المياه في حالات الفيضانات، من خلال بناء ممر إسمنتي في منطقة الوادي المخصص لمياه المطر.
وأشار إلى أنه حصل على ترخيص بالبناء في تلك المنطقة، رغم أن السلطات المعنية تعلم جيدا أن هذه المنطقة معرضة لعمليات غرق، لافتا إلى انه منذ أن قطن المنطقة عايش أكثر من مرة حالات مشابهة، نجا هو وأسرته منها بصعوبة.
وأشارت طفلته إيمان التي كانت لجانبه إلى أنها اضطرت اليوم كباقي أطفال المنطقة لعدم الذهاب للمدرسة، لصعوبة السير في الشارع المغمور بالمياه، وقالت إن الأمر سيتكرر في الأيام المقبلة.
وجراء الفيضان نفقت العديد من الماشية والأغنام، ودواجن في المنطقة.
وقال رجل مسن من تلك المنطقة إنهم اضطروا بسبب الغارات الكثيفة لجيش الاحتلال في الحروب السابقة إلى ترك منازلهم، والفرار إلى «مراكز إيواء»، خشية من الموت، لافتا إلى أن الفرار من أفعال إسرائيل لا يكون دوما بالصواريخ، وأن هذه المرة فر وعائلته خشية من المياه.
وسيبقى أصحاب المنازل المغمورة بالمياه يقيمون في «مراكز الإيواء» حتى انحسار الفيضان، حسب ما أكد جهاز الدفاع المدني.
وفتحت السلطات الإسرائيلية السد دون إبلاغ أي من الجهات الدولية أو السلطة الفلسطينية، للعمل على إخلاء السكان خشية من حدوث حالات غرق. وتكبدت المنطقة القروية في وادي غزة خسائر كبيرة في المنازل والمزارع، وهو يؤثر كثيرا على حياة سكان المنطقة البسطاء.
وقال رئيس بلدية النصيرات أحد البلديات التي يمر الوادي من حدودها، أن نقص الإمكانيات وعدم وجود مواد بناء من شأنه أن يفاقم المشكلة. وأكد أن إنشاء ممر مائي لعدم تكرار الفيضان، يحتاج إلى كميات كبيرة من الأسمنت، وإلى تمويل كبيرة، وطالب المجتمع الدولي بالعمل على دعم قطاع غزة في مجال البنى التحتية.
وقال إن طواقم البلديات تعمل وفق ما يتوفر لها من إمكانيات ومعدات لمساعدة السكان المنكوبين.
أشرف الهور