غزة – «القدس العربي»: طبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارها الجديد، القاضي بإغلاق المعبر التجاري الوحيد لقطاع غزة، ومنعت دخول جميع أنواع السلع، وقلصت مساحة الصيد البحري الممنوحة لصيادي القطاع، كعقاب على استمرار إطلاق «الطائرات والبالونات الحارقة»، وهو ما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل خطير في قطاع غزة المحاصر. واستثنى القرار فقط إدخال الأدوية عند الحاجة. وقال منسق أعمال حكومة إسرائيل في المناطق الفلسطينية الجنرال كميل أبو ركن، إن القرار جاء بسبب مواصلة إطلاق «الطائرات والبالونات الحارقة»، على أن يكون أمر دخول الأدوية والمواد الطبية بتصريح خاص منه شخصيا.
وحمل المنسق حركة حماس المسؤولية بسبب استمرار طلاق «البالونات الحارقة» والقذائف الصاروخية باتجاه البلدات الإسرائيلية المسؤولية عن ذلك.
وستساهم هذه الخطوة في خنق قطاع غزة الذي يعاني من ويلات الحصار الممتد منذ 12 عاما بشكل كبير، وستزيد من أعداد البطالة وترفع من نسب الفقر، خاصة وأن العدد القليل من العمال يعتمدون على مواد البناء التي تسمح إسرائيل بإدخالها من أجل بعض المشاريع.
وجاء القرار الإسرائيلي في أعقاب حالة توتر ثانية شهدتها أجواء القطاع أول من أمس الإثنين، بعد إطلاق عدد من «البالونات الحارقة» تجاه الأراضي الإسرائيلية محدثة أكثر من 20 حريقا، ورد جيش الاحتلال بقصف نقاط رصد للمقاومة، قبل أن يتم الإعلان عن إطلاق صاروخ من غزة تجاه إحدى المناطق الإسرائيلية القريبة من الحدود.
ويشمل القرار الإسرائيلي الجديد حسب ما أكد مسؤول فلسطيني من المشرفين على تنسيق دخول البضائع لغزة، السلع ومواد البناء الخاصة بالمشاريع الدولية، مشيرا كذلك إلى استمرار قرار منع تصدير أي من البضائع من غزة إلى الضفة والخارج.
وكانت سلطات الاحتلال قد قلصت قبل أسبوع كميات وأنواع البضائع والسلع التي تمر الى غزة، وقلصت مساحة الصيد البحري من تسعة أميال إلى ستة، قبل أن قامت بتقليص إضافي أمس، في إطار الضغط لوقف «الطائرات الحارقة».
وأبدت إسرائيل كثيرا انزعاجها من «البالونات الحارقة»، وتوعد بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، بمواصلة ملاحقة مطلقيها، وأكد خلال زيارته لإحدى مناطق الحدود القريبة من غزة أول أمس، أن قرار وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه يوم السبت الماضي برعاية مصرية ومن الأمم المتحدة، لا يسري على مطلقي هذه الوسائل الحارقة.
ولم يمنع القرار الإسرائيلي الجديد بإغلاق غزة مواصلة عمليات إطلاق «البالونات الحارقة» تجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من غزة، وسجل يوم أمس حسب ما أعلنت جهات إسرائيلية وقوع حرائق.
من جهتها أكدت حركة حماس أن إغلاق الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم و»الإجراءات الانتقامية» التي تتعرض لها غزة ستكون لها «تداعيات خطيرة» يتحمل مسؤوليتها الاحتلال الإسرائيلي.
وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح صحافي «حرمان غزة من أبسط مستلزمات ومتطلبات الحياة جريمة ضد الإنسانية تضاف إلى جرائمه بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة»، لاقتا إلى أن «الجريمة جرأه عليها الصمت الإقليمي والدولي».
واعتبر أن هذه الإجراءات «تعكس حجم الظلم وبشاعة الجريمة التي تتعرض لها غزة»، مؤكدا أنها «لن تفلح في التأثير في المواقف الوطنية لاستمرار النضال والمقاومة لانتزاع حقوقنا وإنهاء الحصار».
وقبل صدور القرار الإسرائيلي الجديد، قال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، جمال الخضري إن الاحتلال الإسرائيلي حظر أخيرًا أكثر من ألف صنف من السلع والبضائع من الدخول، محذرا من أن ذلك يهدد بـ «خنق تام للاقتصاد»، وتحدث عن خطر ذلك كونه سيؤدي إلى انهيار واسع للمنظومة الاقتصادية.
يشار إلى أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاما، تسبب بأزمات وتداعيات خطيرة، رفعت من نسب الفقر إلى نحو 65%، في حين بلغت معدلات البطالة أكثر من 43%، فيما بات 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الخارجية لتدبير أمور حياتهم.
ولا تزال هناك خشية كبيرة من أن يؤدي تصاعد الأحداث إلى اندلاع مواجهة قريبة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وربما تصل إلى «حرب رابعة» تشنها إسرائيل ضد غزة.
وأكد عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية غلعاد اردان، ان قوات جيشه بـ «جاهزية عالية» لدخول واسع الى قطاع غزة. لكنه رغم ذلك قال إن إسرائيل غير معنية بهذه الخطوة، الا أنها قد تضطر الى اللجوء إليها «في غياب أي خيار اخر».
وفي السياق، استشهد شاب من غزة متأثرًا بإصابته برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، أثناء مشاركته في «مسيرة العودة» شرق مدينة غزة قبل نحو شهرين. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، إن الشاب ساري داوود الشوبكي، استشهد أثناء تلقيه العلاج في مستشفى مار يوسف في مدينة القدس المحتلة.
ومنذ اندلاع «مسيرات العودة» في 30 مارس/ آذار الماضي، استشهد أكثر من 150 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء، فيما أصيب أكثر من 16 ألف آخرين، بسبب استخدام قوات الاحتلال القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين.
إلى ذلك توغلت عدة آليات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح يوم أمس، في منطقة حدودية تقع إلى الشرق من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ودخل الى المنطقة عدد من الجرافات الإسرائيلية وآليات عسكرية، لمسافة محدودة شرق بلدة القرارة، وشرعت بأعمال تجريف وتمشيط في المكان.