إسرائيل ليست خطرا على الفلسطينيين فحسب، بل على عموم الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وعلى الأمن القومي العربي برمته، حتى لو صلّت بعض الأنظمة العربية باتجاه الكنيست الصهيوني، بدلاً من الكعبة! حتى لو ضغط هذا البعض على الفلسطينيين ليقبلوا بما «تجود» به إسرائيل عليهم، كما الإدارة الأمريكية، وإلا فـ»ليخرسوا».
هذا مضمون ما خطّه كاتب هذه السطور في أكثر من مقالة على صفحات «القدس العربي». بالعكس، بعض النظام العربي يأتمن لإسرائيل على حساب شقيقه العربي، بل حتى جاره، على الرغم من وصية نبينا الكريم على الجار، فما بالك بالأخ الشقيق؟ إسرائيل لا تحترم اتفاقيات وقعتها وتوقعها أو ستوقعها. إذا سئل زعيم إسرائيلي عن حدود الدولة، يستذكر المقولة المشهورة: «حدود دولتنا حيث تصل أقدام جنودنا».
وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينبس هدد مؤخراً بقتل الرئيس السوري إذا ما انطلق صاروخ واحد من إيران على إسرائيل. ليبرمان وزير الحرب الإسرائيلي، وعد بإرجاع لبنان إذا ما جرت حرب معه، 50 سنة إلى الوراء (لنتذكر تصريح الرئيس بوش الابن بإرجاع العراق إلى العصر الحجري)، أما حول نتائج الانتخابات اللبنانية، التي أجريت في الشهر الحالي، فقد علّق مسؤول إسرائيلي قائلاً: هذا يعني أن لبنان كلّه هو حزب الله، هذا على الرغم من نجاح قاتل الفلسطينيين وزعماء لبنانيين وعميل إسرائيل التاريخي، وصاحب اليدين المطلختين بالدماء سمير جعجع فيها.
من زاوية أخرى، كشفت وكالة «الأناضول» الإعلامية التركية، في مقابلة أجريت مع الوالغ في دماء الفلسطينيين في مجزرة صبرا وشاتيلا، ذكر فيها، «أن أحبّ الأوقات إليه، حين يعتلي ظهر دبابة ويقوم بقتل الفلسطينيين». ألم تقل غولدا مائير يوما، أنها تصاب بالغصّة صباح كلّ يوم يولد فيه طفل فلسطيني؟ ألم يتمنّ رابين (صاحب سياسة تكسير عظام الفلسطينيين) أن يصحو يوماً ويكون البحر قد ابتلع غزة؟ هذا غيض من فيض العنصرية الإسرائيلية. ثم، ما كاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن ينتهي من خطابه في افتتاح دورة المجلس الوطني الأخيرة، حتى انطلقت أجهزة الإعلام الإسرائيلية والصهيونية وحليفاتها في الهجوم عليه، خاصة ثنائي الحرب نتنياهو وشارون اللذين وصفاه بأقذع الشتائم النابية والبذيئة، كما دول غربية كثيرة، اتهمته بـ»اللاسامية»، وصولا إلى محاولة الولايات المتحدة انتزاع قرار من الأمم المتحدة بإدانته (وقد فشلت فيه بسبب موقف دولة الكويت).
وعلى الرغم من اعتذاره الذي لم يكن متوجبا عليه، دعا عديدون من وزراء الكابينيت، إلى سجنه في المقاطعة ومنعه من السفر، أسوة بالرئيس الراحل ياسر عرفات. إن كل ما قاله عباس، لم يخترعه من عقله، ولم يقله الفلسطينيون ولا العرب، وإنما تناوله وأكدّ عليه حتى كبار الكتاب اليهود وحتى بعض الصهيونيين منهم. لم ينكر الرئيس الفلسطيني الهولوكوست، لكن الاتهامات وجهت إليه بإنكارها، إننا ندين المحرقة التي طالت 80 مليوناً من البشر، بمن فيهم 200 ألف عربي إضافة إلى ما يقرب من نصف مليون من غجر أوروبا، وأقليات أخرى (غيرهارد هب في كتابه «في ظل القمر: ضحايا النازية من العرب»).
إن من أفحش الجرائم في التاريخين القديم والحديث هي جريمة اغتصاب فلسطين وطرد أهلها وإقامة دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني. نعم كثيرون من الكتاب الأمريكيين، بروفيسور الهندسة الأمريكي آرثر بوتز، فرانسيس باركر يوكي، والفرنسيين بول راسينيه، لويس فرديناند سالين، روجيه غارودي، والبريطاني ديفيد إرفينغ والسوفييت باندارييف وغيرهم الكثير، وكتاب من اليهود وغيرهم، لم ينكروا المحرقة، لكنهم شككوا في صحة الأرقام الصهيونية حول عدد الضحايا اليهود، ومن هؤلاء أيضا اليهودي الأمريكي نورمان فلنكشتاين في مؤلفه بعنوان «صناعة الهولوكست»، الذي يتهم فيه الصهيونية بالمتاجرة بدماء الضحايا اليهود لتبرير احتلال فلسطين، وممارسة المذابح والجرائم اليومية بحق شعبها، وآخرون كثيرون.
بعد إعلان ما سموه بـ»الاستقلال الإسرائيلي» بعشرة ايام، في 24 مايو 1948، قال ديفيد بن غوريون في جلسة للهاجاناة: «يجب تدمير مدينتي الرملة واللد على الفور، ويجب تنظيم كتيبة الياهو، وتوجيهها ضد جنين من أجل احتلال غور الأردن. يجب تقديم التعزيزات لمتلف- قائد عسكري، مهمته هي احتلال جنوب لبنان، من خلال قصف مدينة صور ومدينة صيدا ومدينة بيروت. يجب تكليف يغئال ألون بقصف سوريا من الشرق ومن الشمال. يجب انشاء دولة مسيحية يكون الليطاني حدودها الجنوبية، ونقوم بعقد تحالف معها. وعندما نهزم الجيوش العربية ونقوم بقصف عمّان، نقوم أيضا بتصفية الضفة الأخرى من النهر وعندها ستسقط سوريا. وإذا تجرأت مصر على الحرب، سنقوم بقصف بور سعيد والاسكندرية والقاهرة». نعم، هذا هو بن غوريون، وليس نابليون بونابارت، الذي وعد بـ»هكذا سننهي الحرب، ونصفي حساب أجدادنا مع مصر ومع آشور وآرام».
إن غالبية الدول العربية تعرضت لاعتداءات اسرائيلية، حتى تلك البعيدة جغرافيا عن فلسطين، إما باغتيال قادة فلسطينيين وعلماء عرب وقادة مقاومة عربية فيها، أو باعتداءات مباشرة عليها، أو بسرقة طائراتها التجارية وإجبارها على الهبوط في أحد المطارات الإسرائيلية بسبب وجود أحد القادة المطلوبين لإسرائيل، أو تفجيرها في الجو.
إن من تقليعات الصهيونية (حول سيادة بلد عربي عضو في الأمم المتحدة): إن ما يسمى بـ»المركز الدولي اليهودي – الإسلامي للحوار»، وهو مركز تم إنشاؤه منذ أشهر، بالإضافة إلى مركز «تراث مناحيم بيغن» في القدس المحتلة، دعيا إلى انعقاد مؤتمر، تحت عنوان «مؤتمر الخيار الأردني – الأردن هي فلسطين»، حيث أعلن المنظمون، أن ثلاثة أردنيين يقطنون في الخارج يشاركون في أعمال المؤتمر، تماما كـ»الأمير الأخضر»، العميل مصعب يوسف، الذي خان قضيته الفلسطينية وبلده الفلسطيني، وأهله ووالده القيادي في حماس، وتهوّد، وهو يعيش الآن في نيويورك. نعم، لقد وظفته الحركة الصهيونية، وجعلته يحضر ضمن وفدها في أحد اجتماعات لجنة حقوق الإنسان الفلسطيني، وقال في الفلسطينيين و»إرهابهم» ما لم يقله مالك في الخمر! هؤلاء وأمثالهم، لا يضيرون الأردن ولا فلسطين ولا الأمة العربية (فهم الآن صهاينة). إنهم خونة، ورخيصون.
للعلم كان نتنياهو قد كتب في مؤلفه «مكان تحت الشمس»، قائلاً «نعم، لقد جرى اقتطاع الأردن من الوطن اليهودي». ثم أن نوابا من الاتجاه الأكثر تطرفا في الكنيست، قدّموا مذكرة للكنيست، يقولون فيها «إن الأردن هو فلسطين». هذه هي إسرائيل في نظرتها إلى الأقطار العربية.
للعلم، أقرّ الكنيست الإسرائيلي (قبل أسبوع) بالقراءة الأولى مشروع قانون «الدولة القومية» بما يعني أن «إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي». من تداعيات القانون، إمكانية طرد كل فلسطيني من منطقة 48 وإجراء ترانسفير لجماعات فلسطينية اعتمادا على القانون! هذا يتماهى مع مشروع قانون جديد يعتبر كلّ أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، هي «أرض إسرائيل». كما أقرّ الكنيست خصم رواتب عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين من الضرائب الفلسطينية! لقد دعا الحاخام كشتئيل، منذ شهر، إلى دولة إسرائيل الكبرى بكل العلانية والوضوح، أما زميله الحاخام ديفيد دافيدوفيتش (قبل الأول بأسبوعين) فقد دعا إلى إبادة الشعب الفلسطيني! كل هذه الدعوات تجري على مسمع العالم وتحت بصره! لم نسمع ردود فعل على هذه الدعوات، عربية أو إقليمية أو عالمية. المقاومة الفلسطينية في عرف إسرائيل والإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية، هي «إرهاب» أما الجرائم الإسرائيلية اليومية بحق شعبنا (حتى ضد المقاومة السلمية منها) فهي دفاع عن النفس! ألم نقل لكم من قبل أن إسرائيل فوق القانون الدولي، وهي لهذا السبب تتصرف وتمارس العنصرية والصلف والعربدة والتهديد، وكأنها دولة عظمى، وللأسف لا تجد من الدول العربية من يردّها، ولذلك تتفَرعنْ أكثر من فرعون.
كاتب فلسطيني
د. فايز رشيد
الشكر والتقدير للدكتور فايز رشيد على مقال اليوم “إسرائيل تهدّد بعنجهية كدولة عظمى” الذي لخص به معاناة ابناء وطننا على ايدي الصهاينة الجزارين. ان التهديد بعنجهية كدولة عظمى هو حصيلة سيطرة هذه الدويلة على مراكز القرار لأمبرطورية هذا القرن التي باشرت بالأنحدار نحو نهايتها المحتومة . ألم يقل السفاح الصهيوني شارون “اننا نسيطر على الولايات المتحدة”. وان ما قاله هذا السفاح الصهيوني هي حقيقة بكافة المقاييس. هناك ثلاثة اعتبارات رئيسية يجب العمل بموجبها عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الأعتبارات هي: أولاً “إسرائيل” وثانياً “إسرائيل” وثالثاً “إسرائيل” وحتى لو كان هناك تعارض بين اية من هذه الأعتبارات ومصالح الولايات المتحدة نفسها فلن تتغيّر هذه الأعتبارات مطلقاً والدليل على ذلك هو حادثة البارجة “يو أس أس ليبرتي.
تحياتي
أرجو من الإخوة في “القدس العربي” نشر التوضيح, التالي .. أنا لا أهمل ملاحظة كتبت أو تكتب حول مقالاتي , وأنا دائم الشكر للأصدقاء : رجاء فرنجية المواظف في التعليق على كل ما أكتب ,كما الأستاذ خليل أبو رزق,محمد منصور, أسامة كليّة ,د. جمال البدري, و د . طارق الخطيب وغيرهم, الذين يكلفون عناء أنفسهم بالكتابة حول مقالاتي الأسبوعية. أحبّ التأكيد على قراءتي العميقة لكلّ ما يكتب حولها . ما أود قوله للصديق د. طارق, أنني عندما أكتب عن الأقطار العربية كلّها بلا استثناء من التي تتعرض للمؤامرات الخارجية ,فأنا لا أمدح حكامها, تماما مثلما أدعو للمقاومة , فإنني ومثلما قال العزيز سميح القاسم” أنا لا أنشد للموت ولكن ليد ظلّت تقاوم”. كل شبر في الوطن العربي محتلا أو يتعرض لمؤامرة خارجية, هو بالنسبة لي مثل فلسطين, من الإسكندرون إلى هضبة الجولان إلى مزارع شبعا وغيرها! أنا ضد اضطهاد الأقليات العربية في البلدان المجاورة . ما زلت وفيا للأصول القومية العربية التي رضعت حليبها, ولم أمدح , ولا ولن أمدح زعيما عربياً غير عبدالناصر وعن قناعة مطلقة.أرجو معذرتي إن جاء التوضيح متأخرا.. محبتي وشكري لكم.
تحياتي لك أخي فايز رشيد وشكراً على توضحيك الكريم. صدقاً أقرأ وأعلق على مقالاتك لأنها تستحق ذلك من حيث قيمتها المعرفية والفكرية, طبعاَ بمايخص القضية الأساسية. أنا من جيل ليس بعيداً عن الجيل الذي عاصر الزعيم الراحل عبد الناصر. لكن بعد ذلك الجيل. لقد تربيت في مجتمع كانت فيه مأساة فلسطين والنكبة والنكسة هي شغلنا الشاغل وقوت يومنا ومازالت, لأنها مركز صراح إنساني ضد قوة طاغية عنصرية أي الصهيونية. وأعتقد أن هذا جزء من إنسانيتي أن أقاوم هذا الظلم والعنصرية والإجرام فكيف إن كنت من مجتمع عربي أو سوري. ولأن المعلوماتك التي تقدمها تعبر عن خبرة كبيرة ومعرفة عمقية وتجربة طويلة كفلسطيني ومقاوم, هي بالفعل مصدر اساسي لأمثالي حتى نستطيع متابعة السير والطريق. لقد تبين بعدماحدث في الربيع العربي وفي سوريا ومايحث الأن بفلسطين وبقرار ترامب في وعد جيد بعد قرن من وعد بلفور, أن المشكلة هي صراع حضاري من أجل البقاء بامتياز. وطالما أن الأمر كذلك فإن التزود بالمعرفة وبالخبرات المتراكمة هي أقوى سلاح. وكما تفضلت في هذا الاقتباس الرائع لسميح القاسم” أنا لا أنشد للموت ولكن ليد ظلّت تقاوم”. نحن نقرأ لنتزود ونستيطع أن نقاوم فلا يموت حق وراءه مطالب.
عذراً المقصود “وعد جديد” أو آخر وليس “وعد جيد” طبعاً.
أخي د. فايز…أشكر اهتمامك أعلاه ولا بد لي من التأكيد على ما يلي ؛ ـ لم أكن وأنت تدرك هذا حقا ، بما أكنه لك وطبقا لوفائك لتراب فلسطين الطاهر ؛؛ ـ كنت قد رغبت منك توضيحا ؛؛ حول موقفك من النظام الطائفي القائم فوق التراب العربي السوري ؛؛ وما سببه للوطن والأمة كلها تاريخيا من كوارث ومآسي؟؟ ان العروبة والوفاء لقضايها المصيرية لا يحتمل التخمين أو التأويل ( فلقد وصل قطار العار الى مطافه المخزي، ما جرى تاريخيا وعلى ايدي النصيرية ( وثق بأني أقدر من كل من قد يدعي ..اقدر على تعريفهم ومعرفتهم ومنذ الصغر ؛؛ المواقف تفرضها الأحداث ؟ وبها نضع أسماءنا في المكان الذي يحكم التاريخ به على موقعه ؛؛ ليس بالمفهوم القومي العربي والناصري والذي آمت وتمسكت به ما يرغمني وتحت أي ظرف بأن ( أهدر مفهوم الوطن أرضا وشعبا دماء وبنيانا ووجودا وحضارة ؛؛؛ ان ما قام به النظام الطائفي في دمشق ( أخجل حتى النازيين ومعجبي المغول والتتار ؛؟) من الحاقدين على عروبتنا ؟؟ ومن هذا المنطلق ولا أرغب فرض راي لي على سواي ..بل أطلب تقييـم وتفسير الكارثة التاريخية والتي لم تشهدها الانسانية وبأقسى وحشية براربتها..والتي قام ولم يزل يقوم بها النصيرية تدميرا وقتلا وتشريدا وتهجيرا عنصريا لم يقم به سوى أبناء صهيون ؛؛ التغاضي والقفز فوق هذا الحاجز الرهيب لا يتقبله العقل السليم كما الضمير الانساني الحي ؛؛ لست بحاجة لسرد تاريخ النصيرية ومنذ الانتداب الفرنسي مرورا بالانفصال وحرب حزيران وتل الزعتر وصيانة أمن العدو لخمسين عاما مرورا بحفر الباطن وتدمير آخر أمل لأمتنا فوق ثرى الرافدين ؛؛ الجعبة مليئة يا اخي فايز؛؛ لكن ورغم كل ما قد يترك خارج قوسين ..فالسؤال دار ويدور حول ااموقف من مجزرة التاريخ الوحشية ورؤية أطفالنا وأحرارنا تحت الأنقاض ومعالم التاريخ متحولة الى قاع صففا ؟؟ لن أسال المزيد؛؛ لكني أسأل للمرة الأخيرة …من هي طهران المجوسية ؟؟ وما كان دورها تاريخيا وفي تدمير عراق عروبتنا؟؟ ماذا تفعل فوق أرض بني أمية ؟؟وأية شرعية لمن لا شرعية لوجوده بأن يستدعيها للمساهمة تدميرا وقتلا وذبحا استيلاء واحتلالا طائفيا وعنصريا فوق ربوع قلب العروبة ؟؟ أخجــل من السرد ..لمــن ..وثقت بوعييه وأصالته عروبة ووفاء ؛؛ لكنها المسؤلية فتراب فلسطين امتداد لربى الشآم والعروبة كترابها لا تقبـل التجزئة . ولك محبتي الصادقة