إسرائيل غاضبة من تغطية الإعلام الدولي لأحداث القدس

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: بدت إسرائيل غاضبة أكثر من أي وقت مضى من التغطية الإعلامية لكبرى وسائل الإعلام العالمية، وخاصة الصادرة باللغة الانكليزية، حيث ألقت غالبية الصحف ومحطات التلفزيون ومواقع الانترنت باللوم على الإسرائيليين، فيما ربطت الكثير من وسائل الإعلام بين عملية الطعن الأولى في القدس التي نفذها الشاب مهند حلبي وبين جريمة الحرق التي نفذها مستوطنون في الضفة الغربية وأودت بحياة عائلة فلسطينية بأكملها قبل أسابيع قليلة.
كما ربطت العديد من وسائل الإعلام بين عمليات الطعن والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة التي تستهدف مدينة القدس وتثير غضباً واسعاً في الشارع الفلسطيني وفي العالم العربي والإسلامي، في الوقت الذي حذرت فيه العديد من وسائل الإعلام، ومن بينها جريدة «التايمز» البريطانية، من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة تكبد الإسرائيليين خسائر قاسية خلال الفترة المقبلة.
ومارست إسرائيل وجماعات الضغط المؤيدة لها ضغوطاً كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية على بعض وسائل الإعلام من أجل تغيير سياساتها التحريرية وتبني وجهة النظر الإسرائيلية في الأحداث المتصاعدة في الضفة الغربية وغزة.
واضطرت قناة «الجزيرة» الانكليزية للاعتذار لجمهورها عن تغريدة على شبكة «تويتر» في أعقاب عملية طعن الإسرائيليين في القدس، وهي التغريدة التي اعتبرها المؤيدون لإسرائيل تساوي بين القتلى وبين منفذ العملية، كما اعتبروا أنها تغريدة لا توضح من يتحمل مسؤولية القتل في العملية.
وكان نص التغريدة التي أثارت الجدل واعتذرت عنها «الجزيرة» الانكليزية كما يلي: «مقتل فلسطيني بالرصاص بعد عملية طعن قاتلة في القدس، وضحيتان إسرائيليان قتلا أيضا».
واعتذرت القناة لاحقاً عن التغريدة التي تم نشرها وسط ضغوط العمل في غرفة تحرير الأخبار، وقالت إن محرريها أزالوا اللبس لاحقاً الذي كان موجوداً أيضاً في التقرير المنشور على الموقع الالكتروني.
وبحسب «الجزيرة» فقد أثارت التغريدة غضب قطاع واسع من المتابعين، لأنها لم تذكر أن الفلسطيني هو منفذ الهجوم، كما أن صيغة التغريدة ـ بحسب المتابعين ـ تتضمن «تقليلا من أهمية الضحايا الإسرائيليين».
وبحسب الاعتذار المنشور على الموقع الرسمي للقناة والذي اطلعت عليه «القدس العربي» فإن «الانتقاد الموجه للتغريدة مقبول، وتعتذر «الجزيرة» عن هذه الصياغة للتغريدة التي تمت كتابتها تحت ضغط العمل في غرفة الأخبار» مشيرة إلى أن التقرير الإخباري الذي كان منشورا على الموقع يتضمن جزئيا هذه الصياغة، إلا أنه تم تعديله عند تحديث الخبر.
وانتهى اعتذار «الجزيرة» الانكليزية للإسرائيليين إلى القول: «نحن ملتزمون بالمسؤولية والشفافية ونقدر عاليا ردود القراء، وندعوهم لإبلاغنا على الفور عن أي أخطاء وتعريفنا بها».

ضغوط على «بي بي سي» أيضاً

وبدأت مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل ضغوطاً مشابهة أيضاً على قناة «بي بي سي» البريطانية بسبب تغطيتها لحوادث الطعن التي شهدتها مدينة القدس المحتلة ومواقع أخرى من الأراضي الفلسطينية، وبسبب إتاحتها الفرصة لوجهة النظر الأخرى غير الإسرائيلية.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن «بي بي سي» تجاهلت الضغوط رغم أنها أوردت تغطية قريبة من تلك التي قامت بها «الجزيرة» الانكليزية.
وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن اعتذار «الجزيرة» الانكليزية جاء بعد موجة احتجاجات وانتقادات شارك فيها آلاف الإسرائيليين.
وبحسب ما ذكرت «معاريف» فإن شبكة «بي بي سي» البريطانية أوردت الخبر بالصيغة نفسها، لكنها رفضت الاعتذار كما فعلت «الجزيرة» الأمر الذي دفع تل أبيب إلى استدعاء ممثل القناة والاحتجاج رسمياً.
وبينما تمارس إسرائيل وجماعات الضغط الموالية لها في الغرب ضغوطاً على وسائل الإعلام من أجل تبني الرواية الإسرائيلية، فان أعداداً كبيرة من الإسرائيليين الناطقين بمختلف لغات العالم ينشطون على الانترنت من أجل نشر الدعاية المضادة للفلسطينيين.
وخلال الأيام القليلة الماضية نشط حساب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على «تويتر» حيث بث العديد من التغريدات وتسجيلات الفيديو التي يحاول فيها نشر الرواية الإسرائيلية المضادة للرواية الفلسطينية، كما تعمد أدرعي نشر الفيديو الذي يظهر فيه عملية اعتقال عدد من المتظاهرين الفلسطينيين من قبل مستعربين إسرائيليين اندسوا في أوساط المحتجين الفلسطينيين، في محاولة واضحة لزعزعة صفوف الفلسطينيين، وضرب الثقة في التظاهرات وعمليات إلقاء الحجارة التي يقومون بها.
وتبدو المخاوف لدى الإسرائيليين جدية حيال احتمالات اندلاع انتفاضة حجارة جديدة، وهي الانتفاضة التي يقول الكثير من المراقبين والمحللين إنه في حال اندلاعها فسوف تكون أكثر عنفاً من سابقتها، وسوف تكبد الإسرائيليين خسائر قاسية وفادحة، حيث ان الانتفاضة الأولى كانت بالحجارة فقط، وتطورت الثانية إلى عمليات مسلحة، ثم الانتفاضة الثالثة يتوقع أن تكون أكثر عنفاً وتكبد الإســرائيليين متاعب أوسع وأكبر.
يشار إلى أن انتفاضة الأقصى الثانية نشبت عندما اقتحم زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك آرييل شارون الحرم القدسي الشريف في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر 2000، وهو ما فجر موجة من الغضب استمرت عدة سنوات، وكانت قد تميزت بالعدد الكبير من العمليات المسلحة التي كانت تنفذها المقاومة الفلسطينية بشكل يومي ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية