الناصرة – «القدس العربي»: يكاد لا يمر يوم دون الكشف عن معطيات أو أحداث تظهر أن إسرائيل مصممة على أنها دولة ديمقراطية لليهود ويهودية للمواطنين العرب فيها 17% وأنها لا تكافح الجريمة كما يجب في بيئتهم. ويُستدل من تقرير مركز الدراسات والمعلومات في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أن وزارة الرفاه تستثمر في الفتيات اليهوديات اللواتي يواجهن الخطر، بنسبة 70% أكثر مما تستثمره بنظيراتهن العربيات.
وحسب التقرير فإن متوسط ما تستثمره الوزارة بالفتاة اليهودية التي تواجه الخطر يصل إلى 20 ألف دولار تقريبا بينما يقل المبلغ الذي تستثمره بالفتاة العربية بنحو النصف. وتم إعداد هذا التقرير بناء على طلب رئيسة لجنة مكانة المرأة والمساواة الجنسية، النائبة عايدة توما سليمان (القائمة المشتركة) ومن المقرر أن يناقش هذا التقرير، اليوم. وحسب وزارة الرفاه، فإن الفتيات اللواتي تواجهن ضائقة هن عزباوات في جيل يتراوح بين 12 و25 عاما، ويتميز سلوكهن بالتدمير الذاتي، ويواجهن التدهور أو خطر التدهور بعد معايشتهن لحادث صادم. ويستدل من التقرير أنه في 2015، كان هناك حوالي 4500 شابة عربية تجاوبن مع هذا التعريف وتلقين خدمات من وزارة الرفاه.
وكان عدد الشابات اليهوديات اللواتي حصلن على العناية في السنة نفسها أكبر بنسبة 2.6 % فقط. ولكن الفارق في الميزانية التي تم تحويلها إلى الشابات اليهوديات كان أكبر بكثير ولم يشرح التقرير هذه الفجوة. كما يستدل من التقرير أن غالبية المبلغ الذي يتم استثماره في الفتيات اللواتي يواجهن الخطر في المجتمع العربي يتم تحويله إلى مؤسسات مغلقة، رغم أن مسؤولين كبارا في وزارة الرفاه يعتقدون أن هذه الطريقة أقل ملاءمة للشابات العربيات، اللواتي تصل نسبة 9% منهن فقط إلى هذه الأطر. كما أن مشروع «بيت دافئ» الذي يمنح الرعاية للفتيات في إطار يومي، يحظى بنسبة 17% فقط من الميزانية، رغم أنه يشكل الرد الشائع للشابات العربيات.
وقالت النائبة ساسا بيطون (حزب كلنا) وهي من النواب الذين شاركوا بفضح التمييز العنصري إن الزيارة التي قامت بها إلى أحد هذه البيوت، هو الذي دفعها للعمل في هذا الموضوع. وأضافت: «خلال محادثات أجريتها مع فتيات عربيات يواجهن الضائقة ويخضعن للعناية في البيت الدافئ، تعرفت على الحاجة لتقديم احتياجات خاصة لهن. الفجوات بينهن وبين الشابان اليهوديات واضحة وكبيرة. يجب أن نستوعب بأن ما يناسب الجمهور اليهودي أبعد بكثير عن أن يناسب الجمهور العربي». وقال غالبية مديري أقسام الرفاه في السلطات المحلية العربية يدعمون مخاوف ساسا بيطون، وأوضح 85% منهم أن الرد المقدم للفتيات العربيات اللواتي يواجهن الخطر، لا يسد احتياجاتهن.
ومن بين الادعاءات التي عرضها هؤلاء: نقص في القوى العاملة وعدم تفعيل برامج الرفاه في المجتمع العربي. كما يتطرق التقرير إلى الجهاز الصحي ويحدد أنه لا يقوم بتفعيل برامج للشابات العربيات اللواتي يواجهن الخطر. ومن بين ما كتب في التقرير أنه لا توجد تقريبا خدمات لمعالجة الشابات اللواتي تعرضن إلى العنف من داخل وخارج العائلة.
وإلى جانب هذه المعطيات يشير التقرير إلى أن معالجة الفتيات اللواتي يواجهن الخطر يتوزع على أقسام عدة في وزارة الرفاه، ولا توجد جهة معينة مسؤولة عن تقديم رد شامل. الجريمة العربية ثلاثة أضعاف نسبتها لدى اليهود
وكشف في الكنيست أيضا أن نسبة الجريمة في صفوف فلسطينيي الداخل تزيد بنسبة ثلاثة اضعاف عنها في الوسط اليهودي وهذا أيضا مرتبط بالتمييز العنصري بتعامل السلطات الإسرائيلية خاصة الشرطة في ما يتعلق بالسلاح المنتشر وعدم ملاحقة المجرمين. كما يتضح أن عدد حالات القتل في الجانب العربي في إسرائيل يزيد بسبعة أضعاف عن الوسط اليهودي ويتم إغلاق 70% من ملفات الشرطة ضد العرب من دون تقديم لوائح اتهام.
هذه المعطيات تظهر في تقرير أعدته النائبة حنين زعبي من القائمة المشتركة ويستدل منه على أن مستوى تطبيق القانون منخفض جدا في المجتمع العربي رغم الارتفاع الحاد بالجريمة والعنف. وبسب التقرير فإنه منذ عام 2000 وحتى نهاية 2016، قتل في المجتمع العربي حوالي 79 مواطنا كل سنة، مقابل 43 يهوديا وهذا في الوقت الذي تصل فيه نسبة العرب إلى 17% فقط من المجمل العام من السكان. وحسب التقرير فإن 40% من مجموع النساء اللواتي يقتلن في إسرائيل هن عربيات. كما تظهر في التقارير معطيات أخرى: 80% من النساء العربيات اللواتي قتلن، سبق أن قدمن شكاوى في الشرطة على خلفية تعرضهن إلى العنف أو التهديد، مقابل 40% من النساء اليهوديات. 53% من مجمل الملفات التي يكون فيها الضحية عربيا يتم إغلاقها بسبب عدم توفر أدلة، مقابل 37% حين يكون الضحية يهوديا. كذلك فإن 49% من الملفات يتم إغلاقها بسبب «عدم الوصول إلى المشبوه» في المجتمع العربي، مقابل 36% في المجتمع اليهودي. والمعطى الأكثر الأخطر ربما هو أن هناك على الأقل الف ملف جريمة قتل لم يتم حل لغزها حتى اليوم. وتؤكد حنين زعبي لـ «القدس العربي» أن «هذا التقرير يطرح ادعاءات بالغة ضد الشرطة مشددة على مطالبة فلسطينيي الداخل التحقيق بالمعالجة البوليسية للجريمة في الشارع العربي. وتابعت «لا يمكن الفصل بين مسألة الجريمة وتعامل الشرطة مع المواطنين العرب. هذه النتائج نشاهدها كل أسبوع في أعمال القتل في وضح النهار. لا يمكن تغيير هذا الوضع دون محاسبة الشرطة ويبدو أن الرهان الخطير هو على تدمير القلعة من داخلها من باب «فخار يكسر بعضه» بعدما فشلت محاولات التفتيت والتدمير الخارجية وهذا أيضا يعني أننا نتحمل مسؤولية وعلينا مواجهة غول العنف بنفس طويل وخطة منهجية».
وديع عواودة