إسقاط الطائرتين الإيرانية والإسرائيلية من تجليات المعركة على مستقبل سوريا

حجم الخط
3

الناصرة ـ «القدس العربي» ـ وديع عواودة: في ظل التوتر الناجم عن إسقاط الطائرة الإيرانية المسيرة والمقاتلة الإسرائيلية طلبت إسرائيل من روسيا والولايات المتحدة التدخل العاجل لمنع حصول تصعيد في منطقة الشمال، ويعكس سقوطهما تفاقم المعركة على مستقبل سوريا. وبعد لغط إعلامي واسع وملتبس لحد التناقض قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه خلال القصف الإسرائيلي للمنصة التي أطلقت منها الطائرة المسيرة، بواسطة ثماني طائرات، قد أطلقت صواريخ مضادة للطائرات على نطاق واسع من قبل الجيش السوري، وأن الطيارين الذين قفزوا من الطائرة قد شخصوا إطباق أحد الصواريخ عليها. وحسب تسريبات إعلامية إسرائيلية فإن إسرائيل أوضحت لروسيا أن «كل التحذيرات الإسرائيلية من ترسيخ التواجد الإيراني في سوريا قد تحققت، وإن إيران تسبب عدم استقرار ليست معنية روسيا به». كما جاء أن إسرائيل أوضحت لروسيا أنها رغم إنزال ضربة قاسية على سوريا، تضمنت أهدافا إيرانية، فإنها معنية بانتهاء الحدث الآن، وأنها غير معنية بتصعيد آخر. وجاء أيضا أن إسرائيل بعثت برسائل مماثلة إلى الولايات المتحدة التي تحاول التوسط بين إسرائيل ولبنان لمنع حصول تصعيد بشأن الجدار الذي تبنيه على الحدود مع لبنان، إضافة إلى الخلافات بشأن المياه الاقتصادية فيما يعرف بـ«البلوك 9» في البحر الأبيض المتوسط. كما نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله أمس إن جميع اللاعبين في المنطقة، بما في ذلك روسيا، غير معنيين بالتصعيد أو بجولة قتال واسعة النطاق في المنطقة. وحسب موقع «واللا» الإلكتروني فإن إسرائيل على اتصال وثيق مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، منذ صباح أمس وإنها تنظر بخطورة إلى الأحداث الأخيرة. كما نقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن «إسرائيل سترد على كل إطلاق نار آخر من سوريا». إلى ذلك، قالت الخارجية الروسية، في بيان أمس إن «موسكو قلقة من الهجمات والتطورات في سوريا»، داعية جميع الجهات في المنطقة إلى الحفاظ على «سيادة سوريا وتجنب التصعيد.
وهذا ما أكده قيادي في قوات النظام السوري إذ نقل عنه قوله إنه «لا يعتقد أن الوضع الحالي سوف يتطور إلى حرب إقليمية جديدة» وإن «الرسالة قد وصلت إلى إسرائيل». وكانت الأحداث التي بدأت خلال ساعات الليل الفائت قد تطورت في أعقاب إسقاط طائرة استطلاع إيرانية، ثم قامت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بقصف قاعدة في سوريا، وجوبهت بصواريخ مضادة للطائرات، ما أدى إلى إصابة إحداها، وهي من طراز «أف 16»، واضطر الطياران للقفز منها قبل تحطمها بالقرب من مدينة شفاعمرو داخل أراضي 48. وأصيب أحد الطيارين إصابة خطيرة، ووصفت إصابة الثاني بالطفيفة. وفي أعقاب ذلك، قصف سلاح الطيران الإسرائيلي 12 موقعا في سوريا، بينها مخازن إيرانية وبطاريات دفاعات جوية سوريا. يذكر أن الوزراء في المجلس الوزاري المصغر (السياسي ـ الأمني) كانوا قد قاموا بجولة خاصة، الثلاثاء الماضي، على الحدود مع سوريا، واستمعوا لآخر التقارير من رئيس أركان جيش الاحتلال بشأن التهديدات القائمة خلف الحدود، وبضمنها «ترسيخ التواجد الإيراني في سوريا، ومشروع الصواريخ الدقيقة التي تخطط لها إيران في لبنان». ومن ضمن المؤشرات على عدم الرغبة بالتصعيد من جانب إسرائيل أيضا طلب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعدم إطلاق تصريحات أو إجراء مقابلات إعلامية.

أصابع إيرانية

وأجمع المحللون العسكريون في إسرائيل على توجيه إصبع الاتهام إلى إيران بداعي أنها المبادرة، للمرة الأولى، الأمر الذي من شأنه أن يخلق وضعا جديدا على الحدود الشمالية، يرتكز أساسا على المواجهة معها. وينبه هؤلاء إلى أنه رغم عدم وجود مصلحة بالتصعيد لدى كل الأطراف فمن السهل أن تتصاعد حدة التوتر بما ينذر بانزلاق المنطقة إلى الحرب، خاصة وأن إسقاط طائرة حربية إسرائيلية اعتبر «شرخا في التفوق العسكري الإسرائيلي».

وضع جديد في الشمال

وكتب المحلل العسكري لموقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إن الحادث الخطير أمس هو المرة الأولى التي تتجه فيها إيران إلى «عمل مستقل» ضد إسرائيل، وأنه ربما يكون هذا السبب في تصاعد التوتر في الأيام الأخيرة، ما يعني أن الحديث عن وضع جديد في الشمال. وقال إن من الجائز الافتراض أن الطائرة المسيرة (بدون طيار) الإيرانية لم تكن مسلحة، وإنما «تهدف لتحقيق إنجاز في الوعي الإدراكي»، وإظهار أن الإيرانيين قادرون على اختراق الأجواء الإسرائيلية. وأضاف أن الطائرة الإيرانية كانت ردا على الهجمات الإسرائيلية في سوريا، علاوة على كونها «إشارة إيرانية». وبالنتيجة، حسبه، فإن إسرائيل تنظر بخطورة إلى «النشاط الإيراني المستقل من الأراضي السورية».

تصعيد خطير

واعتبر المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن أحداث امس تشير إلى تصعيد خطير في المواجهات المستمرة بين إسرائيل وإيران والنظام السوري، وأن التهديدات تبدلت بالأفعال وتبادل إطلاق النار وفي العمق السوري، وبالتالي فإن التوتر سيظل قائما. وحسبه فإن خلاصة الأحداث، حسب الجيش الإسرائيلي، تشير إلى أن طائرة مسيرة إيرانية انطلقت من قاعدة «تي 4» التابعة لسلاح الجو السوري، قرب مدينة تدمر، باتجاه إسرائيل، ودخلت الأجواء الإسرائيلية ووصلت إلى شمال سهل بيسان، وأسقطت من قبل سلاح الجو. وردا على ذلك، هاجمت طائرات سلاح الجو، ودمرت العربة الإيرانية التي أطلقت منها. وأضاف أنه أثناء الهجوم الإسرائيلي تم تفعيل منظومة الدفاعات الجوية السورية التي أطلقت نيرانها باتجاه الطائرات الإسرائيلية، ما اضطر الطيارين إلى القفز من إحدى الطائرات التي يرجح أنها أصيبت.
واعتبر هرئيل أن دخول الطائرة الإيرانية إلى الأجواء الإسرائيلية يعتبر «خرقا للسيادة واستفزازا فظا»، وهو ما وصفه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، رونين منليس، أن «إيران جرّت المنطقة إلى مغامرة، وسوف تدفع الثمن»، بما يشير، حسب هرئيل، إلى أن هذه الأحداث لها ما بعدها. كما لفت في هذا السياق، إلى أن النظام السوري كان قد حذر إسرائيل من الرد على الغارات الجوية ضد قوافل ومخازن السلاح المرتبطة بحزب الله داخل سوريا. وكان آخرها التحذير الذي أطلق في منتصف الأسبوع الماضي، في أعقاب أنباء تحدثت عن قصف إسرائيلي لموقع لتطوير الأسلحة في ضواحي دمشق. وتابع أن إطلاق صواريخ مضادة للطائرات، باتجاه الطائرات الإسرائيلية جاء كرد على الاختراق الإسرائيلي للأجواء السورية، ولكن ذلك «يعبر عن إحساس متجدد بالقوة من قبل النظام السوري».
وكتب المحلل العسكري في موقع «واللا» الإلكتروني، أمير بوحبوط، إنه في حال كان الحديث عن إصابة مباشرة للطائرة الحربية الإسرائيلية، فإن الحديث يكون عن واقعة لم تحصل منذ عشرات السنوات، وهي تشير إلى شرخ في التفوق العسكري للجيش الإسرائيلي، بما يتطلب تحقيقا معمقا لفحص حقيقة ما حصل، خاصة وأن الحديث يجري عن طائرات تحتوي منظومات متطورة جدا.
واعتبر من الناحية الإستراتيجية، إن ما يحصل هو حدث تاريخي كبير جدا قيد التشكل، فالعقيدة الإيرانية تهدف إلى إقامة قوة عسكرية كبيرة في أراضي سوريا ذات ثقل ضد دول المنطقة، وبينها الأردن والسعودية والخليج، وأيضا ضد إسرائيل.

إسقاط الطائرتين الإيرانية والإسرائيلية من تجليات المعركة على مستقبل سوريا
تل أبيب تطلب من موسكو التدخل لمنع التصعيد

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد - لندن:

    ببساطة أميركا أسقطت سوخوي روسية و بشكل مهين عن طريق صاروخ محمول منذ عشر ايّام، جاء الرد الروسي بضرب عدة عصافير بحجر واحد
    ١- إثبات تفوق الدفاع الجوي الروسي على القوة الجوية الامريكية
    ٢- انتقام روسي لاسقاط السوخوي
    ٣- إجبار اسرائيل و أمريكا على استجداء روسيا لتهدئة الموقف
    ٤- اعادة ربط نفوذ ايران و حلفاءها و النظام بروسيا و اعادة فرض روسيا كقوة تفرض نفسها على الخارطة السياسية السورية بعد فشل سوتشي
    ٥- رسالة موجهة لتركيا بان ما حدث مع اسرائيل ممكن ان يحدث مع تركيا

    لكن ما لم تستطع ان تكسره روسيا اليوم هو إرادة الشعب السوري

    1. يقول Adam:

      اوافقك على كل النقاط التي ذكرتها, لكن اعلق ان ارادة الشعب السوري لم تنكسر بفعل روسيا , بل ارادة الشعب هي منكسرة بفعل شعبها نفسه, وللاسف ليس فقط الانكسار بل تحطمت ولا يمكن ان تعود الى سابق عهدها … امريكا والنظام العالمي هم الفائزون بهذه الحرب فهي اولا واخيرا كانت من اجلهم, روسيا هدفها ليس كسر ارادة الشعب بل عدم الابقاء على الاسد حجر عثرة في طريق المخططات التي هدفت لكسر ارادة شعوب المنطقة واشقاءها حتى الترنح متعبة.

  2. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    احمد لندن الرد الروسي كان بعد يوم واحد من إسقاط الطائرة كان في أفغانستان

إشترك في قائمتنا البريدية