القاهرة ـ «القدس العربي»: تاريخ تطور الدراما كما يراه لوكاتش: هل هناك دراما حديثة؟ يحاول (جورج لوكاتش 1885 ــ 1971) ــ أحد أهم فلاسفة علم الجمال في القرن الفائت ــ الإجابة على هذا السؤال، في مؤلفه الضخم «تاريخ تطور الدراما الحديثة»، الصادر مؤخراً عن المركز القومي للترجمة، في جزأين، وفي ما يزيد عن الألف صفحة من القطع الكبير.
هذه هي الترجمة العربية الأولى عن المجرية مباشرة، التي أنجزها كمال الدين عيد. تساؤل لوكاتش جعله يبحث في صرامة عن الخصائص والسمات الأسلوبية والتقنية لهذه الدراما، ووفق رؤيته الماركسية يرى لوكاتش أنه في مسار التطور وحدوده، لابد من بحث التطور الاجتماعي، فالأدب يحدد الوجه السوسيولوجي لهذا التطور وعوامله. ويحدد لوكاتش ظهور الدراما الحديثة بظهور الطبقة المتوسطة، بحيث تتمثل أحلامها وفق الحدود التي رسمتها لنفسها.
هذه الطبقة بكل تناقضاتها وصراعاتها تمثلت الدراما وأشكالها وموضوعاتها، فالصراع لم يعد مع الآلهة كما كانت الدراما اليونانية، ولا يمثل مرحلة الإقطاع، كما صوّرها شكسبير، فالشخصيات متباينة الطبقات عند شكسبير، كانت تمثل جوانبها السلبية أو الإيجابية، من دون أن تمثل أحلامها، وهذا هو الفارق الكبير. ويُشير لوكاتش إلى ملمح آخر بين دراما الإغريق وشكسبير مقارنة بالدراما الحديثة، حيث يمكن فصل الإنسان/الشخصية عن بيئته في الأولى، بينما مصيره ــ ليس خارجياً ــ بل مُعلقاً بهذه البيئة، ولا ينفك عنها. هذا المنهج الديالكتيكي الذي يتبناه لوكاتش هو ما يرسم حدود رؤيته الكاملة وتنظيراته حول مفهوم وطبيعة الدراما الحديثة، ودورها الذي لا ينفصل عن الحياة. فالدراما الفردية للمواطن العادي، التي تعبّر عن وضعه الاجتماعي وآماله، هي نفسها التي تصوّر الرؤية الكلية للعالم، أو البطل المُشكِل ــ بطل يمثل مشكلات عصره ــ كما أطلق عليه لوكاتش عند تعرّضه لدراسة الرواية من وجهة نظر اجتماعية وجمالية.
* * *
قضايا السينما المغاربية: ضمن سلسلة آفاق السينما، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة، صدر كتاب بعنوان «السينما المغاربية .. قضايا الفرادة والتعدد» لمؤلفه محمد أشويكة. وهو بحث لافت ومهم يتعرض للقضايا التي تناولتها السينما المغاربية، سواء الإرهاب أو الثورة، ومشكلات الهجرة، والمكان كفضاء يُشكّل الشخصية السينمائية وعالمها، من خلال أفكارها وتقنياتها أو جمالياتها البصرية. ويحاول أشويكة أن يقدم نظرة شبه شاملة من خلال نماذج مختارة من الأفلام، إضافة إلى مسيرة أصحابها، التي ساهمت رؤيتهم الفنية في صياغة سمات السينما المغاربية. ويصف المؤلف في مقدمته أن العمل ليس تأريخاً للسينما المغاربية، وإنما حول قضايا الإنسان المغاربي، من خلال أعمال تقف ضد السينما الرائجة. جاءت هذه النماذج ــ سواء الروائي منها أو الوثائقي، الذي وثق للحالة التونسية بوجه خاص ــ مُستندة إلى أعمال كل من نوري بو زيد، نبيل عيوش، مرزاق علواش، داوود أولاد السيد، الناصر خمير، رضا الباهي، فوزي بن سعيدي، وحكيم بلعباس، والكتاب في 135 صفحة من القطع الكبير.
* * *
ما بين النص الأدبي والصورة السينمائية: العديد من المؤلفات تناولت العلاقة بين الأدب والسينما، للتاريخ السينمائي الطويل، الذي اعتمد في بداياته على الأب بشكل أساس، ولم يزل حتى الآن يعتمد عليه، رغم التأثير السينمائي على الأدب وشكل الكتابة الأدبية. ويأتي كتاب «النص والصورة.. السينما والأدب في مُلتقى الطرق» لسلمى مُبارك، ليضيف إلى هذا الموضوع ويختص التجارب المصرية المهمة، والكتابات النقدية من الأدباء والنقاد عن السينما وأهميتها، كطه حسين والعقاد على سبيل المثال لا الحصر. ثم حالة نجيب محفوظ وإضافته إلى السينما المصرية، من خلال أعماله أو السيناريوهات التي كتبها للسينما. كذلك الاعتماد على أدب الستينيات وما بعده كتشكيل جديد في الرؤية والأسلوب لكل من السينما والأدب معاً. كما تتطرق المؤلفة لحالات الاقتباس، وتقوم بتطبيق النظريات الأدبية ــ خاصة التراث البنيوي والسيميائي ــ عند دراسة فيلم «الحرام» كراوية ليوسف إدريس، وفيلم سينمائي قدّمه بركات، وصولاً إلى النص الفرعوني الذي قدمه شادي عبد السلام في فيلم «الفلاح الفصيح». صدر الكتاب عن الهيئة العامة المصرية للكتاب في 163 صفحة من القطع الكبير.
* * *
سنوات الاعتقال والثورات
تحت هذا العنوان يأتي مؤلف أحمد القصير، الذي يؤرخ ذاتياً وسياسياً واجتماعياً للتحولات التي شهدتها مصر والمنطقة العربية بعد ذلك، في الفترة ما قبل انقلاب يوليو/تموز 1952 والصراعات التي تلته مع الأحزاب والحركات الشيوعية المصرية. يصف المؤلف رحلة السجن والتعذيب، التي استمرت عشر سنوات في مجملها، والتي بدأت في 15 ديسمبر/كانون الأول 1953، بتهمة الانضمام إلى منظمة حدتو (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني) وانتهت في 15 أبريل/نيسان عام 1975.
يؤرخ القصير لمنظمة «حدتو» ودورها، ويرى أنها جسدت حالة فكرية نضالية مستمرة في التاريخ، ورغم ذلك واجه أصحابها التنكر لأدوارهم والتنكيل بهم والتعتيم على تاريخهم، ليس من قِبل أعداء الحركة وحسب، بل من الذين يدّعون أنهم ينتمون إلى اليسار. وبغض النظر عن الموقف مما جاء في الكتاب، إلا أنه يعد إحدى الوثائق المهمة، ذات الرؤية الخاصة والدالة على تجربة صاحبها في النضال الوطني. الكتاب من إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة، وجاء في 151 صفحة من القطع الكبير.
محمد عبد الرحيم