القاهرة ــ «القدس العربي» – «التراث وقضايا العصر»: تحت هذا العنوان جاء كتاب محمود إسماعيل، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ضمن سلسلة الإصدارات الخاصة، وجاء في 285 صفحة من القطع الكبير. يتألف المحتوى من مقدمة وخمسة مباحث تنطلق من مبدأ تاريخية النص التراثي، من دون الاقتصار على وجوده وكأنه بمعزل عن سياقاته الاجتماعية والاقتصادية، ومن هنا تأتي أهمية القضايا التي يناقشها الكتاب على اختلافاتها، خاصة أن هذا التراث يتماس ويتداخل بشدة مع القضايا المعاصرة، وفي حالة مزمنة من الخفوت والصعود إلى السطح الاجتماعي، حسب الحالة التي يعيشها المجتمع. كاحتكار تأويل النصوص وبالتالي تبعاته من مقولات الحاكمية وصولاً إلى التكفير. وعجز المؤسسات الدينية عن إنتاج خطاب فيه مسحة من العقلانية، أتاح لظهور دعاة من الهواة أخذوا مبادرة تأويل النصوص والإفتاء، ما خلق مناخاً متعصباً يتسم بالجهل. وفي مبحث آخر يذكر إسماعيل عدة شخصيات من فلاسفة الإسلام ساقوا أنساقهم الفلسفية وفق واقعهم الاجتماعي، كالفارابي وإخوان الصفا، وابن سينا وابن حزم وابن رشد. فكلها مشروعات تراوحت ما بين التنوير والتثوير المجتمعي، لما كان فيه من موبقات لم نزل نعيشها للأسف حتى الآن. إضافة إلى موقف المتصوفة من الأزمات، خاصة ما بين البرجوازية والإقطاع، فكان حلهم الثالث أو طريقهم في إيجاد صيغة اشتراكية مناسبة.
* * *
«تقرير بروديك»: «ستتذكرني، عندما تعود إلى بلدتك، ستتذكر الطالب (موش كلمر). ثم تحكي، ستقول كل شيء. ستتحدث عن العربة، ستتحدث أيضاً عن هذا الصباح، يا بروديك، ستقول ذلك من أجلي، ستقوله من أجل كل البشر». عن سلسلة الجوائز، التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب صدرت مؤخراً الترجمة العربية لرواية «تقرير بروديك» للفرنسي فيليب كلوديل، التي حصل بها على جائزة الجونكور عام 2007. تدور الرواية حول جريمة قتل، يتورّط الراوي رغماً عنه في كتابة تقرير عنها، من دون أن يراها أو يشارك فيها، فقط تحت ضغط أهل القرية التي آوى إليها، القرية المنعزلة، حيث لا يخرج أحد، ولم تعد ترحب بالغرباء. وخلال ذلك يتم الكشف عن جرائم النازية، من دون وجهة نظر عنصرية قامت بالفصل بين ما هو نازي أو ألماني. وما بين جريمة القتل وكتابة التقرير تدور أحداث الرواية، التي تتخذ من الحالة البوليسية إطاراً لها، لكنها تتكشف عن إعادة نظر صارمة في العديد من القيم الإنسانية في لحظات اختبار غاية في الصعوبة. فالقاتل معروف، ولكن أسباب الجريمة هي ما يتم البحث عنه. الرواية ترجمها لطفي السيد وراجعها وقدم لها الشاعر رفعت سلام، وجاءت في 335 صفحة من القطع الكبير.
* * *
«العامية المصرية ودلالاتها»: عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، صدر كتاب «اللغة المصرية الحالية .. قواعدها، مفرداتها، دلالاتها» للباحث عصام ستاتي، في 451 صفحة من القطع الكبير. والكتاب دراسة جادة موسّعة لحيوية اللغة المصرية وتفاعلاتها عبر الزمن، وكيف أن المصريين حتى الآن يحافظون على مفردات وتركيبات ودلالات لغوية مُستمدة من اللغة الفرعونية. ومن خلال اللغة يتم التعرّض إلى الطقوس الاحتفالية، التي هضمت الديانات المختلفة على مصر، وحوّلتها إلى شكل من أشكال التديّن الشعبي. فاللغة الحالية ليست عامية العربية الفصحى كما يزعم البعض، ولكنها نتجت عن صراع ما بين لغة غزاة ولغة شعب أصبح لا يمتلك إلا إياها. ويرى الباحث أن الأمر لا يعد سوى تلفيق وخزعبلات حاول أصحابها رد كل شيء إلى العربية الفصحى.
* * *
«بيت حافل بالمجانين»: همنغواي، هنري ميلر، بورخيس، كارلوس فوينتس، ميلان كونديرا، بول أوستر، نجيب محفوظ، إمبرتو إكو، وسوزان سونتاج، حوارات لهؤلاء الكتّاب المختلفين أسلوباً ورؤية، قامت بها مجلة «باريس ريفيو»، اختارها وترجمها أحمد شافعي، وضمنها كتابه الصادر مؤخراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعنوان «بيت حافل بالمجانين»، في 371 صفحة من القطع المتوسط. يذكر المترجم أنه كان انتقائياً في هذه الحوارات، فقط ما تفاعل معه كقارئ في المقام الأول، إضافة إلى العديد من العوالم التي يتحدث عنها أكثر الكتّاب تأثيراً على الأدب في العالم، ليس عن عالمهم الأدبي فحسب، لكن الآراء المختلفة في أعمال وتأثير الآخرين عليهم، سواء إيجاباً أو سلباً. الحوارات تكشف أيضاً العديد من قضايا الإبداع الأدبي، من حيث فكرة العمل وطريقة صياغته في النهاية، كذلك المناخ الأدبي العام وقت إنتاج عمل معين، وهو ما يتضمن بالضرورة حالة اجتماعية وسياسية يحاول الكاتب أن يتخذ منها موقفاً، هذه الرؤية المتباينة ما بين كاتب من أمريكا اللاتينية أو الولايات المتحدة، وآخر أوروبي، وآخر من مصر.
محمد عبد الرحيم