صدر عن « دار المدى « في بيروت للشاعر والناقد العراقي هاشم شفيق، المقيم في لندن، كتابان شعريان مترجمان عن الانكليزية ، وهما « مئة قصيدة من الشعر الصيني « و « أنطولوجيا شعر الهايكو الياباني «، مع مقدمتين ضافيتين لكلا الكتابين.
ومما جاء على الغلاف الأخير لكتاب الشعر الصيني : يحمل الشعر الصيني في مزيجه المركب وسياقاته المختلفة، كلاسيكية وحداثية، قيماً معرفية كبرى، هي قيم العقل والحكمة والفطنة والمنازع الفلسفية والفكرية والروحية، ذات المناحي التأمّلية التي تميّزه عن غيره من الأنواع الشعرية في العالم. إنه شعر البواطن والجوّانيات والتساؤلات الكونية، شعر هرمسي أحياناً وتارة واقعي، معجون بالخيال والفنتازيا، شعر المشاعر الداخلية العميقة للإنسان في صراعه مع قوى الخير والشر، والقوى المهيمنة على المقاليد البشرية، وهو كذلك شعر الرؤى، شعر الأسئلة البسيطة، ولكن المنطوية على أبعاد كونية محلقة في المجاهل. ومنه نقرأ:
*مرآة
إني حلمتُ
بأني مرآة
غائصةً في البحر،
أصبحتُ مرآةً حقّاً،
الفتاة الشابة
انتشلتها من البحر
لتضعها على منضدة
أدوات التجميل،
فهنا لا يُسمح للأسى بالحضور.
للشاعر فيّ منغ.
صوت الليل *
في الظلام
لا شيءَ يُرى
سوى ليلٍ وحيد
وثمة حفيفٌ
إنه صوت الزمن
وهو يأكل الحياة.
للشاعر أكسو
ومن كتاب « انطولوجيا شعر الهايكو الياباني « نقتطف من الغلاف التالي:
« لاقترابه من لغة الصمت ولخلقه لغة أُخرى، تنطوي على التلميح والإشارة والدلالة المكثفة، صار شعر الهايكو الياباني الأقرب الى نبض الإنسانية والى روح العصر، هذا العصر السريع بكل ضجيجه الذي بات يغطي مساحات من الخيال والرؤيا، ويعصف بالتأمل والهدأة والإطلالة الرومانتيكية، ويفتك بالوقت لدى البشرية، مما جعلها أداة جامدة ذهنية، تتلقى طوفان الاستهلاك الذي لا يُجارى، طوفان ضيّع وقت الإنسان وجمالياته وبصيرته، في طاحون لا يفتأ يقدّم المزيد من التقنيات والمبتكرات، وما على الإنسان سوى الذهول والتلقي لهذا الصنيع، من هنا يشكل شعر الهايكو الياباني وهو يستعاد أو يكتب في اليابان، ويقدّم في أوروبا وفي العالم العربي، على هيئة ومضات وإلماحات اختزالية وشذرات بارقة رؤيوية، يشكل مع الهايكو القديم والمستعاد معادلاً نفسياً لعصرنا.