إعلاميون وناشطون تونسيون ينددون بتصريحات ساركوزي المعادية للجزائر

حجم الخط
5

تونس ـ «القدس العربي»: أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي خلال الزيارة التي قام بها إلى تونس كثيرا من الجدل وردود الفعل الغاضبة في تونس وخارجها. خاصة وأن ساركوزي عرف بقسوته وقبضته الحديدية مع المنتفضين في الضواحي الباريسية من أبناء الجاليات المغاربية حين كان وزيرا للداخلية في عهد شيراك، وصدرت عنه تصريحات عنصرية معادية لهم وأقدم على ترحيل الكثير منهم من خلال وزارة الهوية الوطنية التي أنشأها حين صعد إلى الإيليزيه.
ولعل ما صرح به بشأن الجزائر من تونس التي احتضنت شأنها شأن دول جوار الجزائر ثورة المليون شهيد، كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت الحملات تشن على ساركوزي وعلى مستضيفيه من التونسيين. فقد اعتبر الرئيس الفرنسي السابق أن مستقبل الجزائر يجب أن يناقش في إطار هياكل الإتحاد من أجل المتوسط وهو ما أعتبره كثير من المراقبين استفزازا للتونسيين والجزائريين على حد سواء واستهدافا للعلاقات المتينة والإستثنائية على المستوى العربي التي تجمع بين البلدين.

تدخل سافر

وفي هذا الإطار اعتبر رئيس تحرير جريدة «الصحافة اليوم» التونسية الحكومية زياد الهاني في حديثه لـ «القدس العربي» أنه لم تطرح زيارة مسؤول فرنسي إلى تونس، بقطع النظر إن كان سابقا أو مباشرا أو مرشّحا، جدلا، مثلما طرحته زيارة نيكولا ساركوزي الأخيرة! واللاّفت للنظر بحسب الهاني أن الجدل الذي أحدثته زيارة الرئيس الفرنسي السابق لا يرتبط بالعلاقة بين البلدين، بل في جرأته على التدخل السافر في الشأن الجزائري دون أيّ مراعاة لمقتضيات الضيافة وللعلاقة المميزة التي تربط تونس بالجزائر والاحترام الكبير الذي يكنّه التونسيون للجزائر التي مثّلت سندا دائما لهم في كل المجالات بما في ذلك دعمها لهم في حربهم ضد الإرهاب.
ومن الطبيعي بحسب الإعلامي التونسي أن لا ينظر التونسيون بعين الارتياح لتصريحات ساركوزي الذي كان المتسبب الرئيسي في حالة الدمار التي تعيشها ليبيا. ويختم زياد الهاني بالقول: «ورغم تبرّئ الجهات المضيفة بشكل محتشم من تصريحات ساركوزي، إلاّ أن العديد من المتابعين يعتقدون أن ما حصل يتطلب ردّا أقوى سيّما وأن تصريحات ساركوزي العدائية لم تطل الجزائر فقط، بل أساءت إلى تونس كذلك».

زيارة غير مرحب بها

من جهته أشار الاستاذ الجامعي والكاتب شيحة قحة إلى ان زيارة فرنسوا ساركوزي إلى تونس صحبة بعض أنصاره من نواب وشخصيات فرنسية للتعبير عن تضامنه مع التونسيين ضد الإرهاب. جاء كما قال «لمساندة الحضارة في صراعها ضدّ الوحشيّة التي يأتيها الإرهاب»…واستطرد:» ما كان ساركوزي مرحّبا به في تونس وهو الذي ساند في ما مضى حكم بن علي وهو الذي تدخّل عسكريا في ليبيا وخرّب البلاد وهو أيضا المسؤول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في ما يحصل اليوم في الشقيقة ليبيا من كثير إرهاب… رغم ذلك جاء الرجل إلى تونس والتقى بالرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي تجمعه به علاقات قديمة، وطيدة، ثم توجه إلى متحف باردو حيث وضع باقة ورد ترحّما على من لقي حتفه في المتحف من سيّاح عزّل، على أيدي الإرهاب».
ولفت إلى انه من «خصال» ساركوزي ومن مثله من السياسيين هو إثارة الجدل، وجلب الناس إلى ما يأتيه من قول ومن فعل. حتّى تنتبه له الشاشات والصحف والقنوات، من عادة سركوزي أن يأتي بتصريحات فيها مسّ بما يتداوله الناس، فيها دسّ للنار. وأضاف :»في نظري، لم يأت سركوزي جديدا لمّا قال إن الوطن، أي وطن، لا يختار جيرانه وأنّ تونس بتواجدها بين الجزائر وليبيا هي في وضع لا يحسد عليه إلى غير ذلك من التلميح باعثا بإشارات إلى السلطات الجزائريّة ليقول أّنّ وضع بلادكم ليس في أحسن حال مقارنا بين ما يحصل في الجزائر بليبيا وما يجري في الأخيرة من اضطراب ومن إرهاب».
وتابع:»ما كانت قولة الرئيس السابق لتثير الاهتمام وكلّ الضجّة التي نرى لولا أن الناس والمتّبعين يعلمون أن العلاقات بين سلطات الجزائر وساركوزي كانت ولا تزال في تعثّر مستمرّ بل فيها ريبة ونفور متبادل… فسركوزي بما أتى من قول قد حقّق مبتغاه ورمى عصفورين بحجرة: أن يتحدّث عنه الناس ويكون كذلك في المركز ومحلّ اهتمام وأن يرمي بسهمه للجزائر هذه التي تجمعه معها علاقات تنابز وتلاسن… معتبرا انها حيلة اشهاريّة وقع فيها الجزائريون أولا والتونسيون أيضا».

سياسة اليمين الفرنسي

من جانبه اعتبر حسان العيادي الصحافي في يومية «المغرب» التونسية في حديثه لـ «القدس العربي» أن تصريحات الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا سركوزي ليست غريبة فهو سليل فرنسا الاستعمارية التي لا تزال تنظر لدول شمال افريقيا كمجال لنفوذها. وما يتجلى، بحسب العيادي، في سياسة اليمين الفرنسي تحديدا الذي ينتمي إليه الرجل، الذي عرف عنه منذ تقلده لمنصب وزير الداخلية تصريحاته المعادية للجزائر وسياستها، ما قاله ساركوزي من باردو التونسية بشأن الجزائر وضرورة ان يناقش مستقبلها السياسي في إطار الاتحاد المتوسطي وهو امتداد لنهجه الذي اتبعه في 2011 حينما ساند الثورة الليبية ودعم اسقاط معمر القذافي واعتبر ذلك أحد أهم نجاحاته السياسية. ويضيف: «إن ساركوزي الذي تدخل في الشأن الداخلي الجزائري من أرض تونس قد فاقم من مخاوف الجزائر بأن هناك سياسة ممنهجة لاستهدافها ونشر الفوضى فيها. وبعيدا عن مدى صحة هذه القراءة التي فيها نوع من المبالغة أحيانا، فإن الجزائر باتت تعتبر ان محاولات استهدافها تمر عبر تونس.
وقد شنت وسائل إعلام جزائرية في وقت سابق هجوما حادا على تونس بعد امضاء مذكرة تفاهم بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية ومنح الجار الأصغر (من حيث المساحة الموروثة عن الإستعمار) رتبة عضو في الناتو رغم أن هذه الرتبة رمزية».
لذلك يلاحظ الإعلامي التونسي أن العلاقات الجزائرية التونسية باتت تعاني من «فتورا» غير رسمي، فاقمت من حدته تصريحات ساركوزي التي أتت في غير زمانها وقيلت في أرض كان يجب أن تنأى بنفسها عن التورط في مغامرات السياسي الفرنسي وطموحه بالعودة للايليزيه. ولا يعني هذا، بحسب العيادي، ان العلاقة ستشهد برودا وتأزما فليس من مصلحة الحزائر قبل تونس قطع حبال الود ولكن العلاقة ستشهد بعض الهزات في قادم الأيام وسنلاحظ ضغوطا جزائرية على تونس للتنسيق في المواقف السياسية.

استئناف المخطط

من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي التونسي النوري الصل لـ «القدس العربي» يمكن القول ان زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الأخيرة إلى تونس لم تكن سوى فاصلة جديدة في علاقات تونس بهذا الرجل الذي اختار تونس لتكون محطته لـ»استئناف» مخططه بإحداث الوقيعة والقطيعة مع الشقيقة الجزائر والإساءة إليها في إطار حملة انتخابية. وليس خافيا، ان زيارة ساركوزي كانت بمثابة إعلان حرب على الجزائر من خلال قوله أن تونس، التي تتمتع بنظام ديمقراطي حقيقي، وقعت للأسف ضحية موقعها الجغرافي بين الجزائر وليبيا…وذلك في استفزاز خطير أراد من خلاله استدراج هذا البلد إلى مستنقع ىالفوضى والخراب الذي كان قد جر إليه ليبيا وأغرقها في جحيم الاقتتال والصراعات القبلية».
ويضيف الصل قائلا: «إذا كان حزب نداء تونس تبنى هذه الزيارة فان تبرؤه من التصريحات التي أطلقها أحد أكبر «عرابي الخراب» والدمار في المنطقة لا يعتبر كافيا ويستدعي توضيحات أكبر. لان العلاقات التونسية الجزائرية أعرق من أن يتطاول عليها من يأتمر بأوامر اللوبي الصهيوني وصاحب التاريخ الحافل بالعداء للجزائر وللعرب والذي يريد ان يجعل من تونس بوابته لجني ثمار ما يسمى «الربيع العربي» الذي كان قد لعب دورا أساسيا فيه بتواطؤ مع الصهيوني برنار هنري ليفي».
ولا يجب ان نتغافل، بحسب محدثنا، عما صرح به برنار ليفي في كتابه الذي أصدره مؤخرا بعنوان «الحرب دون أن نحبها» واعترافه، بأنه لعب دورًا بارزًا في جرّ باريس وساركوزي إلى المستنقع الليبي واسقاط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عبر الحلف الأطلسي واشعال حرب أهلية في ليبيا من خلال الدفع بالمعارضة السلمية إلى حمل السلاح وتمكينها من ذلك بمختلف الوسائل. فقد تكون لساركوزي نوازع ذاتية تدفعه لمثل هذا التصريح مثلما يرى البعض من ذلك طبيعته وأصوله واحتقاره لسكان شمال أفريقيا والمهاجرين خاصة وفشله في إقامة الاتحاد من أجل المتوسط إلا أن هذه النوازع الذاتية لا يمكنها وحدها، أن تفسر تهجمه على الجزائر بتلك الكيفية من أرض تونس بالذات اذ لم يسبق ان أطلق مثل هذه المواقف الخطيرة تجاه الجزائر من بلده فرنسا فلماذا اختار تونس وجعلها «منصة» لإعلان الحرب على جارتها الجزائر؟

روعة قاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عاصم شهابي-الأردن:

    أولا، كل التحيات والتقدير لكل تونسي شجاع رفض تصريحات الصهيوني سركوزي حول الجزائر. فحقا، ليس من العرف السياسي ولا من الأخلاق بشئ أن يقوم سياسي أجنبي أثناء زيارة بنقد نظام بلد آخر مثل الجزائر والذي يعتبر صمام الأمن لتونس.
    وثانيا، السيد سركوزي وأستاذه الصهيوني المعروف برنارد ليفي بعدائه وحقده على العرب ، عملوا ولا يزالون يعملون بالسر والعلن ضد السلم الأهلي في ليبيا. وهم كانوا في الماضي القريب في خدمة القذافي الذي مول حملات أنتخاب سركوزي بعدة ملايين من الدولارات.
    وثالثا، تتعرض شعوب بلدان الشمال الأفريقي العربي الى حملة خبيثة منذسنوات تعمل على أثارة الحقد والكراهية والنزاع بين مكونات شعوبها العربية والأمازغية،
    بهدف تدمير النسيج الأجتماعى لهذه البلدان كما حدث في المشرق العربي وخاصة في سوريا والعراق.
    ومن هنا نتمنى على أخواننا في الشمال الأفريقي أن ينتبوا الى هذا المخطط الشرير، وكلنا تقة وأيمان بأن كل خطط الصهيونية وعملائها لن يستطيعوا التأثير عليهم، ولن يقبلوا بأن يكونوا وقودا لنار التفرقة والصراع في بلدانهم.

  2. يقول جزائري ابن الأحرار. حسين:

    السلام عليكم
    لقد أعجبني مقالكم لما احتواه من تدخلات الكتاب والصحفيين التونسيين عن الجارة الحبيبة تونس.
    إن زيارة الأبله المجري الفرنسي الى تونس لم يكن بحسن نية فهو قد ذهب إلى المغرب شمالا ثم نجح في إقناع بقايا بن علي يمينا لزعزعة استقرار الأخت الكبرى الجزائر الموجودة في وسطها.
    أراد ضرب استقرار الجزائر العصية عليه من تونس حتى تكون فوضى بين الجزائر وتونس، وبه يتم تكسير أواصر الأخوة بين الشعبين، فيقع تنافس بينهما، ويتم بذلك ضرب السياحة التونسية من خلال عدم ذهاب الجزائريين لتونس وكذلك الليبيين اللذين توافدوا على الحبيبةتونس، وتحويل هؤلاء السياح إلى اليونان اللذي يعاني ويلات الأزمة ووضعت سياستها في المزاد، فأصبحت أوروبا لا تقوى على مداواة الاقتصاد اليوناني، فارادوا تحويل وجهة السياح الجزاءريين والليبيين إلى تلك الدولة الغلبة على أمرها.
    لكن هيهات هيهات فالجزاءر أخت تونس والتونسي أخي فنحن الجزاءريون لا نتخلى عن صلة الرحم المتمثلة في التونسيين والليبيين والمغاربة.
    موتوا بغيظكم يا أعداء أمة العرب والمسلمين.
    تحية مني لكل تونسي وليبي وعربي ومسلم
    عاشت الجزائر أبية حرة عصية علي الآوباش.
    والسلام على من اتبع الهدى.

  3. يقول فاطمة:

    اشكون ساركوزي

  4. يقول محمود DZ:

    قال تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]، وقال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].

  5. يقول مروان الجزائر:

    اشعر بالرضا عندما لايحبنا شخص كهدا…تحيا الاخوة الجزائرية التونسية

إشترك في قائمتنا البريدية