إعلام النظام يقود مصر إلى الهاوية… ومسؤولون من العصور الوسطى لوزارات القرن الواحد والعشرين

حجم الخط
3

القاهرة ـ «القدس العربي» : بالأمس رفعت صحف مصر وإعلام السلطة لافتة «الصبر مفتاح الفرج» أمام الجماهير التي باتت تواجه رياح الفقر وهواجس الإحساس بالانكسار والهزيمة على مشروع يولي وجهه شطر الغروب، إثر تقلص شعبية من صاغ الحلم وتعهد بتحقيقه. بالأمس أيقن إعلام السلطة الذي بدأ يتحسس موضع قدميه أن الغضب المتداول بين الناس لن يبدده المزيد من التقارير الملطفة «للجو»، فكان اللجوء لسلاح الصبر ودعوة المواطنين للتقشف والقبول بالقضاء والقدر، والثقة في قدرة النظام على تجاوز الازمة، هو البديل المناسب، حيث ارتدى أكثر من كاتب ثياب الزهاد والمتصوفة، وذهب يتحدث للقراء عن الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة، والرئيس الذي يصل الليل بالنهار كي يحقق لـ«نور عينيه» حياة ستحسدهم عليها شعوب المعمورة ..
بالأمس كان الحديث عن أهمية الزهد والقدرة على تجاوز العقبات شائعاً وكأن «المايسترو» قرر أن يجرب مع الجماهير أسلوباً جديداً بعد أن توالت التقارير التي تتحدث عن غضب يتزايد في المدن والقرى كافة، بسبب وحش الغلاء الذي يفترس الأغلبية الفقيرة، ما دفع بالعديد من مذيعي الفضائيات وبعض الكتاب إلى الاهتمام باستنفار المشاعر الدينية التي تصرف الإنسان نحو الآخرة وتذكرهم بالأنبياء والصالحين الذين صبروا على الجوع والحرمان طلباً لما هو خير وأبقى.
وتكررت سيرة نبي الله أيوب والبلاء القاسي الذي تعرض له، كما اهتم بعض الإعلاميين ودعاة النظام بتذكير المواطنين بسيرة يوسف، عليه السلام، الذي جنى ثمرة صبره، مشددين على اقتفاء أثره، غير أن تلك الأذرع الإعلامية للسلطة لا تدرك أنها ومعها السلطة في واد والجماهير في واد آخر، ترفع شعار الفنان الراحل علي الكسار « سلفني 3 جنيه». في صحف الأمس ازدهرت المعارك والشكاوى والتبرم من قبل الكثيرين لأسباب من بينها تردي الأوضاع وتخبط الحكومة في آدائها.

الإعلام جزء من الأزمة

الإعلام المصري جزء من الأزمة لا الحل، بهذه الحقيقة الصـادمة يحــذر عبد الله الـــســناوي في «الشروق» من خـطــورة الآلة الإعلامية الصماء التي يجندها النظام:
«هذه حقيقة لا يصح إنكارها أو الادعاء بعكسها، لقد تصدعت صورته وتقوضت الثقة فيه داخل مجتمعه قبل إقليمه وعالمه، كما لم يحدث في أي فترة سابقة. لا يمكن أن تتأكد أي صورة عن جهل مدقع ولا أي ثقة في صراخ ينتهك أبسط القواعد المهنية والأخلاقية، ويحجب أي فرصة لتبادل المعلومات والآراء بصورة طبيعية.عندما تسد قنوات الحوار المفتوح يرتفع منسوب الصدام في الظلام، فلا نعرف أين نحن بالضبط.. ولا إلى أين نحن ذاهبون؟ بقدر الانفتاح على الحوار بلا مصادرة تتأكد فرص بناء التوافقات الوطنية ويتماسك المجتمع على تصورات مشتركة لتجاوز أزماته المستحكمة، بدلا من أن تنفجر في جنباته ويعود مرة بعد أخرى إلى المربعات القديمة، وربما إلى ما هو أسوأ. حين تتناقض التعبئة الإعلامية مع الحقائق على الأرض فإن أثرها يلغى، كأي ادعاءات لا سند لها في الواقع، ويتحول صراخها إلى عبء لا يطاق على الحركة العامة للمجتمع.
باسم التعبئة انتهكت قوانين وتقاليد وأعراف من دون حساب أو عقاب، وكان ذلك من أسباب تراجع اعتبار الإعلام المصري على أي مستوى سياسي أو أخلاقي. في فحش الانتهاك تاهت الثقة العامة بين الأقدام، ويرى الكاتب أن أخطر ما يحدث الآن، والقصص شائعة ومعروفة، حيازة جهات في الدولة بطريقة غير مباشرة ملكية محطات فضائية خاصة أو الشراكة فيها، وتأسيس محطات أخرى بتصور أنها تضمن الهيمنة الإعلامية الكاملة. أخطر النتائج المنتظر إطلاق رصاص الرحمة على تلفزيون الدولة في «ماسبيرو» الذي ولد عملاقا بالمعنى الحرفي من حيث قوة النفوذ والدور ويؤكد السناوي أن الثورة عمل شعبي لا عملا إعلاميا».

الوصفة السحرية للنجاح

نتحول نحو أحد أبرز أنصار السيسي محمود مسلم في «الوطن»: «إن وجود السيسي على مقعد رئاسة مصر، يمثل فرصة حقيقية لإحداث تغيير جوهري في هذا البلد، يسير بالتدريج ويحافظ على ما تبقى من ثوابتها ويطوّرها، من دون أن يصطدم بمعتقداتها، لذا لم يكن غريباً أن ترتفع طموحات الناس وأحلامهم في عهد السيسي، رغم ما يواجهه الرجل من مؤامرات وتحديات. السيسي هو الرئيس المصري الأول الذي يعلم متى سيخرج من الرئاسة، وأن قرار استمراره لثمانى سنوات بيد الشعب المصري، وبالتالي فإن من تورّطوا في الحديث حول الولاية الثانية للسيسي، ساروا وراء أجندة الصحف الغربية، بينما الرجل لا يشغل نفسه سوى بتثبيت الدولة المصرية، وبناء المستقبل لأولادها. يتعامل السيسي مع منصبه كعبء، وليس كميزة، فلم يرصده أحد إلا مهموماً بالمشاكل، ومشغولاً بالملفات المختلفة، وساعياً شرقاً وغرباً لتحسين أوضاعها، وسط مؤامرات لا أعتقد أن مصر تعرضت لها في العصر الحديث.. فالكل يسعى إلى تحزيمه وتقييده كرمز لإرادة شعب تحرّك ورفض الانصياع، وتحرّر من الهيمنة، فقد تولى بلداً منهكاً، الكل يشك في الكل، ونخبته أسوأ ما فيه، والتنظيم الدولي للإخوان يبذل جهداً مضاعفاً لإنهاك الرجل. ويؤكد الكاتب: كنت وما زلت أرى أن السيسي أفضل من فينا للعبور بهذه المرحلة في منطقة تموج بالأحداث والتطورات والمؤامرات، وفي ظروف اقتصادية وإدارية صعبة حتى لو اختلفنا أو انتقدنا بعض سياساته، فالرجل لم يدّع أنه الأصوب في كل الملفات.. وأعتقد أن الكثيرين من الطيبين يتوسمون في السيسي الإخلاص والوطنية».

نواياهم خبيثة

أنصار السيسي لا يعدمون الحيلة في الدفاع عنه في وجه من يشككون في مشاريعه ويصفونها بالفاشلة. عمرو عبد السميع يتولى المهمة في «الأهرام»: «المجموعات التي يتحرك أفرادها في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للتشويش والشوشرة على مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، يعرفون كما أعرف أن ما يقولونه ادعاء ليس له ما يسنده، ولكنهم وجدوا في الأمر فرصة لتعزيز أجنداتهم السياسية، التي تناصب مشروع الرئيس عبدالفتاح السيسي العداء، هم يمارسون الاستعباط السياسي والتظاهر بعدم معرفة أهمية تلك العاصمة، لا بل ويفصلونها عن بقية الجملة التنموية التي تضمها مع عناصر أخرى تصنع مشهد ورؤية السيسي لمستقبل مصر. نحن نعيش على 7٪ من مساحة مصر، محشورين في حيز محدود ضيق من الأرض، ونحن نحتاج ـ اليوم قبل الغد ـ إلى إنشاء عدد من المدن الجديدة يكون كل منها ظهيرا لمحور من محاور التنمية، بالضبط كما أنشأت مصر منذ عهد السادات 22 مدينة جديدة استوعبت حتى الآن 5 ملايين نسمة.
العاصمة الإدارية الجديدة تنشأ لتكون ظهيرا إداريا لمشروع المستقبل في مصر، وأعني به قناة السويس الجديدة، كما أنها امتداد عمراني للقاهرة الجديدة، بالضبط مثلما ستصبح توشكى الجديدة والفرافرة الجديدة ظهيرا لمشروع زراعة مليون ونصف مليون فدان، وكما ستصبح العلمين الجديدة ظهيرا لمحور التنمية في الساحل الشمالي، وكما ستصير شرق بورسعيد دعما لمحور تنمية القناة هي والإسماعيلية الجديدة. ويتابع الكاتب: المتشاغلون والمتعامون عن خطورة التغيير الجغرافي الذي تحققه رؤية السيسي، يريدون التظاهر بعدم فهم طبيعة الاحتياج الضاغط الذي يفرضه التقسيم الإداري الجديد للدولة. يريدون أن تظل مصر قعيدة كسيحة».

«الناس لازم تتعلم الصبر»

إذا كان المصريون مطالبين بالصمود أمام الإجراءات الاقتصادية الصعبة على مدى العامين المقبلين على الأقل، فإن الحكومة مطالبة بتشجيعهم على الصبر ومنحهم الأمل في ضوء يأتي في نهاية النفق، كما يشير إبراهيم سنجاب في «الأهرام»: «ليس من المنطقي أن يستشعر الناس أن رفع معدلات الضرائب يستهدف الفقراء ومتوسطي الدخل دون الأثرياء، وأن ارتفاع أسعار كل شيء سيؤثر سلبيا على فئة دون فئة، وأن حيتان التجارة سيستمرون في تجارتهم القذرة. ما يزيد من إحساس الغالبية بالمرارة والحزن هو حالة بعض إعلامنا الذي يتناول فرض الضرائب وكأنها مطلب شعبي، في حين غابت عنه الموضوعية والحرفية في شرح الموقف الاقتصادي للناس، وتأكيد حالة الحصار الناعم الذي تتعرض له بلادنا من العدو والصديق وربما الشقيق. وليس من المنطقي أن يسمع الجوعى وزيرا يعتبر نفسه مضحيا لأن راتبه 30 ألف جنيه، أو يرون رجل أعمال يتألم لأن شركاته حققت أرباحا بالملايين فقط، أو يتابعون إعلاميين يصدعونهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم يقرأون عن الملايين التي يتقاضونها، بينما هم أمام كاميرا في استديو مكيف. فلا هذا ولا ذاك ولا هؤلاء أو غيرهم في نظر الناس يؤدون أعمالا جليلة أو مهام خارقة، ولو كان أداؤهم حسنا لما وصلنا إلى ما نحن فيه. والخلاصة أن المصريين قادرون على الصبر بل ربما هو حرفة الملايين منهم، ولكن لكي نتجاوز المرحلة المقبلة بثبات فلابد من فرض رقابة صارمة على أسعار السلع والخدمات وتحقيق الانضباط الحكومي والإبداع في مواجهة الفساد بجدية، ومع ذلك كله وقبله وضع استراتيجية إعلامية تضع الحقائق أمام الناس».

«يا ساقينا المر»

تتواصل الشهادات التي يحذر أصحابها من سقوط مصر في دائرة الإفلاس، المرشح الرئاسي حمدين صباحي رفض فكرة إنشاء صندوق «نقد مصر» لجمع أموال بوسعها أن تكون بديلاً عن قرض صندوق النقد، واشار بحسب «المصريون» إلى أن الشعب تجرع الدواء المر مُقدماً وقبل تسلم أولى دفعات قرض الصندوق، فلا يليق أبداً أن تأتي هذه المبادرة لتطالبه أيضاً بأن يتحمل هما جديدا فوق همومه، ليقوم بتدبير مبلغ الـ12 مليار دولار من أمواله الشحيحة، فيكون كمَن دفع الثمن مرتين، بسبب فشل الحكومات المتعاقبة، منذ أيام المخلوع مبارك حتى الآن، في مجابهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعيداً عن تكبيل البلاد بديون لا طائل من ورائها أي تنمية، بل تسهم في ترسيخ نمط اقتصادي بائس لا يعرف التنمية المستقلة والاستثمار في مشروعات إنتاجية تخلق فرص عمل في الصناعة والزراعة والخدمات وتكنولوجيا المعلومات». وتابع أنه في الوقت الذي يشجع فيه من حيث المبدأ منهج المبادرات نحو الاكتتاب الشعبي، إلا أنه يرفض استغلالها لتسديد ديون، وصفها بأن «الشعب لم يشارك بديمقراطية في قبولها، ولم يراقب بشفافية إنفاقها، ولم يستفد بعدالة من ثمارها». وذكر عدة إجراءات بديلة للاقتراض من الصندوق، بتغيير فلسفة إعداد الموازنة لتبديل نمط الاقتصاد من استهلاكي إلى تنموي».

«أفرم يا ريس»

الكثيرون أبدوا ندمهم على انتخاب السيسي، لكن منتصر فتحي في «الشروق» أحد القلائل الذين يدعمون الرئيس بل ويثنون على ما يقوم به من إجراءات لرفع الدعم عن الطاقة والعديد من السلع، وكذلك بالنسبة لقانون الأحوال المدنية: «أما زيادة أسعار الوقود والكهرباء فهي الخير كل الخير من الناحية الاقتصادية، فما لم تكن السلعة مقومة بالسعر الاقتصادي السليم يتم إهدارها بذخا أو إهمالا.
فبعد أن تتم حماية غير القادرين الذين يقفون باستهلاكهم عند الحدود الدنيا، فإن على باقي المستهلكين أن يدفعوا نظير ما يستهلكون من الكهرباء والوقود، لأنهم بما يستهلكون يعيشون في مستوى من الرفاهية غير متاح لباقي أفراد الشعب، والقول بغير ذلك يعني تراكم العجز في الميزانية، وتراكم الديون من أجل الاستمرار في تقديم دعم لا يصل منه إلى الفقراء إلا الفتات. أما دولة الموظفين ـ ويا لها من دولة ـ فإنها لا تكف عن طلب المزايا وعلى رأسها الزيادة السنوية الملموسة في الأجور، ولكنها لم تتوقف لتسأل هل أدت ما عليها، وهل يتناسب جهدها وإنجازها مع ما تتحمله ميزانية الدولة من النفقات، وهل الطبقة الوسطى التي تنتمى أكثر شرائحها إلى دول الموظفين طبقة مطحونة بحق، أم أنها تحصل على الجزء الأكبر من الإنفاق العام في صورة أجور ومعاشات، ودعم للغذاء والطاقة والكهرباء. على الرئيس أن يمضي في طريقه وفي مشروعاته، وفي التصفية النهائية للدعم وعجز الموازنة، وأن يثق في أن هناك الملايين ممن انتخبوه عن قناعة يدركون أن الطريق إلى المستقبل مفروش بالعمل والتضحيات معا، فالعمل بلا تضحيات يعني استمرار أوضاع خاطئة اقتصاديا واجتماعيا سوف تقصم في النهاية ظهر الاقتصاد، وتبدد كل ما يتم بناؤه. نعم لا بديل عن العمل بكل قوة والتحلي بكل الصبر الجميل».

لا تدفنوا الحقيقة

طالب السفير نبيل فهمي، وزير خارجية مصر السابق، الحكومة بدوام شرح تطورات ملف أزمة سد النهضة للمواطن المصري، مطالبًا إياها بفعل ذلك في كل الأمور المتعلقة بالأمن القومي للبلاد. وقال فهمي، خلال لقائه مع الإعلامي معتز عبد الفتاح، في برنامج «90 دقيقة»، على قناة «المحور»: «أشعر بقلق من ملف سد النهضة، وهذا القلق نشأ عن عدم وجود إجراءات بناء ثقة من الجانب الإثيوبي، تطمئن الجانبين المصري والسوداني تجاه هذا الملف، وتسود حالة من الخوف المتزايد بين المواطنين، خاصة المزارعين من أن يؤثر السد الإثيوبي على حصة مصر من المياه، ما يتسبب في عطش مائي لأكبر دولة عربية. كما تتعالى أصوات العديد من الخبراء والمهتمين بملف المياه بسبب ما اعتبروه الأداء الفاشل للحكومة في المفاوضات مع إثيوبيا».

السياسة حرام في البرلمان

المعارك ضد رئيس البرلمان في تزايد مطرد، إذ يرى فهمي هويدي في «الشروق»: « من المفارقات ذات الدلالة في مصر أننا كنا ــ وما زلنا ــ ندافع عن حق المعارضين في الوجود، لكننا أصبحنا الآن مضطرين إلى أن يكون للمؤيدين الحق ذاته! على الأقل ذلك ما تدل عليه  ممارسات رئيس البرلمان، الذي لا يتردد في قمع المؤيدين، لمجرد أنهم عبروا عن وجهة نظر، سواء مخالفة لرأيه هو، أو أن بينهم من وقع في المحظور وانتقد شيئا من ممارسات الحكومة. حتى إننا حين نلاحظ هدوء الأعصاب الذي يتعامل به المهندس شريف اسماعيل رئيس الحكومة مع المخالفين، والانفعال الذي يستسلم له الدكتور علي عبدالعال في مجلس النواب، يخيل للمرء أن الأول هو رئيس البرلمان والثاني هو رئيس الحكومة. مساء الأحد الماضي 28/8 حدثت واقعتان في مجلس النواب. في الأولى اشتبك اثنان من النواب في عراك تبادلا فيه بعض الألفاظ الجارحة. أما في الواقعة الثانية فقد عبر فيها أعضاء ائتلاف 25/30 عن اعتراضهم على تمرير قانون الضريبة المضافة، فانسحبوا من الجلسة وعقدوا مؤتمرا صحافيا أعلنوا فيه موقفهم، رد فعل رئيس المجلس الدكتور علي عبدالعال كان كالتالي: ربت على كتف الاثنين في الواقعة الأولى ودعاهما إلى الالتزام بحدود «الأدب» في تجاذبهما، أما الثانية فقد تعامل معها بأنها من قبيل «قلة الأدب» في السياسة. وقال إن الذين انسحبوا من الجلسة أرادوا هدم البرلمان وأعطى انطباعا بأن جهدهم هذا يسهم في هدم الدولة. وإذ توعدهم بالعقاب وبالإحالة إلى لجنة القيم لتأديبهم، فإنه قال منفعلا إنه لن يسمح باستمرار تلك الجهود الهدامة، وإنه سيدعو في نهاية الفصل التشريعي إلى جلسة سرية للبرلمان ليعرض على الأعضاء كمًّا من المعلومات الخطيرة للغاية، التي لم يشر إلى مضمونها، ولكن سياق الكلام أعطى انطباعا بأنها تتعلق بالسلوك التآمري لأعضاء الائتلاف سابق الذكر. ولم نفهم لماذا يؤجل ذلك إلى نهاية دورة الانعقاد، طالما أنها معلومات خطيرة للغاية، يفترض أنها ما لا يحتمل الانتظار».
موافقون .. «تمام يا أفندم»

الكاتب محمود خليل في «الوطن» مكتئب لأن البرلمان بصورته تلك بات شديد الشبه ببرلمانات المخلوع حسني مبارك: «أحال الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، أعضاء تكتل «25- 30»، إلى لجنة القيم في المجلس، والسبب في ذلك انسحابهم من الجلسة العامة، وعقدهم مؤتمراً صحافياً، لإعلان أسباب رفضهم قانون القيمة المضافة، واعتراضهم على عدم تفعيل التصويت الإلكتروني. حقيقة لا أجد أي منطقية في السبب الذي ارتكن إليه عبدالعال في تحويل هؤلاء الأعضاء إلى لجنة القيم. أليس من حقهم أن يكون لهم رأي، وهل يوجد منطق في حرمان نواب الشعب من التعبير عن آرائهم أو وجهة نظرهم في قانون، واعتبار أن «شغلتهم موافق». شغلتك موافق.. هل تذكرون كلمة «موافقة» أو كلمة «موافقون» التي كان يرددها فتحى سرور بعد التصويت على كل قانون، قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011؟ واضح أن رئيس النواب يهوى هذا النمط من الأداء، من دون إدراك لاختلاف المعادلة الزمنية، واختلاف الأشخاص.. وضع ما شئت من خطوط تحت عبارة «اختلاف الأشخاص» تلك. فكرة أن تكون نسبة الموافقة على كل قانون 99.9٪ فكرة لم تعد مناسبة للواقع، على العكس أجد أن إجماع النواب على قانون القيمة المضافة، على وجه التحديد، أمر أشبه بالخيال أو أحلام اليقظة، فالقانون سيؤدي إلى رفع أسعار قائمة طويلة من السلع، في وقت يشعر فيه الناس بضغط معيشي غير مسبوق، أنى لرئيس النواب أن يطلب من أعضاء مجلسه الموقر أن يجمعوا على الموافقة على قانون كهذا؟».

عاشق سلطة

ومن بين من هاجموا رئيس البرلمان أمس الإعلامي إبراهيم عيسى الذي انتقد أداء الدكتور علي عبد العال، بسبب إدارته لجلسات البرلمان. ووفقا لـ«التحرير» قال في برنامجه «مع إبراهيم عيسى»، الذي يعرض على فضائية «القاهرة والناس»، مساء الثلاثاء، أن «عبد العال لا يمتلك أي خبرة سياسية أو برلمانية، فهو كان عضوًا في الحزب الوطني، ليس بسبب إيمانه بعقيدة هذا الحزب، لكن من أجل السلطة والترقيات، ولكي يكون مرضيًا عنه من قبل الأجهزة الأمنية»، حسب قوله. وأضاف أن «عبد العال لا يمتلك أيضًا أي خبرة تنظيمية من أي نوع، فهو لم يعمل في أي جمعية سياسية أو حتى جمعية خيرية من قبل»، متابعًا: «انعدام الخبرة كانت نتيجته التوتر والصورة التي نراها الآن». وتابع «من يجلس على كرسي رئيس البرلمان يجب أن يكون شخصية قادرة على احتواء الأزمات وعدم تفجيرها، وأن تكون محايدة وموضوعية»، مضيفًا: «ولاء عبد العال مفضوح ومكشوف، فهو يفتقد حتى لكفاءة التمثيل». من جانبه أذاع الإعلامي وائل الإبراشي، فيديو للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، أثناء هجومه على برامج التوك شو التي تناقش قانون ضريبة القيمة المضافة، قائلًا: «رئيس البرلمان يقول إن الناس تنام بدءًا من العاشرة مساءً في إشارة بأنه يقصد أن الناس لا تشاهد برنامجي. وقال الإبراشي، في برنامج «العاشرة مساءً»، المذاع على فضائية «دريم» من يهدم الدولة هو من يخفي الأزمات، ويجمل الصورة حتى يستيقظ الناس على مصائب، ولكن يجب تسليط الضوء على المشاكل حتى تصل لرئيس الجمهورية، وصناع القرار، والحكومة، ولن ننحاز للحكومة أو الكتل النيابية في البرلمان التي أعادت إنتاج الحزب الوطني من جديد».

مكافأة أم إهانة؟

مكافأة مستحقة تُستحق بعد عشرين سنة، تُصرف للورثة، ويقوم عليها المجلس الحسبي، حسبي الله فيكم، يدعو حمدي رزق في «المصري اليوم» على وزير التعليم وقيادات الوزارة بسبب منح افضل مدرس جائزة مقدارها 30 جنيه : «هذه الشهادة إهانة للمعلم وإهانة للتعليم، إهانة لمن أفنوا أعمارهم في التعليم، وبريت أصابعهم من مسك الطباشير. يا ظلمة، ومؤجلين لسنة 2036، ربنا يدينا ويديكم طول عمر العمر، إذا ابتليتم فاستتروا، ولكن في هذه الوزارة من لا يستتر ولا يخجل ولا يحترم البشر، 30 جنيه حتة واحدة في شهادة واحدة، هذا كثير، كتير قوى على معلم مجيد، طالع الأول على 54 ألف مدرسة، ونعم التكريم. الوزارة لا تكرم بل تؤمن للمعلم المتفوق مستقبله، معنية بالمستقبل، لا تعطي المعلم أموالا سائلة في يده، ينفقها على القهوة أو يشتري بها سجاير، الوزارة تتحسب للزمن، لا تصرف مكافآت نقدا خشية على المعلمين من الإسراف، معلوم المال الكتير يعلم «البوظان»، تلفها في شهادة استثمار مطوية بضمان البنك، تُصرف بعد عشرين سنة. لو تعلمون، طبعا سيجد المعلم المجيد بعد العمر الطويل ثروة طائلة، شوف 30 جنيها كل جنيه ينطح جنيها في سعر الفائدة مخصوما منها نسبة التضخم السنوية، أضرب في عشرين سنة، وآه لو لعبت يا زهر وكسبت الشهادة في «اللوتارية» في زمن الملون، تحس إنك أمام فيلم عربي أبيض وأسود، رجعنا لأيام مدرسة القناعة كنز لا يفنى، وشرفنطح والأستاذ حمام نحن الزغاليل، زمان كانوا يسمون الجنيه الزغلول، قبل مرحلة الأرانب التي أعقبتها مرحلة الأفيال، والأرنب مليون والفيل مليار، معلوم جنيه الحكومة بألف مما تعدون، جنيه يعمر طويلا، عشرين سنة، جنيه لا يفنى ولا يستحدث من العدم. مكافأة التفوق ليست بقيمتها المادية، شهادة عادة تعلق في الصالون، هذا ما يسمونه قلة القيمة، وزارة تعيش في أيام الجنيه الجبس، وزارة تعيش ع الماضي وفي الماضي، من وقع هذه المكافأة لا يعيش بيننا، يعيش في زمن البيضة أم نكلة، ورطل اللحمة بسبعة قروش، مسؤولون من العصور الوسطى يحكمون وزارة في القرن الـ21؟».

حلم مؤجل

لازالت تجربة كمال أتاتورك في تركيا مصدر اهتمام الكتاب الذين يراهنون على أن تطور مصر مرهون بمدنيتها ومدى نجاحها في السير على منوال الأمم التي خاضت صراعا طويلا، حلمي نمنم في «المصري اليوم» احد التواقين لعبور مصر نحو مضمار الدولة العصرية: «في خريف سنة 1928، سافر إلى اسطنبول أحمد أمين، صاحب «فجر الإسلام»، كان في رحلة علمية للبحث عن بعض المخطوطات العربية، بترشيح من أحمد لطفي السيد رئيس الجامعة. كان أحمد أمين قد عُينَ، قبلها بعامين، مدرساً في كلية الآداب، دامت الرحلة أربعين يوماً، استغلها لزيارة بعض المدن التركية الأخرى، والتقى بالكثير من العلماء والباحثين والشخصيات العامة، في محاولة لفهم ما جرى، والانقلاب الكبير الذي أحدثه مصطفى كمال أتاتورك، رصد أحمد أمين وجود بعض الغاضبين والرافضين لما جرى، وإن شئنا الدقة العاجزين عن التأقلم مع الوضع الجديد، أما معظم الذين التقاهم فكانوا مرحبين ومتفائلين بمشروع أتاتورك، الذي تمرد تماماً على كل قوانين دولة الخلافة ونظمها الاجتماعية والسياسية، بل ألغى دولة الخلافة ذاتها. والنتيجة التي خرج بها، أن ما قام به أتاتورك من إسقاط دولة الخلافة، ومنح المرأة الكثير من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإحلال الدولة المدنية محل الدولة الدينية، سوف يستمر ويتواصل. في تلك اللحظة، كان الملك فؤاد الأول يحكم مصر، وأثار بعض المحيطين به شهيته لأن تتولى مصر إحياء دولة الخلافة، وأن يصبح هو خليفة المسلمين، ونجح الشيخ علي عبدالرازق في كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، ومن خلفه حزب الأحرار الدستوريين، في إجهاض ذلك الحلم، الذي لم تكن أمامه فرصة كبيرة للتحقق، لكن فئة محدودة من المصريين ظل يراودها الأمر، حتى بعد وفاة الملك فؤاد».

الشرطة تحتاج لشرطة!

كيف تحدث هذه الوقائع في مصر من دون أن تنقلب الدنيا رأسا على عقب ومن دون أن نرى ردا مناسبا من الجهات المعنية، يتساءل وائل السمري في «اليوم السابع»: «في غضون شهر واحد أعلنت وزارة الداخلية عن سرقة حوالي 90 ألف جنيه من مديرية أمن الإسكندرية، ثم سرقة ربع مليون جنيه من خزينة إدارة الحماية المدنية في العتبة، وهي الأموال التي كانت مخصصة لصرف رواتب بعض العاملين، ثم أعلن أمس عن سرقة 59 ألف جنيه من خزينة محكمة الحسنية، بينما أكد مصدر قضائي لموقع «اليوم السابع» أن تلك المحكمة تعرضت للسرقة 6 مرات في عامين، 4 مرات العام الماضي، ومرتين هذا العام! يا ضباط الشرطة يا أمن البلد، من يصلح الملح إذا الملح فسد؟ إلى من يلجأ المواطن العادي بعد اليوم؟ وكيف يطمئن الناس إلى مؤسسات الدولة التنفيذية إذا كانت المؤسسة المعنية بحماية المواطنين هي ذاتها بحاجة للحماية، لدرجة أن إحدى المؤسسات العدلية تعرضت للسرقة ست مرات في عامين؟ ثم كيف لم يفكر السيد رئيس مجلس الوزراء في أن تلك الأحداث المؤسفة خليقة بأن تشوه صورة الأمن في مصر في وقت نستجدى فيه العالم اعترافا بفاعلية الأمن المصري رغبة في كسر الحصار السياحي على مصر؟ للأسف المخطئ هنا واحد، والعقاب يشمل الجميع، وللأسف أيضا تشوه تلك الصورة السلبية المؤلمة جهودا جبارة يقوم بها رجال الشرطة».

من يكتب سيرة محفوظ؟

«اسم نجيب محفوظ سيظل يتردد بمناسبة ومن دون مناسبة لعقود طويلة مقبلة، فاليوم ذكرى رحيلة، وغدًا ذكرى رحيله، وبعد غد ذكرى حصوله على نوبل، وبعد بعد غد الذكرى المشؤومة للاعتداء عليه… والأسبوع المقبل تمر 69 عامًا على اشتغاله في السينما، وهكذا، فالرجل كما يشير ناصر عراق في «التحرير» صار أيقونة مصرية عابرة للقرون بامتياز، ولا أشك في أنه سيصبح مثل المتنبي في أدبنا العربي وشكسبير في الأدب العالمي. اسم ناصع مشرق، كلما اطلعت على رواياته انفتح لك باب جديد، ومع ذلك لم نستطع في مصر أن نعي معنى أن يكون بيننا مبدع عالمي بامتياز، تتنافس الدول الكبرى والصغرى على دراسة نصوصه واكتشاف مواهبه، ولك أن تعلم أن بعض رواياته مقررة على طلاب المدارس الثانوية في أمريكا على سبيل المثال! أجل… مرت عشرة أعوام على رحيل الرجل، ولم ندرك بعد القيمة الكبرى لنجيب محفوظ، فلم ننشئ له متحفا يليق به كما قررت الحكومة عقب وفاته مباشرة في 30 أغسطس/آب 2006، ولم نشيد له عدة تماثيل في أكثر من مدينة مصرية، واكتفينا بتمثال يتيم وضعناه في ميدان سفنكس بشكل غير لائق، فلم يلتفت إليه أحد. أما كتابة السيرة الذاتية للرجل، فتبدو كحلم مراوغ يستحيل الإمساك به، رغم أن العظماء في العالم تمتعوا بإقدام باحثين جادين على كتابة سيرهم الذاتية بعد رحيلهم، سواء انتمى هؤلاء العظماء إلى عالم السياسة والعسكرية، أو إلى عالم الأدب والعلم، لكن في بلدنا، لا نعرف القيمة الكبرى لكتابة سيرة ذاتية للموهوبين، رغم أنها المحاولة الجادة المهمة لاكتشاف سر العبقرية من جهة، ولأنها تلهم الأجيال الجديدة ليجتهدوا ويبتكروا ويكدوا لينالوا المجد الذي ناله صاحب السيرة من جهة أخرى».

إعلام النظام يقود مصر إلى الهاوية… ومسؤولون من العصور الوسطى لوزارات القرن الواحد والعشرين

من حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول sami:

    يدعوني اصدقائي المصريون الى زيارتهم في مصر وأقول لهم انني لا أشعر بالامان مع وجود رجال أمن لا يتورعون عن تلفيق القضايا بل حتى القتل لابناء شعبهم فما الذي يمنعهم ان يفعلوا ذلك معي , ورغم حبي لاصدقائي ارد واقول ساذهب لزيارة اي بلد في العالم غير مصر رغم عشقي لمصر …..لانني لا اشعر بالامان في مصر.

  2. يقول Moussalim Ali:

    .
    – الإعلام المصري يسيره حاليا المشتاقون بكآبة لعهد ما قبل ثورة الربيع .
    .
    – إنها مسألة مصالح مادية ( فلوسية ) ضخمة ، ولا علاقة لها مع مبدء تحرير الشعوب ودمقرتها .

  3. يقول حسن الحساني:

    قلتها ولا زلت بأن الشعب المصري لم يبدأ ربيعه بالفعل وما حدث في 25 يناير كما هو الحال في 30 يونيو ليس سوى تخطيط من عسكر مصر هدف 25 يناير كان التخلص من حسني مبارك الذي كان يحلم بتوريث الحكم و 30 يونيو للقضاء على ديمقراطية مصر الوليدة ولكن كانت ولادة زائفة وبالتالي التخلص من صداع الأخوان وزجهم في السجون ليواجهوا موتاً بطيئاً دون أي منافس لعسكر. أقول هذا لأن الشهب عندما يثور لا قوة تستطيع الوقوف في وجهه وأقرب مثال على ذلك ما حدث في تركيا بتاريخ 15 يوليو. لازالت شعوب الأمة العربية والإسلامية كلها بانتظار نهوض المارد المصري من سباته.

إشترك في قائمتنا البريدية