رام الله ـ «القدس العربي»: عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولليوم الثالث على التوالي أمس الأربعاء الى إغلاق كافة بوابات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، ما عدا باب المغاربة، الذي أبقته مفتوحاً لتسهيل اقتحام ودخول المستوطنين من المتطرفين إليه، فيما واصلت شرطة الاحتلال في المدينة المقدسة، فرض قيود مشددة على دخول المسجد، وفرضت حصاراً عسكرياً في محيط القدس العتيقة.
وأعلنت قيادة شرطة الاحتلال قراراً منعت بموجبه المواطنين ممن تقل أعمارهم عن الخمسين عاماً من دخول الأقصى، واتبعت أحياناً «المزاجية» ومنعت كافة الأعمار من الدخول إليه، بمن فيهم طلبة المدارس وطواقم الموظفين التابعين لدائرة الأوقاف الإسلامية.
وأخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقوة المواطنين المحتشدين قرب باب الأقصى، من جهة باب الأسباط، وأخرجتهم خارج سور القدس، في حين اعتصم عشرات المواطنين من القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في المنطقة، بالإضافة إلى حشود أخرى حول باب حطة، وباب السلسلة، في محاولة لفك الحصار عن الأقصى.
وعقب الإخلاء قامت مجموعات من المستوطنين بجولات في مرافق وباحات المسجد، وهو خالٍ من المصلين المسلمين، وحتى من العاملين فيه، محاولين أداء طقوس وشعائر تلمودية خاصة في باحات الأقصى، كما يفعلون منذ عدة أيام متتالية. وكانت قيادة منظمات الهيكل المزعوم أعلنت أنها ستنظم اقتحامات واسعة أمس الأربعاء للمسجد الأقصى، وإقامة «احتفالات» وشعائر تلمودية خاصة في ساحاته، لمناسبة اختتام «عيد المظلة»، أو العُرش».
قوات الاحتلال الإسرائيلي حاولت منع مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري من الدخول إلى المسجد الأقصى، إلا أنهما تمكنا من الدخول بعد مشادات كلامية، ومطالبات جماهيرية بإدخال الشيخين لصفتهما الدينية.
وبسبب هذه الإجراءات الإسرائيلية، ارتفعت حدة التوتر في محيط بوابات المسجد، حيث يتجمهر المدافعون عنه من الشباب والرجال والنساء، فيما نصبت فيه قوات الاحتلال حواجز عسكرية حديدية، وقامت بنشر المزيد من أفراد الشرطة ووحداتها الخاصة في الشوارع والطرقات والأزقة المؤدية إلى المسجد عبر البلدة القديمة. ونصرة للقدس والمسجد الأقصى فيها، نفذت القوى الوطنية والإسلامية، وقفة تضامن واحتجاج على دوار المنارة في مدينة رام الله في الضفة الغربية، نصرة للمرابطين في المسجد الأقصى الذين لا يتوقفون عن الدفاع عنه، واحتجاجاً على المستوطنين وقوات الاحتلال وإجراءاتها التي تحول دون وصول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى.
اشتباكات وإصابات
وأصيب 10 فلسطينيين و3 من أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي، في مواجهات اندلعت أمس في البلدة القديمة، بالقدس المحتلة. وأفاد شهود عيان أن «ما يزيد عن 10 فلسطينيين أصيبوا بجروح في مواجهات وقعت بين مصلين وقوات من الشرطة الإسرائيلية في عدة أحياء كباب الأسباط، وباب حطه، باب العامود، وشارع الواد، في البلدة القديمة». وفي تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، قال ميكي روزنفيلد، المتحدث باسم قوات الاحتلال: «أصيب 3 من عناصر الشرطة بجروح طفيفة بعد رشقهم بالحجارة في البلدة القديمة».
إعادة بناء المسجد المحروق
في السياق ذاته ، قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إن حكومته ستعيد ترميم مسجد أبو بكر الصديق، كما ستعيد بناء قطاع غزة، وأيِ جزء يستهدف من أرض الوطن، فعملية البناء والاعمار، محملة بالأمل وإرادة الحياة، ولن تثنينا اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، بل ستزيدنا عزيمة وإصراراً على الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا.
وشجب رئيس الوزراء باسم الرئيس محمود عباس والحكومة، خلال زيارته لمسجد أبو بكر الصديق في قرية عقربا، جريمة إحراقه من قبل المستوطنين،مؤكداً أن حكومة الاحتلال لم تحاسب المستوطنين أبداً على إرهابهم وتماديهم، بل أطلقت يدهم، وسمحت لهم بالقتل وحرق الأراضي وحصادها، والاعتداء على أبناء شعبنا وممتلكاتهم وحتى مساجدهم وكنائسهم، بل أن هذه الاعتداءات ترتكب بوجود جيش الاحتلال الإسرائيلي وتحت حمايته ورعايته أيضا.
وطالب الحمد الله المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ومنع استهداف مقدساته، فحق العبادة وممارسة الشعائر الدينية هو حق طبيعي مقدس في جميع الأحوال، وفلسطين التي طالما كانت حامية الأديان والحضارات والثقافات، تستحق أن تبقى كذلك، وأن يتم حماية وصون المقدسات على أرضها، كما وطالب العالم أجمع بالوقوف عند مسؤولياته لما يحدث في القدس من اعتداءات يومية بحق المقدسات، خاصة المسجد الأقصى الذي يتعرض لممارسات عنصرية من تقسيم مكاني وزماني وتضييق واعتداء على المصلين، ومنع الآلاف من أبناء شعبنا من الوصول إليه والصلاة في رحاب المدينة المقدسة.
وختم رئيس الوزراء حديثه بالقول «إسرائيل التي تنتهك كل يوم، بممارساتها العنصرية، وباحتلالها ومستوطنيها وجدرانها ومستوطناتها، القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وكل ما نزلت به الشرائع السماوية، وتحاول جر المنطقة إلى صراع ديني، لن تنجح في مسعاها، ولن تسقط حقنا التاريخي في أرضنا ومقدساتنا، ولن تكسر إرادة شعبنا في البقاء والصمود حتى الخلاص التام من الاحتلال الإسرائيلي».
فادي أبو سعدى