القاهرة ـ «القدس العربي» : منذ أن بدأ أعماله في مدينة شرم الشيخ في الرابع من الشهر الحالي، وأعمال مؤتمر الشباب العالمي وبحضور ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي تسيطر على معظم صفحات الصحف المصرية، وكذلك الأحاديث الصحافية والتلفزيونية التي أدلى بها الرئيس السيسي، خاصة ما يتعلق منها بما يقال عن تعديل الدستور، إما بزيادة مدة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات أو فتح المدد، وهو ما جدد السيسي رفضه الكامل والشديد له، وأعاد التأكيد على أنه لا تعديل للدستور مطلقا، وأنه ملتزم بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وأنه لن يبقى في مكانه ثانية واحدة، إذا رفضه الشعب وأراد غيره في مكانه، وأقسم بالله العظيم على ذلك ثلاث مرات.
كذلك أبدت الأغلبية اهتماما بالتطورات المتتالية في المملكة العربية السعودية، واهتمت قليلا باستقالة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري ولقاء شيخ الأزهر مع بابا الفاتيكان فرانسوا الثاني، على هامش حضوره مؤتمر الشرق والغرب، ثم تحولت كل فئة إلى ما يهمها فأعضاء الأندية الرياضية اهتموا بانتخابات رؤساء وأعضاء المجالس التي ستتم آخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. كما تواصل الاهتمام بفقدان النادي الأهلي بطولة إفريقيا بعد هزيمته من الوداد المغربي. وكذلك تواصل الاهتمام من عدد كبير من الصحافيين والكتاب بمهاجمة بريطانيا ورئيسة وزرائها تريزا ماي لاحتفالها بمئوية وعد بلفور. وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة..
انتخابات الرئاسة
وإلى انتخابات الرئاسة والحوار الذي أجرته شبكة تلفزيون «سي بي سي» مع الرئيس السيسي وأبرز ما قاله عن انتخابات الرئاسة نقلا عن «الأهرام»: «وحول الانتخابات الرئاسية المقبلة قال الرئيس السيسي «إننا نتحدث عن إطار زمني لعقد انتخابات الرئاسة المصرية خلال مارس/آذار، أو أبريل/نيسان المقبل. وأود أن أقول خلال هذه المقابلة أن هناك تطورا كبيرا للغاية في مصر، في ما يخص وضع الرئيس وما يجب أن نضعه في الاعتبار، أنه ليس هناك رئيس سوف يتولى السلطة بدون إرادة الشعب المصري، ولن يستطيع أيضا أن يواصل لفترة أخرى بدون إرادة هذا الشعب، وفي كلتا الحالتين فهى 8 سنوات، وأنا مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما 4 أعوام، مع عدم تغيير هذا النظام أقول إن لدينا دستورا جديدا الآن، وأنا لست مع إجراء أي تعديل في الدستور في هذه الفترة». وأضاف الرئيس «أن الدستور يمنح الحق للبرلمان وللرئيس في أن يطلبا إجراء تعديلات، وأنا لا أتحدث هنا عن فترات في منصب الرئاسة فهذه لن نتدخل فيها ولهذا لن يستطيع أي رئيس أن يظل في السلطة أكثر من الوقت الذي يسمح به الدستور والقانون، والشعب هو الذي سوف يقرر ذلك في النهاية ولا يناسبني كرئيس أن أجلس يوما واحدا ضد إرادة الشعب المصري، وهذا ليس مجرد كلام أقوله فقط أمام شاشات التلفزيون، فهذه قيم أعتنقها ومبادئ أنا حريص عليها، وأي رئيس يحترم شعبه ومبادئه لن يظل يوما واحدا في منصبه ضد إرادة شعبه» .وبشأن فرص الترشح لفترة رئاسية أخرى قال الرئيس «سوف أحترم نص الدستور المصري، الذي يسمح للرؤساء بشغل مناصبهم لفترتين فقط مدة الواحدة منهما أربع سنوات».
الحاجة لأكثر من مرشح
ولوحظ أن الصحف القومية والخاصة لم تشر إلى تقدم خالد علي للترشح أمام السيسي، في ما عدا صحيفة «المصري اليوم» التي واصلت اهتمامها به فنشرت في صفحتها السادسة تحقيقا لابتسام تعلب جاء فيه: «قال سيد عبدالعال رئيس حزب التجمع، إن الانتخابات تحتاج إلى أكثر من مرشح، خاصة بعد ضمان نزاهتها من خلال اللجنة العليا للانتخابات. وأضاف في تصريحات لـ«المصرى اليوم» أن الانتخابات الرئاسية تحتاج إلى تنافس وفقاً للرؤى والبرامج، وأن الناخب هو الذي سيختار في النهاية، وأضاف عبدالعال أن ترشح علي مبادرة جيدة يقدم من خلالها نفسه للناخبين كمرشح محتمل، مطالباً بأن يكون هذا الترشح بمثابة طاقة تفاؤل وأمل في الانتخابات وليس تشكيكا في نزاهتها وحيادية الأجهزة. مؤكدا على أن صندوق الانتخابات أصبح في يد أمينة، من خلال رقابة اللجنة العليا للانتخابات والناخب معا، ومن يريد الترشح فالساحة مفتوحة للجميع. متوقعاً وجود مرشحين آخرين للرئاسة لأن المناخ يساعد ويشجع من خلال الحيادية في إدارة العملية الانتخابية. ووصف عبدالعال قرار علي الترشح بالجريء، لكن فرص النجاح والفشل في يد الناخبين فقط وتحددها قدرته على إقناعهم واكتساب ثقتهم. وقال مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي إن كل المبادرات متاحة للترشح للرئاسة بشرط ضمان نزاهة العملية الانتخابية، ووجود فرص متكافئة للجميع، مضيفاً أن تيارات وأشخاصا عدة تطوعوا بإعلان دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي لفترة رئاسية أخرى، بل تطوعت مؤسسات دينية في الدعاية له، رغم أنه لم يعلن حتى الآن عن ترشحه، وهو أمر لا بد أن يتوقف حرصا على المساواة بين جميع المرشحين، لافتا إلى أنه في حال غياب أي من الضمانات اللازمة لنزاهة العملية الانتخابية فالانسحاب هو الحل، لأنها ستتحول إلى انتخابات حصرية وليست تنافسية، لافتا إلى أن خالد علي اختار خوض سباق صعب يبدأ بإقامة دعاوى ضده والمضايقات الأمنية وعدم القدرة على جمع التوكيلات اللازمة، لذا فهو يحتاج إلى تكتل سياسي خلفه. في سياق متصل أعلنت حملة المرشح المحتمل للرئاسة خالد علي مسودة مبدئية لملامح برنامجه الانتخابي التي تركز على مراجعة المشروعات القومية الكبرى الجاري تنفيذها أو التخطيط لها، بغرض التأكد من جدواها ومن عائدها على المواطنين وعلى الاقتصاد القومي، ورفع الحد الأدنى للأجور الحكومية إلى 2000 جنيه مصري، وربطه بمعدل التضخم، واستعادة الحد الأقصى للأجور كسياسة شاملة، بدون استثناءات وإقرار نظام عادل للضرائب التي يتحمل الفقراء والعاملون بأجر عبئها الأكبر، وذلك برفع حد الإعفاء الضريبب والأعباء العائلية. وأضاف البرنامج أن المرشح المحتمل سيسعى لزيادة نسبة الضريبة التصاعدية على الشرائح العليا، والتوقف عن سياسة خصخصة الشركات المملوكة للشعب، ووقف خطط إخضاع الخدمات العامة لمنطق وأرباح القطاع الخاص والبدء في تطبيق التأمين الصحي الشامل، وإسقاط كافة الديون الصغيرة على الفلاحين، ودخول الدولة كداعم للمستلزمات الزراعية، والإفراج عن المحبوسين احتياطيًا، الذين تخطوا المدد القانونية، وكذلك المحبوسين احتياطيًا بدون مبرر، وإصدار عفو رئاسي عن المحبوسين بمقتضى قانون التظاهر والقوانين المرتبطة به، ممن تمت محاكمتهم على خلفية احتجاجات سلمية عمالية أو سياسية».
السيد البابلي: نأمل في برامج انتخابية
ذات قيمة وتأثير
وإذا كانت «المصري اليوم» الوحيدة التي تغطي أنشطة وتحركات خالد علي فقد كانت صحيفة «الجمهورية» القومية أول من اهتم أيضا بذلك، ولكن لمهاجمته كما فعل أمس الأربعاء السيد البابلي بقوله عنه في بابه «رؤى»: «بدأ خالد علي حملته الانتخابية كما كان متوقعاً أيضاً بهجوم على وزارة الداخلية، والادعاء بأن قوات الشرطة قد داهمت المطبعة التي تقوم بتجهيز أوراق دعائية لحملته الانتخابية. ولا ينتظر من خالد علي في الفترة المقبلة إلا المزيد من المحاولات والوسائل لادعاء تعرضه للظلم وعدم حصوله على حقوقه كاملة في الدعاية والظهور الإعلامي، ولن نعلق كثيراً على فرص خالد علي في سباق الانتخابات الرئاسية فهو وحده القادر على تحديد موقفه ومركزه الانتخابي، وإن كنا بالطبع لا نرى أنه الشخص المناسب لخوض انتخابات لرئاسة مصر، ولكننا نتحدث عما يمكن أن يضيفه خالد علي للمعركة الانتخابية من التركيز على إثارة قضايا مجتمعية بدلاً من محاولات التشويش والمزايدات التي تدخل في نطاق المراهقة السياسية. إننا نحترم كل من يتقدم لخوض السباق الرئاسي وندعو إلى التعامل مع أفكاره وبرامجه، بدون التركيز على ماضيه وأخطائه ونأمل في هذا أن نستمع إلى برامج انتخابية ذات قيمة وتأثير تساعد في طرح خطط واقعية لمشكلاتنا وأزماتنا بعيداً عن أسلوب التهييج والإثارة الذي يذكرنا بما يكتب على مواقع الاجتماعي من نقد متواصل وسخرية متلاحقة، بدون تقديم حلول أو بدائل».
مؤتمر الشباب العالمي
وإلى أبرز ما دار في مؤتمر الشباب العالمي وقول الرئيس السيسي عن قرارات الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه نقلا عن «اليوم السابع»: «أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أنه راهن على وعي المصريين في تجاوز الإجراءات الاقتصادية : «لما عملت الإجراءات الاقتصادية راهنت على وعي المصريين، رغم أن الوزراء في الحكومة كلهم كانوا بيقولوا لي بلاش، لكني قلت لهم لو فضلنا ساكتين هنضيع». وأوضح الرئيس قائلا: «الفكرة والمعضلة هنا لو اتحركنا تزعلوا ولما تزعلوا تتحركوا، فلما تتحركوا تلخبطوا فلما تلخبطوا تهدوا البلد، ولو ما اتحركناش هنفضل عاجزين وتحسوا بالعجز والقلة فتتحركوا وتهدوا البلد، يعني في جميع الحالات متتحركش». وقال الرئيس إن أي أمة تستطيع أن تتغلب على تحدياتها مضيفًا: «أتصور أنه لو كان فيه مكاشفة بين قيادة الدولة والشعب وما فيش حاجة اسمها أمن قومي هاقول للمصريين كل شيء» معربا عن ثقته في وعي وذكاء الشعب المصري».
الهروب من الموت إلى الموت
احتلت قضية الهجرة غير الشرعية، ومعها قضية اللاجئين، أهمية غير تقليدية في منتدى الشباب العالمي في شرم الشيخ، في اليوم الثاني حسبما يرى ذلك عباس الطرابيلي في «المصري اليوم» ليس لأننا – نحن كل المصريين – نعاني منها هنا، ولكن لأن العالم كله يعاني، وأعطيت لهذا الموضوع اهتماماً خاصاً، لأسباب عديدة. مثلاً هناك هجرة لا يريدها الناس، ولكنها يجب أن تتم لأسباب أمنية، وأخرى حربية، وهذه وتلك هجرة مؤقتة مرهونة باستمرار وزوال أسبابها.. منها ما حدث عندنا في بورسعيد ومدن القناة، أكثر من مرة، بسبب الحروب «الحرب العالمية الثانية» والعدوان الثلاثي. ومنها ما نتج بسبب حرب 67 وإلى أن نصل إلى حرب 1973، ولهذا السبب عرفت شعوب غيرنا هذه الهجرة بسبب الحروب.. ومنها ما يحدث بسبب إجراءات أمنية كما جرى في الماضي والحاضر الحالي، من تهجير أبناء منطقة رفح المصرية وما هو غربها إلى حد ما، بسبب العمليات العسكرية لمواجهة مخاطر الإرهاب في شمال شرق سيناء. ولكن العالم غيرنا عرف أنواعاً من التهجير القسري، أي الإجباري، بسبب النزاعات الدينية والعرقية والجنسية، كما وجدنا ذلك في بوروندي منذ سنوات قريبة.. وكما نرى الآن من هجرات وهروب جماعي من مسلمى الروهينجا في جنوب شرق آسيا.. وهي من أشد الهجرات التي قامت بسبب ديني. ولا ننسى هنا ما حدث، ولا يزال، في جنوب السودان. وهناك تهجير – وبالملايين – بسبب الإرهاب والعنف والعمليات العسكرية، وأبرزها ما جرى في العراق وسوريا وليبيا واليمن، بسبب إرهاب الدواعش، ثم ما يقع في الصومال منذ سنوات عديدة، وما عرفته أوروبا في منطقة البلقان بسبب العرقيات، وبالذات في البوسنة. كان كل هؤلاء يحاولون الهروب من الموت، ولو إلى الموت نفسه، أي بسبب الرغبة في الحياة، يجازفون ولو تعرضوا لفقدان الحياة، أيضاً. ولكن من أبرز أسباب الهجرة ما عرفته البشرية – عبر تاريخها- من بحث عن تحسين الأوضاع المعيشية.. هجرات جماعية حملت شعوباً بأكملها للهجرة، ولكن الأكثر بشاعة ما يجري الآن من هجرات من قلب قارة إفريقيا إلى الشمال، وهو ما يعرف الآن بالهجرة إلى أوروبا، ومصر هنا أحد أهم المعابر لتحقيق حلم الحياة الأفضل، في أوروبا، حتى ولو وقعوا فى يد تجار البشر.. أو ماتوا دون أن يتحقق حلمهم في الوصول إلى الشاطئ الأوروبي، ولا نعرف كم منهم مات غريقاً.. أو راح ضحية لوحوش البحر من أسماك، فضلاً عن وحوش البشر. وكل ذلك بحثاً عن الحياة الأفضل. وبين ممثلي شباب العالم، وفي قاعة أسوان وأبوسمبل، جلست أتابع ما يجري، وكانت هناك الوزيرة النشيطة، السفيرة نبيلة مكرم، التي عاشت تجارب مريرة مع هجرة الأطفال والشباب من مصر إلى الساحل الإيطالي.. وأيضاً ممثلون للأشقاء التوانسة، الذين رووا حكايات ولا الخيال.. وأشقاء من سوريا – الغالية علينا – وكيف وجدوا في مصر أفضل رعاية، لأنها سمحت لهم بالحياة بين أشقائهم، وكانت مصر هي الدولة الوحيدة التي لم تسمح بإقامة خيمة واحدة.. بل عاملتهم كمواطنين مصريين، وهم كذلك. وتحدث وزير الشباب في بوروندي ليروي واحدة من أبشع الهجرات بين الخلافات العرقية.. ولا ننسى هنا هجرات لأسباب دينية كما حدث في شبه القارة الهندية، بين الهند وباكستان، ولكن الأبشع هو أن نجد من الشباب من يذهب بنفسه إلى الدواعش طلباً للعمل والمزايا، وهذه فجرتها مندوبة تونس.. وكيف أن هناك آباء وأمهات دفعوا بأولادهم للانضمام إلى الدواعش.. ومنهم من حارب في الموصل.. وفي الرقة. الخلاصة هي أن الجوع كافر.. والبحث عن حياة أفضل هو ما يدفع بعض الأمهات إلى تشجيع أولادهم على الانضمام إلى الدواعش.. وهذا أخطر ما في قضايا الهجرة.. ولم أصدق ما سمعت، ولكنها الحقيقة».
بعد عام من التعويم
لكن استاذ الاقتصاد والعميد السابق في كلية التجارة في جامعة السادات الدكتور صفوت قابيل كان له أمس مقال في «الشروق» عنوانه «ماذا حدث للمصريين بعد عام من التعويم» هاجم فيه القرار قائلا: «انقضى عام على حدث من أهم الأحداث الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال العقود الماضية، حيث أقدمت السلطة الحاكمة على تعويم الجنيه في سبيل الحصول على قرض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي؛ لعلاج الخلل المزمن في موازنتها المالية، وما نتج عن ذلك من تداعيات كان أهمها الارتفاع المتتالي لكل الأسعار، خاصة مع إقدام الحكومة على زيادة أسعار المنتجات البترولية والكهرباء والمياه. وفي المجتمعات الرشيدة لا بد من دراسة آثار هذه السياسات ومدى صحة التوقعات عن النتائج المستهدفة من هذه السياسات، وليس مجرد إطلاق التصريحات عن تأخر هذه القرارات ثم عن نجاح الإصلاح الاقتصادي الذى تطلب هذه القرارات، وسنحاول أن نرصد آثار هذا التعويم على المواطن. الأثر المباشر لتعويم الجنيه كان بالطبع انخفاض قيمة الجنيه وتدهور القدرة الشرائية له حيث احتاج المواطن لأكثر من الضعف للنقود لكي يشترى ما كان يشتريه قبل التعويم، وبالتالي حدث خلل كبير في العلاقة بين الدخل والأسعار، فقد انهار النظام الذي كان يربط بين الأجور والأسعار، حيث يتحدد الأجر وفقا للمستوى العام للأسعار وحجم الدعم الذي يحصل عليه المواطن، وهو ما أدى إلى انخفاض مستوى المعيشة لكل المواطنين، وهو ما أدى إلى ما يلي: وقع المواطن المصري المطحون بين شقى الرحى، فالحكومة من ناحية تزيد أسعار الخدمات والسلع البترولية وتؤدي سياساتها إلى خلق أزمات في السلع الأساسية «السكر والأرز مثلا»، ومن ناحية أخرى يفرض المنتجون الكبار زيادات مستمرة في أسعار السلع التي يعتاش عليها المواطن، ونتيجة لهذه الضغوط التي يتعرض لها المواطن الفقير، فقد انعكس ذلك على التغيرات في أنماط الاستهلاك، حيث التحول إلى السلع الأقل سعرا وكل حسب قدراته، فهناك من تحول لاستهلاك هياكل الطيور بدلا من شراء دجاجة، وارتفع الاستهلاك من النشويات والبقول بديلا للبروتين الحيواني، خاصة مع ارتفاع أسعار الأسماك، وهو ما يؤدي إلى ضعف الصحة العامة، وانتشار ظاهرة التقزم بين الأطفال «لاحظ اتجاه أطوال غالبية المصريين إلى قصر القامة»، ونتيجة لانخفاض القيمة الشرائية للنقود انخفضت كمية سلع الغذاء والحرص على بواقي الطعام، وقد يكون هذا أحد السلوكيات السليمة التي عرفناها نتيجة ضيق ذات اليد. وفي غير المأكل أدى انخفاض القوة الشرائية للدخل النقدي إلى خفض الاستهلاك من كل السلع والخدمات مثل، الملابس والترفيه ما أدى إلى شيوع حالة من القنوط والكآبة بين المصريين، تلاحظها في تكشيرة الوجوه وسرعة الانفعال والرد العنيف على الآخرين فلم نعد نحتمل بعضنا بعضا والحديث الوحيد على لسان الجميع هو كيف يوفر أدنى الاحتياجات في ظل هذا الغلاء الذي لا ينتهي».
خبر صادم
«الخبر الذي صدم جمال سلطان في «المصريون» كان تلك الحملة الأمنية التي قامت بها وزارة الداخلية من أجل ملاحقة باعة لعبة «البندول» التي انتشرت مؤخرا بين الأطفال والمراهقين، لبساطتها وسعرها البسيط، كما أنها تستخدم أحيانا من الكبار لتخفيف التوتر، وهي لعبة بسيطة للغاية ولا تحمل أي رمزية لأي شيء، وهي ليست جديدة على كل حال، الحملة الأمنية المكبرة على باعة لعبة أطفال كانت مدهشة للغاية، ومثيرة للنكات والتعليقات الساخرة، وهي تستحق كل ذلك بدون شك، ويبدو أن «التهمة» لم تكن محددة عند الحملة، فقالوا في البداية إنها مراعاة للآداب العامة، وكان التوصيف بالغ الغرابة، فما دخل الآداب العامة في تلك اللعبة العادية جدا، ثم تطورت التهمة إلى القول بأنها تشكل إزعاجا لبعض المواطنين، وتهديدا للسلام الاجتماعي، أو كلام من هذا القبيل، وحتى الآن لا أعرف إلى أين وصلت التهمة، ولا ما هو وجه الاتهام المحدد الذي وجهته النيابة العامة للباعة المقبوض عليهم، وإن كنت أجزم أن النيابة سوف تطلق سراحهم جميعا وبدون ضمانات، لأن الاتهام أقرب للهزل. مشكلة لعبة «البندول» الوحيدة أن بعض الناشطين وآخرين من الذين يقضون أوقات فراغهم يتسلون على شبكات التواصل الاجتماعي، أطلقوا على تلك اللعبة اسما سوقيا يحمل تلميحا غير لائق لرئيس الجمهورية، وحمل الأمر على جانب الهزل والمزاح والكوميديا، غير أن الحملة الأمنية ستحول هذا المزاح والهزل إلى كوميديا سوداء حقيقية، أن يصل مستوى الفزع والتوتر لدى الدولة وأجهزتها إلى هذا الحد، أو إلى هذا المستوى، كما أن هذه الحملة، أيا كان من أمر بها، ستعطي الانطباع البديهي عن توتر النظام وقلقه ولا أقول ضعفه، وخوفه من «خياله» كما يقول العامة في أمثالهم، وبدون أدنى شك فإن الدلالة السياسية لهذه العملية بالغة السوء على النظام السياسي بكامله. الخطير في تلك الواقعة أنه يمكن أن تعطي «مقياسا» لكل مشتغل بالهم العام، السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، على «سقف» المتاح في البلد للنشاط العام، وعلى مستوى التوتر والعصبية لدى أجهزة الدولة في التعامل مع الشأن العام، فإذا كانت الحكومة تفزع من لعبة أطفال لمجرد أن بعض المازحين أطلق عليها اسما سوقيا، وتقرر مصادرة اللعبة ومنع بيعها والقبض على باعتها، فكيف هو حالها أو «سقفها» مع المعارضة السياسية الجادة، أو التي تملك القدرة على إحراج النظام أو مزاحمته، كما أن تلك الواقعة تطرح شكا واسعا في قدرة النظام على احتماله إدارة انتخابات رئاسية حرة وشفافة، وفيها فرص متعادلة أو حتى متقاربة بين المرشحين، هل قلت انتخابات رئاسية؟ أبدا، ولا حتى انتخابات مجالس محلية، فبهذا المستوى الذي صدمنا أمس لا يمكن تصور احتمال السلطة لأي منافسة أو مضايقة أو نشاط عام تراه خصما من رصيدها أو تهديدا لوجودها. مصادرة لعبة أطفال تجعلنا أكثر فهما لقرارات بعض الجهات الغامضة وغير المعروفة حتى الآن، مصادرة أو حجب المواقع الإخبارية، التي وصلت إلى أكثر من ثلاثمئة موقع حاليا، بعضها مواقع تتعلق بكرة القدم، ربما رأى فيها هذا «الجهبذ» أنها تهدد الأمن القومي، أو ربما وجدها منحازة للأهلي وهو من مشجعي الزمالك، أو العكس، أي والله، يمكنك أن تتصور الأمور عند هذا المستوى، لقد صادروا لعبة أطفال واعتبروها مهددة للسلام الاجتماعي، هل تتخيل!».
الكنيسة الأرثوذكسية
وبمناسبة دور أشقائنا الأقباط وأغلبيتهم الساحقة تنتمي إلى المذهب الارثوذكسي فقد وجه إليهم روبير الفارس أمس الأربعاء في «الدستور» نقدا شديدا بسبب تكفيرهم لباقي الطوائف المسيحية مخالفين في ذلك تعاليم السيد المسيح، وقال تحت عنوان «نصلي من أجل الحيوان ولا نصلي من أجل البروتستانت» وأن بوليس الرسول قال في رسالته إلى أهل كورنثوس نقلا عن السيد المسيح عليه السلام: «إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليست لي محبة فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن، وإن كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليست لي محبة فلست شيئًا.
وإن أطعمت كل أموالي وإن سلمت جسدي حتى أحترق ولكن ليست لي محبة فلا أنتفع شيئًا».
حديث قوي معبر لا نجد له أي صدى في الصلوات الأرثوذكسية التي تطلب وتقيم صلوات لأجل الأرثوذكس فقط، وهو أمر يتكرر في مذاهب الأديان الأخرى، التي تصلى من أجل أتباعها، بل يدعو البعض على أصحاب الأديان الأخرى، كما نسمع في خطب الجمعة عند المسلمين دعوات ضد اليهود والمسيحيين.
الغريب أنك تجد صلوات الكنيسة الأرثوذكسية متسعة لتشمل الماء والحيوانات لكن أصحاب الطوائف الأخرى أو جميع المسيحيين فلا. فها هو الكاهن الأرثوذكسي يقول في صلاته من أجل السلام في «القداس الإلهي» ما يلي: «وأيضًا فلنسأل الله الضابط الكل أبا ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح نسأل ونطلبُ من صلاحك يا محب البشر أذكر يا رب سلام كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية». فيرد الشماس عليه قائلًا: «صلوا من أجل سلام الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية كنيسة الله الأرثوذكسية». وفي الطلبة التي تقال في صلوات «أسبوع الآلام» يقول الكاهن: «صلوا واطلبوا عن هذا المسكن وكل مساكن وأديرة الشعوب الأرثوذكسيين في البراري والشيوخ السكان فيها وعن طمأنينة كل العالم معًا لكي يحفظنا الرب إلهنا وإياهم من كل سوء ومن كل شر ويغفر لنا خطايانا». ويضيف «صلوا واطلبوا عن آبائنا المطارنة والأساقفة الأرثوذكسيين بكل مكان والقمامصة والقسوس والشمامسة وكل طغمات الكنيسة لكي يحفظهم المسيح إلهنا ويقويهم ويغفر لنا خطايانا صلوا واطلبوا عن اجتماعنا هذا وكل اجتماع الشعوب الأرثوذكسيين لكي يباركهم الرب إلهنا، ويكلمهم بسلام ويغفر لنا خطايانا». هذه النصوص تعبر عن فكر أحادي لا يذكر الآخر رغم أنه القريب بالمحبة الذي من من المفترض أن يكون أصحاب المذاهب المسيحية والطوائف المغايرة من بروتستانت وكاثوليك، فما بالنا لو طلبنا فعليًا الصلاة من أجل الأعداء أو أصحاب الأديان الأخرى من مسلمين ويهود ليذكرهم الرب محب البشر، كما تدعوه الكنيسة لينير عيونهم ويفتح أذهانهم ويهبهم السلامة حقًا ما أبعد وصايا الإنجيل عن رجال الدين أصحاب الحق الواحد والعين الواحدة».
شادية
وإلى أبرز ما نشر عن الفنانة شادية وكان للكاتب مكاوي سعيد أمس الأربعاء في الصفحة الثانية من «المصري اليوم» تحت عنوان «خوفا من العفريت»: «التفكير في الفنانة شادية يثير في النفس مشاعر متضاربة فرغم عدم ارتياحي من اعتزالها الفن وهي في ذروة نضوجها واكتمالها، خاصة وقد فعلت هذا بدون أن تستشير مَن أحبوها ورفعوها لأعلى درجات المجد الفني إلا أنني في الوقت نفسه لا أنكر عليها حقها في اختيار نوع الحياة الذي يروقها، وفيه تجد سلامها وراحتها، ولكن في ما يخص شادية فإن الحديث لا ينتهي عند هذا الحد فهذه فنانة أحبها الناس، لكنهم اتخذوا منها مواقف غاية في الغرابة والاضطراب، فلو أنك سألت عنها أي عابر سبيل في الشارع لأمطرك بعشرات الأسباب لحب شادية، وكل أغنية لها تصلح سبباً لهذا الحب هناك مَن سيتذكر لوعته وهو يعيش معها أغنية: «إن راح منك يا عين» ومَن ستلمع عيناه بالفرح متذكراً: «على عش الحب» ومَن ستغض الطرف حياء مع أغنية: «مكسوفة منك» كما سيكون هناك مَن تتمدد عروقه وهو يذكر: «أقوى من الزمان» و«يا حبيبتي يا مصر» و«يا أم الصابرين» ستجد كل الناس تحب شادية من أول أفلامها مع إسماعيل يس وشكوكو ومحمد فوزي وكمال الشناوي حتى أفلامها مع صلاح ذوالفقار ومحمود ياسين ويسرا وحسين فهمي، كل الناس ستدعو لها بالرحمة والمغفرة على قدر ما أسعدت الناس.
يمكنك أن تتقدم خطوة وتسأل عشاق فن شادية عن رأيهم في قرار اعتزالها بعد أن أقنعها أحد الشيوخ بأن الفن حرام وهنا سيهولك أن معظم الذين أحبوا فنها وأكبروا موهبتها سيرحبون بقرار اعتزالها الفن وهجرها دنيا الفسق والرذيلة ما هذا يا قوم؟ أعقلاء أنتم أم بكم مس من الشيطان؟ كيف تهيمون حباً بالفنانة شادية وتكون أغنياتها الجميلة مصاحبة لأيامكم الحلو منها والمر وكيف تتخذونها مرآة عاكسة لمشاعر الحب واللوعة والمرارة التي عشتموها وكيف تفيض أعينكم بالدمع وأنتم ترددون معها: «دي نجوم دي ولا شموع ولا/ الدنيا بيا بتتسلى؟» كيف كل هذا بينما ترون أنها أحسنت عندما اعتزلت وغادرت كل ما أحببتموه فيها؟ هنا نصل إلى النزاع النفسي داخل الإنسان المصري بين حبه للحياة والفن والخير والبهجة وبين خوفه من الشيوخ ورعبه من وعيدهم وهلعه مما ينتظره في الآخرة، لو أنه استجاب لفطرته السليمة فأقبل على السينما والمسرح والمتاحف والمعارض. هذه هي قصة شادية وقصتنا معها هي مثلنا تحب الفن ولم تقدم طوال حياتها ما يُخجل أو يشين، لكن الشيخ أفزعها وأرعبها وأقنعها بأن الإله يرفض كل ما قدمت فخافت وابتعدت».
حسنين كروم
يواصل الكبير حسنين كروم إمتاعنا بجولته الشيقة في الصحافة المصرية، وقد أحسن إذ نقل عن الرئيسي السيسي أنه أعاد التأكيد على أنه لا تعديل للدستور مطلقا، وأنه ملتزم بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وأنه لن يبقى في مكانه ثانية واحدة، إذا رفضه الشعب وأراد غيره في مكانه، وأقسم بالله العظيم على ذلك ثلاث مرات، وبذلك يكون الرئيس قد أخرس ألسنة أرامل التنظيم الإرهابي. شكرا للكبير كروم.