■ كل سنة تنتعش المكتبات الغربية بكتب تكشف الجوانب الإنسانية للكاتب، وهذا ما يزيد من شغف الناس لاختيار الكتاب رفيقا للسفر، أو للسهرات الهادئة، أو للعطل القصيرة، أو لملء الوقت خلال مسافة الطريق بين البيت والعمل، وطبعا هو الشغف نفسه الذي يربط أي شخص عادي بكاتب أو شاعر عظيم، ويفتح شهيته للقراءة بتجدد مستمر.
ففي النهاية يجب أن يكون هناك سبب عقلاني ومقنع يربط بشكل متين بين الكتاب والقارئ. وهذا الرّابط إن لم تكن فيه مصلحة ـ مثل الكتاب المدرسي – فيجب أن تكون شيئا آخر أكثر إثارة من المصلحة!
رصد الأنا القارئة لنفسها، أو رصد مطبّات الكاتب التي تنسف بكل ما كتبه على سبيل المثال، كانت هدفا جليلا للقارئ حين تصبح مادة الكتاب مادته المفضلة لتشريحها.
ألم يتلذذ الفرنسيون بقراءة غراميات بلزاك مثلا، هو الذي قال إن «في الحياة الزوجية دائما شخصا يعاني وآخر يقتله الملل» ولكنه حين تزوّج حبيبته هانسكا ظلّ مخدّرا بحضورها ستة أشهر وهو لا يغادر الفراش، وهذا بعد أن حفيت قدماه ـ على قولنا نحن العرب ـ أربعة عشر عاما وهو يركض خلفها للزواج بها.
هذا في حدّ ذاته خبر يحرِّك شهوة الفضول لدى القارئ للبحث عن كتاب غرامياته، فقد كانت ولا تزال الحياة الخاصّة للكُتَّاب أكثر إثارة من نصوصهم، وما البحث في كواليس حياتهم غير دافع تسويقي محض لمادتهم الأدبية، فأحيانا ينتهي الكاتب بعد كتابه الأول، إذ يكرر نفسه في كل يليه، إلاّ إذا فتح ذخائر ماضيه وخزانته السرية للملأ.
و كثر هم الكتاب الذين عملوا جاهدين لإطلاق إشاعات تغذي أدبهم الرّاكد في الأسواق، لكنها أبدا لم تنجح كما تنجح الأسرار اللذيذة التي عاشوها عبر علاقات حب، أليس الحب في النهاية هو ما يوجه الكاتب نحو عبقريته، وهو الذي بغيابه يطفئها؟ إنّه سر عجيب بُرمِجت عليه النفس البشرية، لكن الأعظم أن تبرمج عليه أسواق بأكملها تدر على أصحابها مبالغ طائلة، ونحن هنا لا نتحدث عن تجار الذهب والألماز والأحجار الكريمة، إنّما نتحدث عن الكتب…!
ولكم أن تقولوا «يا لحقارة الورق» لكن متى ما التحم الورق والحبر في علاقة حب، لن يبقَ الورق ورقا، ولا الحبر مجرّد حبر…
أكثر من ثلاثة وعشرين ألفا وستمئة رسالة كتبها فيكتور هيغو لعشيقته جولييت درويت، أي أكثر بكثير مما كتبه لزوجته، والرجل هنا لم يختلف عن غيره من الرّجال، ولم يبتكر شيئا خارقا حين حجز كل امرأة بالطريقة التي تناسبها لتسخر نفسها لخدمة الجانب النرجسي فيه، خدمت الزوجة الزوج، وخدمت العشيقات معبد الكتابة، فظلت توقد نيرانه الشعلة تلو الأخرى حتى انتهين …
أمّا هذه المحاكمة المقتضبة التي عبّرتُ بها عن وجهة نظري، فهي شرحٌ مُبَسّط لما يدفع الناس لقراءة مثل هذه الكتب جيلا عن جيلا، كل قارئ في الحقيقة لديه محكمته الخاصة، والتي لا تظهر للعيان بوضوح، فعند قراءة حكاية «البؤساء» على سبيل المثال، فتلك متابعة لمحكمة الكاتب أما المحكمة التي يرافع فيها القارئ بسلطة تعادل سلطة الكاتب فهي التي يكون فيها الكاتب شخصية في كتاب، حين تنقلب الأدوار بشكل خطير جدا، وتتهشم قدسية «الكاتب الرّمز» فيعادل في حضوره ذاك القارئ، هذا الأخير الذي وحده يقرر أن يُبقِي كاتبه في مكانة مرموقة أو يدفنه حيا..!
الشعور بالتحكم بزمام الأمور في هذه الحالة هو ما يبهج القارئ أكثر. أو لنسمها « متعة السلطة» وتبادل الأدوار، فالفوقانية التي يمارسها الكاتب على قارئه، قد تجعل الأسوار عالية بينهما، ما يجعل الكاتب ينتهي مثل الملك الملعون الذي يحكم مملكة فارغة… ولعلّ هذا ما نعيشه بالضبط في العالم العربي، وعاشه كتاب الغرب في قرون مضت، فكلما ارتدى الكاتب عباءة التقديس كلما حصره النّاس في صومعة بعيدة، والنهايات في الغالب في هذه الحالة تكون وخيمة.
هل كسر الكاتب هو ما يمتع القارئ حسب هذه المعطيات؟ طبعا لا، فما قصدته هو كسر الهالة المصطنعة حوله…
في كتب السيرة الذاتية لمشاهير الأدب برزت الزيجات الفاشلة، والخيانات الصاعقة، وقصص الحب الغريبة، والميول الشاذة، وحب المال والتسلط، والهروب من الدائنين، والفقر، والإدمان، والعذابات المختلفة التي تراكمت وأنتجت في النهاية هذا الأديب أو ذاك. وهذا هو المطلوب.
تحديدا السر في كشف الجانب الإنساني للأديب بحسناته وسيئاته هو ما يقرّب الأدب للناس، عنف همنغواي، وإدمان سارتر، والحياة الخفية لماركيز، وغيرها من أمور تبقى في عتمة الزوايا البعيدة عن الأنظار لدى مشاهير الأدب وغير الأدب، لغاية إلهية نجهلها، فربما هي الجمرة التي تبقى متقدة تحت الرماد، لتعيد إحياء شعلة النص بعد مئة عام، أو مئتين، أو ثلاث وأكثر.
الشاعر الكولومبي آلفارو موتيس قال: «للإنسان حياة عامة، وحياة خاصة، وحياة سرية» وغالبا كل حيواته تلك إن لم تنكشف قبل موته فإنها تنكشف بعده، والفصل الحاسم منها هو تلك الحياة التي عاشها بسلام في مخبأ ما بعيدا عن أعين الفضوليين.
ففيما تهمنا الحياة العامة؟ للكاتب أو لغيره؟
الكُتّاب أمام الملأ لديهم حياة مملّة، ولعلّهم في مجتمعنا يتشابهون في أشياء كثيرة بدون قصد منهم، وغالبا ما يحافظون على تلك الصورة النّمطية اللصيقة بهم، وهي صورة «الأستاذ المحترم» أبو بدلة وربطة عنق، أو الشخص المسالم المهمل في مظهره، والذي قلّما يزور الحلاّق، مستملحا شعره المنفوش الذي يتقزز منه أكثر من يراه…
كل هؤلاء يخفون إمبراطوريتهم السرية في مكان ما، إلى أن تطفو على السطح فجأة لسبب أو لآخر، ومهما كان الحرص والإحكام على إخفائها وحمايتها، يحدث ما لم يكن في الحسبان ويتم العثور على أقفالها، هذه الإمبراطورية هي الكنز الثمين الذي يصنع الكاتب مجددا، ويقدمه بوجه مختلف لجمهوره، وهذا ما نتردد كثيرا لكشفه، يبدو لنا في الغالب أن «أخطاء» الكاتب تقلل من قيمته أكثر مما تزيدها، وأن ما اجتهد في إخفائه لا يستحق الذكر إلا في المجالس الخاصة وثرثرات المقاهي، لقد فصلنا دوما بين الكاتب والإنسان، مع سبق الإصرار والتّرصُّد، واعتبرنا الكاتب أهم بكثير من الإنسان، حتى اعتقد الكاتب نفسه أن حياته لا معنى لها سوى بما يكتبه، يتحدد عمره بعدد كتبه، وتتقلص أهميته حسب المكانة التي يمنحها له الإعلام، في خلال هذه الدوامة ينسى تماما أن عالمه السري هو موطن ذخيرته ومؤونته ومنبت ثماره، وهو إن لم يمض في هذا الاتجاه، قابضا على حيواته الثلاث فإنّه سينتهي كما تنتهي القطط والكلاب والحشرات وباقي كائنات الله …
وجب التنبيه أن إمبراطورية الشغف هذه لا تتحقق للمبتذلين مهما حاولوا …!
شاعرة وإعلامية من البحرين
بروين حبيب
يادكتورة بروين سواء أكانت للكاتب حياته العامة أوالخاصة أوالسريّة أوما بينهما من إمبراطورية الأسرار…ليس هذا المهم في الكاتب الحقيقيّ بل المهم والأهمّ هي القيم التي تترشح عن ثقافة وفكرومواقف الكاتب ؛ فهي التي ستبقى.شكسبير رحل في عام 1616 للميلاد ؛ إلا أنّ مسرحياته ظلّت من بعده حيّة في القيم الفنية والإنسانية ؛ والتي لا تزال تعرض في مسارح الغداة ؛ أمام النظارة بشغف كأنها قد كتبت طازجة للتو….مع المودّة.
اتمتع بقراءة ما تكتبين يا اخت بروين , ولكن لي سؤال ؟ لماذا هذا التأثر الجامح بسلوكيات الغربيين وكتاباتهم وحكمتهم و…و… سيرات عشقهم !!! السنا نحن العرب وانتِ واحدة منهم جديرين ان نأخذ عشق البعض واسرار هذا العشق موضع بحث وعظة ومعرفة بما جرى لهؤلاء العشاق (قيس, وعنترة , وكثير , وجميل ,ومجنون ليلى ومجنون لبنة وابن زيدون وولادة بنت المستكفي,وابو نواس وابو العتاهية) وكثيرون..كثيرون غيرهم ؟! اليس من حقنا نحن قراء العربية معرفة اسرار هؤلاء, قبل المعرفة عن عنف همنغواي، وإدمان سارتر، والحياة الخفية لماركيز،؟؟!!
انها لفتة نظر من انسان محب لكاتبة جهبذية قذة ليس الا… والسلام.
للكاتب المغربي الراحل محمد شكري رواية بعنوان ” زمن الاخطاء ” وهي تتمة
–
لسيرته الذاتية الشهيرة “الخبز الحافي ” وكلا النصين كشف لأسرار امبراطورية
–
الرجل و تعريتها و بقيامه بمهة الفضح لأخطاء كان هو جزء منها عبر سيرته الذاتية
–
نال شكري بها ما لم ينله “مجنون الورد ” حتى و ان تفوقت مجموعته القصصية تلك
–
جماليا و فنيا عن خبزه الحافي ومن هنا يتضح ان اخطاء الكاتب ليست دائما مدعاة للتقليل
–
مدعاة للتقليل من قيمته
–
تحياتي
–
‘ كتاب طوَّق الحمامة ”
ويعتبر واحداً من أشهر الكتب التي تناولت موضوع الحب عبر التاريخ. وقد اكتسب شهرةً واسعة وتُرجم إلى عدة لغات في المشرق والمغرب. ألَّفه ابن حزم الأندلسي – أحد أشهر علماء وفقهاء عصره في الأندلس – قبل حوالي ألف عام نزولاً عند رغبة صديقٍ محب طلب منه أن يصنف له “رسالةً في صفة الحب ومعانيه وأسبابه وأعراضه، وما يقع فيه وله
على سبيل الحقيقة.” وهذا يدفع إلى أذهاننا
التساؤل الأول – هل من الممكن فعلاً
أن يُعرّف الحب وتُقسّم معانيه وأعراضه وأنواعه
والمشاعر المتعلقة به
وأن يصنف في كتاب أو رسالة ؟
أعترافات ..!
جان بول سارتر لبوافر – ليال أسير
وأيضا جان لوك روسو – فولتير .. الخ
السؤال : هل هناك أعترفات لأمثال هؤلاء الفلاسفة والكتابَ من العرب ؟
الشيخ امام وتحولاته القومية إلى السخرية
من الانتصارات الوهمية العربية !!
اودت به إلى السجن المؤبد انآك :
رحمة الله عليه وعلى رفيق دربه الشاعر أحمد فؤاد نجم ؛
**
دنا عمري ما اخاف من هجرك يوم
ولا قلبي بيفرح ونا وياك
وان كان أمل العشاق القرب
وأنا أملي ف حبك
هو الحب
وان غبت سنه
أنا برضه أنا
لا اقدر أنساك
ولا لي غنا
ولا اتوب عن حبك انا
أنا لا اتمنيت
ولا قلت يا ريت
ولا بعدك عني
جعلني سليت
دنا كل منايا أدوق اللوم
ويقولوا علي الناس
حبيت ،،
الشيخ امام / أنا أتوب عن حبك ،