إيران تظهر تذمرها من القمة الخليجية وتعقد مؤتمرا موازيا في طهران

حجم الخط
22

لندن – «القدس العربي»: لدى العراق دور مفصلي وأساسي في بناء مشروع إيران الطائفي التوسعي بطابع قومي فارسي منذ انتصار الثورة في عام 1979، وبعد مرور عام واحد فقط من انتصارها. ولتنفيذ المشروع الذي أطلق الخميني عليه تسمية «تصدير الثورة الإسلامية»، أمر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آنذاك، بتحديد خرائط استقرار جيش العراق حتى 100 كيلو متر داخل العمق العراقي. وفي تصريحاته النارية التي خُصِّص لها العنوان الرئيسي لصحيفة «كيهان» في 19 نيسان/أبريل 1980، وصف الخميني الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، بـ «الفارغ من العقل والملعون الذي يريد إرجاع الأمة الإسلامية إلى عصر الجاهلية!»، وطالب الجيش العراقي بالثورة والوقوف ضده. هذه الاستفزازات وغيرها من تصرفات مماثلة أخرى تسببت في اندلاع الحرب بين إيران والعراق.
الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله في عام 2003 لم يتسبب فقط في زيادة مستوى الأمن الوطني الإيراني، بل أخرج حكام طهران من عزلتهم وعزز الدور الإقليمي الإيراني بشكل متزايد وكبير، وتحول العراق إلى نقطة انطلاق قوية لتصبح إيران قوة إقليمية بعيدة المنال بدعم من «الشيطان الأكبر».
حققت «الدولة الإسلامية» بدعم كبير من الجيش العراقي السابق التي تم انحلاله من قبل حكومة الاحتلال الأمريكي في بغداد عام 2003، انتصارات كبيرة في العراق واربكت السياسة الخارجية الإيرانية والسفارة العملاقة الأمريكية في بغداد، وتحول «التنسيق السري الإيراني الأمريكي» إلى «تعاون وثيق عسكري وجلي المعالم بين قوات فيلق القدس المصنفة على القائمة الأمريكية لداعمين الأرهاب من جهة وجيش الولايات المتحدة من جهة أخرى»، فضلاً عن المغازلات والتنسيق اللدبلوماسي والسياسي بين واشنطن وطهران. بحيث أصبح تحالف محاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة داعماً أساسياً لاستعراضات قوات الحرس الثوري والميليشيات الطائفية الموالية لطهران على أرض الواقع، وخرجت بعض الدول من هذا التحالف بشكل عملي.
وأعربت إيران عن تخوفها العميق من الانتصارات التي حققتها قوات «الدولة الإسلامية» في العراق مرات عديدة وأعلنت أنها ستبذل كل جهدها وإمكانياتها العسكرية لمحاربتها. واعتبر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، في لقائه الأخير مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن أمن العراق له دور استراتيجي لإيران، وصرح، «لا يمكن فصل أمن واستقرار العراق عن أمن واستقرار إيران والمنطقة، وتعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمن العراق من أمنها».
وفي حين أن مجلس التعاون الخليج العربي في قمته الأخيرة في الدوحة أعلن أنه سيتم إنشاء قوة خليجية بحرية تحمل اسم «قوة الواجب البحري الموحدة 81»، وشرطة خليجية مشتركة ومقرها أبو ظبي، ووضعت قمة الدوحة خططا حاسمة لإنهاء أزمة الخلافات بين الأعضاء وحدوث تطور نوعي نحو تحقيق الإتحاد الخليجي، لكن إيران أظهرت انزعاجها الكبير من إعادة وحدة صف البيت الخليجي عبر إقامتها لمؤتمرات موازية ومتزامنة في قم وطهران، وتصعيد دعايتها الكاذبة حول تواجد جذور الأرهاب في دول الخليج العربي ودعم هذه الدول له. فضلاً عن إظهار المخاوف الكبيرة الإيرانية لنتائج قمة الدوحة، تكشف هذه الدعاية المخطط المستقبلي لحكام طهران ضد دول مجلس التعاون الخليجي عبر نشر الفتنة الطائفية وتحرير الحرمين الشريفين كما تروج له التيارات المتشددة في قم وطهران.
وتضخم بعض وسائل الإعلام الغربية بعض انتصارات قوات فيلق القدس والميليشيات الطائفية الموالية لإيران في العراق، وتطلق أوصافا إيجابية على الشعائر الدينية الشيعية في العراق كما يفعل الإعلام الإيراني، فعلى سبيل المثال، وصف موقع «هافتينغتون بست» الأمريكي مراسم أربعين الحسين بن علي بأنها «أكبر وأعظم اجتماع ديني في العالم»، وكتب «إذا كنت تريد أن تعرف الإسلام الحقيقي، إذهب إلى العراق وشارك في مراسم الأربعين، لأنها مراسم القيم والمعايير والأنماط»، وطالب إدراج هذه المراسم في كتاب الأرقام القياسية كأكبر اجتماع بشري.
وكتبت صحيفة «الإنديبندنت» البريطانية أن «البرنامج النووي الإيراني أو الحرس الثوري أو المشروع التوسعي الإيراني» لا يعتبر «المشكلة الكبيرة منذ فترة زمنية طويلة» وعلى وجه التحديد عندما كان أكبر غاز في المنطقة «مسلما سنيا» أي صدام حسين. وأكدت الصحيفة أن «أزمة علاقاتنا مع إيران» هي حول «الدور الجيو- استراتيجي المستقبلي للشعب الإيراني في الشرق الأوسط ومنطقة جنوب شرق آسيا»، وذكرت أن «التطرف السني» حول إيران إلى «مريم العذراء».
تحاول إيران عبر الدعاية إنشاء تحالف ثلاثي إيراني عراقي سوري منع أي تدخل بري عسكري عربي في العراق وتفادي تأثيراته اللاحقة على حليفها في دمشق أي بشار الأسد. والكل يعرف هذا التحالف الثلاثي ليس جديداً عكس ما تروج له وسائل الإعلام الإيرانية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، يلعب هادي العامري وهو وزير النقل والمواصلات في الحكومة العراقية وأحد ضباط الحرس الثوري الإيراني وأحد أتباع خامنئي الراسخين في العراق، دور قائد الجيش العراقي بشكل عملي.
والأهم من الدعاية الإيرانية بشأن هذا الائتلاف، تحاول طهران عبر إعطاء طابع سياسي ودبلوماسي معترف به دولياً لصياغة تحالف مع الحكومة العراقية ونظام بشار الأسد، يخرج دمشق من أهداف التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب في المنطقة. ووفق تحليل وتخطيط حكام طهران، كسب الاعتراف الدولي والرسمي لهذا التحالف الثلاثي سيضمن بقاء نظام بشار الأسد على المدى البعيد ويمهد الأرضية إلى انخراطه في ترتيبات الأمنية في المنطقة. ويدعم «الشيطان الأكبر» الخطة الإيرانية في هذا الصدد ورفض نائب رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، المطالب التركية لاستهداف نظام الأسد. وأفادت صحيفة «الرأي» الكويتية نقلاً عن دبلوماسيين أوروبيين، «اشترط نائب الرئيس الأمريكي الحصول على موافقة إيران لإنشاء أية مناطق آمنة في سوريا رداً على مطالب الحكومة التركية، وقال جو بايدن إن البيت الأبيض لا يحاول القيام بأي مبادرة قد تفسد المفاوضات النووية مع إيران، ولهذا الدليل تعارض إنشاء هكذا مناطق في سوريا لأنها تسبب عدم رضاء الإيرانيين».
ومن جانب آخر، بدأت إيران تحركا دبلوماسيا واسعا نحو دول منطقتي القوقاز وآسيا الوسطى، وأول دولة التي فتحت سياستها بهذا المجال تجاه إيران، هي إحدى الدول المقربة لإسرائيل أي جمهورية أذربيجان، مع تواجد عدة ملفات ساخنة وخلافات كبيرة وقديمة بين طهران وباكو. واقترحت إيران مشروعا مهما واستراتيجيا وهو ربط سكة الحديد بين قوقاز وأسيا الوسطى عبر إيران، والقى ترحيباً من بعض الدول في المنطقتين.
وتسعى إيران عبر العزف على وتر القومية الفارسية والمشتركات التاريخية واللغوية مع بعض دول أسيا الوسطى كأفغانستان وطاجيكستان، لبناء تحالف آخر وهده المرة على أساس قومي. وشدد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على الماضي الثقافي والتاريخي والديني واللغوي المشترك بين الشعبين الإيراني والطاجيكي في لقاءه مع مساعد وزير الخارجية الطاجيكي، نظام الدين شمس الدين زاهدي، على هامش مؤتمر «العالم ضد العنف والتطرف» في طهران، وأعرب عن أمله في عقد لقاء ثلاثي بين وزراء خارجية إيران وطاجيكستان وافغانستان.
وصممت إيران إطار أمنها القومي ومشروعها التوسعي على أساس السيطرة الكاملة على مقدرات العراق. وتحوّل العراق إلى منصة مستقرة ومطمئنة لحكام طهران للمزيد من الاختراقات في الدول والشعوب العربية وزج عملاءها في الإعلام والمؤسسات العربية. وتحاول إيران أن تستغل أزمة الإرهاب في المنطقة ومحاربتها، وأن تحوّلها إلى نقطة دعم لدفع مشروعها التوسعي الطائفي إلى أمام وبدعم كامل وواضح من الولايات المتحدة الأمريكية، كما فعلتا الدولتان قبل وبعد حرب احتلال العراق في عام 2003. ولو أن يكون ثمنها حصد أرواح أكثر من 3 ملايين عراقي وتدمير البنية التحتية البشرية والاقتصادية حتى الآن.

محمد المذحجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد العربي:

    من بيته من زجاج عليه ان لايقذف الناس بالحجاره !

  2. يقول حميد:

    تحية للجمهورية الاسلامية الايرانية من جزاءري

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    تقرير قيم وتحليل واقعي للأمور
    سؤالي هو ماذا استفاد شيعة العراق من ايران غير الخراب
    فلم يبنى شيئ يذكر والكهرباء والماء والمواصلات من سيئ لأسوأ

    طبعا عدا الفساد والاعتقال والتعذيب والاغتصاب والقتل والتشريد ووو

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول ساميه سوادي (سوريا):

    سؤال إلى الجميع: كم أيراني قتل دفاعاً عن القـــــــدس؟ … الجواب معروف “صفر” ………….. كم أيراني قتل في حروب أيران ضد الــــعرب؟ … الجواب “مئـــــات الألـــــــــوف”

  5. يقول الدكتور أحمد نظام الدين ـ بلغاريا:

    عندما ترسل الزعامة الشيعية المذهبية مئات الآلاف من شيعة إيران لقتل الشيعة ولإبادة مدنهم في العراق ولخراب أراضيهم وممتلكاتهم وقتل أبنائهم ونسائهم، وتصر على هذا الأمر بلا رحمة ولا شفقة، وتريد بعد ذلك أن تضم شيعة العراق إلى ممتلكاتها، وتمارس في سبيل ذلك كل أساليب القسوة، فماذا يعني هذا غير تلك العنصرية التي تمارس في قتل الشيعة على حساب الشيعة، وعندما ترسل الزعامة الروحية المذهبية آلافا من شيعة إيران إلى لبنان لكي تقتل الشيعة اللبنانيين وتدمر مدنهم وقراهم لكي تبسط السطوة الشيعية عليهم على حساب الشيعة، يوضح هذا درجة العنصرية الشديدة التي تمارسها الزعامة المذهبية الشيعية في إيران ضد الشيعة خارج إيران. وعندما ترسل الزعامة المذهبية عشرات الآلاف من الشيعة إلى باكستان وإلى الهند لكي تمارس سطوتها وسلطتها المذهبية على شيعة تلك البلاد بالقوة والمال، فهذا يعني ما كان يجب علينا توضيحه للرأي الشيعي العالمي. وأقول لهم: يا شيعة العالم استيقظوا، وعندما ترسل الزعامة المذهبية الشيعية الإيرانية عشرات الآلاف من شيعة إيران إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة تتخذ من سذاجة الشيعة المجتمعين في البيت الطاهر أداة لإقحامهم في التظاهرات المؤدية لغرض الفساد والشغب وتتخذ من شيعة العالم ستارا ودرعا تختفي وراءها وتقحمهم في أمر لا ناقة لهم فيه ولا جمل، فيعني هذا أن العنصرية تلعب دورا قويا في جعل الشيعة غير الإيرانيين كبش فداء لأغراض الزعامة المذهبية الشيعية» . وما تفعله إيران اليوم في سوريا أعظم. ومثال للعنصرية الفارسية

  6. يقول الموت القادم من الشرق / الاردن:

    عقلية حكام الخليج هي من قربت ايران الى الهدف.مقال بسم البدن لما يتمعن القادم

  7. يقول asç:

    اللهم ياربنا وياولينابحق دم الحسين وبحق الدموع التى جرى للجسين اغفر لنا ولعشاق الحسين

  8. يقول بومحسن:

    إيران بلد إسلامي وجار يهمه مصلحة المنطقة وله الحق الكامل أن يدافع عن المنطقة العربية وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق واليمن نحن إيران على مواقفها.

  9. يقول R. Ali USA:

    انصح دول الخليج العربي بعدم محاربة “الدولة” لكي تكون شوكة في ايران وعملاءها

  10. يقول ماجد الشامي:

    بإذن الله سنشهد إنهيار الاقتصاد الايراني و النظام الايراني .

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية