لم يكن تراجع الرئيس دونالد ترامب، عن اتفاق سلفه أوباما النووي الإيراني، والذي شاركت به أيضاً مجموعة (5 + 1) عام 2015، المرفوض إسرائيلياً، إلا بهدف جر إيران لاتفاقيات جديدة، بشأن أسلحتها البالستية الصاروخية، وسياساتها الخارجية التوسعية بالمنطقة، وقد لمح الرئيس حسن روحاني بالموافقة على ذلك.
نحن إذن قد نكون على عتبة مفاوضات جديدة، ليس على البرنامج النووي، والذي لم يعد موجوداً، ولكن على موضوع جديد، هو السياسات الخارجية لإيران ونوعية تسليحها التقليدي.
برأينا أن النظام الإيراني لم يقرأ جيداً السياسة الأمريكية الإسرائيلية منذ البدء، وارتكب بذلك حماقات عدة، أدت إلى الوضع الراهن.
– أولا: هو أصلاً دخول إيران بمشروع نووي، في عالم تسيطر عليه قوى عظمى لن تقبل بذلك، وتُرينا التطورات الجديدة في كوريا الشمالية، وما سبق وحدث في ليبيا القذافي، وتفكيك ترسانة الأسلحة النووية لجنوب أفريقيا، المؤشر الأقوى والدليل الأبرز على ذلك.
– ثانياً: إن المال والجهد اللذين بُذلا لذلك، ذهبا أدراج الرياح، بدل تطوير البُنى التحتية للدولة الإيرانية، وتوفير فرص العمل لأبنائها ومحاربة الفقر، هكذا سياسة ما زالت مستمرة، عن طريق الحروب الخارجية المُكلفة، وخصوصاً بعد التراجع عن المشروع النووي، معمقة التناقضات الداخلية في إيران.
– ثالثاً: إن الظن بأن الاتفاق الموقع مع الدول الغربية والصين وروسيا بفينا، سيُعيد إيران إلى وضعها السابق، قبل البرنامج النووي، هو خطأ واضح، لأن أمريكا وإسرائيل، لا تهدفان فقط إلى إعادة إيران إلى نقطة الصفر، وإنما إلى أكبر مسافة ممكنة تحت الصفر، كما حدث مع صدام حسين في العراق.
– رابعاً، الاعتقاد بإمكان تطوير إيران، لبرنامج تسليح تقليدي وبالستي صاروخي، للتعويض عن المشروع النووي، وهو ما رأينا نتائجه في سوريا واليمن ولبنان، الاعتقاد أن هذا مسموح به، بنص الاتفاق النووي الإيراني، كان تصوراً خاطئاً. المُعضلة بنظام ديكتاتوريي الملالي، أنه لا يعي ما تخطط له إسرائيل وأمريكا لإيران على المدى الطويل، وهو العودة للتحالف مع إسرائيل، كما حدث زمن الشاه، مع أو بدون النظام الحالي.
لن يُفيد إيران شيئاً تحالفها مع روسيا، وأظهر بوتين تقارباً أكبر مع إسرائيل، وسكوتاً تاماً عن كل ما تفعله ضد إيران في سوريا، مليون مواطن روسي في إسرائيل، ومنهم وزير الدفاع الحالي، هم ضمان حلف قوي بين الدولتين.
أما التواجد العسكري خارج حدودها لدولة مثل إيران، بدون حلفاء أقوياء يدعمونها، هو مصيدة لتشتيت قواها، وإهدار طاقاتها، وليس عنوان قوة.
إسرائيل وأمريكا تضعان سياسات للتنفيذ التدريجي، وليس حلولاً لمشاكل تعترضهما في المنطقة، وهما تُغيران الواقع ليتناسب مع سياساتهما بالهيمنة، وأي اتفاق يوقعانه، هو ضمن هذا المفهوم والإطار، لهذا لم يؤد أي اتفاق بين إسرائيل مثلاً والفلسطينيين، إلا إلى ضياع أكبر لأراضيهم وحقوقهم، ولم يحل لهم أي مشكلة. الاتفاقيات بالمنظور الأمريكي الإسرائيلي، هي وسيلة لتنفيذ سياسات مرسومة مُسبقاً، وليس لحل أي إشكالية مع أي طرف.
ليس المطلوب حل مشكلة البرنامج النووي أو البالستي الإيراني، كما يتصور النظام، والذي لن يُسمَح بهما مطلقاً، وإنما كما تُخطِطُ له سياسات نتنياهو، الارتماء بأحضان إسرائيل، والمشاركة بحصار الوطن العربي، خصوصاُ بعد اندلاع حركات شعبية واسعة، والرفض الدائم المستمر للشعوب العربية للانفتاح وتقبل إسرائيل والتعامل معها، وما يُشكله ذلك من خطر وجودي، ولو بعيد المدى لهذا الكيان.
المطلوب إذن أن تقبل إيران بهذا التحالف كثمن لرفع الحصار، وهذا ليس بالمستحيل، عندما نرى كيف تتصرف الأنظمة الديكتاتورية الفاقدة للشرعية الشعبية لاستمرار وجودها، فهي مستعدة لأي شيء حتى تبقى بالسلطة، كما حصل سابقاً مع معمر القذافي، حين تخلى عن برنامجه النووي بعد الحرب العراقية، وكما نرى هذه الأيام، ما يفعله الرئيس الكوري الشمالي، من انقلاب تام بسياساته والاتجاه نحو التحاور مع أمريكا، بعد كل هذا الصخب النووي والتهديدات لأمريكا، والتي كانت مبنية على إمكانية حقيقية، وليس وهمية كإيران.
لا يجب أن نستبعد إنقلاباً بالسياسة الإيرانية في نفس الاتجاه، للحفاظ على الملالي بالسلطة، وخصوصاً وأن الشعب الإيراني، بنسائه ورجاله، أظهر معالم واضحة، من خلال عدة حراكات شعبية، للتخلص من هكذا نظام.
وحدها الأنظمة الديمقراطية من تكون عصية على التبعية والشراء، لأنها تُعبر عن إرادة حقيقية للشعب، ولا تسعى للبقاء بالسلطة كهدف بحد ذاته. إزاء مثل هذه الأنظمة لا تستطيع الشعوب الحرة، سوى التصدي لسياسات إسرائيل وأمريكا، وذلك هو الهدف وليس البحث عن حلول لمشاكل وهمية.
لكن الأنظمة الاستبدادية لا تقوى إلا على شعوبها، وهي لينة بيد الأعداء والأنداد، وهذا ما أتوقع حدوثه مع ملالي إيران.
طبيب عربي مقيم في فرنسا
د. نزار بدران
هناك إحتمال بتفكك إيران من أول ضربة أمريكية !! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا ننس سياسة امريكا العلنية المسماة الاحتواء المزدوج. و هي ترك خصمين لها يتصارعان بحيث يدمر كل منهما الآخر. ثم تدمير من ينته دوره كما فعلت في الحرب العراقية الايرانية.
اعتقد ان ايران ارتكبت اكبر اخطائها بالتدخل في سوريا ضد ارادة الشعب السوري فخدمت بذلك اسرائيل بتدمير سوريا و الابقاء على من حافظ على هدوء الجبهة مع اليهود منذ سلمهم الجولان في 1967.
المصيبة ليست بنجاح الغرب باستنزاف ايران مرات و مرات في الحرب مع العراق وفي سوريا و في اليمن، و لكن باموال و ارواح عربية مسلمة..
السؤال الآن: هل هذا ما نراه مخططا لتركيا؟؟