حين أهدتني رندة الخالدي روايتها الصادرة مؤخراً عن «دار بيسان» ـ 304 صفحات ـ تحت عنوان جذاب: «سيرة غير بطولية» خفت ألا تعجبني، وقررت انني لن اسمح لأي (لغم محبة) ان يطيح بموضوعيتي الأدبية. فقد كانت رندة الخالدي استاذتي في الجامعة. وكم كنت سعيدة حين أنجزت قراءة الرواية ووجدتني امام عمل ادبي مميز.
أهي «سيرة غير بطولية» حقاً؟
عنوان الرواية «سيرة غير بطولية» لا ينطبق على سيرة رندة التي أبدعت في حقل التدريس الجامعية، وفي الدفاع عن القضية الفلسطينية كابنة للقدس من أم لبنانية ـ وخريجة جامعة (أوكسفورد) إلى جانب (الزمالة) من جامعة (هارفرد) ومديرة مكتب الجامعة العربية في نيويورك لفترة وعضو في الاتحاد النسائي الفلسطيني وفي وفد فلسطين إلى دورة الجامعة العامة للأمم المتحدة…
أعادت نزار قباني طالباً!
تعارفت معها كأستاذة لي في (الجامعة السورية) ـ أي جامعة دمشق اليوم ـ ولعلها كانت اول أستاذة امرأة في تلك الجامعة، فوجئت حين دخلتُ إلى الصف ووجدت الأستاذ الواقف على المنبر شابة جميلة تكاد تقارب تلاميذها سناً… وانها والأهم من ذلك تقوم بالتدريس بطريقة جذابة عميقة آسرة وجمالية تدريسها شاع خبره وانتسب إلى الجامعة يومئذ حتى بعض الخريجين الذين حضروا صيفها بعدما ضجت دمشق بذلك (الحدث) الجديد… وصار من تلاميذها مثلاً الشاعر نزار قباني.
وعملت رندة دائماً في حقل خدمة القضية الفلسطينية وفي روايتها نجد بطلتها في العاشرة من العمر حين اضطرت واسرتها لمغادرة القدس تحت وطأة هجوم المحتل الإسرائيلي عام 1948، وربما في نبذة لها صلة بسيرتها الذاتية؟
عاشت رندة الفلسطينية في الغرب فترات لكنها ظلت فلسطينية/سورية/لبنانية (حيث أقامت ايضاً في دمشق) ثم في بيروت ـ فأمها هي الأديبة اللبنانية الرائدة عنبرة سلام شقيقة رئيس الوزراء السابق صائب سلام (والد الرئيس ايضاً تمام سلام).
وذلك كله ليس خارج الموضوع لأن تجارب رندة الشخصية ومسيرتها صبت في روايتها وأغنتها بالمناخات والاحداث ولكن في بوتقة الإبداع في الحقل الأدبي الذي تتمتع به رندة الخالدي.
ريادة تعرية «السيرك» أم «السلك الدبلوماسي»؟
تتمرد رندة على الكثير من (كلاسيكيات) الكتابة الأدبية العربية، فبطلتها ليست (لوليتا) شابة بل امرأة مسنة (79 سنة) تقطن مع كلبتها ميلا في شقة صغيرة في دمشق، تقرر قبل ان تفقد ذاكرتها ان تسجل حياتها الزوجية المريرة كزوجة دبلوماسي خاضع (العفاريت الخارجية) رافقته إلى عواصم متفرقة من العالم؛ حيث يتدهور الزواج ويزداد نفورها ورفضها للحياة الدبلوماسية المصطنعة بالمقارنة مع تخليها عن خدمة القضية الفلسطينية التي كانت تؤثر ان تهب حياتها بأكملها لها.
بلغة حية تكتب رندة روايتها ثم انها قد تكون الرواية الأولى عربياً التي تعري «السيرك الدبلوماسي» العربي؛ حيث تقول بطلتها المتزوجة من سفير ـ يعشق مهنته ـ انه سيكون عليها تكريس نشاطها وحيويتها «في خدمة الزوار الرسميين وزوجاتهم وأتباعهم الذين يصلون افواجاً متعطشين لشراء اغلى الساعات واقبحها… والشوكولاتة، فأكره الاثنين معا..» ونفهم من ذلك ان زوج بطلة الرواية كان سفيراً في عاصمة الساعات والشوكولاتة أي برن/سويسرا، وفرعها السياحي الجميل ايضاً؛ جنيف.
الاحتضار الأليم لموت الحب
لا يتسع المجال لإيراد الشواهد على الجمالية الفنية للشخصيات الجانبية فيها: (مشهور الصغير صبي البقال الذي كانت بأمومة وطيبة، تسقيه الشاي الأسود كما يحبه) والذي عاد إليها شاباً مستعداً لخدمتها بقامته الفارعة وشبابه النضر كما لو كانت خالته وثمة صاحب الدكان الذي ضبطته متلبساً بجرم التحرش جنسياً بطفلة في حضنه، وسواهما، كما لا يتسع لإيراد امثلة على صلتها الجميلة مع إبنتها سلمى وابنها سعد على عكس برود حسان (والديهما). الأجمل من كل ما تقدم الوصف التدريجي لاحتضار الحب بين بطلة الرواية وزوجها السفير حسان.
ان تكتشف زوجة ما ان زوجها يخونها قد يكون امراً عادياً، ما ليس عادياً هو ردة فعل بطلة الرواية على ذلك. اكتشفت خيانته من رسالة تهدده فيها عشيقته بفضح أمره لزوجته إذا لم يمتثل لرغباتها. بطلة الرواية هل تلقت الأمر بهدوء خوفاً من الفضيحة؟ أم لأنها تحبه كيفما كان وترفض الاعتراف بذلك حتى لنفسها؟ حسان وجد الدعم لدى زوجته ضد عشيقته (عدوة) مكانته الدبلوماسية كسفير (كان هذا همه الأوحد)، ورافقته للقاء مع العشيقة مما سبب لسيدة التهديد صدمة مفاجئة كما صُدمت بطلة الرواية بأن العشيقة حامل… حسان كان كحبة البندق منغلقاً على مشاعره ولكن ألم تشبهه بطلة الرواية حين استضافت مثلاً صديقة العمر مها لتشكو لها حالها وحين حضرت لم تقل لها كلمة غير الرجاء بنفي الإشاعات في دمشق وبيروت عن تردي علاقتها وزوجها؟
الخاتمة ذكرتني بمسرح اللامعقول؛ حيث أبطال بيكيت ويونسكو.. ها هما غريبان كل منهما يحاور نفسه بذريعة حوار الآخر.. وحتى موت حسان نعلم به للمرة الأولى في جملة مختزلة ص 127.
ختمت رندة روايتها ببراعة استثنائية، أترك للقارئ اكتشافها.
«لفت نظر» الناقد الجاد!
إنها رواية ثرية بالتجارب وبالواقع التاريخي المرحلي المرير. وحين التقيت قبل حوالي عامين بالأستاذة رندة الخالدي في دعوة للغداء في بيروت من ابنة عم زوجي المثقفة السيدة حنيفة الداعوق سلام وجدت رندة كما عرفتها منذ ألف عام، جميلة منتصبة القامة والهمة.
إنها «أيوّبة» فلسطينية أخرى توقظ فينا الشعور بالذنب نحو .. القضية الفلسطينية التي انشغلنا عنها بأمور كثيرة!
ثم انها رواية.. الحب الخائب، وهل بيننا من لم يعش ذلك ولو لمرة؟..
غادة السمان
ما اجمل ان يطلب الاستاذ من التلميذ مراجعة عمل له !
.
نعم افهم جداً ان هذا التلميذ صار الافضل في المجال الذي طلب الاستاذ رأيه فيه !
.
لكنها تبقى سعادة ولذة يصعب وصفهما!
.
ثم نكتشف لاحقاً ، كم كانت الاستاذة رندة الخالدي محقة في اختيارها هذا ، اسطر قليلة ، راجعت فيها الاستاذة التلميذة روايتها ، لتنقلها لنا بأبداع ربما تفوق على الرواية نفسها !
.
كم شوقتني هذه الاسطر ها هنا لأحصل عليها (الرواية) سريعاً و انطلق اسرع عبر سطورها اعبها عباً !
.
اخي داود ، يتعجب ، و لكنها وقائع الحياة كما هي تدعو الاديب الى سبر اغوارها و ليس التعامي عنها !
.
اخواتي و اخواني نجوم هذا الصالون الادبي ، الذي بات يذكرني يوماً بعد آخر بصالونات قرأنا عنها و تخيلنا و تمنينا انفسنا رواداً فيها او على اقل تقدير مجرد ضيوف ننزوي ركناً فيها لنستمع و نتعلم ، لهم مني كل التحايا و الاحترام ، بالأخص إبن بلدي اخي نجم الذي يخجلني حقاً بأوصافه الرقيقة ، و ابن الجزائر العملاقة ، استاذنا بولنوار قويدر ، الذي تقطر عباراته ادباً و خلقاً و جمالاً ، و الى الاخرين جميعاً بلا استثناء و على رأسهم سيدة الصالون بطبيعة الحال.
مساء الامل لصبحٍ أجَّل , مساء النور والاحتراس من المستور, مساء المحبة ولمة الاحبة , مساء الشفافية , وامدادات العافية , مساء الاطمئنان والطمأنينة , مساء الراحة والسكينة , كل هذه التحيات نعم..نعم لكِ يا اصيلة يا ابنة السمان , يا من استوليت على افئدتنا من زمان!!
لا ادري يا غادة يا ايقونتنا , لماذا عندما تكتبين عن احد الادباء او الاديبات تضفي على قيمتهم الادبية قيمة مضافة ؟! وعند طرحكِ لسيرة احدهم/ن تصبح سيرتهم الجميلة اكثر جمالاً ؟ لان الوصف لهذا او ذاك الحدث , يخرج من حنجرة آدمية بنبرات ملائكية , تنثر محتواها لتشمل كل خلايانا الدفينة لاستيعاب الالفاظ الرهينة المرصعة بياقوت المعرفة وسرد المنشود من خلال الموجود بمصداقية المعلوم والمفهوم ,
ان هذه الاسماء الجليلة التي تجمع محبيكِ يوم السبت في خانك وصالونك الافتراضي , لهي ساعات لا بل لحظات تجلي , يجول فيها الفكر يقظاً ومتحدًا لدرك كنه ما في هذا الكشف من ابداع وجماليات تنثريها وتنشريها في سبت النور , من خلال صحيفة القدس العربي وما يرافقها من غبطة وسرور , فداومي العطاء ليستمر الاثراء .
اما بالنسبة للاديبة رندة الخالدي , اوافق على ما قاله الاخ محمد حاج ان المئات لا بل الآلاف من الموهوبين الفلسطينيين اللذين قاوموا الظلم بهدير اصواتهم وكتابة مقالتهم وحتى بسعير انفاسهم , رندة احدى هؤلاء المناضلات .
******************************
لا بد من همسة شكر لاستاذي وملهمي واخي الذي لم تلده امي نجم الدراجي , لاقول له ان , عند ذكر الاخوة المعقبين وضعتني في راس القائمة من بين كل هؤلاء الافاضل , فرجائي اخي نجم ان تُذَيّل القائمة بي , لا تعطيني اكثر من قيمتي , فكل من ذكرتهم اكثر مني وارفع شأنًا واجل مكانة ! اين انا منك اخي نجم ومن الدكتور الشيخلي ومن افانين مع حفظ الالقاب ومن بلنوار قويدر والسوري الحبيب والشاب اسامة كلية , وشيخ المعلقين الكروي داوود ومن عمرو من سلطنة عمان وحسين من لندن اين انا منهم وان كنت انسى لن انسى الحاضرون الغائبون الاخ غاندي حنا ناصر واختي غادة الشاويش , لجميعكم الف تحية وسلام وكل التقدير والاحترام .
واخيراً ارجوا المعذرة اخوتي الاعزاء لاقتحامي خان وصالون تواجدكم دون دعوة او عزومة من قبلكم , وسامحوني لوقاحتي وولوجي مساكن حيّكم , ان ما يسيرني باتجاهكم هو بوصلة المحبة التي تهديني الى حيث انتم والسلام
حياك الله أخي رؤوف, لست شاباً بعداد السنين حقاً!. مع تقديري لشبابك الفكري والأكثر شبابا فينا هو في اعتقادي الأخ نجم صاحب الكلمات الأدبية الرفيعة والأوصاف الرقيقة على حد تعبير أستاذنا الكبير أثير الشيخلي. أخي رؤوف يبقى لكلامك صدى خاص على سمعنا لأننا رضعنا مع حليب أمهاتنا حب فلسطين, القضية الفلسطينية التي تشغلنا باستمرار, كما يتوضح ذلك دائما في كلمات أختنا الكبرى, أستاذتنا سيدة الأدب العربي وأيقونته غادة السمان. تحياتي للجميع وكم أشعر بالسعادة أنني معكم وأتابعكم في هذا المنتدى الرائع.
تحية لسيدة الصالون ؛ غادة السمان
أطال الله اشراقك سيدتي
دمتي بخير لنفسك ولنا ولكل محبيك…..
https://youtu.be/QJlwnqf_f8c أحبتي أيها الأصدقاء الجميلون أهديكم شعرا ؛ للشاعر محمد عبد الباري…
ليتني أكتب الشعر …..
كنت كتبت لأجلكم شعرا….!
مودتي….
استاذي رؤوف بدران
تحيه لرواد الصالون العمالقه،،الأستاذ نجم النجوم،الدراجي،والدكتور الكبير الأثير أثير الشيخلي أدامه الله،،الأستاذ الحبيب اسامه كليه،الشيخ داود المحترم والاستاذ الكبير بلنوار قويدر، والكبيره الغاليه منى، والفنانه الرائعه أفانين،،والعملاق الأديب المعلم سوري .والمجاهده الغائبه الحاضره غاده فلسطين الشاويش ،،،طبعا أجمل التحيه للمبدعه المتميزه صاحبه الصالون مع الشكر على السماح لنا بالمشاركه في صالونها المتميز.
اعتذر إذا نسييت ذكر أي من العمالقه،،والتحيه الخاصه جدا اليوم إلى
أستاذ الأجيال وشيخ الشباب الحبيب رؤوف بدران، ادامك الله تاج على رؤوسنا،نتعلم منكم مفردات بل أبجديات الكتابه مكانكم في الصداره محفوظ وقامتكم العاليه سقفها الثريا ،أحاول أن أتعلم كيف أكون فلسطيني مثلكم وليس فقط فلسطيني عن بعد.
تحياتي
شكراً لك أخي حسين/لندن, وأنت بدوري أنادي معك, أختي غادة الشاويش أين انت! دائما حاضرة بيننا, فلا تغيبي عنا!
أستاذي رؤوف بدران شيخ الشباب كما يصفك اليوم استاذنا اسامة كلية والرائع استاذ حسين / لندن فقد اغنيا ما كنت اتمنى تدوينه ، ستظل تراتيلك الشاعرية مناراً في هدا الخان و كنت اراقب ان تصدر نفائس كلماتك منذ اول الصباح لتضفي الى الصالون عطراً و القاً ، على الود نلتقي في الاسبوع القادم ( بس شرفنا بكير يعطيك العافية استاذي )
تحياتي
نجم الدراجي. بغداد