اتهامات للنظام باختيار الوزراء من رجال جمال مبارك… وللحكومة بوضع مادة غير دستورية في قانون الانتخابات

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» ركزت الصحف الصادرة أمس الاثنين 16 مارس/آذار على الجلسة الختامية لمؤتمر شرم الشيخ ونتائجه، وكلمة الرئيس السيسي وما دار في المؤتمر، بحيث لم يترك موضوع المؤتمر وأخباره مساحات لغيره، سواء في التغطية الإخبارية أو التحقيقات والمقالات إلا في ما ندر. وفي الواقع فقد أحس المصريون بقدر كبير من الاعتزاز الوطني ببلادهم ومن تدفق الآمال في مستقبل أفضل. لدرجة أن زميلنا وصديقنا والفنان الموهوب حلمي التوني، الذي أخبرنا أمس في جريدة «التحرير» أنه شاهد أمه وأمنا الجميلة مصر وفي يدها اليسري شعار المؤتمر ورفعت باليمنى كتابا وسمعها تقول:
– مبروك علينا مؤتمر الاقتصاد بس عاوزين مؤتمر للتعليم عشان يبقى عندنا ناس تعرف تحقق الأحلام.
كلمة السيسي في ختام المؤتمر شماتة غير مباشرة في أمريكا واتهام غير مباشر أيضا لها، بأنها عملت على منع مشروع نهضة مصر في عهد خالد الذكر، وبذلك يكون ولي العهد السعودي الأمير مقرن، قد تعمد مهاجمة أمريكا بطريق غير مباشر في كلمته في افتتاح المؤتمر، عندما أشار إلى ازدواجية المعايير الدولية بالنسبة للإرهاب في مصر، ثم جاء السيسي في ختام المؤتمر ليكمل الهجوم، وكان واضحا جدا في قوله بالنص: «مصر دي بلد ربنا خلقها علشان تعيش سبعة آلاف سنة ومصر موجودة وعلمت الدنيا كلها وقدمت الحضارة للعالم كله، وده مكتوب في كتب التاريخ ويدرس في كل دول العالم. ومنذ 150 سنة بس كان فيه بعثة من دولة عظيمة جدا جت مصر علشان تشوف تجربتها والدولة دي هي اليابان، وفي عام 1962 جاءت دولة ثانية لمصر علشان تشوفها وتتعلم من تجربتها، وهي دولة كوريا الجنوبية، وأنا مش هتكلم ليه مصر مكملتش بنفس القوة اللي هما كملوا بيها أنا بفكر نفسي وكل المصريين والعالم كله وبقول الدولة دي تستيقظ الآن» .
وكان السيسي قد أشار منذ شهر، أكثر من مرة بعبارات واضحة، إلى أن مصر في عهد خالد الذكر كانت متقدمة صناعيا على كوريا الجنوبية، ولكن جاءت هزيمة يونيو/حزيران 1967 لتضرب المشروع نتيجة للتأمر الدولي. وطبعا لم يكن ممكنا أن يذكر اسم عبد الناصر ولا عدوان إسرائيل ومساندة أمريكا لها، كما لوحظ أنه تعمد توجيه تحية خاصة لمستشاره ألمانيا أنغيلا ميركل ومساندتها للمؤتمر وللشركات الألمانية التي ستنفذ مشروعات للكهرباء، ودعوتها له لزيارة ألمانيا، بينما تجاهل ذكر أوباما أو أمريكا. ورغم الآمال الشديدة التي فجرها المؤتمر فإن زميلنا الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام، حذر أمس من الإفراط في التفاؤل، لأن الرقم المعلن عنه وهو مئة وخمسة وسبعون مليار دولار قيمة اتفاقيات وعقود للمشروعات ومساعدات قد لا يتحقق بالكامل، لأن قسما كبيرا منها تعهدات وقسما آخر سيتم استثماره على مدى سنوات، بالإضافة إلى أنه لا ضمانة لالتزام المتعهدين بتنفيذ تعهداتهم كلها، أي أن ما سيتم تنفيذه بالتأكيد أقل مما أعلن عنه، مما يتطلب الاحتياط له كما حذر من تجاهل تحقيق عدالة التوزيع.
وواصلت الصحف الإشارة إلى مواصلة قوات النخبة من الجيش والشرطة عملياتها الهجومية في شمال سيناء، وقتل المزيد من الإرهابيين، واستعدادات للاحتفال بعيد الأم.
وإلى بعض مما عندنا….

يحيى حسين عبد الهادي:
من الذي يرشح المسؤولين في مصر؟

ونبدأ بالحكومة والوزراء بسبب ما نالها ونال بعض وزرائها المساكين من هجمات واتهامات عنيفة وساخرة ولافتة أيضا. وبدأها يوم السبت في «الأهرام» صديقنا المقاتل الشرس ضد الفساد في عهد مبارك وحتى الآن، يحيى حسين عبد الهادي، وقوله وهو في غاية الدهشة مما حدث ويحدث من حكومة كهذه: «بمجرد إعلان حركة المحافظين الأخيرة، وهذا السؤال يلح عليّ، من الذي يرشح المسؤولين في مصر.. وكيف؟ أسأل عمن يرشح.. دعك ممن يختار باستثناء أسماء محدودة بدا فعلا أنها جاءت بمعايير الدولة المصرية، فإن معظم الأسماء جاءت ومعها روائح أمانة السياسات وتجربتها الفاشلة في توزيع المناصب على رجال الأعمال، فقد كان هناك معيار نعرفه وهو أن يكون المرشحون من شلة الوريث، أما الآن فالتجربة الفاشلة تعاد ولكن بلا معايير.
أحد المحافظين مدير نيابة عمره ثمانية وثلاثون عاما، ولا شيء آخر أهذا يكفي لأن يكون محافظا؟ من هو الشخص الذي اختاره تحديدا ولماذا؟ وآخر ما نعرفه عنه أنه مدير تسويق في شركة تصدير واستيراد خاصة مجهولة، أهذا يكفي لأن يكون محافظا لمحافظة متخمة بالمشاكل في وقت حرب؟ أشعر بالإهانة.
أما محافظ الإسكندرية الذي انشغلت مصر مؤخرا ببعض التصرفات المنسوبة إليه، فإليكم ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية نصا للتبشير يوم تعيينه، وقبل أن تصدر منه أي تصرفات «تدير أسرة المحافظ الجديد سلسلة محلات البن البرازيلي، أحد أعرق محلات تقديم القهوة في المدينة الكزموبوليتانية، التي لا تزال تحافظ على طرازها المعماري اليوناني، والبارز على مزارع البن منذ نشأتها وامتلاك أحد اليونانيين لها، إدارة تلك السلسلة الناجحة، هو انعكاس للمأمول من كثير من الإسكندريين لأحوال المحافظة ومشكلاتها. وقد تعجبت يومها أن تكون إدارة محل معيارا كافيا لإدارة محافظة في حجم الإسكندرية، ولو أن هذا هو المعيار فلماذا هذا الرجل بالذات؟ إن مصر مليئة بآلاف البقالين الذين يديرون محلاتهم بكفاءة، فلماذا لم يدخلوا في دائرة الترشيحات؟ أليس أصحاب سلاسل الفول والطعمية الشهيرة أولى بالمنصب من سلاسل البن؟ على الأقل هم أكثر احتكاكا بغالبية الشعب، إلا إذا كان من رشحه للمنصب أحد رواد مقهاه».

التعيينات تتم عن طريق أشخاص!

لم يقتصر هذا الهزل على اختيار المحافظين وإنما تكرر في العديد من المناصب الأخرى، ويظهر ذلك جليا في معظم التعيينات، إذ أن من اختارهم أشخاص وليست أجهزة فمن هم هؤلاء الأشخاص؟ خذ مثالا ما حدث مؤخرا مع صندوق «تحيا مصر» وهو صندوق تبرع له ملايين المصريين تحمسا واقتناعا وتلبية صادقة لدعوة الرئيس، فإذا بالأخبار تحمل لنا نبأ اختيار السيد محمود عبد اللطيف رئيسا تنفيذيا للصندوق، إنه هو نفسه رئيس بنك الإسكندرية الذي أدار عملية بيعه منذ سنوات لأحد البنوك الإيطالية، في صفقة أثارت لغطا وغضبا كبيرين، ما استدعى اصطفاف المصريين بعدها لإيقاف مؤامرة بيع البنوك الوطنية، ثم كافأه البنك الإيطالي بتعيينه عضوا منتدبا للبنك بعد خصخصته، وكان أول مسؤول مصري أطاح به العاملون في الأيام الأولى لثورة يناير/كانون الثاني.

أرغفة الخبز طعام الشعب الأساسي

ونترك «الأهرام» إلى «الجمهورية» القومية في اليوم نفسه وزميلنا السيد البابلي وقوله:
«الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي وقع في المحظور بهجومه على الشعب المصري حين قال الشعب المصري شعب «مدلع وكل رغباته مجابة ومش عاوزين يشتغلوا». وكلام الدكتور عكاشة ونظرته للشعب وإصدار هذا الحكم القاسي عليه، يثبت أن الدكتور عكاشة بعيد عن الشعب وعن مشاكله وقضاياه وهموم وحياته، فأين هذا الشعب المدلع؟ الشعب الذي يقف في الطابور في انتظار أنبوبة البوتاجاز، أو الباحث عن السولار، أو الباحث عن أي وظيفة عمل. الشعب الذي ربط الأحزمة على البطون عقودا طويلة من الزمان واكتفى بأن تكون أرغفة الخبز هي طعامه الأساسي، لأنه لا يقدر على أن يكون طبق طعامه الأساسي الاستيك والسلطة.
إن الأزمة لم تكن أبدا متعلقة بالشعب بقدر ما كانت مرتبطة بسوء الإدارة والفساد وإهدار المال العام، وعدم التوزيع العادل للثروة، وقصر الوظائف على المحسوبية وأهل الثقة والشلل، ولهذا هلل الشعب للثورة وللتغيير بحثا عن الأفضل ومن أجل الكرامة والعيش والعدالة الاجتماعية».

وزارات الأزمات وزراؤها يستغفلون المواطنين

ونظل في يوم السبت مع الصحف القومية وزميلنا خفيف الظل محمد عمر في «أخبار اليوم» وقوله: «هل وصلك نبأ فاطمة وما فعلته مع وزير التموين، جريت عليه تشتكي له من ارتفاع سعر أنابيب البوتاجاز واختفائها، وعدم قدرتها على دفع خمسين جنيها سعرا لها «هوة المرتب فيه كام خمسين»، رد عليها الوزير ردا مستفزا حينما أكد لها أن سعر الأنبوبة عشرة جنيهات «بس»، فاعتبرت أن كلام الوزير اتهام لها بالكذب، أو أنها تختلق أشياء وهمية أو لعله اعتبرها من «القلة» المندسة التي لا ترى إلا نصف الكوب الفارغ تماما، أو أنها من مروجي الشائعات لتعطيل مسيرة التقدم والانجاز الحكومي فقررت الدفاع عن نفسها وبتلقائية شديدة قالت له «أدي عشرة جنيه هات لي واحدة»، وعلى رأي المثل «المية تكذب الغطاس» وأدي الوزير وفين الأنبوبة؟ وطبعا لم يستطع الوزير أن يكون على قدر كلمته، أو أن يثبت لها أن سعر الأنبوبة كما قال لها من دقيقتين «بعشرة جنيهات»، فاضطر أن يتراجع خطوتين إلى الخلف بعد أن أدرك أن العدو أمامكم والمستودع مش ورائكم. فالوزراء، وتحديدا الذين تكون وزاراتهم سببا في الأزمات «كهرباء.. بنزين..غاز» يسيرون وفق مدرستين لاستغفال واستحمار المواطنين، الأولى شعارها أعمل عبيط تعيش مرتاح والثانية توه الزبون والنجاح مضمون. أصحاب المدرسة الأولى غالبا لا يجدون مخرجا من الزنقة إلا أن يقولوا «دي إشاعات». أما أصحاب المدرسة الثانية فيأخذك تلاميذها من الوزراء إلى البعد اللي يخرسك، دي مؤامرة وفيه أصابع بتلعب والإرهاب من حوالينا وربنا يسترها على البلد أنت كده بتساند الطابور الخامس لهدم المؤسسات قول بقي ورايا أنا مش طويل واهبل أنا قصير أزعة والأنبوبة بعشرة».

«أصبر على وزيرك السو ليرحل يا تجيله مصيبة تاخده»

وآخر ضيف على الحكومة خفيف ظل آخر هو زميلنا محمد الرفاعي كاتب «صوت الأمة» الساخر وقوله:
«* قامت حكومة مقاولي الأنفار بتعديل وزاري مفاجئ على طريقة يا صابت يا اتنين عور.
* الفرق بين التغيير الوزاري والتعديل الوزاري أن الأول تم شروه بالقفة، والتاني بالقرطاس ويقال «تقرطس الرجل أي دخل القرطاسة والقرطوس «شيخ القراطسة» والمقرطس من خلع القرطاس وخرج قفاه يقمر عيش.
* بعد التعديل الوزاري في الأيام المفترجة دي زادت مبيعات القلل والقباقيب وشباشب زنوبة.
* حكمة قديمة: أصبر على وزيرك السو ليرحل يا تجيله مصيبة تاخده.
* سؤال مالوش لازمة: يعني وزير الآثار اللي حلق لتوت عنخ أمون ووزير الكهرباء الموفر للطاقة فالحين قوي عشان يفضلوا قاعدين على قلبنا. * وزير التعليم الفني أعلن أنه سوف يصدر قرار جمهوري بعد أسبوع يحدد اختصاصاته، يا ضنايا يا بني يعني أنت دلوقتي خالي شغل طب ما تشوف الورشة اللي جنبك تتمرن فيها لحد ما تتخصص .
* وزير التربية والتعليم صرح بأنه لن يسمح بأن تنط العيال من فوق السور، طبعا سياسة الباب المفتوح أجدع وأضمن بدل ما ينزلوا على جدور رقبتهم ويلبسوك تهمة.
* نادية الجندي هزت عرش مصر ومرات المحافظ هزت عرش إسكندرية بلد وسطها أستك منه فيه.
* ثبت أن محافظ الإسكندرية الأمريكي الجنسية كان كاتب المحافظة في القايمة والمحافظة من حق الزوجة».

أخطاء متعمدة لتعطيل انتخاب البرلمان

وهكذا ذكرنا الرفاعي بما كدنا ننساه عما نشر في الأيام الماضية عن مزدوجي الجنسية وحقهم في الترشح لانتخابات مجلس النواب، على الدوائر الفردية، بعد حكم المحكمة الدستورية العليا وما أثاره من ردود أفعال هدأت بسبب المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ. كان زميلنا وصديقنا العزيز في «الأهرام» صلاح منتصر قد قال يوم الاثنين قبل الماضي: «فرق الدستور بالنسبة للمصري مزدوج الجنسية بين أربعة مواقع هي، رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وأعضاء البرلمان، فاشترط ألا يتولى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء مصري مزدوج الجنسية، سواء بالنسبة له أو لأحد والديه أو زوجته، بينما لم يضع هذا الشرط لمن يعين وزيرا أو يترشح للبرلمان، وسواء كان ذلك صحيحا أم خطأ فلم يعد هذا وقته، وإنما هذا هو الدستور الذي أقره الشعب ويجب أن تلتزم به القوانين، إلا أن «فهلوة» الحكومة عند وضع قانوني انتخاب البرلمان تجاهلت الدستور وضمّنت القانون شرط حرمان مزدوج الجنسية من الترشح، ولهذا جاء حكم المحكمة الدستورية بضبط الحكومة متلبسة بمخالفة الدستور، لتضيف خطأ جديدا ارتكبته ضمن أخطاء أخرى وكأنها متعمدة تعطيل انتخاب البرلمان».

سندمر دولتنا لو سمحنا
لمزدوجي الجنسية بتولي المناصب التنفيذية

أما زميلنا فهمي عنبة رئيس تحرير «الجمهورية» فقال في يوم الاثنين قبل الماضي أيضا: «من البديهي أنه لا يمكن التشكيك في وطنية أي مصري أو اتهام أي شخص بالعداء للبلد، لمجرد أنه مزدوج الجنسية، وفي المقابل لا يمكن ترك الأمن القومي تحت رحمة الظنون والنوايا الحسنة وتعريضه للخطر، والسماح للمزدوجين بالتسلل إلى مراكز اتخاذ القرار، أو وضع التشريعات والقوانين التي تحدد مصير المواطنين وتضمن استقلال القرار السياسي، وتراقب الأجهزة الأمنية وتناقش ميزانية الجهات السيادية. أغلب دول العالم لا تسمح لمن يحملون جنسيات أخرى بالانضمام إلى جيوشها، وهناك من تمنع عملهم في الخارجية، وأخرى تحظر عليهم تولي وظائف بعينها ومنها، من هي أعرق من مصر في الديمقراطية، وتضعها منظمات حقوق الإنسان في مراكز متقدمة، ولم ينتقدها أحد لأنها تحافظ على أمنها القومي، فما الذي يمنع أن نحذو حذوهم؟ ولا تقولوا إن أمريكا وبريطانيا يحكمهما مزدوجو الجنسية، فظروفنا تختلف بعد ثورتين، والدولة لم تستقر وتفرض سيطرتها كاملة حتى الآن في زمن السموات المفتوحة والعولمة والشركات متعددة الجنسيات، التي تتحكم في سياسات ومصائر دول. لو سمحنا لمزدوجي الجنسية بتولي المناصب التنفيذية والوصول للبرلمان سندمر دولتنا ولكن هذه المرة بالقانون والدستور».

أمريكا من فتحت الأبواب أمام النعرة الطائفية

وما أن تردد اسم أمريكا ثارت الحساسيات ضدها من جديد، ونعيد التذكير بأن موجة الشك فيها ومهاجمتها لا تتوقف على تيار سياسي معين كان على عداء معها، إنما من جانب الكل بل الأكثر شراسة في مهاجمتها هم من خصوم التيار الاشتراكي. فقال عنها يوم السبت في «أخبار اليوم» زميلنا وصديقنا ورئيس تحرير «الأخبار» الأسبق جلال دويدار: «لعل ما يثير الضحك والسخرية ما صدر من تصريحات عن الجنرال مارتن ديمبسي قائد القوات المركزية الأمريكية الذي أعلن فيها خشيته من تحول الحرب على «داعش» في العراق إلى عمليات طائفية تستهدف ممارسات انتقامية وتصفية لأبناء السنة. لا يخفى أن الولايات المتحدة وبعد غزوها للعراق لتنفيذ مخطط تدمير وتخريب هي التي فتحت الأبواب أمام النعرة الطائفية، عندما لجأت إلى الإقصاء السياسي لأبناء السنة، في الوقت نفس، وتكريسا للمواقف المريبة فإن السياسات الأمريكية إبان احتلالها للعراق هي التي سهلت سيطرة إيران على مقدرات هذا البلد العربي. جرى ذلك في الوقت الذي كان يتم الترويج فيه إلى اعتبار النظام الحاكم الإيراني كيانا عدوانيا تجاه المصالح الأمريكية. ليس من وصف لهذا الموقف الأمريكي المتناقض الذي يتسم بالتدليس سوى أنه عملية غدر جديدة بالدول العربية في منطقة الخليج، وفي مقدمتها المملكة السعودية التي تعرضت لعملية خداع فاضحة».

«داعش» الوجه الآخر للتتار

ويوم الأحد قال زميلنا وصديقنا أحمد مرتضى «ناصري» في «البوابة»: «يتشابه التنظيم الإرهابي مع التتار في كثير من «الصفات»، فالتتار كانوا أمما شتى كما يقول التاريخ. فيما يتكون «تنظيم داعش» من سوريين وعراقيين وسعوديين ومصريين وليبيين وتوانسة ومغاربة وفرنسيين وألمان وإنكليز ونرويجيين وأمريكيين شماليين وجنوبيين وغيرهم، ومع بعض الاختلاف، نجد أن دافع التتار كان التوسع على جثث الدول التي دمروها، بينما نجد دافع «داعش» هو تحطيم الدول القائمة وإشاعة الفوضى التي يعتقد بعض المفكرين السياسيين الأمريكان أنها «خلافة» لإعادة تقييم الموقف مرة أخرى والسماح لكل إثنية أو عصبية في دولة قائمة بذاتها لها حدود صارمة مع «جارتها»، التي كانت شريكة في الوطن نفسه بالأمس القريب وبالتالي تتفرغ تلك الدول لبعضها بعضا، حتى تفرض الأقوى إرادتها على الأضعف، بينما يقف الكيان الصهيوني منتظرا لكي يجهز على الجميع ويحقق حلمه التوراتي القديم «من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل»، وساعتها يكون التنظيم قد أتم الرسالة وأدى الأمانة وسلم إسرائيل مفاتيح البلاد ورقاب العباد فيتسلمها الصهاينة أرضا بلا ماض ولا حاضر بالطبع وبالتالي بلا مستقبل».

زلة لسان كيري تفضح حقيقته

وإلى «المصري اليوم» يوم الأحد وزميلنا وصديقنا سليمان جودة الساداتي والكاره لخالد الذكر وقوله: «كان جون كيري صادقا مع نفسه حين زل لسانه في أثناء حديثه على مائدة الإفطار فقال: «إننا جميعا، يقصد الحاضرين في المؤتمر، نعمل من أجل مستقبل إسرائيل». وقد استدرك بسرعة وسط ضحكات الموجودين ليأسف على زلة لسانه ويقول إنه يقصد مستقبل مصر. والحاصل أنها حقيقة وليست زلة لسان أبدا، لأن ما قال به هو بالضبط ما يشغله، وهو بالضبط المستقر في داخله، وهو بالضبط كذلك ما يملأ عقله وهو متسق مع نفسه تماما حين يقول ولا شيء فيما نطق به لسانه، رغما عنه، كان يستدعي الاستدراك أو الاعتذار، هو صادق مع نفسه وليس لنا أن نلومه ولا أن نؤاخذه ولأن هذا هو موقف بلاده المعلن».

إسرائيل وأمنها هما الهاجس الأعظم في واشنطن

لكن زميلنا الكاتب نبيل عمر لم يوافق على ذلك واعتبر ما قاله سليمان وغيره مبالغة، إذ قال في يوم الأحد نفسه في جريدة «المقال»: «حاول البعض أن يمسك في الهايفة وبتصدر، ويتصيد خطأ غير مقصود من جون كيري وزير خارجية أمريكا، حين ذكر إسرائيل بدلا من مصر، في كلمته على مائدة الإفطار وهو خطأ عادي يشي فقط بأن إسرائيل وأمنها هما الهاجس الأعظم في واشنطن وهو أمر معروف لا جديد فيه.

أمريكا تريد مصر على حافة
الهاوية لا تسقط ولا تصعد

ونترك الجمال ينهي هذه القضية بقول زميلتنا في «الوطن» نشوي الحوفي في «الأهرام» المسائي في يوم الأحد ذاته: «مهما أسمع من كلمات وعبارات من عينة «التعاون الاستراتيجي»، «علاقات الصداقة»، أو «المصريون سيكونون سعداء بزيادة المساعدات الأمريكية»، فنحن وهم نعلم أن ما بيننا ليس تعاونا، وأنه ليس بيننا أي نوع من أنواع الصداقة، كما أننا لم ولن نسعد بأي علاقة من أي نوع تربطنا بهم، اللهم إلا علاقات المصالح فقط. كما لم يدهشني ما تناثر من أخبار حول ضغط أمريكا على بعض الدول لخفض تمثيلها المشارك في المؤتمر المصري لإضعافه والتقليل منه، وهذا أمر طبيعي ومنطقي في الحالة الأمريكية التي لا تريد أن تفقد مصر ولا تريد لها الصمود في الوقت ذاته، هي تريدها في الحالة التي وصفها وزير خارجيتها المحترم هنري كيسنجر بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حين قال إن مصلحة أمريكا تقتضي أن تظل مصر على حافة الهاوية، لا تسقط ولا تصعد، لذا لم أسعد بوجود كيري ممثلا لبلاده، بل على العكس شعرت بضيق الصدر وقبضة القلب، ولكن السياسة لا تعلم لغة المشاعر هي لا تعرف إلا لغة المصالح فقط التي تفرضها ضرورة التعايش».

أحمد حسبو يهاجم برنامج «مع إسلام»

وإلى الإسلاميين ومعاركهم، حيث اختار الشاعر الدكتور أحمد حسبو عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية مهاجمة إسلام البحيري مقدم برنامج «مع إسلام» على «قناة القاهرة والناس» بقصيدة له في جريدة «عقيدتي» الدينية التي تصدر كل ثلاثاء عن دار التحرير التي تصدر «الجمهورية» ومما جاء فيها:
أصمت لحاك الله يا إسلام
فحديثك الإسفاف والإجرام
لا تستحق بأن تسمى باسمه
وقد يسمى بالضياء ظلام
إسلام كيف وأنت جاحد حقه
ذهب الحياء وضلت الأفهام
كالكلب تنهش في لحوم أئمة
شهد الجميع بأنهم أعلام
من لا تساوي غرزة في نعلهم
بئس البرامج بئست الأقلام
ابن تيمية يهاجم الفلسفة الإلهية اليونانية

وثاني المعارك لزميلنا في «الوفد» علاء عريبي الذي نشر رسالة يوم الأربعاء من الدكتور أحمد فؤاد عبد الفتاح أستاذ الفلسفة في كلية الآداب في جامعة طنطا، وكان علاء طالبا في الكلية وتخرج منها وسبق له الإشارة إلى كتاب الدكتور أحمد بن تيمية والفكر الفلسفي وقال الدكتور في رسالته لعلاء: «لقب فيلسوف اكتسب سمعة سيئة بين علماء العقيدة الإسلامية على اختلاف فرقهم، لأن الفلسفة اليونانية انتقلت إلى العالم الإسلامي بنظريات تتعارض مع أصول الدين، فأصبح مصطلح فلسفة مرادفا لكلمات الكفر والإلحاد والزندقة، وكأن الفلسفة تعني بالضرورة الاعتقاد بصحة نظريات معينة محددة تتضمن إنكار وجود الله تعالى، وعدم الإيمان بالبعث، ونحو ذلك، ولكن الأمر ليس كذلك، فكما بيّن الفيلسوف اليوناني أرسطو إنك فيلسوف سواء أردت أم لم ترد، فإذا كتبت مريدا للفلسفة فأنت فيلسوف، وإذا أردت أن تنتقد الفلسفة وتهاجمها فأنت فيلسوف أيضا، لأنك لا بد أن تعرض أدلتك العقلية على فسادها، وهذا العرض في حد ذاته فلسفة، لأن الفلسفة تقوم على المنهج العقلي وتبحث في مجالات كثيرة واسعة تدور حول ثلاثة محاور هي، الله والعالم والإنسان.
فقد هاجم ابن تيمية الفلسفة الإلهية اليونانية ومن تأثر بها من فلاسفة الإسلام وعرض آراءه في المحاور الثلاثة الكبرى من منظور إسلامي نابع من القرآن والسنة، ومدعم بالأدلة العقلية، وكان هجومه على الفلسفي في حد ذاته فلسفة له، فكان فيلسوفا من هذه الزاوية».

التراث مكتوب لزمانه وظروفه السياسية

لكن الدكتور يوسف زيدان كان له رأي آخر في ابن تيمية أخبر به يوم السبت زميلتنا الجميلة في «اليوم السابع» دينا عبد العليم وهو: «قال يوسف زيدان في تصريحات لـ«اليوم السابع»، العالم الكبير ابن تيمية الذي ينهال عليه الجهلة ويهاجمونه، على اعتبار أنه راعي التطرف، وهم المتطرفون في الحقيقة. إن ابن تيمية عالم كبير وفاضل ولم يكن متطرفا على الإطلاق، وله كتب وترك تراثا لا يمكن تجاهله، أو الحكم عليه بالإعدام، لأن إعدام التراث جريمة منتقدي ابن تيمية «كلاب السكك» إنهم متطرفون في حكمهم على الرجل «فتاوى» ابن تيمية المتطرفة هذا أمر وارد وكل العلماء لهم فتاوى لا تصلح لهذا الزمان. إن ابن تيمية له فتاوى قالها في ظروف سياسية واقتصادية مضطربة، وكان متأثرا بهذا الاضطراب، وكانت هذه الفتاوى عبارة عن أسئلة يرد عليها هو وفقا للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الموجودة وقتها، وبالتالي لا يمكن نزع الفتوى من سياقها التاريخي والسياسي والاجتماعي، كما أنه لا يمكن أن ننسى كل تاريخ وإسهام ابن تيمية ونحكم على فتاوى قليلة جدا في بحر علمه الواسع. كما أن التراث مركب ولا يمكن انتزاعه من سياقه، إنه لا يمكن الحديث عن تنقيح التراث بهذا الشكل المباشر لأن التراث مكتوب لزمانه وظروفه السياسية».

أحزاب تتخلى عن شعاراتها البراقة
وتخلط بقسوة بين المال والسياسة

وبحثا عن بداية صادقة وعن الأحزاب السياسية يكتب لنا عمرو حمزاوي في «الشروق» عدد أمس الاثنين يقول: «… المواطن المصري ينظر حوله، ليجد ساحة حزبية شديدة التفتت، إلى اليوم، وعلى الرغم من تداعيات التفتت شديدة السلبية لم تحدث بها محاولات جادة لدمج أحزاب صغيرة ومتوسطة لا فاعلية لها في كيانات أكبر، قد تتوفر لها جماهيريا وتنظيميا وماليا قدرات حقيقية.
ينظر المواطن حوله، ليجد ساحة حزبية ترفع بها شعارات الديمقراطية والحقوق والحريات والتنمية المستدامة والشفافية والنزاهة، وأحيانا العدالة الاجتماعية، وهباء يضيع وقته في البحث عن برامج حزبية محددة تترجم هذه الشعارات البراقة إلى حزمة مقترحة من التشريعات والسياسات والإجراءات تتسم بالقابلية للتنفيذ وبالحسابات الواقعية – حتى حين تتاح بعض الفرص الفعلية للترويج لبرامج الأحزاب، كما في المشاهد الانتخابية أو في لحظات الأحداث المهمة كانعقاد المؤتمر الاقتصادي الحالي.
ينظر المواطن حوله، ليجد الكثير من الأحزاب وقياداتها تتخلى عن شعاراتها البراقة وتخلط بقسوة بين المال والسياسة (أي بين مصالح النخب الاقتصادية والمالية وبين المشاهد المتبقية لنا من السياسة في مصر، بانتخاباتها وبصراعات الأحزاب على الاقتراب من منظومة الحكم / السلطة والتنافس في ما بينها على تفريغ المجال العام من الأصوات والمجموعات المعارضة) وتنقلب على الأهداف الديمقراطية وتتعامل مع حقوق الإنسان بمعايير تؤلم ازدواجيتها، نظير الحصول على وعود بحماية الامتيازات وبشيء من الحضور في الأروقة التشريعية والتنفيذية من قبل منظومة الحكم/السلطة.
ينظر المواطن حوله، ليجد بعض الأحزاب المعارضة في وضعية اكتفاء بعموميات رفض الخروج على الديمقراطية والانتهاكات والتنديد بطغيان المكون الأمني وبإصدار بيانات «المواقف» وليس بيانات «السياسات العامة»، من دون العمل الجاد على صياغة رؤية بديلة لها من التكامل ومن الموضوعية ومن الجاذبية، ما يمكن أن يقنع بعض الناس بإمكانية المزج بين التحول الديمقراطي وبين التنمية المستدامة، بين سيادة القانون وحقوق الإنسان وبين مواجهة التطرف والعنف والإرهاب، بين الأدوات القانونية والتنموية والمجتمعية، وبين الأدوات العسكرية والأمنية الضرورية كلها للنجاة بمصر من ثلاثية السلطوية والتخلف والإرهاب.
وبالقطع، لن يرى المواطن المصري من أغلبية الأحزاب نشاطا تنمويا ومجتمعيا مستمرا بمعزل عن المصالح الضيقة والحسابات الشخصية، وبعيدا عن لحظات خروج المشاهد المتبقية لنا من السياسة إلى الحيز العلني في مواسم الانتخابات، أو في محطات الصراع بين الأحزاب وقياداتها على الاقتراب من منظومة الحكم /السلطة وليس من الناس.
إزاء كل هذا، لا يمكن أن يكون التقييم السلبي للأحزاب السياسية غير ترجمة موضوعية لحقائق تتجاوز حتما حملات التشويه والتشكيك والنقد، ولا تقتصر أسبابها على طغيان المكون الأمني. في الأمر ما يلزم الأحزاب، إن الكثيرة المؤيدة أو القليلة المعارضة، بممارسة النقد الذاتي والبحث عن بداية صادقة».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية