إسطنبول ـ «القدس العربي»: دخلت الحرب الكلامية المتصاعدة بين تركيا والاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة مع تبادل الاتهامات بـ«النازية» والقمع و«دعم الإرهاب». وبينما تلوح أوروبا بفرض عقوبات وتجميد كامل لمفاوضات انضمام تركيا للاتحاد، تهدد تركيا بنسف الاتفاقيات الموقعه معه لا سيما اتفاقية اللاجئين.
واشتعلت الخلافات التركية الأوروبية من جديد عقب اعتقال الأمن التركي 15 نائباً من حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وعددا من كبار صحافيي صحيفة جمهورييت المعارضة، بالإضافة إلى استمرار حملة التطهير التي بدأتها الحكومة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف تموز/ يوليو الماضي، وماتبعها من حملة إدانات أوروبية واتهامات لأنقرة بانتهاك القانون والحريات العامة.
وفي لهجة تصعيد غير مسبوقة، شبه وزير خارجية لوكسمبورغ «جان اسيلبورن» الإجراءات التي قامت بها الحكومة التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة بـ«النازية»، وقال الأوروبي: «أقول بوضوح إن هذه أساليب استخدمت خلال الحقبة النازية، وهذا تطور سيء جداً.. لا يمكن للاتحاد الأوروبي قبوله ببساطة»، واقترح فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، قائلاً: «50 بالمئة من الصادرات التركية تذهب إلى الاتحاد الأوروبي و60 بالمئة من الاستثمارات في تركيا تأتي من الاتحاد.. في وقت ما لن يكون لدينا أي خيار سوى تطبيقها (العقوبات) للتصدي للوضع غير المحتمل لحقوق الإنسان».
هذه التصريحات أثارت غضب تركيا، حيث اعتبرت وزارة الخارجية على لسا الناطق باسمها حسين مفتي أوغلو، الثلاثاء، أن «لوكسمبورغ على رأس الدول الأوروبية الداعمة للإرهاب»، وقال: «تصرحيات أسيلبورن ومقارنته جهود تركيا لتعزيز الديمقراطية واتخاذ التدابير للحيلولة دون حدوث محاولة انقلابية أخرى، بفترة مظلمة من تاريخ أوروبا، مؤشر على فقدانه القدرة على إجراء تقييم موضوعي، وعدم كفاية معلوماته التاريخية.. فمقارنة مع منظمة فتح الله الإرهابية فإن النازيين يبدون كمتدربين او كتلاميذ مدرسة ابتدائية».
وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس دعا إلى إدراج مسألة تركيا على جدول أعمال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يرتقب عقده الاثنين المقبل، معربا عن أمله في أن يقرر المجتمعون «سياسة أوروبية مختلفة» حول هذا الموضوع. وقال لإذاعة محلية «في السنوات الماضية، ابتعدت تركيا بشكل متزايد عن الاتحاد الأوروبي لكن سياستنا بقيت على حالها. هذا الأمر لا يمكن أن ينجح».
وتستعد المفوضية الاوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الاوروبي، لنشر تقرير جديد الاربعاء حول أهلية تركيا للانضمام إلى الاتحاد، وقالت وسائل إعلام غربية إن التقرير سيتحدث عن «تدهور خطير» في حرية التعبير و»سيقول إن الإجراءات القانونية في حملة القمع التي أعقبت المحاولة الانقلابية تطبق بشكل انتقائي وعشوائي».
ومنذ محاولة الانقلاب، تم اعتقال أو عزل أو إيقاف أكثر من 110 آلاف من الموظفين الحكوميين عن العمل في تركيا، من بينهم جنود وقضاة ومعلمون وصحافيون، وبينما يقول المنتقدون إنها حملة قمع شاملة للمعارضين، ترى فيها الحكومة إجراءات عقابية للمشاركين في محاولة الانقلاب، ووقائية من أي محاولة أخرى.
لكن ألمانيا المستفيد الأكبر من اتفاق اللاجئين مع تركيا والتي تخشى انهياره، استبعدت التحدث حالياً عن احتمالية فرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا، في حين أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شافر إلى وجود علاقات اقتصادية وثيقة مع تركيا يستفيد منها الجانبان.
وقالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إنها تواجه منذ اسبوعين عدداً «كبيرا» من الشكاوى التي يقدمها اتراك استهدفتهم حملة التطهير، موضحةً أن «850 شكوى جديدة قدمت اخيرا، بينها 450 فقط الاسبوع الفائت. لكننا لا نعلم بعد عدد (الشكاوى) التي ستعتبر مقبولة في النهاية»، واصفةً هذا العدد بأنه «غير مألوف»، والاثنين، أعرب الأمين العام لمجلس أوروبا الذي تتبع له المحكمة عن قلقه حيال هذا العدد الكبير من الشكاوى التي مصدرها تركيا، حيث ألمحت جهات أوروبية إلى إمكانية تجميد عضوية تركيا بالمجلس التي تعتبر أحد مؤسسيه.
والاثنين، وصف وزير الاتحاد الأوروبي التركي عمر جيليك العلاقات مع الاتحاد بـ»الهشة»، ولفت إلى أنه أبلغ سفراء الاتحاد الأوروبي في أتقرة باستياء حكومته من مواقف الاتحاد، وقال: «نمر بمرحلة حساسة جدا في العلاقات بين تركيا والاتحاد الاوروبي. ان معارضة تركيا في شكل دائم ليست سياسة سليمة».
وبينما استقبل الرئيس الألماني رئيس تحرير صحيفة جمهورييت المعارضة والهارب من القضاء التركي خارج البلاد والذي يحاكم بتهم تتعلق بإفشاء أسرار الدولة، عقدت النائب عن حزب الجبهة اليسارية الفرنسي، البرلمانية الأوروبية «ماريا كريستينا فيرغيات»، مؤتمرا صحافي الثلاثاء، مع ممثل حزب الشعوب الديمقراطي التركي (معارض) في أوروبا «أيوب دورو»، ووجهوا انتقادات حادة للحكومة التركية.
وصرح مسؤول الماني بارز الثلاثاء ان بلاده مستعدة لتوفير الحماية للاتراك الذين يتعرضون ل»الاضطهاد السياسي» من قبل حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان في حملة القمع الواسعة التي تشنها عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وقال مايكل روث وزير الدولة في وزارة الخارجية لصحيفة «دي فيلت» اليومية ان «الناقدين في تركيا يجب ان يعلموا ان الحكومة الالمانية تتضامن معهم».
وأضاف ان ألمانيا «من حيث المبدأ مستعدة لاستقبال للمضطهدين سياسيا» مضيفا ان «في امكانهم السعي للحصول على اللجوء في المانيا. وهذا الامر غير مقتصر على الصحافيين».
والجمعة الماضي استدعت برلين القائم بالاعمال التركي بعد اعتقال عشرات النواب من حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للاكراد.
وفي بيان شديد اللهجة قالت الوزارة ان أنقرة يجب إلا تستخدم حملة القمع ضد الإرهاب كمبرر لاسكات المعارضة.
وفي تكرار لمخاوف الحكومة قال روث «ما يحدث في تركيا الان لا ينسجم مع المبادئ الأوروبية وهي حكم القانون والديمقراطية وحرية الإعلام».
من ناحية اخرى بعث الرئيس الألماني يواكيم غوك رسالة قوية إلى انقرة بتعهده بان تدعم ألمانيا الاصوات الديموقراطية في تركيا خلال اجتماع في وقت متاخر من الاثنين مع رئيس التحرير السابق لصحيفة جمهورييت كان دوندار.
واعرب غوك لدوندار عن احترامه لعمله، حسب ما قالت مصادر حضرت الاجتماع المغلق.
وكثف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الأيام الأخيرة هجومه على أوروبا معتبراً أن دول الاتحاد تحولت إلى قاعدة للمنظمات الإرهابية ـ في إشارة إلى أنصار «بي كا كا» وجماعة غولن-، وقال الاثنين إن المنظمات الإرهابية التي تستهدف تركيا «ليست بالقوة التي تبدو عليها فحسب، إنما يكمن وراءها قوة مختلفة وداعمون ومخططات».
وأمس الثلاثاء، قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم: «أقول لأصدقائنا الأوروبيين الذين يساندون «بي كا كا»، دعوكم من الانشغال بالمسائل القانونية في تركيا، وتحدثوا عن تجار المخدرات من «بي كا كا» الذين يُسممون مستقبلكم وشبابكم»، وذلك في خطابه أمام الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم بالعاصمة أنقرة.
وبينما يلوح مسؤولون أتراك بنسف اتفاقية اللاجئين مع أوروبا بسبب عدم التزامها بتعدها برفع تأشيرة السفر عن المواطنين الأتراك، أكد المفوض الأوروبي المكلف بالمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات، كريستوس ستايليانيدس، استمرار اتفاقية إعادة قبول المهاجرين الموقعة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من تصنيف الاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني على لائحة المنظمات الإرهابية، اعتبرت محكمة بلجيكية، قبل أيام، أن أنشطة المنظمة، لا يمكن أن تُعتبر جرائم إرهابية، لأنها تتم في إطار «كفاح مسلح»، وقالت أنقرة إن هذا القرار «اعتداء مباشر على معاهدة حقوق الانسان الأوروبية».
وخلال الأيام الماضية، نفذ نشطاء أكراد تقول تركيا إنهم على صلة بحزب العمال الكردستاني الإرهابي سلسلة من الهجمات ضد مصالح رسمية وشعبية تركية في العديد من الدول الأوروبية، الأمر الذي زاد من غضب أنقرة التي ترى أن أجهزة الأمن في هذه الدول لا تعمل على منع هذه الهجمات أو ملاحقة مرتكبيها.
ومن ضمن هذه الهجمات، ضرب مواطنين أتراك في بريطانيا، وإلقاء الحجارة والبيض على السفارة التركية في لندن، ومهاجمة السفارة التركية في باريس والقنصلية في مدينة نانت بقذائف الملوتوف، بالإضافة إلى محاولة اعتداء على القنصلية في مرسيليا، كما وقعت أعمال شغب قرب القنصلية التركية بمدينة فرانكفورت الألمانية، وتم إحراق سيارة تحمل لوحة دبلوماسية عائدة لأحد موظفي القنصيلة التركية في ألمانيا وتم ضرب موظف آخر، بجانب الاعتداء على مسجد تابع للاتحاد الإسلامي النمساوي التركي.
إسماعيل جمال
نعم أوروبا وأمريكا دعمتا الإنقلاب الفاشل بتركيا يوم 15-7-2016
والدليل ضغطهما الآن على تركيا بملف حقوق الإنسان وكأن الإنقلابيين كانوا سيحافظوا على حقوق الإنسان ! إزدواجية المعايير !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
قال روث «ما يحدث في تركيا الان لا ينسجم مع المبادئ الأوروبية وهي حكم القانون والديمقراطية وحرية الإعلام».
أي مبادئ هذه التي تجعلكم تتبادلون الود و الصفقات مع إنقلاب دموي في مصر ؟
و أي مباذئ هذه التي تجعلكم أحرص على حياة مدبري الإنقلاب الفاشل في تركيا منكم على ضحاياه ؟
و أي مباذئ هذه التي تجعل محكمتكم البلجيكية تعتبر جرائم بي كا كا الإرهابية تتم في إطار «كفاح مسلح» و هي تفجر المدنيين؟
أما عن حرية الإعلام فلم نسمع له عندكم صوتا و لم نقرأ له حرفا يدين الإنقلاب الفاشل في تركيا و مقتلته .. فأي حرية هذه التي
تجعل الإعلام عندكم ذيل سياسة .. دعوا تركيا و شأنها ، و عن حقوق الإنسان طالعوا تقارير إنتهاكها في أوطان محتلة و أخرى
مستبدة تصادقونها .