عواصم ـ «القدس العربي» ـ من هبة محمد ووكالات: بينما يجري الحديث عن حشود عسكرية كبيرة للنظام السوري حول مدينة إدلب، يبدو أن أمراً ما كبيراً يدور حول مصير المدينة الشمالية، ويحضر له في الكرملين في العاصمة الروسية منذ الأمس، برعاية مباشرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط قلق واشنطن مما يجري التحضير له من تحركات عسكرية للنظام السوري. فقد جرت اجتماعات ثنائية ورباعية وجماعية لوزراء الخارجية والدفاع الأتراك والروس، ومن ثم جرى لقاء مع الرئيس بوتين في الكرملين لبحث الملف السوري.
تزامناً قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة أمس، إن المبعوث الخاص للمنظمة الدولية ستافان دي ميستورا دعا إيران وروسيا وتركيا (ثلاثي أستانة) لمحادثات بشأن اللجنة الدستورية السورية تجرى في جنيف يومي 11 و12 أيلول/سبتمبر.
من جهته أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موعد اجتماع زعماء روسيا وإيران وتركيا المزمع عقده في طهران قد حدد وسيتم الإبلاغ عنه قريباً.
وأكد لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، في موسكو أمس، أن روسيا وتركيا ستبذلان جهوداً مشتركة لإنجاح التسوية السياسية في سوريا. وأضاف: «نظرنا في سير تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد في سوتشي، بما في ذلك ما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية. وهذا العمل جار، وناقشنا مهمة إنهائه في أسرع وقت».
وحذر لافروف من جهود «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) التي تهدف إلى السيطرة على المنطقة، مؤكداً أنه سيعمل على تجنيب المدنيين أي مخاطر عند بدء العمل المرتبط بتطهير إدلب من «الإرهابيين».
بينما بدا الموقف التركي مخالفاً للرؤية الروسية حيث حذر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أمس خلال لقائه لافروف في موسكو من «كارثة» في محافظة إدلب، وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي لافروف «إن حلاً عسكرياً سيسبب كارثة ليس فقط لمنطقة إدلب وإنما ايضاً لمستقبل سوريا. المعارك يمكن أن تستمر لفترة طويلة».
كما جاء القلق الأمريكي مما يدبر لإدلب على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت، التي أكدت أن وزير الخارجية مايك بومبيو، أعرب في حديث هاتفي مع لافروف، عن قلقه بشأن احتمال القيام بعمليات عسكرية في محافظة إدلب السورية، التي تهيمن عليها «هيئة تحرير الشام» أي «النصرة» سابقاً. وقالت نويرت: «ناقش (بومبيو) التحديات في سوريا، وأعرب عن قلق الولايات المتحدة الشديد بشأن الإجراءات العسكرية المحتملة في إدلب».
ومن الملاحظ بحسب مراقبين المحاولات الحثيثة لاغتيال رموز التنظيمات «القاعدية» في إدلب وما وحولها، التي ترفض الانصياع للحلول المقدمة من أنقرة وروسيا، وذلك بهدف اضعاف تلك التنظيمات والسيطرة على قرارها، حيث تطرق مصطفى سيجري رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم التابع لغرفة عمليات «درع الفرات» والمدعوم من تركيا، خلال حديث مع «القدس العربي» إلى عمليات الاغتيال التي تضرب قيادات «النصرة» ومسؤوليها، مشيراً الى أن من يقف خلف تلك العمليات هي قوى خارجية في بعض الأحيان، وتنظيم النصرة نفسه في أحيان أخرى، «حيث يختلف الأمر بين اغتيالات داخلية تأتي بسبب نزاعات بين القيادات وصراع على السلطة والمال والنفوذ، وبين خارجية تقوم بهدف إضعاف القوى الأخرى والشخصيات المستقلة»، بحسب المتحدث.
من وجهة نظر سيجري فإن النصرة تقوم بمهام وظيفية ولن تخرج عن التعليمات الموكلة اليها، مؤكداً ان «مصير النصرة هو الطرد كما هو مصير جميع الميليشيات الأجنبية والطائفية وقوات الاحتلال الروسي».
وعلق سيجري على مستقبل إدلب بالقول «لا يمكن للنظام السوري أن يتقدم شبراً واحداً باتجاه أي من المناطق المحررة الآن في الشمال السوري، «حيث الوجود التركي» وما يشنه من حملات إعلامية دعائية لا يختلف عن الحملات السابقة على عفرين قبل أن يدخلها الجيش الحر وبدعم من الحلفاء في تركيا.
وأضاف «لطالما أن القوات التركية موجودة في الشمال والتعزيزات الآتية من تركيا إلى سوريا مستمرة بشكل شبه يومي، فلا خوف على إدلب ولا على أي من المناطق الأخرى، والخطر يبدأ فقط عندما تشاهدون القوات التركية تنسحب من الأراضي السورية».