اختلال التوازن بين صوت المعركة وصوت الحرية والحقوق الإنسانية… وعيون العدالة نصف مغلقة

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: أينما تولي وجهك في مصر هذه الأيام، لا تسمع إلا حديثا عن مشروع قناة السويس، الذي تتضارب الأنباء عن جدواه الحقيقية، خاصة بعدما تحدث كتاب مقربون من النظام عن ضعف ايراداته.
وبينما ذهب البعض من الإعلاميين والمسؤولين إلى القول إنه سيحقق مئة مليار جنيه سنوياً، «رئيس هيئة قناة السويس أكد ذلك»، ذهب آخرون إلى أن ما هو متوقع من الدخل الإضافي لن يزيد عن أربعة مليارات جنيه، فيما بسطاء المصريون لازالوا على عهدهم عند الحديث عن أي مشروع قومي يعلقون آمالهم عليه لعل وعسى! وفيما استنفرت الحكومة كل قواها من أجل الاحتفال بافتتاح القناة، يوم الخميس المقبل، وشاركتها الفضائيات والصحف الاهتمام الواسع بالاحتفالات المرتقبة، وتوقعات رجال الاقتصاد بما سينهمر على الاقتصاد المصري، صعد المعادون للنظام حروبهم ضد المشروع المرتقب. وإلى صحف الأمس وما قدمته لنا من أخبارمتنوعة:

المصالحة مقبلة

توقع خبراء سياسيون، أن يدفع نجاح مشروع قناة السويس، الدولة لتنفيذ مصالحات مع العديد من جهات المعارضة، في مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين، ما سيؤكد مشروعية النظام مقابل إضعاف موقف المعارضة، بحسب سياسيين. ودلل الخبراء بحسب جريدة «المصريون» على توقعاتهم، بقرار العفو الرئاسي عن 165 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين الصادرة في حقهم أحكام قضائية بالسجن، على خلفية إدانتهم بخرق قانون التظاهر. فضلا عن حالة الشد والجذب التي تشهدها العلاقات المصرية السعودية، بسبب الضغوط السعودية على النظام المصري لإجراء عملية مصالحة، وذلك بحسب مصادر قريبة من صانعي القرار السعودي. وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إنه مع التوقعات بأن يكون افتتاح قناة السويس في 6 أغسطس/آب بداية تحسن العلاقات بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وجماعة الإخوان المسلمين. وأضاف نافعة لـ»المصريون»: «مشروع قناة السويس ارتبط اسمه باسم الرئيس بصورة مباشرة، الأمر الذي أدى إلى الاضطرابات الحالية، إلا أنه إذا نجح افتتاح القناة وحقق ما ينتظره النظام من ورائه، وإذا ما استقرت الأوضاع في البلاد، فإن الفرصة ستكون كبيرة وسانحة لأن يتبنى الرئيس مبادرة لم الشمل مرة أخرى». ووافقه الرأي الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلاً: «هناك العديد من التسريبات التي تفيد بأن هناك قوى خارجية مثل السعودية تحاول الوصول إلى مذكرة تفاهم بين النظام وجماعة الإخوان، وهناك أيضًا في الشأن الداخلي تلك الدعوات التي أطلقها أسامة الغزالي حرب بأن جماعة الإخوان جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني». وأضاف «إذا أردنا جلب استثمارات وتحسين الوضع الاقتصادي في مصر، فعلينا بتهدئة الوضع الداخلي مع الإخوان»، وأشار إلى أنه «لا بد من أن يكون هناك طرف وسيط خارجي يحوز ثقة الطرفين».

مصر تدفع ضريبة الحكم المطلق والإعلام الفاسد

وإلى الحرب على النظام وأذرعه الإعلامية، حيث أكد عمرو حمزاوي في «الشروق» أن أبرز ملامح أزمة الوطن تكمن في العصف بسيادة القانون، وتمرير قوانين وتعديلات قانونية استثنائية، تعيد التأسيس للسلطوية وحكم الفرد: «المكارثيون يجيدون خدمة السلطان، ومتابعة الرقص على عذابات الوطن والتمادي في الترويج للرأي الواحد والصوت الواحد، ومن ثم إلصاق الاتهامات ونزع المصداقية عن المختلفين معهم، وتجريدهم من كل قيمة أخلاقية وإنسانية ووطنية». وتابع: «لا يتوقف المكارثيون أبدا عند الفساد الجلي لضجيجهم، فالهدف هو إما فرض الرأي الواحد والصوت الواحد لمصلحة الحاكم الفرد، أو ادعاء احتكار الحقيقة المطلقة لمن يعارضون الحاكم الفرد ويكثرون التشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، بينما هم يختزلونها فقط في سعي إلى سلطان بديل وفي ممارسة إقصاء بديل». لا يتوقف المكارثيون أبدا عند تهافت بضاعتهم المعتمدة فقط على ثنائية الصواب الكامل والخطأ التام، أو على تنويعات مقولات وطنية زائفة ومقولات تجرد الديمقراطية وحقوق الإنسان من المحتوى الأخلاقي المرتبط بالسلمية وقبول الاختلاف والتسامح والمساواة، والابتعاد عن النزعة الانتقامية، فالهدف هو تأمين الحماية الشخصية والعوائد المالية والمكانة الاجتماعية (وهي دوما قصيرة الأمد لو قرأ هؤلاء التاريخ القديم والحديث)، التي تأتي بها خدمة السلطان وخدمة معارضيه من المكارثيين، أو إنهاء اليوم وقد فرغت طاقات التشويه والتخوين الشريرة، وذُبحت الأخلاق والمبادئ والتقاليد المهنية للإعلام وللصور العامة، في سبيل نزع المصداقية عن المختلفين معهم ــ فنشوه جميعا بزيف مريع وإفك لا نظير له سوى في السلطويات، إما إلى أعداء للوطن ومصالحه وأمنه القومي، أو إلى مؤيدين للانقلاب. لا يتوقف المكارثيون أبدا، وهم يعمرون في الداخل المصري وسائل الإعلام التي تسيطر عليها السلطوية، ويوجهها أعوان الحاكم الفرد، وفي الخارج الإقليمي والدولي وسائل الإعلام التي يديرها المال والمصالح السياسية وعند التداعيات الكارثية لهيستيريا التشويه والتخوين».

مشروع القناة ترف لا يحتمله اقتصاد مصر المنهار

أحد معالم الفوضى السياسية والإدارية التي تعيشها مصر حاليا، أنك لا تعرف أي شيء حقيقي وجاد وعلمي عن أي مشروع، أو حتى مؤتمر يعقد فيها، وهذا ما يسري على مشروع تطوير قناة السويس الجديد، والتفريعة التي تم إنجازها خلال عام، حسبما أعلن، بطول حوالي خمسة وثلاثين كيلو مترا، والمشكلة بطبيعة الحال من وجهة نظر جمال سلطان، رئيس تحرير «المصريون»، ليس في التفريعة ذاتها، ولكن في مبررات إنشائها وفي تقدير قيمتها الاقتصادية والتنموية، بل الأعجب أن الخلاف يأتي حتى حول تصنيفها، هل هي قناة سويس جديدة، أم أنها ترعة، أم أنها عملية تطوير للقناة الحالية، والأمر في ذلك مرتهن بالموقف السياسي، فأنصار السيسي ومؤيدوه يضخمون الأمر بصورة كبيرة، فيعتبرون أن حفر هذه القناة هو معجزة في القرن الواحد والعشرين، وأنها حدث تاريخي، وبالتالي فهناك الاحتفالية التي ستقام يوم 6 أغسطس/آب المقبل كحدث تاريخي، وخصوم السيسي يرون أنها بروباغندا للبحث عن إنجاز بأي شكل وأي طريقة لتبرير القمع وغياب الديمقراطية، وأن حفر «ترعة» لمسافة خمسة وثلاثين مترا حدث هندسي عادي جدا، ولا يستدعي كل هذا الصخب. في القيمة الاقتصادية للمشروع الجديد، تسمع عشرات الأرقام، منها مئة مليار دولار سنويا، كما قال الفريق مميش رئيس هيئة القناة، الذي تراجع عن الرقم بعد ذلك، وبعد اقتراب افتتاح التطوير الجديد، وقال إن الدخل المتوقع سيكون ثلاثة عشر مليار دولار. هناك محللون في صحف موالية للسيسي قالوا إن الجدوى الاقتصادية للمشروع ضعيفة للغاية، وإنها لا تضيف ـ بعد خمس سنوات من الآن سوى 4٪ فقط من دخل القناة الحالي».

التوريث يوجد وكلاء نيابة ضعاف

ونتحول نحو نقد لمؤسسة العدالة، إذ يرى أسامة سلامة في «التحرير» أنه سواء أغلق ملف قضية المستشار رامي عبد الهادي، بعد تقديمه استقالته، أو تم التحقيق معه في ما نسب إليه من طلبه رشوة جنسية من إحدى السيدات مقابل الحكم لصالحها في قضية منظورة أمامه. وبغض النظر عن الملابسات، التي نشرت حول المستشار والقضايا التي أُصدرت أحكام فيها لصالح أو ضد شخصيات عامة وإعلامية، فإن قضية العدالة برمتها تحتاج إلى مناقشات واسعة، ولا يمكن الاكتفاء بترديد مقولات مثل العدالة سليمة والقضاء شامخ. الحقيقة أن مؤسسة العدالة تبدو مريضة، وهناك عدة ظواهر تدل على ذلك أولها: اختلاف المواطنين حول الأحكام التي تصدر، خصوصا في القضايا التي تشغل الرأي العام، المؤكد بحسب الكاتب، أن الغالبية العظمى من القضاة مستقلون، لكن إذا كانت هناك شكوك لدى بعض المواطنين العاديين في الأحكام فهناك مشكلة يجب التصدي لها وحلها سريعا، قبل أن تتضخم وتصبح ظاهرة تجذب قطاعات أخرى. ثانيا: كثرة الأحكام التي تنقضها محكمة النقض، وليت مراكز الأبحاث تجري دراسة عن عدد القضايا التي تصدت لها محكمة النقض، وقضت بإعادتها إلى المحكمة بشكل يثير القلق. ثالثا: التوريث الموجود بقوة في القضاء، وهو أمر لا يمثل مشكلة إذا كان الأعضاء الجدد يستحقون هذه الوظيفة، ولم يحصلوا عليها على حساب من هو أكثر تفوقا في الدراسة. التوريث قد يؤدي في النهاية إلى وجود وكلاء نيابة ضعاف، وقضاة لا يستوعبون القانون وتطبيقاته، والأخطر أنه يولد لدى المجتمع عامة شعورًا بالظلم من مؤسسة العدالة. ويرى سلامة اننا إذا أردنا العدالة حقا فيجب أن تكون العيون مبصرة بمشكلاتها ومتاعبها وأمراضها والعمل على علاجها».

مصر تشق طريق الأمل

وإلى مشاعر الفرح الرسمي والشعبي التي يشير اليها رئيس تحرير «الأهرام» محمد عبد الهادي علام بشأن قرب افتتاح مشروع القناة: «صباح يوم السبت الماضي، شقت ثلاث سفن حاويات عملاقة عباب مياه قناة السويس الجديدة، من البوابة الجنوبية في اتجاه الشمال، حاملة بشرى نجاح أولى تجارب التشغيل لواحدة من معجزات الأيادي المصرية الأصيلة في العصر الحديث، وتغير المزاج العام للمصريين في الساعات القليلة التي تعلقت فيها عيون الملايين بشاشات التلفزيون بالمشهد التاريخي، فيما طيرت وسائل الإعلام الخبر السار إلى كل الدنيا، في إعلان لا يقبل المزايدة أن المصريين يصنعون قصة فارقة جديدة تضاف إلى رصيدهم في العامين الأخيرين بامتياز واقتدار. كان مشهد عبور بحسب الكاتب فسفن الشحن العملاقة وتعليقات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي برامج الفضائيات المصرية والعربية أبلغ رد على حملات التشكيك، وكانت سخرية المصريين من المنتقدين والمتآمرين على المشروع الكبير، درسا قاسيا لكل من حاول أن يهون من الإنجاز ومن تعب وعرق عشرات الآلاف من العمال والمهندسين على أرض الفيروز، ولكل من تغلبت في داخله نزعة الانتقام من الدولة والشعب، وأراد أن يهيل التراب على عزيمة أمة لا تنكسر ولا تتراجع عن حقها في مستقبل أفضل. يتابع علام بعد خمسة أيام من أعظم حدث بنائي تنموي منذ تشييد مشروع السد العالي في ستينيات القرن الماضي، يأتي افتتاح القناة الجديدة ومشروعات أخرى يوم الخميس المقبل، بداية نقلة جديدة في تاريخ مشروع وطني، ستعقبه مفاجآت كبيرة سيعلن عنها تباعا في الفترة المقبلة، وستكون بمثابة حجر الزاوية في بناء دولة مدنية حديثة وقوية لها درع وسيف. ويؤكد الكاتب أن الشواهد المفرحة في الأيام التي تشهد عدا تنازليا قبل يوم الافتتاح لقناة السويس الثانية جاءت كثيرة وموحية وباعثة على الأمل».

رغم القهر طلبة الإخوان الأوائل في الزنازين

لم يكد يقرأ نبأ تفوق طلبة الإخوان المسلمين في الثانوية العامة، القابعين خلف القضبان وفي غياهب سجون الانقلاب، حتى امتلأ قلب وليد شوشة في موقع «إخوان أون لاين» فرحاً فقد «شكلت نتائج الثانوية العامة في مصر فرصة لعدد من معارضي الانقلاب للتحدي والتغلب على الصعوبات التي فرضتها عليهم الأوضاع، وحقق عدد من المعتقلين، أو ذوو أفراد معتقلين أو مطاردين نتائج مميزة في الامتحان، الذي أٌعلن عنه مؤخراً. لقد استطاع هؤلاء الشباب بفضل الله أن يقهروا كل هذه الظروف القاسية الصعبة، ولم يستسلموا لها كما ظن الانقلابيون، بل تحدوها بروح مؤمنة قوية؛ ثمرة تربية وصبر آباء وأمهات أبطال، لإخراج جيل قوي مؤمن بقضيته، مجاهد في سبيل عزة أمته. لقد كان كافياً، كما يشير الكاتب في موقع اخوان اون لاين، على هؤلاء الشباب أن يقهرهم عامل واحد من عوامل الضعف التي تمر بها الأمة في هذه المرحلة العصيبة من تاريخها، كما قهرت الظروف الصعبة عشرات غيرهم، حتى هربوا منها إلى الموت انتحاراً، فلم تطفئ ظلمة السجن أنوار المستقبل عندهم، ولم تطمس ستر الموت السوداء التي أسدلها الانقلاب على البلاد أضواء الحياة، ولم تُغيب حرارة الرحيل والبعد ظلال الإيمان والقرب. فظل عودهم صلبا، وقاماتهم مرفوعة، ولم تنل لهم قناة. لم يستطع الانقلاب رغم ما فعل فيهم من قتل وسجن وطرد أن يحبسهم في همومهم، بل كان داعيا لهم لأن يتقدموا للأمام بعزيمة واصرار المؤمنين. ويستشهد الكاتب بقوله تعالى في سورة آل عمران «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إن النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ».

تقبيل يد الإمام الأكبر ليس فرضاً

حالة من الجدل تعيشها الأوساط الدينية الرسمية، اعتراضا على تصريح الأديب الكبير يوسف القعيد، بأن تقبيل يد شيخ الأزهر من العلماء أمر لا يليق، وأن أمامهم تحديات أكبر من الإصرار على تقبيل يد الإمام، وأن هذا التصرف لن يضيف للأزهر شيئا. ولم يكد القعيد ينتهي من كلماته، بحسب عصام الدين راضي في «فيتو» حتى خرجت العمائم من كل مكان من داخل الأزهر الشريف تسفه من قيمته، وتنكر تصريحه وتعتبره خارجا على إجماع المسلمين، وترى أنه تسرع في حكمه، وعليه التوبة عن خطئه الذي لا يغتفر. وتفرغ وكيل الأزهر الشريف لكتابة البيانات ضد الأديب الكبير، وكأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة.. من حق القعيد أن ينتقد هذا التصرف، ومن حق شومان أن يقبل أقدام شيخ الأزهر وليس يده فقط، طالما أنه يرى هذا ويعتبر أن هذه وظيفته الحقيقية في الجامع الكبير، وأن هذا هو التجديد الحقيقي للدين، وأننا جميعا لا نعي هذا الأمر، وأن الجهلاء منا يفرطون في ثواب كبير سوف يقذف بهم إلى الجنة لو قبلنا يد شيخ الأزهر على الملأ، وأن الإثم والخسران مصيرنا إذا لم نحظ بهذا الشرف، ومن المؤكد أن هذا التصرف الفردي من القعيد سوف يدخله في قائمة أعداء الأزهر والإسلام، بجوار الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الذي يعتبره شومان خطرا على الإسلام. ويرى عصام أن حملة الهجوم على القعيد لم تكن بسبب اعتراضه على تقبيل يد شيخ الأزهر فقط، ولكن بسبب تصريحه قبل أيام أن دعوة المثقفين للأزهر الشريف من أجل تجديد الخطاب الديني، لم تكن سوى «شو» إعلامي، ومنذ هذه اللحظة اعتبرت مؤسسة الأزهر القعيد «مارقا»، ويجب التصدي له بكل الطرق وتشويهه على الملأ؛ لأنه قال ما يؤمن به وليس ما يؤمن به وكيل الأزهر».

الوزيره قلبتها فرحا بلديا

وليس ببعيد عن احتفالات القناة ذلك الهجوم الذي شنه حمدي رزق في «المصري اليوم» ضد وزيرة القوى العاملة: «حركة بلدي، الدكتورة ناهد عشري، وزيرة القوى العاملة، همّت من فرشتها باكراً، وهي فرحانة وبتزغرد، وشدّت الرحال إلى شط القنال، ولبست الكاب في الشمس، ووقفت وسط السمر الشداد، وإذ فجأة، قررت تنقط، سلمت كل عامل 200 جنيه في إيده، وهي فرحانة وبتتصور. يضيف الكاتب ساخراً: الفرحة حلوة ياولاد، والوزيرة نفسها تفرح، مبروك يا دكتورة، الله يبارك فيك يا اختي، تعبت نفسك والله، مفيش تعب، نجاملك في الأفراح، كانت تكفي الزيارة، والمياه المعدنية والوجبات، خطوة عزيزة، ولكن النقوط، حفر القنال يا حاجة مش فرح بلدي، الوزيرة جاية تنقّط. معلوم الوزيرة ست طيبة وعلى نياتها بأمارة بيان الملوخية بالأرانب، ولكن نية الوزيرة كلفت الوزارة 400 ألف جنيه عدًّا ونقدًّا، كل واحد بينقط بمقامه، ومقام الوزيرة ولا مقام الست صباح، صحيح الجود بالموجود، ولكن فين عبدالموجود بتاع الجهاز المركزي للمحاسبات، عندك خبر يا جنينة أفندي ولا أنت مركّز مع وزارة الداخلية، وصلتك الصورة يا محارب الفساد! ويرى رزق أن الصورة بجد محزنة، وكأن الوزيرة تتصدّق على عمال القناة، خد يابني، دي حاجة بسيطة، دخانك، هات بيهم حاجة حلوة للعيال وإنت مروّح، حلّي بقك، أنا زي أختك، أختك ناهد بتاعت القوى العاملة، أنا والست والدتك حبايب من أيام حفر القنال، حبايب الروح بالروح، متكسفش إيدى أُمّال، خد ياوله، بطل كسوف وسلملي على الست الحاجة وبوس لي أم العيال. ويتساءل حمدي بالمناسبة، الـ400 ألف جنيه التي تم توزيعها يداً بيد، النقوط، على حساب مين، من جيب الوزيرة، من مصروف البيت، ولا من الغيط، أقصد من موازنة الوزارة».

رغم «مولد» الكلام الغموض يتزايد

ونبقى مع الحديث عن احتفالات القناة الجديدة، التي يعتبرها محمود خليل في «الوطن» شحيحة للغاية: «الكلام العام عن خطة الاحتفال لا تسمن ولا تغني من جوع، وتوفير قاعدة معلومات دقيقة تؤدي إلى استنارة الرأي العام بالحدث، أمر له ضرورته، خصوصاً أن بين المصريين من يظن أن الاحتفال يرتبط بحدث سوف يؤتي أكله فوراً، وتظهر ثماره ونتائجه الإيجابية في تحسين الأوضاع الاقتصادية المضنية التي يعانون منها بشكل سريع. وهذا الكلام غير حقيقي، وقد أكد المسؤولون عن المشروع ذلك، لكن لم يسع أحد إلى بلورة خطاب إعلامي يقرّب إلى المواطن العادي المسألة ويشرح له أن آثار المشروع سوف تظهر بعد عدة سنوات من تدفُّق الاستثمارات على إقليم القناة، والسر في ذلك بالطبع هو غلبة الرغبة في «الشو» و«الاستعراض» على الموضوعية والدقة في تقديم المعلومات. ومشكلة هذا النمط من الأداء أنه يمكن أن يؤدي إلى إحباط المواطن، بسبب غياب الحقائق التي تضع له الأمور في نصابها. نحن بصدد حدث مهم، لا بد أن تدار الاحتفالية الخاصة به، وكذلك أسلوب شرح أبعاده للمواطنين، إدارة موضوعية، بحيث تضيف إلى المشروع، ولا تخصم منه. على القائمين على تنظيم الاحتفالية التخلي عن منهجية «موضوعات الإنشاء» في أدائهم الشارح لشكلها وموضوعها، لأن نمط أدائهم الحالي لا يقل كوميدية عن أداء طالب الثانوية العامة الذي يستعد للإجابة عن سؤال «التعبير» في امتحان اللغة العربية!».

المصريون منسيون قبل الثورات وبعدها

الحادث المروع لحريق مصنع الأثاث أمس الأول أثار لدى عماد أديب في «الوطن» سؤالاً خطيراً: «هل نحن شعب مهمل في حق نفسه، وفي سلامته وسلامة المجتمع؟ مركب نيلي يغرق بسبب مضاعفة عدد الركاب بشكل مجنون، سيارات نقل قاتلة لأن سائقيها يقودون سياراتهم تحت تأثير المخدر، شباب في عمر الزهور يموت يومياً على المزلقانات التي لا تعمل، ويتساقطون من فوق سطوح القطارات بسبب «التسطيح»! يخاطرون بحياة الناس وكأنهم لا يحبون الحياة ويتمنون الموت! نحن نكاد نكون أكثر شعوب العالم ملاعبة للأخطار وتهاوناً مع الموت! يضيف عماد، نجري عمليات جراحية بلا تعقيم، ونفتح مستشفيات بلا قطن طبي ولا محاليل مطهرة، ونلقن العلم للتلاميذ من خلال معلمين بلا كفاءة وبلا خبرة في التعليم. نشيّد بنايات شاهقة بشكل غير شرعي ونحن نعلم عدم قدرتها على تحمل الأحمال! نفعل ذلك كله تحت شعار «يا عم سيبها على الله»! نحن من الشعوب القليلة التي يموت الناس فيها – بالدرجة الأولى- ضحية للإهمال العام والخاص! ويكشف الكاتب عن أننا الشعب الوحيد في العالم الذي يقف على بعد سنتيمترات محدودة من أي عبوة ناسفة معدة للانفجار ويقوم بتصوير نفسه «سيلفي» وهو بجانب مسرح الجريمة! نحن الشعب الوحيد الذي يعشق الاحتفاظ بفوارغ القنابل المسيلة للدموع وبقذائف المدفعية المتساقطة منذ حروب العلمين و1967 و1973 وحروب معارك سيناء الأخيرة في منازله، بل أن البعض يضعها تحت سرير نومه! لا يمكن أن يكون هذا سلوك من يحب الحياة ويحرص عليها! وبحسب الكاتب فهذا سلوك من يرى أن الموت هو أفضل جائزة يمكن أن يحصل عليها الإنسان في هذا الزمن الصعب!».

عندما اعترف رمسيس الثاني على نفسه

ونتحول نحو «الشعب» التي يهاجم خلالها حلمي قاعود الاستبداد بلهجة ساخرة: «من أشهر النكات السياسية التي شاعت في فترة الستينيات وزمن الهزيمة السوداء، النكتة التالية: عُثر على تمثال تحيّر العلماء في تحديد أصله، فاقترح جمال عبد الناصر إرساله إلى المخابرات ومديرها صلاح نصر، لكشف غموضه، وبعد ساعات قالوا له: لقد تأكدنا أنه رمسيس الثاني. فقال لهم كيف تأكدتم؟ فقالوا: التمثال اعترف يا فندم! وهناك نكتة أخرى ذات دلالة عامة شاعت في الفترة ذاتها؛ تقول، إن زعيما عربيا رسم على ذراعه وشما يصوّر خريطة فلسطين المحتلة، فلما سئل عن السبب، قال: «حتى لا أنسى!»، قالوا له: وماذا ستفعل لو تحرّرت فلسطين والوشم لا يمحى؟ فقال ببساطة: «أقطع ذراعي»! ويرى الكاتب أنه في جمهوريات الخوف وممالكه يلجأ الناس إلى النكتة، يعوّضون بها رعبهم وجبنهم واستسلامهم وتراخيهم في انتزاع الحرية والكرامة ولقمة العيش من اللصوص الكبار وحلفائهم الطغاة الظالمين. حين تقوم أذرع الانقلاب والاستبداد بتعديد الإنجازات الفنكوشية التي حققها الانقلابيون الفاشلون، يسعى الشعب المسكين إلى تعويض القصور بتعديد إنجازات الفاشلين على طريقته الخاصة. ففي مواجهة توحش جمال عبد الناصر وفشله الذريع سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا، يصوغون نكتة التمثال الذي اعترف نتيجة التعذيب، وتستطيع أن تفسر صورة الأسرى المصريين في سجون الانقلاب الراهن ومعتقلاته، وهم يعترفون بأمور لا تمت إليهم بصلة من قريب أو بعيد، مثل التفجيرات وتشكيل خلايا إرهابية، وجماعات عصابية، وتصنيع قنابل وأسلحة وغير ذلك».

إسرائيل إلى زوال وإن طال الانتظار

بلسانهم لا بلساننا وبكتابهم لا بكتابنا، وبنبوءاتهم لا بنبوءاتنا، وبشهادة حلفائهم من المسيحيين الجدد «الأنجليلكيانين»، الذين يناصرون اليهودية، ويساندون دولتهم الإسرائيلية، ويؤمنون بها إيمانهم بإنجيلهم، فإنه لا وجود في عقيدتهم لدولة إسرائيل، ولا مستقبل لها بين الأمم، ولا خير يرتجى لليهود في ظل وجودها، ولا مصلحةً لهم في استمرارها، وهذا من كتبهم وبشهادتهم، كما يشير مصطفى يوسف اللدوي في «الشعب»:
«ليس افتراءً أو افتئاتاً عليهم، ولا محاولةً لحرف كلماتهم، أو لي أعناق نصوصهم، أو تحميل تصريحاتهم ما لا تحتمل، بل هي الحقيقة التي يدركها العالمون، ويتعلمها العامة الجاهلون بأمور دينهم من اليهود وأتباعهم، قبل أن تكون قرآناً يتلى، وآيةً في كتاب الله تحفظ، ونبوءةً عن رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم تصدق. رغم أن التوراة قد اعتراها التحريف والتغيير، وتبدل الكثير منها وغابت بعض نصوصها، إلا أن اليهود، بحسب الكاتب، أكثر من يعلم يقيناً أن كيانهم زائلٌ، وأن دولتهم إلى تفكك، وأن شعبهم إلى شتاتٍ جديدٍ، وتيـــهٍ آخر، وأنه مهما طال الزمن وتأخرت الوقائع، فإن يوم الاستحقاق قادمٌ لا محالة، ووعد الله غير المكذوب عن أحبارهم سيكون، فهو منصوصٌ عليه في توراتهم، ومذكورٌ عندهم بأقلامهم في تلمودهم، ويعرفه المتدينون منهم والعلمانيون، ويؤمن بــــه المسيحيــون كما اليهود، ويرون أن الاستعداد لهذا اليوم واجبٌ، والتهيـــؤ له ضرورة، وإلا فإنه ســـيأتي بغتةً، وسيكون أثره على أجيالهم مدمراً، ونتائجه مأساوية، إلا أن حاخامات اليهود، الذين اعتادوا على تحريف كتابهم وتبديل نصوصهم، يقومون بحذف النصوص التوراتية التي تتعــارض مع أهدافهم، ولا تخدم مشاريعهم، وتلك التي تثبط عزائمهم، وتضـــعف همتهم، في الوقت الذي يثبتون فيه ما ينفعهم ويخدمهم، وما يتفق مع أهدافهم وسياساتهم، ويبررون ما يقومون به، بأنه لحماية وجودهم، وضمان مستقبل أجيالهم.
يضيف الكاتب: بعض اليهود المتدينين يؤمنون بأن كيانهم الجديد آذن بالرحيل، ودق جرس الانطلاق».

حرب على أكثر من جهة

«إحنا في حالة حرب».. و»لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، جملتان تترددان كثيرا، خاصة عند الحديث عن الإرهاب والحرب ضده، كما تشير إسراء عبد الفتاح في «اليوم السابع»:
«طبيعي أن يكون صوت المعركة أعلى من أي أصوات أخرى تطالب بمطالب آخرى مشروعة ومطلوبة ولا غنى عنها، رغم أنه في الإمكان أن يحدث التوازن بين صـوت المعركة وصوت العدل وصوت الحرية وصوت الحقوق الإنسانية، ولكن الموازنة بين هذا وذاك للأسف اختلت. أما عن حالة الحرب فلم تعد فقط في الميادين، لم تعد فقط ضد الإرهابين.
وترى إسراء أننا نعيش حالة حرب على أصعدة مختلفة. حالة حرب في التسريبات، بين الذي يقوم بالتسريب ويذيع وبين الطرف المسرب له، وما أكثر التسريبات المختلفة في هذا الوقت من الزمن، تسريبات من كل نوع. فالسطوة على الحياة الشخصية وسرقتها والتشهيير بها هي صافرة البداية وناقوس الخطر لحالة حرب لم تنته ولن تنتهي إلا بتطبيق الدستور والقانون على الكل سواسية من دون استثناء. حالة حرب بين ثورتين، ظننا أن تكون الثانية تكملة وتصحيحا للأولى، ولكن أبى الطرف الأول المستفيد الأوحد من الثورة الثانية والمتضرر من الأولى إلا أن ينتهز الفرصة وينقض على الثورة الثانية ويشوه ويحرق ويدمر كل من له علاقة بالثورة الأولى، الثورة الأم، الثورة التي لولاها ما ولدت الثورة البنت. حالة حرب ضد شباب الثورة الأولى، أدوات الحرب فيها اعتقال، حبس قانون تظاهر، منع من السفر، تشويه وإساءة للسمعة والطرف الآخر أعزل لا يمتلك أي وسائل لرد العدوان».

حرب ساحلية على المحجبات:
عاوزة تصيفي اخلعي

«ممنوع الدخول للمحجبات» شعار ساخن رفعته مجموعة من الأماكن السياحية، التي انتهجت هذا العام سياسة معادية «للحجاب» وانتشرت عليها قصص المحجبات اللاتي تم منعهن من ممارسة حقوقهن العادية في قضاء الإجازة بصحبة عائلاتهن، بعضهن من اضطر لمواجهة أمن الشواطئ والقائمين على القرى السياحية بعد منعهن بجمل «معلش ممنوع دخول المحجبات»، بعد أن اتجه بعض القائمين على القرى السياحية لتبرير الموقف بعبارة «ما تروحوا الأماكن الخاصة بالمحجبات»، وعبارة «من حقنا نخاف على شكل المكان» وغيرها من الجمل التي جسدت معاناة المحجبات هذا العام، واختار أبطالها مشاركة القصص مع «اليوم السابع» لسرد الحكايات الغاضبة لمحجبات تعرضن للتصنيف والمنع من «مصيف مع العائلة»، على الرغم من تأكيد وزارة السياحة على حرية الجميع في دخول المنشآت السياحية، إلا أن قصص منع المحجبات أثبتت العكس. دينا: «الموضوع مش بحر وحمامات سباحة بس.. في أماكن ما بتتعاملش مع المحجبات بأي طريقة». دينا حسن تجربة أخرى ولكنها واجهت الظاهرة بطريقة مختلفة، فكتبت قائمة بأسماء الأماكن التي تمنع المحجبات من دخولها أو من نزول البحر أو حمام السباحة بالمايوه الشرعي ونشرتها على الفيسبوك، كوسيلة أخرى للضغط على هذه الأماكن، مضيفة أن من الأماكن التي تمنعهن من نزول البحر: فندق فيرمونت، ستيلا دي، فندق أواسيز، فندق مكادي جاردن أزور، ستيلا دي ماري، جي دبليو ماريوت. ومن المطاعم التي تمنع المحجبات من الدخول، بحسب ما نشرت سارة على الفيسبوك، مطعم غابرييل مارينا، ليمون تري، مطعم هايدا اللبناني، وقالت سارة إنها جمعت أسماء هذه القائمة من أكثر من محجبة تعرضن لمواقف مشابهة بهذه الأماكن، مضيفة أن هذه القائمة تتزايد مع تزايد المواقف التي تتعرض لها المحجبات كحملة قوية لمواجهة الحرب ضد الحجاب. وتابعت دينا حسن قائلة أن مطعم «LEMON TREE» يمنع المحجبات من دخوله بعد الساعة السادسة مساء، كما أن فندق «جي دبليو ماريوت» أغلق «الجيم» فيه، لأنه لا يريد دخول المحجبات».

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول R. Ali:

    السيد حسام عبدالبصير … العدالة في مصر عورة وليست نصف عين مغلقة ، بل قل عمياء بلا إحساس أو قل ميتة!

إشترك في قائمتنا البريدية