اختناقات مرورية داخل الطاقم الوزاري في الأردن: وراثة «الرئاسة» عقدة في مواجهة الملقي

حجم الخط
3

عمان ـ «القدس العربي» ـ بسام البدارين: ضرب نائب رئيس الوزراء الأردني جمال الصرايرة عصفورين سياسيين بحجر واحد فجر الأسبوع الماضي، عندما أظهر قدرات على المناورة والمبادرة في احتواء ومعالجة أزمة نقابة المعلمين في الوقت الذي منح فيه في المقابل موقع الرجل الثاني قرينة على الأداء يمكن ان تعيد حسابات من يعتقدون ان وزارة الملقي تبقى فقط في حال بقاء رأسها.
ليس سرا بين الأردنيين القول ان الصرايرة الذي كان وزيرا قبل ربع قرن يتصور نفسه الأحق برئاسة الحكومة مرحليا. وليس سرا ان الرجل انضم إلى طاقم الملقي تحت هذا الانطباع.
لكن المشكلة في الحالة المحلية الأردنية ان الانطباعات وبسبب ندرة المعلومات وغياب الشفافية يمكن ان تعيد تسويق نفسها كحقائق ووقائع مع انها قد لا تكون كذلك.
وارتفع منسوب القلق العام في البلاد بصورة غير مسبوقة عندما هددت نقابة المعلمين بالاضراب عشية موسم امتحانات نهاية السنة. وبدا ان وزير التربية والتعليم المثقف الدكتور عمر الرزاز لا يجيد لعبة لي الذراع مع العمل النقابي ولا يريد أصلا التصدر لأن مهمته الأساسية قد تتطلب ما هو أهم من مناكفة نقابة المعلمين أو الخضوع لها.
عمليا الرزاز قد لا يكون الوزير المعني بإدارة أزمة فيها تصعيد واضرابات. وفي اللحظة التي أعلنت فيها نقابة المعلمين احتجاجا على اخضاع أعضائها لنظام الخدمة المدنية الجديد، نشاطا مزدوجا كان يفترض ان ينظم بتعطيل الدراسة والاحتشاد أمام مقر الحكومة، في هذا الوقت تدحرج ملف المعلمين من تلقاء نفسه بين أحضان الصرايرة.
كان لا بد من تدخل مرجعية حكومية أعلى من وزارة التربية والتعليم بعدما أخرجت لجان مجلس النواب نفسها من الوساطة المحايدة إثر مشادات كلامية واتهامات لوفد يمثل المعلمين.
برز هنا الصرايرة كمعالج لأزمة أو كمنقذ بيروقراطي للمشهد. ورغم ان الاجتماع الذي قاده مع نقابة المعلمين حتى فجر السبت الماضي انتهى بصيغة توافقية تحتوي الانفعال والنشاطات التصعيدية، إلا ان الرأي العام التقط الدور الذي قام به نائب الرئيس الذي يعتبر نفسه معنيا بوراثة الرئاسة ليس فقط بحكم الأمر الواقع ولكن أيضا بحكم غياب رئيس الوزراء لفترات طويلة عن المشهد.
حصل الصرايرة بالموجب على الرصيد السياسي الذي يربطه باحتواء أزمة كان يمكن ان تتطور. فعل الرجل ذلك بالتوازي مع احتجاب رئيس الوزراء عن المشهد العام، والأهم بالتوازي مع الجدل الذي أثير في عمق غرفة القرار حول التداعيات الشعبية للصورة التي كان قد ظهر الرئيس الملقي بها وقد فقد الكثير من وزنه عندما انتقد التعامل مع حالته الصحية وكأنها مسلسل باب الحارة.
ضمنيا وبعد الإخفاق الذي سجل في حادثة التلاسن مع بعض النواب على جبهة الصرايرة، عاد الأخير ليعلن وفي أكثر من لجنة أن في الحكومة رجل ثان يستطيع التعامل مع ملف معقد مثل ملف نقابة المعلمين فقد وضع الصرايرة الوصفة التي أنزلت الحكومة في السياق عن الشجرة بعدما اشترط المعلومون 6 اشتراطات وقبلوا تسويات على أهمها فأعلنوا من عند الصرايرة تأجيل برنامجهم التصعيدي. وهي صفقة لم تكن تمر لولا دور تيسيري للوزير الرزاز.
اهتمام الوزير الصرايرة بهذا المشهد يثبت عمليا ما تردد سابقا عن وجود اختناقات مرورية بسبب تزاحم الصلاحيات داخل طاقم الوزارة خصوصا وان غياب رئيس الحكومة عن المشهد يساهم في الحديث عن احتمالية مرجحة لسيناريو التغيير الوزاري وهو أمر قد لا يحسم في وقت قصير. ما يحاول الصرايرة قوله لكل الجهات ذات العلاقة في الشارع والدولة أنه متاح وموجود في اللحظة التي يتقرر فيها أن يستريح الملقي. وأنه متوفر أكثر وبخبرة مباشرة عندما يتقرر بقاء الطاقم نفسه لإكمال البرنامج نفسه لكن مع رأس جديد من الداخل دون الحاجة لتغيير وزاري شامل.
بعد يومين من تعيينه وزيرا في طاقم الملقي استمع الصرايرة لنصيحة مباشرة لأحد المخضرمين تلفت النظر إلى ان التعديل الأخير الذي دخل للوزارة بموجبه يؤشر على حالة مؤقتة للحكومة وانتقالية قد لا تجاوز ثلاثة أشهر وهو استنتاج وافق عليه الرجل مع التلميح إلى انه جاهز لاستلام مسؤوليات الرئاسة والاعتقاد ان هذا حصريا ما يستقر في ذهن صانع القرار.
مرة أخرى الانطباع الذي يرافق أداء وخطاب الصرايرة هو ذلك الذي يؤشر على انه ينبغي ان يقود الفريق حتى في ظل الرئيس الملقي وقد برزت عبارة بهذا المعنى على هامش نشاط في مدينة المفرق شرقي البلاد أثار فيها الصرايرة الجدل والنقاش عندما خاطب المواطنين باعتباره قد حضر غليه مع طاقمه الوزاري. تلك العبارة دفعت الملقي فيما يبدو لاحقا بعدما استقرت حالته الصحية لاتخاذ قرارات تحت لافتة توزيع الصلاحيات والتفويضات بين أفراد الطاقم وهي خطوة يعتقد ان الهدف منها الحد من طموحات الصرايرة الذي يبدو ان الكيمياء غائبة بينه وبين الأمانة العامة لرئاسة الوزراء ثم نائب الرئيس الثاني الدكتور جعفر حسان.
لكن هذه الطموحات قد لا تشكل عقبة أساسية اليوم لأن المطلوب قبل الانتقال إلى ملف ترحيل الحكومة محطات إضافية من بينها إقرار القانون الجديد للضريبة وعبور الوجبة اللاحقة من رفع الأسعار والضرائب تحت لافتة مواصلة الإصلاح الاقتصادي الخشن.
لذلك يمكن القول في الخلاصة ان أزمة نقابة المعلمين التي ساهم الصرايرة في احتوائها تنطوي على إيحاء بالمزاحمة أكثر مما تنطوي على الإيحاء بتقاسم السلطة والأدوار داخل طاقم الملقي، خصوصا وان النائب الثاني لرئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان غارق بدوره في جزيرته الفنية والتكنوقراطية بعيدا عن رئيسه الملقي وزميله الأعلى مرتبة الصرايرة وحتى بعيدا عن وزير المالية عمر ملحس والتخطيط عماد الفاخوري.

اختناقات مرورية داخل الطاقم الوزاري في الأردن: وراثة «الرئاسة» عقدة في مواجهة الملقي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    إبن الملك ملك وابن الوزير وزير وابن السفير سفير وابن الفقير فقير ! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول وليد عنيزات عمان:

    مبدع دائما في الطرح وفي تحليلك الصحفي الذي ينم عن وعي وإدراك المرحله الحاليه والمقبله وإلى الأمام دائما

  3. يقول Ahmad:

    جميل … من سيدخل … من سيخرج … من سيبقى … من سيغادر …. من تفاوض … من أستنكف … ما فائدة كل ذلك !!! اشخاص موجودين بدوافع و مصالح شخصيه ..

إشترك في قائمتنا البريدية