اخرجوا من عوالمكم ومعتقداتكم الوهمية!

كل الأنظمة السياسية والدينية في العالم، بما فيها الديمقراطية قبل الديكتاتورية تعمد إلى تنميط الشعوب ووضعها في قالب واحد يناسب الأنظمة الحاكمة، ويسير على هواها ثقافياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وحتى دينياً. دعكم من الكلام الفارغ الذي تضحك بها علينا الأنظمة الغربية عن الحرية والتنوع والتعدد، فكله مجرد ضحك على الذقون، لأنه مهما امتلك الإنسان من عقل ومعلومات يظل عرضة لتأثير وسائل الإعلام والأنظمة التربوية والاجتماعية والثقافية والدينية العملاقة المفروضة على الشعوب الغربية. وقد أكد ذلك بصريح العبارة رائد التلاعب بالعقول الأمريكي إيدوارد بيرنيس في كتابه الشهير: «بروباغاندا» الذي كتبه عام 1922، وكان الكتاب المفضل لهتلر ووزير إعلامه الشهير جوزيف غوبلز صاحب مقولة: «اكذبوا ثم اكذبوا حتى يعلق شيء في أذهان الجماهير». وقد أوضح بيرنيس في كتابه أعلاه أنه من السخف أن تصدقوا الشعارات الديمقراطية التي يروّجها الغرب عن حرية التعبير والاختيار والتنظيم، ففي واقع الأمر، هناك حكومات خفية غير الحكومات المنتخبة تسيّر الشعوب وتحدد لها حتى أذواقها في كل شيء، بما فيه الأكل والشرب. ويضيف بيرنيس أن تلك الأذرع الخفية تتلاعب بأذواق وتوجهات الناس بسهولة وتسيّرهم في الخط المطلوب دون أن ينتبه الناس إلى أنهم مسيّرون وليسوا مخيرين في تصرفاتهم الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية. وبالتالي، تخلق تلك القوى الخفية التي تتلاعب بالشعوب، تخلق لكل فرد عالمه الخاص، وتضعه في قوقعة مغلقة، فيظن أن تلك القوقعة التي حبس نفسه فيها هو العالم الحقيقي، وأن الجميع يعيش معه في هذا العالم، ويفكر بنفس الطريقة، ويرى الأمور من نفس المنظار، مع العلم أن هذا تصوّر وهمي يتولد لدى البشر، ويصبح أشبه بحقيقة وهمية راسخة بالنسبة لهم. وعليه، يجب أن يعلم الإنسان، أن العالم الذي حبس نفسه داخله هو عالم وهمي يخصه وحده ولا يشاركه فيه أحد أبداً.
كل إنسان يخلق عالمه ويؤمن بمعتقداته الخاصة، فيظن أن عالمه الخاص هو العالم الصحيح دون أن يعلم أن الآخرين لديهم أيضاً عوالمهم الخاصة التي يعتقدون أنها العوالم الصحيحة. والحقيقة انه ليس هناك عالم صحيح وعالم غير صحيح، بل هناك عوالم مختلفة قد تكون كلها غير صحيحة. لهذا من الخطأ أن نفرض عوالمنا وأفكارنا ومعتقداتنا على الآخرين، ومن الخطأ أن يفرض الآخرون معتقداتهم وعوالمهم الخاصة علينا في ظل هذا التلاعب الخطير بعقول البشر سياسياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً. لاحظوا مثلاً كيف بدأت السعودية تغير توجهات شعبها الدينية وتقلبها رأساً على عقب في عهد ولي العهد الجديد محمد بن سلمان الذي انقلب على النظام الديني والاجتماعي القديم، وبدأ بتأسيس نظام اجتماعي وديني وثقافي جديد لا علاقة له بالنظام القديم. بعبارة أخرى، فإن العوالم التي ظنها الشعب أنها عوالم حقيقية تبين أنها عوالم مصطنعة بطلب من أمريكا كما اعترف بن سلمان نفسه، عندما قال إن نظامنا الديني والثقافي ليس نظامنا الخاص، بل نظام فرضته علينا أمريكا لمواجهة المد الشيوعي. وهذا ينسف معتقدات وأفكار وأوهام الملايين الذين كانوا يعيشون على وقع تعاليم النظام السابق. وبما أننا نرى الآن أمام أعيننا كيف يغيّرون توجهات الشعوب حتى الدينية، أليس حرياً بنا أن نخرج من قواقعنا وعوالمنا الخاصة التي حبسنا أنفسنا داخلها، وظننا أنها العوالم الحقيقية الوحيدة؟
من حقك أن تستمتع بعالمك ومعتقداتك الخاصة، لكن إياك أن تظن أنها الأصح. لا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة غير الله عز وجل، ونحن وعوالمنا ومعتقداتنا وأفكارنا لا نشكل سوى جزيئات وذرات من الحقيقة الكاملة. ويرى الفيلسوف الألماني نيتشه أن بعض البشر لا يستطيعون التخلّي عن أوهامهم التي عاشوا عليها طوال حياتهم خوفاً من التردّي في مهاوي التلف وتنهار حياتهم بكاملها…لذلك نرى أصحاب الدّوغمائية مثل القوميين والإسلاميين العرب لا يريدون التخلّي عن إيديولوجيتهم السقيمة حاملة الشعارات الرنّانة رغم ما أظهرته من فشل وكذب، لأنهم يخشون من انتهاء حياتهم المبنيّة على الأوهام و الخيالات زهاء عشرات السنين.
وقد عرّف الفلاسفة ٌ الدّوغما ٌ بالابن غير الشرعي للفلسفة، لأن الفلسفة تستسلم أمام الحقيقة، أمّا الدّوغما فلا، بل هي ترى الحقيقة المطلقة في ذاتها.
ولو انتبه الحابسون أنفسهم في عوالم ضيقة إلى كلمة يختلفون وتختلفون، وكم مرة وردت في القرآن الكريم لبدأوا يخرجون من قواقعهم. في (113) من سورة البقرة، و(19) يونس، (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) السجدة)، (48) المائدة.
(إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة) (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة)
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) الجاثية) الإسلام نفسه أقر وجود الاختلاف بين الناس في فهمهم و اعتقادهم وتوجههم. حتى القرآن يختلف في فهمه العلماء. وليس هناك فهم موحد.
يقول ديكارت ( 1650 / 1556 ) مقولته الشهيرة (إن العلم لا يبدأ بالشك فقط ولكنه ينتهي بالشك أيضاً)، فالعلم ينسخ بعضه بعضاً ويحوله مرة، ويستبدله أخرى ويطوره مرات أخرى.
اخرجوا من عوالمكم الضيقة، واستمتعوا بالعوالم الأخرى، فالحياة ليس عالماً واحداً، ولا حتى إيماناً واحداً، ليست كلها فناً، أو ديناً، أو فلسفة، أو موسيقى، أو سياسة، أو اقتصاداً، أو رياضة، أو اعتقاداً روحياً يتيماً لا شريك له، فلا تنظروا إلى العالم من منظار اختصاصكم واهتمامكم وهوياتكم وتوجهاتكم ومعتقداتكم الضيقة، بل انظروا إليها نظرة بانورامية، فستجدون أنها أجمل بكثير من عالمكم الضيق الذي ظننتموه العالم الحقيقي. لا أبداً، ليس هناك عالم واحد، بل عوالم بعدد سكان هذا هذا العالم. كلٌ يصنع عالمه الخاص، ويظن أنه العالم…لا يا عزيزي إنه عالمك الخاص الذي لا يمت لعوالم الآخرين بصلة. اخرجوا من قواقعكم!

٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]

اخرجوا من عوالمكم ومعتقداتكم الوهمية!

د. فيصل القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رياض- المانيا:

    تتمة….
    أما بخصوص الفطرة اود ان أسرد قصة فتاة المانية اتت الى المسجد. عبر سرد هذه القصة اود ان اوضح الحقيقة التي نعيشها نتجة  لقلب المفاهيم والتزوير الممنهج التي تعاني منه البشرية لابعادها عن الفطرة السليمة بما فيها من مثل العليا.
    كان صديقي في المسجد، فدخلت الى مكتب المسجد فتاة المانية متحجبة، تلبس جلبابا وتغطي الرأس.
    دخلت الى المكتب فسلمت عليه قائلة: يا أخي لدي اسئلة بخصوص الاسلام وبخصوص التعامل مع المجتمع الالماني غير المسلم. ثم بدأت بطرح الاسئلة وبدأ هو بالاجابة عليها بشفافية ووعي تام. بعد ان انتهى الحوار شعرت الفتاة الالمانية بالذهول. فقالت له، لماذا اذا يتعرض الاسلام الذي يحمل هذه القيم والمثل كالعناية بالجار ومساعدة المحتاج والثورة غلى الظلم  الخ.  لهذا الهجوم الرهيب؟ فاجابها لان ثمة قوى شيطانية واستبدادية عظمى ترى الاسلام حاجز الصد المنيع الاخير القادر على ايقاف الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له البشر بصرف النظر عن دياناتهم والوانهم ولغاتهم. لقد خسر العالم بغياب الاسلام ولكنه قادم. فقالت له بصراحة انا لست مسلمة!!! لقد اتيت الى هنا لاعرف حقيقة ما يقال عنكم ولهذا تحجبت، لابدو مسلمة ولارى ان كان ثمة ازدواجية في الخطاب. فضحك صديقي ثم قال لها:
    هل تسمحي لي، رغم عدم معرفتي لك، ان احدثك عن نفسك؟؟ قالت ماذا تعني؟ قال: انت تعيشين في دوامة من المشاكل وتعانين من الارق والاكتئاب وليس لديك هدفا واضحا في الحياة وتعانين من صراعات نفسية داخلية الخ… صدمت وقالت له وكأنني تعيش معي. قال لها اسمعي، هناك اناس تغيرت فطرتنهم واتخذوا الاههم هواهم. فتماهوا مع الشيطان فاصبحوا لا يميزون بين الخطأ والصواب لان فطرتهم تشوهت. وهناك اناس لم تتشوه فطرتهم بشكل كلي ولم يغطي الران كامل قلوبهم، فهؤلاء وضعوا انفسهم في أماكن لا تلائمهم ولهذا يعيشون في صراع مستمر. وهو يكمل الحديث فاضت دموعها وقالت صدقت. فاسلمت قبل ان تخرج. لا يمكن لمن فهم الاسلام الحق ان يعيش في قوقعة، فالاسلام بحد ذاته افق متسع لكل انسان يحلق فيه افق رحب في حين ينغمس الاخرون في التراب. كل عام وانتم بالف خير وشكرا لك دكتور فيصل وعفوا على الاطالة ولكن هذا الموضوع متشعب وله شجون وشكرا للقدس العربي لسعة صدرهم وتحية للجميع وكل رمضان وانتم بخير.

  2. يقول سلام عادل(المانيا):

    الحقيقة كانت مرآه بيد الله وقعت وتشظت ، كل فرد أخذ قطعة منها ، نظر إليها وخال انه يملكها كاملة. – جلال الدين الرومي

  3. يقول غادة الشاويش- الاردن:

    صباح الخير لقلمك النبيل استاذ فيصل لكنني اختلف معك في بعض ما ورد في مقالك واحب قبل أن تبدأ أن اشير إلى قوله تعالى :
    *(ولا يزالون مختلفين الا ما رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)
    *لكنني لا أوافق معك انه بات ممكنا البقاء في أي قوقعة في عالم أصبح قرية صغيرة بعد ثورة الاتصالات والإنترنت نحن في سوق عالمي للافكار نحن في سياحة كونية بانورامية نعم لكن هذا يمنحنا ميثاقية لبعض ما نؤمن به من أفكار ويطرح على عقولنا شكا في بعضها الآخر لكنني لا اتفق أن الحقيقة التي يبنيها كل منا بعد بحث ونظر هي نسبية دوما بسبب أن هناك من يؤمن بعكسها !! بل لا بد أن أحدا منا أو كلانا اصاب من الحق كله أو بعضه وذا لم بين الإنسان منا تصورا خاصا به يثق به ويرى تجليات حقه وترديات باطله واوهامه في جولات الفكر والنظر الى المجتمعات التي تفتقر إلى أشياء موجودة في مجتمعات أخرى فإنه سيبقى في حالة استقالة عقلية وتردد ثقافي تضيع معه الحياة الأولى لمن يؤمن بها فحسب والحياة الأولى والاخرة لمن يؤمن لكليهما نحن اعقل المخلوقات على وجه الكوكب ونحن أسياد عقولنا وإذا كان الشك يفرض نفسه طريقا حتميا للبحث والإيمان بحقيقة ما فلا اظن ان الشك بعد الشك يبني حقيقة أو إيمانا انه يبني حالة إلغاء للعقل وتقليل من سطوع الحقائق التي بحثها المرء ليصل إلى شاطيء ومرفأ بعد طول إبحار… وحتى الشك الذي قد يطرأ على فكرة اعتنقتها بعد بحث فإنه قد يعدل في تصورك لفكرة ما أو يعمق إيمانك بها ويجذره فالحقائق الجديدة قد تاتي داعمة لفكرة أو تصور اعتنقته وليس بالضرورة ناسفة له لهذا قد يكون تعرض الفكر لاختبارات متنوعة عبر النظر إلى البانوراما الكونية محذرا لفكرة ما ومؤكدا لصوابيتها وليس بالضرورة ناسفا لها ولست من معجبي ولا منظري الفلسفة اللاأدرية القائمة على فكرة أن كل حقيقة تصل إليها قد تكون باطلة أنها الفاء متسلسل غبي لكل الحقائق وتحويل الإنسان الى كائن لا يملك أي معتقد أو فكر سوى الشك في كل ما يصل إليه انه تفريغ لقيمة البحث الباسل بوضعه تحت سيف الاحتمال دااائما انه يعني الحياة بلا مبدأ واضح أو تصور موثوق بل الدخول في تسلسل شك يعني عدم وجود.شيء اسمه قناعة عقلية أو فكرية أو روحية جازمة وهو الغاء مقيت لسلطة العقل وقوة النظر !! وتفريغ لكل حقيقة عبر هزها بمنطق انه مشكوك فيها !

  4. يقول غادة الشاويش- الاردن:

    اما عن لتوظيف السياسي للافكار والمعتقدات الدينية منها والايديولوجية فهو ديدن جميع أنظمة العالم ولكن تعليب الجمهور ليس ممكنا في عالم الانترنت والسفر زوجة.طبقة مغتربة بل هناك دعم لفكرة مقابل فكرة لغرض خارج ثالث مختلف عن الفكرتين
    لكن اعتناق أولي النهى لاي فكرة ليس وليدة بالضرورة لمختبرات الأنظمة السياسية والتها الاعلامية وحسبك بقاء الفكرة المدعومة من السلطة في صراع مع نقيضها دليلا على أن الناس ليسوا دائما ضحايا اعلام القوة الغالبة أو النظام المسيطر لهذا كان هناك ثوار دوما يفوزون برأي الجمهور رغم أن الآلة الاعلامية والسياسة الدولية والمحلية ضدهم مصر نموذجا فيها إسلام علي جمعة وفيها إسلام سليمان خاطر ومحمد ابو زهرة والقرضاوي وحسن البنا وفيها إسلام محمد عبد السلام فرج هل هؤلاء نسخة صنعها النظام ام ميلاد لثوار فكر جدد

  5. يقول عبد الرزاق مغربي مقيم بألمانيا.:

    أتفق تماما مع ما كتبه الأخ رياض-ألمانيا.

  6. يقول ahmad=Netherlands:

    الاستاذ فيصل القاسم;يقول ابن خلدون في مقدمته ان اي شعب او اي امة لكي تستمر ولن تنتهي يجب ان يكون لديها شيء تؤمن به دين او معتقد.وتقول باتريشيا كرون في كتابها و هي مؤلفة و مستشرقة و مؤرخة للدين الاسلامي;بأن الحضارة الإسلامية هي الحضارة الوحيدة في العالم التي استمرت في حقبتها التشكيلية إلى ما بعد الألف الميلادية الأولى. إن ظهورها بالتالي يشكّل حدثاً غير اعتيادي، وبسبب جملة من الأسباب ذات الصلة، يبدو الحدث حدثاً متميّزاً .ما قالته با تريشيا كرون يؤكد صحة كلام ما قاله ابن خلدون و هذا حقيقة و واقع والدليل بعد انهيار الخلافة العثمانية جاء الاستعمار الاوربي و رحل الاستعمار وبقيت الشعوب العربية على دينها.لا احد يستطيع ان يلغي الدين لا قائد عسكري و لا جيش.و كل انسان هو حرّ يريد ان يصبح ملحد او ان يترك الدين وفي النهاية ليس كل الناس سيصبحون ملحدين و بلا دين ،بل سيبقى هناك ناس مؤمنين و من جميع الاديان .و في جميع الاديان يوجد فرق و طوائف و مذاهب.و كما يقول اللبنانيين كل من على دينو الله يعينو.

  7. يقول حي يقظان:

    أخي الكاتب الإعلامي فيصل القاسم،
    جميلٌ ورائع، حقًّا، أن تثيرَ فضولَ القارئات والقراء، على المستوى الإعلامي الصرف، منوِّهًا بذلك عن دوغمائيات «القومجيين» و«الإسلامويين»، وعن إيديولوجياتهم المريضة والمثيرة للقرف والاشمئزاز في بلادنا، تلك الإيديولوجيات التي لا تستأهل حتى التسمية المزعومة «إيديولوجيات»، مهما كانت ضحالتها وسطحيتها في أيِّما سياق سياسي كان.
    ولكن، ما أرجوه منك من هذا الخصوص، يا صديقي، هو ألاَّ تحاولَ أن تدعِّمَ أقوالك الإعلاميةَ الصرفةَ هذه عن طريق الإشارة العابرة، أو غير العابرة، إلى قضايا لاهوتية وفلسفية متناقضة على نحوٍ سافرٍ، على المستوى غير الإعلامي الطافر – اللهم إلاَّ إذا لم يكنْ لديك أيُّ مانع من أن تكشف عن جهلك بهذه القضايا اللاهوتية والفلسفية كشفًا ديمقراطيًّا ليبراليًّا، على الملأ كلِّهِ.
    فعلى سبيل المثال، وردت في المقالِ جملتان متتاليتان ومتناقضتان كل التناقض، إحداهما ذات طابع لاهوتي والأخرى ذات طبيعة فلسفية. فمن ناحية، تقول جازمًا: «لا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة غير الله عز وجل، ونحن وعوالمنا ومعتقداتنا وأفكارنا لا نشكل سوى جزيئات وذرات من الحقيقة الكاملة». وقد يكون هذا القولُ صحيحًا، لا بل يقينًا مُطلقًا، بالنسبة لمن يؤمنون بوجود الله وبعزته وبجلاله. ومن ناحية أخرى، تقول مردفًا بنبرةِ الجزمِ ذاته: «ويرى الفيلسوف الألماني نيتشه أن بعض البشر لا يستطيعون التخلّي عن أوهامهم التي عاشوا عليها طوال حياتهم خوفًا من التردِّي في مهاوي التلف وتنهار حياتهم بكاملها». ومَنْ مِنَّا، في هذه القرينةِ، سوى الجاهلين بتلك القضايا اللاهوتية والفلسفية، لا يعرف بأن الفيلسوف نيتشه كان من أوائل الملحدين بوجود الله، لا بل من أوائلِ المؤمنين بـ«موت الله» – خاصة وأن هذا الفيلسوفَ كان يشير بتلك «الأوهام» التي عاش عليها البشر طوال حياتهم إلى «أوهام الإيمان بالله»، في حد ذاتها؟!

  8. يقول فؤاد مهاني المغرب:

    أخي العزيز سيريا،الإعلامي الكبير فيصل القاسم شرح الآية القرآنية من منظوره الخاص ولا يعني أن له نية مبيتة فيما كنت تتهمه.ففيصل القاسم رجل عربي شريف ينضح بالعروبة ويحترم الإسلام لاحضت ذلك في متابعتي لبرنامجه الشيق من الألف للياء الإتجاه المعاكس.
    هذا من جهة ومن جهة ثانية فالإختلاف طبيعة البشر.فحتى الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا سياسيا كما في الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية.
    أما عقائديا ففي القرآن والسنة النبوية والإسلام بصفة عامة كل الحلول لمشاكل الدين والدنيا بأسرها وبشهادة عباقرة ومفكري الغرب.
    سؤلا أميركيان كيف أسلمتما فقال عن طريق بوش وهو يردد الإسلام الإسلام في خطاب 11 سبتمبر 2001.فبدأنا نبحث في النت عن هذا البعبع الذي يخيفنا به بوش فانتهى بنا الأمر إلى النطق بالشهادتين.فالعالم أصبح قرية صغيرة بفضل العولمة رغم مساوئها لأنها سيف ذو حدين.

  9. يقول فؤاد مهاني المغرب:

    ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) هذه الآية موجهة للمسلمين كافة الذين يؤمنون بالله وباليوم الآخر.موجهة بصفة خاصة لمن يجهل بعض الأمور الدينية من شريعة وعقيدة.هؤلاء لا خلاف معهم ولا إشكال لأنهم يودون المعرفة .لكن الإشكال الكبير هو فيمن يخالفك ليس عن جهل ولكن عن تجاهل.يعرف الحق ويزوغ عليه مهما حاولت إقناعه وطلبت منه أن يأتي بدليل فيما يدعيه بالإحتكام للقرآن والسنة النبوية فلا يستطيع.يهرب إلى الأمام ويحاول لي كلام الله فيما يوافق هواه مستمرا في ظلاله وإظلال آخرين.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية