دمشق – «القدس العربي» : بينما يستكمل النظام السوري تسيّير قوافل المهجرين من بلدات الغوطة الشرقية، باتجاه مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، حيث ناهز عددهم حتى مساء يوم أمس الاثنين قرابة 10 آلاف شخص، من مدن حرستا وعربين وبلدات عين ترما وزملكا وحزة وحي جوبر شرق العاصمة، يبقى مصير مدينة دوما المحاصرة من جميع الاتجاهات، قيد المجهول، فيما تجري لجنة من دوما جلسات تفاوضية مع الجانب الروسي للبت في مصير المدينة. يجري ذلك بالتزامن مع ازدهار أسواق النظام السوري السوداء بعد تهجير أهالي ريف دمشق وسرقة ممتلكاتهم.
اللجنة المدنية المشاركة في عملية المفاوضات، أوضحت ان اللقاء مع الجانب الروسي، تطرق إلى شرح الأوضاع المزرية لمراكز الإيواء التي يحتجز فيها المدنيون الخارجون من الغوطة مؤخراً، كما توصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي حول تبادل جثث الضحايا من موقوفي عدرا العمالية الذين قضوا تحت القصف الذي استهدف أماكن تواجدهم، مع السماح بإيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية بالدخول إلى المدينة وسط التأكيد على استمرار وقف إطلاق النار طيلة فترة المفاوضات، فيما سيستكمل الحوار حول المبادرة في غضون أيام. ووصفت اللجنة جولات المفاوضات التي تخوضها بأنها صعبة للغاية، ولا يتوقع منها نتائج سريعة، مشيرة إلى ان المرحلة تحتاج إلى التماسك وأخذ الحيطة والحذر.
المتحدث الرسمي باسم اركان جيش الإسلام حمزة بيرقدار نفى الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام حول توصل الجيش الروسي إلى اتفاق مع جيش الإسلام، يقضي بخروج مقاتليه من الغوطة الشرقية وترك سلاحهم، وقال في تصريحات صحافية ان المفاوضات الجارية هي من اجل البقاء في المدينة لا الخروج منها، مضيفاً «المفاوضات جارية دون الوصول إلى اتفاق نهائي حتى هذه اللحظة، وان محاولة الإصرار على التهجير سيكون كارثياً».
جاء ذلك رداً على تصريحات نائب رئيس إدارة العمليات للأركان الروسية، ستانيسلاف حجي محميدوف، التي قال فيها ان «المسلحين في مدينة دوما السورية مستعدون لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة في أقرب وقت، وإنهم على اتصال بضباطنا من مركز المصالحة، وأعتقد أننا سنخرجهم في أقرب وقت ممكن من دوما» مشيراً إلى أن المشكلة الوحيدة هي فقط في عدد وسائل المواصلات التي يمكن أن يوفرها الجانب السوري، ورغبة المسلحين في الوقت الحالي نعتقد أننا سنحل المسألة، لأنهم مستعدون بالفعل لإلقاء السلاح في أقرب وقت».
استبعاد سيناريو حرستا!
واستبعد بيرقدار تطبيق سيناريو حرستا والقطاع الأوسط على مدينة دوما، وقال ان الشبان الذين خرجوا من منطقة الغوطة الشرقية قد سحبهم النظام إلى خدمته الإلزامية، مضيفاً أن كل من سيفكر بالخروج من الغوطة سيكون مصيره مجهولاً. وأشار إلى أوراق القوة التي يملكها جيش الإسلام مثل سلاحه الثقيل والأسرى الموجودين لديه، وهو ما يفاوض عليها مشيراً إلى أن تسليم السلاح الثقيل أمرٌ مرفوض تماماً، أما ورقة الأسرى، فهم ضيوف يوفر لهم جميعَ مقومات العيش المتوافرة في المنطقة في ظل الحصار، حسب المصدر.
وفي موازة هذا الموقف، برز تسجيل صوتي للمتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن وائل علوان اتهم فيه جيش الإسلام بتسليم 8 بلدات من الغوطة الشرقية خلال الحملة الأخيرة لقوات النظام السوري، وذلك في غضون 12 ساعة، كما اتهم جيش الإسلام بمفاوضة الروس على الآثار والأموال، متهماً المتحدث الرسمي باسم جيش الإسلام محمد علوش بـ»الوقاحة» وأنه وراء اجبار الجميع على المفاوضات المنفردة لبلدات الغوطة الشرقية الواحدة تلو الأخرى.
وقالت مصادر ميدانية مطلعة لـ»القدس العربي» ان قوات النظام اعدمت ميدانياً 23 شابًا من أبناء مدينة كفربطنا خلال اقتحامها يوم امس للمدينة، وسط الحديث عن غموض يلف مصير 5 نساء يرجح اعتقالهن من قبل قوات النظام خلال دخولها المدينة، حيث يتخوف الأهالي من مصير مشابه مع دخول قوات النظام إلى المناطق التي سلمتها فصائل المعارضة في ريف دمشق، قبيل تهجيرهم إلى الشمال السوري.
رحلة التهجير
وكانت انطلقت امس الاثنين من عربين، القافلة الثالثة من مهجري «القطاع الأوسط» في الغوطة الشرقية والتي ضمت حسب مصادر إعلامية موالية 41 حافلة، نقلت 2701 شخصاً بينهم 590 مقاتلاً من فيلق الرحمن، وعائلات من جوبر وزملكا وعربين وعين ترما في الغوطة الشرقية باتجاه شمالي سوريا. فيما كانت قد وصلت الدفعات الأولى والثانية إلى مدينة قلعة المضيق بريف حماة شمال غربي سوريا، حيث وصلت القافلة الثانية امس الاثنين، وضمت 77 حافلة، أقلت نحو 5 آلاف شخص، بموجب اتفاق التهجير المبرم بين فيلق الرحمن والنظام بضمانة روسية، فيما كانت القافلة الأولى من مهجري القطاع الأوسط قد خرجت يوم السبت وأقلت نحو 1000 شخص ضمن 17 حافلة.
كما انتهت عمليات إجلاء مدينة حرستا بموجب الاتفاق بين حركة احرار الشام الإسلامية وممثلي موسكو والنظام، وبلغ عدد مهجري المدينة من عسكريين ومدنيين نحو 5000 شخص، وبذلك بلغ عدد المهجرين من بلدات الغوطة بمجملها خلال الأيام الفائتة قرابة 10 آلاف شخص ما بين مدني وعسكري، وسط استمرار عمليات التهجير.
من جهة ثانية دعا المجلس المحلي لمدينة الأتارب في ريف حلب أهالي المنطقة للاستعداد من اجل استقبال مهجري الغوطة الشرقية، حيث توجه الأهالي وقدموا المساعدات الأساسية من معونات غذائية وبطانيات فيما قدم بعض المقتدرين بيوتاً فارغة ومساحات من الاراضي من اجل إقامة مخيمات إيواء مبدئية للمهجّرين.
المجلس المحلي لمدينة الارتاب أوضح عبر صفحته الرسمية تجهيز المعنيين لمركز مؤقت لاهالي الغوطة الشرقية، وذلك «ضمن الامكانات المتواضعة» مضيفا أن ذلك سيكون مؤقتا ريثما يتم ايواؤهم في منازل لائقة، ودعا المجلس أهالي البلدة لاستضافة العائلات القادمة من الغوطة في المنازل الفارغة كما ناشدهم التبرع بالمواد الأساسية لمساعدة المهجرين.
الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف قال امس الاثنين انه «خلال يومين تم إخراج 6441 مسلحاً مع أفراد عائلاتهم من بلدة عربين إلى ريف إدلب، وقد تم ضمان سلامة الطريق من قبل الشرطة السورية تحت إشراف ضباط مركز المصالحة الروسي وممثلي الهلال الأحمر العربي السوري».
وبعد كل توسع جديد لنفوذ قوات النظام السوري، وازدياد رقعة سيطرتها التي تتواصل مع استكمال عمليات التهجير القسري، اعتاد السوريون على ممارسة تلك القوات لعمليات سرقة وتفريغ محتويات منازل المنطقة من أثاث واغراض وتجهيزات المحال والمراكز التجارية، في عملية معروفة باسم «التعفيش»، وفي هذا الصدد أفادت مصادر محلية بسرقة ميليشيات النظام ممتلكات أهالي حرستا ومحتويات المنازل إضافة إلى سرقة الحافلات.
وكشف المصدر عما وصفه بازدهار أسواق النظام السوداء و»مزادات الشبيحة» في مناطق التي تسيطر عليها قرب دمشق ومنها عش الورور وأسواق حي جرمانا الذي ينتعش بعد كل عملية تهجير على تخوم العاصمة، مثله مثل باقي الأسواق التي تعرف بـ «أسواق السنة» أو «تشليح السنة» المنتشرة في حي المزة 86 إضاقة إلى «مساكن السومرية».
” اعتاد السوريون على ممارسة تلك القوات لعمليات سرقة وتفريغ محتويات منازل المنطقة من أثاث واغراض وتجهيزات المحال والمراكز التجارية، في عملية معروفة باسم «التعفيش»،” إهـ
أصبح التعفيش ليس حكراً على النظام فقط
والدليل هو ما جرى بمدينة عفرين
ولا حول ولا قوة الا بالله