الرباط ـ «القدس العربي»: جددت إسبانيا دعمها لاستراتيجية المغرب في مجال مكافحة الإرهاب التي تتجلى في تعزيز الأمن والتنمية الاقتصادية الشاملة وتعزيز التسامح الديني وشكرت المغرب لمنحه «تسهيلات» لإجراء عملية التفاوض بين الأطراف الليبية من أجل التوصل إلى حل سياسي.
وعبرت إسبانيا والمغرب في بيان مشترك بعد الدورة الـ11 للاجتماع رفيع المستوى المغرب إسبانيا، الذي عقد الجمعة في العاصمة الإسبانية مدريد برئاسة رئيسي حكومتي البلدين عبدالإله بن كيران وماريانو راخوي عن «ارتياحهما للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب النووي» والتزامهما بتعزيز هذا التعاون من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل تنظيم التدريبات المتعلقة بالنقل الآمن للمواد النووية والمشعة، الذي أقيمت خلال هذا العام بشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأعربا عن «ارتياحهما لمساهمة المغرب وإسبانيا كرئيسين لمجموعتي عمل من أجل إعداد خطة عمل سيتم اعتمادها في القمة المقبلة حول السلامة النووية».
وقال البيان ان المغرب رحب بتنظيم إسبانيا، في شهر تموز/يوليو المقبل في مدريد، لدورة مفتوحة للجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب التي ستخصص لظاهرة المقاتلين الأجانب.
وأكد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، أن بلاده تربطها في المغرب حاليا علاقات «ممتازة ومتميزة» وأن الزيارات واللقاءات الدورية بين المسؤولين في البلدين مكنت من تعزيز «الثقة المتبادلة» بـ»التسريع والتصميم لمواجهة التحديات المشتركة»، مؤكدا عزم المملكتين المضي قدما في هذه العلاقة «المتميزة».
وقال راخوي «لقد بذل المغرب جهودا كبيرة في السنوات الأخيرة، وهو يشكل نموذج البلد الذي يسجل نموا اقتصاديا مهما، كما نجح في الحد من اختلال التوازنات الماكرو- اقتصادية» وقال إن الاجتماع الـ11 الثنائي كان «مثمرا»، حيث بحث الجانبان خلاله قضايا سياسية واقتصادية، فضلا عن القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل التعاون القضائي والأمن ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية وأكد «عزم والتزام» البلدين لعقد هذا الاجتماع.
وفي ما يتعلق بالتعاون الثنائي في المجال الأمني، أشار رئيس الحكومة الإسبانية إلى أن مكافحة الإرهاب الجهادي يعد «أولوية مشتركة بين البلدين»، معربا عن ارتياحه بقوله «نحن نعمل بشكل وثيق في هذا المجال»، ومذكرا بأن الإرهاب «ظاهرة لا حدود لها، وتعرض سلامة مواطنينا للخطر كما تهدد نموذج التعايش في مجتمعاتنا».
وأكد راخوي أن الاجتماع رفيع المستوى شكل فرصة لمناقشة التعاون التجاري بين البلدين، مشيرا إلى أن الجانبين شددا على «أهمية تعزيز العلاقات التجارية، الاقتصادية والاستثمارية». حيث أصبح المغرب ثاني أكبر شريك تجاري لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة، كما تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب بـ17 ألف شركة إسبانية تصدر منتجاتها للمغرب. وأشار المسؤول الإسباني إلى أن منتدى الأعمال المغربي – الإسباني الذي عقد بالتزامن مع الاجتماع رفيع المستوى بمبادرة من الاتحاد العام لمقاولات المغرب واتحاد أرباب العمل الإسباني سيعطي دفعة جديدة لهذه العلاقة الاقتصادية الهامة.
وأكدت إسبانيا والمغرب، مجددا، في البيان المشترك على ضرورة تفعيل اتحاد المغرب العربي واعتبر البلدان أن اتحاد المغرب العربي يشكل «خيارا جيو- سياسيا حتميا» والتزما بتفعيل الحوار بين الاتحاد الأوروبي واتحاد المغرب العربي، فضلا عن مبادرة 5+5 الذي يعقد اجتماعها الدوري لوزراء الشؤون الخارجية قريبا في المغرب.
وجدد الطرفان، أيضا، التزامهما التام لفائدة (الاتحاد من أجل المتوسط) باعتباره إطارا ملائما للشراكة القوية والمتضامنة بين ضفتي المتوسط. وأشادا بإطلاق الجامعة الأورو- متوسطية في فاس.
وأشاد المغرب بمبادرة إسبانيا التي احتضنت، في شهر نيسان/أبريل الماضي بمقر الاتحاد من أجل المتوسط ببرشلونة، اجتماعا لوزراء الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي مع نظرائهم لبلدان الجوار جنوب المتوسط، بهدف إطلاق تفكير في مستقبل هذه السياسة. ودعت مدريد والرباط إلى سياسة أوروبية جديدة للجوار تهدف إلى تنفيذ مفهوم التباين.
وجددت إسبانيا التزامها لفائدة تنفيذ أمثل للوضع المتقدم الذي يتمتع به المغرب لدى الاتحاد الأوروبي وأشاد الطرفان بالتقدم المحرز في مجال الشراكة المتحركة، والتعاون العابر للحدود ومخطط العمل 2013 – 2017 المتعلق بالتقارب القانوني وأهمية إبرام اتفاق للتبادل الحر شامل ومعمق بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، يدمج، على الخصوص، بعدي «التنمية والمصاحبة» وأكدا إرادتهما في تعزيز التعاون المشترك في مجال مشاريع التوأمة المؤسساتية، في إطار الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وسجل الطرفان طموحهما المشترك لفائدة تنمية واستقرار القارة الأفريقية. وتوصل المغرب وإسبانيا، باعتبارهما مركزين لوجيستيين بين القارتين، إلى ضرورة استكشاف كل الفرص المفتوحة في إطار الشراكة بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي، خاصة في مجال الربط اللوجيستيكي.
وأشادت إسبانيا بحضور المغرب كملاحظ مشارك خلال المؤتمر الإيبيرو- أمريكي، ما يبرهن على قوة وحيوية الصلات الثقافية واللغوية بين المغرب والفضاء الإبيرو- أمريكي. وسجل الطرفان، بارتياح، أن مبادرة الوساطة المغربية الإسبانية في المتوسط، تتطور بشكل إيجابي، وتعزز مواقفهما كفاعلين في مجال السلام، والنهوض بالاستقرار في المنطقة.
محمود معروف