استقبال السيسي عددا من مشايخ القبائل في سيناء… ومحاولات استرداد أموال مبارك ورجاله من بنوك سويسرا

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: عكست الصحف القومية الصادرة أمس الاثنين 3 نوفمبر/تشرين الثاني، اهتمامات النظام بعدد من القضايا الخارجية التي يوليها اهتماما كبيرا مثل العلاقات مع إثيوبيا التي تشهد تطورات إيجابية وزيارة عدد من الوزراء لإثيوبيا على رأسهم وزير الخارجية سامح شكري، الذي يبحث في القضايا التي سيناقشها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي أثناء حضوره أعمال القمة الأفريقية في العاصمة أديس أبابا. كما وصل الوفد الوزاري المصري المشارك في أعمال اللجنة المصرية الإثيوبية المشتركة مفاوضاته مع الجانب الإثيوبي لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وقيام رجال الأعمال المصريين بالاستثمار في إثيوبيا، وتولي مصر تدريب كوادر طبية وإرسال بعثات من جانبها وقبول طلاب إثيوبيين في الجامعات والمعاهد.
كما يولي النظام أيضا اهتماما كبيرا بعرض ملف مصر غدا الأربعاء أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في اجتماعاته في جنيف بسويسرا والرد على الاتهامات الموجهة لها بانتهاك هذه الحقوق، وأيضا المحاولات التي يقوم بها في سويسرا الوفد المصري عالي المستوى، برد أكثر من أربعمئة مليون فرنك سويسري مودعة في بنوكها، خاصة بالرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، وعدد آخر من رجال نظامه، وكانت سويسرا قد قامت من تلقاء نفسها بتجميدها بعد ثورة يناير/كانون الثاني وأعلنت عن حجمها، مما شكل إحراجا شديدا لمبارك.
واهتمت الصحف القومية والخاصة باستقبال الرئيس عددا من مشايخ القبائل في سيناء وكلف المجلس التخصصي برئاسة الجمهورية بالاستماع لمطالبهم لتنفيذ ما يتفقون عليه فورا. كما استقبل القاضي الدولي السابق الدكتور عبد المنعم رياض رئيس وفد تقصي الحقائق للأحداث التي وقعت في رابعة والنهضة، وحرق أقسام الشرطة والكنائس والعمليات الإرهابية في الداخل وسيناء، كما أعلنت اللجنة أنها ستعلن عن تقريرها بعد الانتهاء منه في مؤتمر علني . واهتمت الصحف باستمرار قوات النخبة من الجيش والشرطة مدعومة بطائرات الآباتشي في مداهمة الأماكن المشتبه في وجود إرهابيين ومطلوبين فيها وتنفيذ التعليمات بصرامة وهي إما الاستسلام أو القتل فورا وتدمير المبنى الموجودة فيه تلك العناصر. وساد الهدوء معظم الجامعات فيما عدا مظاهرات محدودة هنا وهناك وتم فصل عدد آخر من الطلاب أدانتهم لجان التحقيق بالجامعات في أعمال عنف بعد أن التقطت الكاميرات صورهم .
كما تقدم عدد من الشيعة بطلب إلى مأمور قسم شرطة الجمالية في القاهرة للسماح لهم اليوم الثلاثاء بالاحتفال في ساحة مسجد الحسين بذكرى عاشوراء، ولمدة نصف ساعة فقط، ويتضمن الاحتفال قراءة آيات قرآنية والترحم على أرواح ضباط وجنود الجيش في كرم القواديس وتوزيع خمسمئة وجبة طعام. وتعرض طلبهم إلى هجوم من البعض الذين اتهموهم بالعمالة لإيران التي ستحتفل بعاشوراء يوم الثلاثاء الموافق الحادي عشر من شهر محرم بينما الاحتفال في مصر كان في العاشر.
وإلى بعض مما عندنا…

الدعوة السلفية اختارت الوجود
في مشهد بناء الدولة

ونبدأ بالإرهاب ومواجهته بالفكر الإسلامي الصحيح، وبالموقف الديني الذي يراعي مصلحة الوطن والناس والدين أيضا، وهو الذي قال عنه القيادي في حزب النور الدكتور محمد إبراهيم منصور في مقال له يوم الجمعة في جريدة «الفتح» لسان حال جمعية الدعوة السلفية، التي خرج منها حزب النور عن أسباب خلافهم مع الإخوان وحلفائهم: «أصبح حزب النور والعقلاء من الوطنيين بين خيارين، فإما الوقوف عند «مبكاه» المظالم التي يصمم الإخوان ومن معهم على الاستمرار فيها بعدم قبولهم لحلول تتعامل مع الواقع، ولن يزيد دور أي أحد في هذه الحالة عن المساعدة في البكاء والعويل فقط مثل، جميع المشاركين مع الإخوان، وفي النهاية سينسحب الجميع ويستسلمون للأمر الواقع، أو يتحول الأمر إلى صدام شامل يذهب بالبلاد كلها.
فإما ان يبقى حزب النور في هذا الموقع الذي تدفع إليه عاطفة «المبكاه»، وإما أن يستجيب لقواعد السياسة الشرعية فيشارك في بناء الدولة… فاختارت الدعوة السلفية والعقلاء من الإسلاميين الوجود في مشهد بناء الدولة لتدعم المكون المتعقل في المشهد السياسي، الذي لا يقبل انزلاق الدولة في صراع «علماني/ إسلامي». إن الصراع الذي حدث لم يكن لتنحيهةالشريعة والهوية من الدستور، وإن كان البعض يريد ذلك فعلا ليثير عاطفة الشباب المتحمس، لأنه لا يستطيع أحد أن يقول إنه صار علمانيا، كما يدعي الإخوان ومن معهم ليستدرجوا أبناء التيار الإسلامي إلى الصدام الهدام للدولة، بحجة أنها دولة علمانية معادية للإسلام. إن الدولة تعلي في دستورها من شأن مرجعية الشريعة ومن شأن مؤسسة الأزهر الشريف، ويقف فيها الأزهر كمؤسسة رسمية من مؤسسات هذه المواقف الواضحة من فيلم «حلاوة روح» وفيلم «نوح» وممن تطاول على البخاري. سنشارك في بناء دولتنا مع علمنا أن البعض من مكونات المشهد السياسي الآن لا يريدنا أن نشارك في بناء دولتنا لتخلو لهم الساحة فينحرفوا بالبلاد في الاتجاه العلماني المتطرف الذي يتسبب لا محالة في التطرف في الاتجاه الآخر اتجاه العنف والتكفير لتدخل الدولة في صراع لا ينتهي إلا بانهيارها».

اللهم اجعلنا من الأمة الوسط خير الأمم

والموقف نفسه عبر عنه بوضوح في العدد ذاته ياسر برهامي نائب رئيس الجمعية بقوله: «وصية نبوية غالية في هذا الحديث الصحيح هي «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو». يتسرب إلى الكثيرين منا ومن غيرنا في تحليل الأحداث والمواقف والشخصيات، وما أكثر ما يحدث حولنا من أمور قد يجهل الكثير منا كثيرا من، وربما أكثر حقائقها وتفاصيلها، ولكنه يبادر إلى التحليلات والاستنتاجات، رغم أن الأمور لا تحتمل غيرها. ولكن أن يرجح ثم يجزم ثم يعتقد ثم يدعو غيره ثم يتخذ موقفا ممن خالفه وربما انتهى الأمر، كما هو مشاهد في واقعنا إلى أن يكون الموقف شديد الغلو إلى درجة التكفير. قول من يقول عن مخالفيه «هؤلاء أعداؤنا وخصومنا»، وقول من يتهم من يخالفه أنه باع دينه وخان الله ورسوله، وربما زاد وقال «أعداء الدين الذين يكرهون الإسلام»، «وتأمل الفرق بين» أعداء الإسلام «وبين» أعداء الإسلاميين» وخصومنا و»المخالفين»، تأمل الفرق بين «يكرهون الدين» و»يكرهوننا» وبين «يخالفوننا»، أظن أن الفرق واضح والأثر كذلك واضح، ألا يحس أن تتخير أهون الألفاظ وقبلها أهون التحليلات أو الاحتمالات. اللجوء إلى التعميم سلاح الضعيف العاجز يقول عند سماع بعض من طعن في ثوابت الإسلام «إنهم يقولون ويفعلون»، أخبرني من هم؟ لماذا لا نحدد ونخصص بدلا من أن نعمم؟ لماذا نجعل البعض هو «الكل» ألا تلتزم بقوله تعالى «ولا تزر وازرة وزر أخرى». الغلو في المدح لمن ترضى عنه والمبالغة في الذم لمن تخالفه أصبح سمة في الكثير منا، فهلا التزمنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما؟ اللهم اجعلنا من الأمة الوسط خير الأمم».

الفكر السمح المعتدل
جوهر الإسلام وحقيقته

وما أن سمع الدكتور عبد الحليم منصور الأستاذ في جامعة الأزهر ذلك المديح في الأزهر والفكر الوسطي، حتى قال بدوره يوم الجمعة أيضا في جريدة «الأزهر» التي تصدر كل يوم جمعة: «أولا: العمل على نشر الفكر المعتدل في العالم بأسره، فإذا كان الانحراف الفكري أحد عوامل انتشار الإرهاب، فإن الأزهر يواجه ذلك بنشره للفكر السمح المعتدل الذي هو جوهر الإسلام وحقيقته. من أكثر العوامل لمواجهة الإرهاب الأخلاق التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام والتي دعا إلى تنفيذها في العالمين، وأمر أصحابه بدعوة الناس إليها، من ذلك مثلا ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي حين بعثه إلى اليمن قال له «يسر ولا تعسر وبشر ولا تنفر وتطاوع ولا تختلف». وعن أبي هريرة عن النبي قال «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة». وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال «إن الله شرع الدين فجعله سهلا سمحا واسعا ولم يجعله ضيقا». وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي قال «إنما بعثت بالحنيفية السمحة». وعن عائشة زوج النبي أنها قالت «ما خير رسول الله بين أمرين إلا أخذ بأيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل». فضلا عن الآيات التي تدعو إلى التيسير ورفع الحرج عن المكلفين مثل قوله تعالى «وما جعل عليكم في الدين من حرج». وقوله «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج»، وغير ذلك من الآيات والأحاديث. كل هذا يقوم الأزهر بتعليمه لأبنائه في المراحل التعليمية المختلفة، فينشأون على هذا النهج الوسطي المعتدل ويدعون إليه الناس بعد ذلك، وينشرونه في العالم بأسره، وهذا أكبر عمل يمكن أن يواجه به الفكر المنحرف المتشدد. وثانيا: عدم المغالاة في تكفير الآخر، فالفكر الإسلامي المعتدل يقوم على عدم المغالاة في تكفير الآخرين والنيل منهم».

دعاوى تطالب بحل حزب النور

إذن فهناك اتفاق قام بين الأزهر وجمعية الدعوة السلفية وحزبها النور، ومع ذلك فهناك دعاوى قضائية منظورة أمام المحاكم تطالب بحل حزب النور، ووصل الأمر إلى مرحلة توضح نجاح الحملة التي يشنها العلمانيون ضد الحزب.. إلى أن يخبرنا يوم السبت زميلنا الرسام الكبير في «أخبار اليوم» هاني شمس المشرف على ملحق النهاردة إجازة أن له قريبا سلمته زوجته فاتورة استهلاك الكهرباء بسبعمئة جنيه فصرخ قائلا وناصحا الحكومة: «عاوزين يرشدوا بصحيح يحلو حزب النور».

ابتلينا بطوائف تكفيرية
مزقت شمل الأمة

ونظل مع الإسلاميين والإرهاب فقد نشرت مجلة «التوحيد» الشهرية التي تصدرها جماعة أنصار السنة المحمدية مقالا للمشرف العام على الجمعية الدكتور الشيخ عبد الله شاكر الجنيدي قال فيه: «قال صلى الله عليه وسلم إن «الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه»، ومع كل ذلك خرجت من بين المسلمين طوائف تدعو إلى العنف وتحث عليه وتمارسه، وقد وقع ذلك في الأمة الإسلامية مع ظهور طائفة الخوارج، الذين كفروا المسلمين وحملوا السيف عليهم وخرجوا على الأئمة وعلى رأسهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). وفي عصرنا الحاضر ابتلينا بطوائف من هؤلاء مزقوا شمل الأمة وحملوا السيف عليها وخاضوا في التكفير والدماء، من دون بينة أو برهان وللأسف الشديد يتمسح هؤلاء بالإسلام وهم بهذا يسيئون إليه، وقد أطلقوا على أنفسهم أسماء يزكون بها أنفسهم، وهم بهذا يفتنون الأمة ويؤثرون بصورة خاصة على الشباب الذين تستهويهم مثل هذه الكلمات.
ولهذا فإني أحذر المسلمين عامة والشباب بصورة خاصة من هذه الفتن المتلاحقة ومن هؤلاء المارقين عن الحق، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها، ما رواه أبو سعيد رضي الله عنه في قصة الرجل الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتألف قلوب بعض أصحابه فقال «يا محمد إتق الله. قال ومن يطع الله إذا عصيته؟ يؤمنني على أهل الأرض ولا تأتمنوني؟ فسأل رجل من القوم قتله، أحسبه خالد بن الوليد فمنعه، ولما ولى قال «يخرج من ضئضي هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان»، وهو حال ينطبق على هؤلاء الخارجين الذين يقتلون أهل بلادهم وأصحاب الخير فيها، بل يفرحون بذلك كما علمت وهذه الأفعال تقع منهم بسبب الغلو الذي وقعوا فيه وتكفيرهم للمسلمين فكان هذا نتيجة حتمية لهذا الباطل».

وزير الأوقاف يمنع خطيب مسجد
أنصار السنة من الخطابة

المهم أنه في يوم الجمعة ذاته توجه وزير الأوقاف الدكتور الشيخ محمد مختار جمعة إلى مسجد أنصار السنة في حي عابدين، القريب من مبنى الوزارة لأداء الصلاة والاستماع إلى خطبة الجمعة، وأخذ عددا من المجلة التي كانوا يوزعونها على المصلين وتصفحها، ووجد فيها مقالات تحمل توجهات لإخوان مسلمين وخارجة عن تعليمات الوزارة، فتم على الفور منع الخطيب من الخطابة، وطلب التحقيق مع الجمعية والمجلة بواسطة وزارة التضامن الاجتماعي، وإيقافها عن الصدور مؤقتا، إلى أن عادت الجمعية إلى صوابها، وهي تتلقى دعما من بعض الأفراد والجمعيات من المملكة العربية السعودية كما يتهمها خصومها».

التعامل مع أهالي سيناء يحتاج
إلى رؤية شاملة لا تقتصر على البعد الأمني

ونظل مع الإسلاميين والإرهاب وآخر زبائننا اليوم هو عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية وقوله يوم الأحد في «المصريون» الأسبوعية المستقلة:
«سيناء الحبيبة استعادها جيل أكتوبر/تشرين الأول 73 في ملحمة فريدة، قاتل فيها بجسارة وضحى بسخاء وطهر أرضها من أيدي الصهاينة، فإذا بنا وبعد أربعين سنة نرى دماء زكية من أبناء الجيش المصري تراق على أيدي مسلحين مجهولين تبرأت منهم الأراضي والوديان قبل العشائر والقبائل. فكيف بي أن أتصور أن يتجرأ مصري عاقل على قتل جماعة مجندين مصريين يؤدون الخدمة العسكرية، فتسيل دماؤهم وهم صائمون، أو هم يحرسون، كما لا أتخيل وجود جندي مصري رفع سلاحه في وجه مواطنين عزل فيرديهم قتلى، لقد كان من بين آمالنا ونحن نحرر سيناء عام 73 أن نرفع الظلم عن القبائل السيناوية، وأن نبدأ في تعميرها لتعود بالنفع على الاقتصاد المصري وتصبح بوابة منيعة أمام العدو الصهيوني، وما كنا ندري أن كل هذا سيجري.
لقد شكا أهالي سيناء في عهد المخلوع مبارك من أن الحكومة المصرية كانت تسيء معاملتهم، حتى وصلهم الإحساس بأن معاملة اليهود أثناء الاحتلال كانت أفضل من معاملة دولة مبارك، ولما سألنا عن أسباب ذلك علمنا أن الحكومة المصرية كانت تنظر إلى السيناوية كجواسيس وعملاء، فلا تسمح لهم بتملك الأراضي أو بالدخول إلى الكليات العسكرية أو الشرطية أو التعيين في الوظائف المرموقة، ما جعلهم يشعرون بأنهم غرباء عن الوطن. إن التعامل مع أهالي سيناء ذوي الطبيعة القبلية الخاصة، تحتاج إلى رؤية شاملة لا تقتصر على البعد الأمني، بل أكثر من ذلك بكثير، فقد قدمت الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية مقترحا في عهد الدكتور محمد مرسي يشتمل على رؤية متكاملة لمعالجة المشكلة من جذورها، ولكنها لم توضع موضع التنفيذ.
ولابد أن أشير إلى خطأ فكرة التهجير التي طرحها البعض لمواجهة الأوضاع في سيناء، فهذه هي مقدمة الفشل، فضلا عن المظالم التي يتعرض لها كل من تشرد من وطنه الذي يعيش فيه، كما أنها ستستخدم مادة إعلامية لنقد النظام المصري في مجال حقوق الإنسان».

العلاقات بين القبائل
في سيناء وجهازي المخابرات
الحربية والعامة كانت قوية

وما ذكره عبود صحيح تماما لكن هناك ملاحظات لا تقلل من صحة كلامه، الأولى أن المنع من إلحاق أبناء سيناء في الكليات العسكرية والشرطية لم يكن شاملا، وإنما تم إلحاق بعض أبناء رؤساء قبائل وعشائر فيها ممن لهم علاقات جيدة بالنظام. وثانيا أن العلاقات بين القبائل وجهازي المخابرات الحربية والعامة كانت أقوى، لأنه كان هناك تعاون في جمع المعلومات والقيام بعمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما الشرطة لم يكن هذا عملها، إنما كان عملها مكافحة الجرائم وتهريب المخدرات، ولذلك اصطدمت بهم، خاصة أنها كانت تطبق القوانين والإجراءات نفسها التي تتعامل بها مع سكان المدن، بينما عادات وتركيبة المجتمعات القبلية تحتاج معالجات أخرى كانت أجهزة المخابرات أكثر دراية بها. ثالثا أنه منذ شهرين صدرت تعليمات بقبول نسبة من أبناء سيناء في كلية الشرطة والكليات العسكرية.

حكام من القبور

وإلى المعارك والردود وكان من بينها واحدة أثارها صاحب وجدتها.. وجدتها وهو نيوتن مكتشف قانون الجاذبية الأرضية الذي توقع «المصري اليوم» باسمه عمودا يوميا، وكان قد خصص حملات ضد خالد الذكر، متهما النظام الحالي مباشرة أو بطريق غير مباشر بأنه يخضع لحكم عبد الناصر، وهو في قبره لدرجة أنه أكد أن كل أحكام المحاكم المدنية من عهد مبارك وحتى الآن، ضد بيع مصانع وشركات القطاع، لما شابها من فساد بضرورة عودتها للدولة بأن خالد الذكر خرج من قبره وأملى على القضاة هذه الأحكام، أي أنه يتدخل في شؤون القضاء، كما أنه يخرج من قبره ليحكم الآن وطبعا لو صدق نيوتن فإن عليه الاعتراف بأنه يشاهد معجزات. ويوم الأربعاء نشر نيوتن رسالة تلقاها جاء فيها: «كما أوعزت لقرائك بأنك جاءتك رسائل ممن يبدأونها بـ«عزيزي نيوتن» يوافقونك الرأي في ما تقول ويقوله السيد صلاح دياب من أن نكستين كان لهما الأثر الفادح، وكانت لجمال عبد الناصر ظلال كثيرة على الاثنتين، على الرغم من غيابه المادي في إحداهما، أي النكستين، ففي انتفاضة الحرامية كان عبد الناصر حاضرا وبقوة. أعلم ما تطويه كلماتك عن اقتصاد كان قد أرساه ليبلونا به كما تزعم، ويزعم السيد صلاح دياب في حواره الذي أعجبك بالضرورة، ألم تكن تعلم كم كان الشعب كارها للسادات وكل سياساته، الشعب له نظرة تنطوي على حكمة السنين الطوال بالرضا بحاكم غير مرضي عنه، كما في حالة مبارك ومرسي. ورأيي المتواضع أن أكبر نكستين كان لهما الأثر الفادح ما جعل الشعب يستشعرهما بحسرة وما زلنا نعاني منهما وسيعاني كثيرا، خصوصا الاقتصاد هما حكم الثلاثين عاما يوم أتي السادات بمبارك وأعقبه بمرسي أما 1967 فقد تجاوزناها. حكم القبور تلك المقولة التي تلوكها كل يوم تقريبا، فهي حكم ابن تيمية والغزالي والوهابية، فالمقولة التي تلوكها كل يوم قيلت فيهم، وأنت أخذتها كي تحملها لناصر، لن أرفضك كونك من كارهي ناصر، ولكنني ما زلت أطمح لدراسة موضوعية عن التجربة الناصرية مثلما فعل جمال حمدان النابه جدا، وليس كلام الأرصفة والتسلية كما فعل أنيس منصور ومصطفى أمين وغيرهما تحياتي لك وللأستاذ المحترم صلاح دياب فأنا ما زلت أتذوق «الشيز كيك» فهو الأحلى من بين كل محال الحلويات».

ندعو الله أن يقي مصر من الماضي
حتى نتعامل مع المستقبل بآفاق أفضل

وأما صاحب الرسالة فكان مصطفى رحمة ومحل الحلويات الذي يقصده هو «لابوار» المملوك لصلاح دياب، وأما نيوتن فعلق على رسالة رحمة قائلا: «على الرغم من أن كاتبها ولد عام 1952، فهي تنتمي كما هو واضح لمريدي الأضرحة والقبور، هذا بالتأكيد تأثير الفلكلور الناصري، الذي لم يتجاوزه كثيرون، ندعو الله أن يقي مصر من الماضي حتى نستطيع أن نتعامل مع المستقبل بأفاق أفضل».

ذكريات مع عمالقة صحافة مصر

لكن نيوتن واجه في العدد نفسه من «المصري اليوم» مأزقا خطيرا جدا عندما فوجئ بخروج اثنين من القبور الأول، توفيق دياب جد صلاح دياب وكذلك خالد الذكر أخرجهما زميلنا في «الجمهورية» المعلق الرياضي والوفدي عبد الرحمن فهمي الذي قال: «جاري في الصفحة نفسها لسنوات، الكاتب الرومانسي الخيالي وأيضا الواقعي أحيانا الدكتور أيمن الجندي كتب في الأسبوع الماضي عن توفيق دياب وبحثت بين السطور عن أصل الكلمة الطيبة، بحثت عن جذور في الأرض التي فرعها الآن في السماء. الأخ صلاح دياب واحد من اثني عشر صحافيا اعتبرتهم كتب التاريخ «عمالقة صحافة مصر»، عام 1935 كانت جريدة «الجهاد» لصاحبها محمد توفيق دياب تحمل لواء الجهاد ضد الاستعمار، وكانت تنظم المظاهرات الصاخبة، كان الإنكليز يمنعون سيارات الإسعاف من نقل المصابين، اضطر توفيق دياب أن يفتح فرع إسعاف داخل الجريدة، ليهرول إلى الدار هناك طالب حالته كانت خطيرة فنزل توفيق دياب من الدار ونقله بسيارته إلى أقرب مستشفى وعاد بسرعة إلى عمله، ولم يعرف شيئا عن هذا الطالب. وتمر أيام كثيرة جدا وتقوم الثورة المباركة، وكان توفيق دياب قد اضطر إلى غلق الجريدة التي كان يحاربها الإنكليز وأعوان الإنكليز، وكان توفيق دياب يكتفي بكتابة مقالاته الملتهبة التي كان ينتظرها القراء في الصحف التي كانت تتهافت على طلبها منه. وفي يوم لا ينسى يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 1953 زاره جمال عبد الناصر من غير موعد، وبلا أي مقدمات قال له « هل تذكر الطالب الذي كانت حالته خطيرة في احدى المظاهرات عام 1935 فنقلته بسيارتك إلى المستشفى، إنه أنا جمال عبد الناصر، هنا كان من الطبيعي أن يصمت الجميع على الأقل لحظات يتم خلالها سحب ذكريات عميقة بعيدة من عقل كبير ومجهد، وكان سبب الزيارة دعوة توفيق دياب ليكتب في صحيفة سيصدر أول عدد منها صباح الغد «الجمهورية» وقد كان كونه اعتزل بعد ذلك الكتابة والصحافة قصة أخرى تحتاج لصفحة كاملة».
والمرحوم توفيق دياب كان أستاذا لجيل كامل من الصحافيين والكتاب الذين تحولوا إلى نجوم في الصحافة المصرية عندما كانوا شبابا، وكانت صحيفته «الجهاد» تشع وطنية وتعبر عن حزب الوفد، ومن المعروف أن الحزب لم يكن يصدر صحفا مملوكة له وإنما تصدر صحف لأفراد تعبر عنه، كما كان حال «المصري» المملوكة لأسرة أبو الفتح، التي تحولت لأهم صحيفة والأكثر توزيعا. وقد توقفت «الجهاد» عن الصدور قبل قيام ثورة يوليو 1952 . وكانت «الجمهورية» قد صدرت مملوكة للدولة باسم صاحب الترخيص جمال عبد الناصر، حيث لا يزال اسمه مكتوبا على الترويسة حتى الآن وتولى رئاسة تحريرها الرئيس الأسبق أنور السادات، كما أصدرت الثورة جريدة أخرى هي «الشعب» ومجلة أسبوعية اسمها «التحرير» لكنهما اختفتا وبقيت «الجمهورية». المهم أن «المصري اليوم» تنشر مقالات لصحافيين وكتاب ناصريين» .

رسالة الشاعر نزار قباني
لعبد الناصر بعد نكسة يونيو

ويوم الخميس قام زميلنا في «اليوم السابع» سعيد شعيب ـ ناصري ـ بالكشف عن خروج خالد الذكر من قبره مرة أخرى، عندما كتب مذكرا بواقعة قصيدة الشاعر الراحل نزار قباني «هوامش على دفتر النكسة» التي كتبها بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967 أمام إسرائيل، وفيها انتقادات لخالد الذكر ونظامه، وكانت تعبيرا عن صدمة عنيفة، وقد نشرها في مجلة «الآداب» اللبنانية الشهرية التي كان يملكها الأديب اللبناني سهيل إدريس. ونقل سعيد وقائع ما جرى بعد ذلك من كتاب زميلنا وصديقا العزيز الناقد الأدبي الكبير والموهوب المرحوم رجاء النقاش «ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء» الذي صدر له عام 1992 عن دار نشر سعاد الصباح وهي شاعرة وأديبة كويتية مشهورة، وكان رجاء عام 1967 يرأس تحرير مجلة «الكواكب» الأسبوعية الفنية التي تصدر عن مؤسسة دار الهلال، وكان يرأس مجلس إدارتها وقتها زميلنا وصديقنا وأستاذنا الكبير أحمد بهاء الدين. وكتب الشاعر الراحل صالح جودت مقالا عنيفا في «الكواكب» ضد نزار طالب فيه بمنعه من زيارة مصر، فرد عليه رجاء بمقال في مجلة «المصور» الأسبوعية التي تصدر عن الدار، وكان بهاء يرأس تحريرها أيضا فرد صالح بمقال آخر في «الكواكب» طالب فيه بمنع أعمال نزار ومصادرة دواوينه. وحدث أن كان رجاء في زيارة للعاصمة اللبنانية بيروت والتقى مع سهيل إدريس ونزار فاقترح عليه رجاء أن يكتب رسالة إلى عبد الناصر يشرح فيها موقفه فكتبها وحملها رجاء وسلمها إلى بهاء الدين، الذي قام بتوصيلها إلى عبد الناصر، وفوجئ رجاء بعد أسبوع بوزير الإعلام صديقنا ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الآن محمد فائق يستدعيه، وأطلعه على رسالة نزار وتعليق عليها بخط عبد الناصر ونصه «يلغى قرار المصادرة بالنسبة للقصيدة ويرفع أي حظر على اسم نزار، أو أي قرار بمنعه من دخول مصر» وأعقب ذلك نشر القصيدة في مصر. أما نص رسالة نزار فكان: «سيادة الرئيس جمال عبد الناصر في هذه الأيام التي أصبحت فيها أعصابنا رمادا وطوقتنا الأحزان من كل مكان يكتب إليك شاعر عربي يتعرض اليوم من قبل السلطات الرسمية في الجمهورية العربية المتحدة لنوع من الظلم لا مثيل له في تاريخ الظلم، وتفصيل القصة أنني نشرت في أعقاب نكسة الخامس من يونيو/حزيران قصيدة عنوانها «هوامش على دفتر النكسة» أودعتها خلاصة ألمي وتمزقي وكشفت فيها عن مناطق الوجع في جسد أمتي العربية لاقتناعي أن ما انتهينا إليه لا يعالج بالتواري والهروب وإنما بالمواجهة الكاملة لعيوبنا وسيئاتنا. قصيدتي أمامك يا سيادة الرئيس أرجو أن تقرأها بكل ما عرفناه عنك من سعة أفق وبعد رؤية، ولسوف تقتنع، رغم ملوحة الكلمات ومرارتها، بأنني كنت أنقل عن الواقع بأمانة وصدق وأرسم صورة طبق الأصل لوجوهنا الشاحبة والمرهقة. سيادة الرئيس إنني أشكو لك الموقف العدائي الذي وقفته السلطات الرسمية في مصر متأثرة بأقوال بعض مرتزقة الكلمة والمتاجرين بها، وأنا لا أطلب شيئا أكثر من سماع صوتي.
والرسالة كتبها بتاريخ الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1967. أما بالنسبة لزميلنا المرحوم صالح جودت فما أن أنقلب السادات على خالد الذكر حتى شن حملات ضده بالشعر والمقالات وهو الشيء نفسه الذي فعله مع الملك فاروق، الذي كان يمدحه شعرا ونثرا ثم هاجمه بعد عزله شعرا ونثرا أيضا».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية