الناصرة – «القدس العربي» : تتجه شرطة إسرائيل نحو عدم ترخيص مسيرة العودة السنوية لهذا العام، تزامنا مع ذكرى قيام الكيان الصهيوني، وذلك لاعتراض جهات إسرائيلية على موقعها في قرية الكابري المهجرة في الجليل، حيث يوجد نصب تذكاري لعشرات الجنود الصهاينة ممن قتلوا في المعركة التي تحمل اسم القرية في نهاية مارس/ آذار 1948.
وكانت المنطقة قد شهدت قبل نحو 70 عاما معركة ساخنة قتل فيها عشرات المستوطنين اليهود بعدما نصب المقاومون الفلسطينيون في منطقة الجليل الغربي كمينا لقافلة إمدادات مصفحة كانت تتجه من مستوطنة نهاريا الساحلية إلى مستوطنة «يحيعام» بالقرب من قلعة جدين وذلك في 27 مارس 1948 لمدها بالرجال والعتاد. ووقعت القافلة في الكمين وتعرضت لإطلاق نار شديد من قبل الثوار، ولاحقا تم الانتقام منها فهجر أهلها ودمرت بيوتها بالكامل حتى سويت بالأرض.
وقاد حامية الكابري ضابط من أصل سوري، خليل كلاس وإميل جميعان أردني الأصل، وفي أرض الكابري التي تجاورها قرى النهر والكويكات والغابسية، حيث الطريق القديمة عكا- صفد لا تزال حتى اليوم الصخور التي استخدمها الثوار لاستيقاف القافلة في مكانها في وسط الشارع بمحاذاة المقبرة.
وضمت قافلة المستوطنين سبع مصفحات ناقلة جنود وعلى متنها 90 جنديا قتل منهم 47 محفورة أسماؤهم على نصب تذكاري في المكان. ومن بين قتلى المستوطنين قائدها بن عامي فختر وسمي الشارع المركزي في مدينة عكا الجديدة باسمه (بن عامي) فيما سمي مفرق الكابري باسم القافلة «نتيف هشيراه» .
ويوضح الباحث جميل عرفات الذي يقف ( بالصورة) قبالة واحدة من مراكب القافلة الصهيونية التي تعرضت لوابل من الرصاص واحترقت لـ «القدس العربي» أن غلبة الثوار على الكتيبة الصهيونية تمت بفضل تضحياتهم واعتبرهم «جنودا مجهولين».
وفيما يعزو المؤرخ عارف العارف الفضل في نجاح المعركة لجيش الإنقاذ وأهالي الكابري، يقول الباحث جميل عرفات إن ذلك تم بفضل همة وبسالة ثوار قرية الكويكات القريبة. ويضيف «حتى لو شنت الكابري الغارة فالفضل يعود بالأساس لشباب الكويكات».
وكانت الكابري التي تملك 47 ألف دونم من أكثر الأراضي خصوبة في فلسطين وبلغت حدودها الى بلدة ترشيحا، قد هدمت وأقيم على ركامها منتزه ما يسمى سلطة أراضي»الكيرن كييمت» وأحراشها لطمس الصفحة الدامية ومعالم القرية المهجرة.
وشكلت الكابري( 1500 نسمة) التي يمر منها وادي المفشوخ (الجعتون) مصدر الماء الأساسي لمدينة عكا حيث بنيت في العهد العثماني قناة حجرية محمولة على قناطر بطول 11.5 كيلومترا حملت سر الحياة من عين الباشا وعين العسل لمدينة الجزار. وبجوار جدول غزير تقع أطلال مطحنة قمح تاريخية وشجرة بلوط وارفة يعتاد عرفات الاستراحة بأفيائها كلما اصطحب مجموعة إليها، وهناك يروي قصصا تراثية نسجت حول البلدة والطاحون التراثي.
وهذه المرة من غير المؤكد أن يعيد عرفات الكرة في ظلال شجرة البلوط إذ تسعى عائلات الجنود القتلى في الكابري وسكان مستوطنات مجاورة لمنع تنظيم مسيرة العودة العشرين في الكابري. وقال رئيس المجلس الإقليمي لهذه المستوطنات يورام يسرائيلي للإذاعة العامة إن المسيرة لن تقام هناك بأي شكل من الأشكال. وتابع «في يوم الاستقلال سيحتفل اليهود ولن نسمح بإقامة مسيرة لإحياء ذكرى النكبة هنا وبوسعهم نقلها لمكان آخر».
وقالت ياعيل فيختر قريبة قائد قافلة الجنود الذي قتل في المعركة إنه من غير الممكن تنظيم مسيرة في موقع النصب التذكاري للجنود القتلى وطالبت هي الأخرى بنقل موقع مسيرة العودة. وهذا ما دعا له زئيف
يعقوب(94 عاما) من مستوطنة كفار ماسريك الذي فقد صديقه في معركة الكابري، شددا على عدم جواز السماح بمسيرة في موقع القافلة لاعتباره مكان ذكرى يهودية نقيا وينبغي حماية النصب التذكاري للجنود القتلى من الانتهاك ومنع الرقص على دمائهم «. وحتى الآن لم تصدر الشرطة الإسرائيلية ترخيصا للمسيرة بالذريعة التقليدية»حماية الأمن» منوهة لاحتمال مشاركة حوالى25 ألف شخص فيها مما يقتضي جاهزية كبيرة. وأبدت الشرطة أسفها لاختيار لجنة الدفاع عن المهجرين هذا المكان والزمان في يوم تكون مشغولة فيه بتأمين الأمن في مئات مواقع الاحتفال بذكرى قيام اسرائيل.
وقال رئيس لجنة الدفاع عن المهجرين في إسرائيل المحامي واكيم واكيم، نه سيرفع التماسا للعليا في حال امتناع الشرطة عن إصدار الترخيص بقرار سياسي. من جهته أكد رئيس لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48 محمد بركة أن مسيرة العودة لن تتوقف إلا بعدما تتم عودة اللاجئين.
يشار إلى أن مسيرة العودة بادرت إليها لجنة الدفاع عن المهجرين في إسرائيل قبل عشرين عاما احتجاجا على تجاهل اتفاقات أوسلو لفلسطينيي الداخل خاصة المهجرين منهم الذين يشكلون نحو ثلثهم.
في كل عام يتم اختيار بلدة مدمرة منذ نكبة 1948 والقيام بمسيرة شعبية واسعة ترفع فيها الرايات الفلسطينية وأسماء نحو 520 بلدة فلسطينية دمرتها الصهيونية. وتدعو بعض الأوساط في الداخل لعدم الاكتفاء بكونها مسيرة رمزية أو فولكلورية تمتاز بأهمية من ناحية الهوية فقط، ويدعون لمشروع سياسي فيها يسعى من أجل عودة اللاجئين والمهجرين.
ونظّم قبل أيام اللاجئون المقيمون في مخيّم برج البراجنة في لبنان اجتماعا شمل ممثلي رابطة أهالي الكابري وترشيحا والغابسية والشيخ داوود والكويكات ، وذلك في مقرّ رابطة الكويكات ، حيث ناقشوا مسيرة العودة العشرين على أرض الكابري ووجّهوا تحيّاتهم الأخوية لإخوتهم في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين في الداخل. وبحسب ما جاء في موقع لجنة الدفاع عن المهجرين ثمّنوا عاليا المجهود الذي تبذله اللجنة «لإنجاح هذا النشاط الوطني الكبير الذي يؤكّد على وحدة أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن وجوده ووحدة مصيره وقدسية حق العودة إلى الديار».
وديع عواودة
تحية الى كل من تشارك و يشارك في مثل هذه المسيرات التي كرست نضالا شعبيا مستمرا من اجل الحقوق المشروعة للاجئين و المهجرين. هذا النضال الشعبي المنظم و اللاعنفي هو سمة العصر و يعطي نتائجه على المدى الطويل. فصبرا و صمودا يا اهل فلسطين ان كنتم فيها او في الشتات. هو عصر الحفاظ على الهوية ووحدة القضية و الشعب، حتى يحين عصر جديد هو عصر التحرر و المساواة و الديمقراطية الشاملة. بورك الشعب الفلسطيني في الداخل الذي يقود نضالا صعبا لكنه مؤثر و متصاعد.