اقتباس

حجم الخط
0

1 ـ «دعوه يودّع ابنه»
2 ـ «أين أنا؟! هل نجوت لوحدي فقط أم نجا كلّ أهلي؟»
3 ـ «سأشرب حسرتك العمر يا ولدي
ليتني متّ، يا ليتني متّ يا ولدي قبل هذا»
4 ـ «لا تدعني وحيداً هنا
لا.. ولا تذهب الآن يا أبتي
يا ربّ امنحنيَ الصبر»

ـ هذا الكلام البسيط يضرّ القصيدة
يجعلها حدثاً عابراً، ثمّ هل أذِنوا للقصيدة كي تستعير فجيعتهم؟
سيمرّ زمانٌ لكي تعرفي كيف تُبنى القصيدةُ:
سطرٌ من النور/ ضوءٌ خفيفٌ / وعتمٌ
ثمّ ترين أنّ القصيدة تبقى ويذهب كلّ الكلام البسيط
ـ والدّم، يذهبُ؟
ـ الدّم يشربه الوقت
ـ والوقت، يذهبُ؟
ـ الوقت سوف يدور
ـ والناس؟
ـ الناسُ من حصّة الطاغية
نحنُ الذين خَلَقْنا الغناء
فمال إلى صوتنا الموت من طربٍ، مال من لهفةٍ
كيف لم ننتبه؟
كيف لم نتهيّأ له؟
ربما قد رفعنا له خيمةً من كلام
أو ربما قد أعرناه ثوباً خفيفاً من القطن حتى ينام
ولكننا ما عرفنا
أتى كامل الصحو، نامت على راحتيه الأغاني
أطفالنا، أهلنا، البيوت، الشوارع، كل البلاد..
أعود إلى البيت دونك يا ولدي
سأنادي عليك طويلاً
أنادي أخاك باِسمك
اَلعجز ذاك النداءْ
اَلعجز ألّا أُعيد الزمان إلى الخلف خمس دقائق
قبل الشظيّة.. قبل تلفّت أمّك: أين الفتى؟
العجز يا ولدي أنني في بكائي عليك أقول:
لا يجوز لنا قتل أنفسنا
لا يجوز.
وليس بوسعي سوى أن أُطيعَ
لأنّي أصدّق أنّك تتركني للذهاب إلى جنّةٍ
والجنان لها شكل هذي البلاد
لماذا إذن يا بنيّ تموت؟
العجز يا ولدي أنّني الآن
حين أمدّ على تربة القبر جسمي
أجربّ قبرك عنك وأهذي:
هاتوا فراشاً لكي يستريح بنومه ابني..
أشكُّ بموتكَ
إنّي أشكّ بجدوى السماوات كتباً وآلهةً وجناناً
إنّي أشكّ وشكّي عجزٌ على العجز
لست أصدّق موتك
موتك نوم العصافير.. لو تستفيق وترجع للبيت
حتى تقول لأمّك: إنّي هنا.
ـ هو الصوت يجري مع الخوف والخوف أقدامه من قلوب ضحاياه
ـ ممّ تخافون؟
ـ من ظلّنا في الظهيرة، من جارنا
من عناد السماء إذا حجبت ماءها
من وداعة أطفالنا
ونخاف عليهم أن يكبروا دون أن يرثوا خوفنا
قلب الطريدة نعمتنا
سنخاف لننجو
ولكن تعبنا من الخوف
قلنا نناوره، فمشَينا نجرّ الضغينة فوق خطانا لتمحُوَها فيَتوه.
قد تاه عن خطوِنا الخوف حتى صرخنا:
من نحن؟ ماذا نريد؟ وماذا أردنا؟
نحن الذين ورثنا بلاداً تغبّ الشعوبَ وتلفظها خوذاً وعظاماً
نحن الذين امتلأنا بكلّ الذي يجعل البشر الطيّبين يُصَلّون
كنّا نموت ونُبعَثُ
ثمّ نموت ونُبعَثُ
في النصّ كنا طيوراً تشدّ إلى ريشها البرق
في الأغنيات أيادٍ تعانق قمح البيادر
وفي الكاميرات التي رصدتنا
كنّا بداية أن يألف البشريّ مشاهدَ من مجزرة
دمنا وحدةٌ للقياس
قياس الترف:
الطبيعة تختار من يستحقّ النجاة
قياس القلق:
ارتباك الذين يرون حكايتنا ناقصة
قياس العدالة:
قد يمرض الطاغية..
قياس الشجاعة:
كيف يمدّون من عتمة الدمّ أحلامهم!
قياس الحقيقة:
إنّ الدماء تضلّل.. والحقّ حملٌ ثقيلٌ على الخاسرين
قياس السلاح:
هنا كلُّ قتلٍ مباح
قياس الفضيحة:
كم يصبرون على جوع أطفالهم!
قياس الفجيعة:
هذا زمانٌ سيمضي، وتلك مشاهد نحفظها منذُ قابيل
دمنا وحدة للقياس
تغرق فيه النصوص ويطفو الحديد
هل الشعر ابن الكلام البسيط؟
أم الشعر ما يرفع الكلماتِ لأبعد من موت أصحابها
وأبعد من حلُمٍ خاسرٍ؟
بحثت عن الشعر سطراً فسطراً
منذ بداية أحلامنا وإلى آخر الاقتباس.

٭ شاعرة سورية

اقتباس

لينة عطفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية