تصدر، عن دار المدى في بيروت وبغداد، مجموعة شعرية جديدة للشاعر والروائي السوري ، بعنوان «الأبوابُ كلُّها (ترديد الصدى في التلاعب بأخلاق الليل)». وهي قصيدة واحدة طويلة من 265 صفحة، وخصّ الشاعر «القدس العربي» بهذا المقطع منها.
أبوابٌ كلُّها:
أبوابُ المسالخِ: الهدوءُ المُنْجَزُ بعد عاصفةِ الذبحِ،
ورخاءُ الغرقِ في السَّكينةِ الغَرَقِ،
وحِرصُ الجزَّاريْنَ على العظامِ أنْ لا تُخْدَش.
المنجمون بوجوهٍ في الدمِ،
ووجوهٍ في مرايا الحديدِ الذي
وزَّعَ
الدمَ
باعتدالٍ
على
أقداحِ الموت.
لا أنينَ في المسالخِ،
بل أُنسُ الأرواحِ اجتمعتْ مرفَّهةً بحقائقها في الوحدةِ. أُفٍّ:
ماضي الأنينِ المسالخُ؛
ماضي الألمِ المسالخُ؛
ماضي الخوفِ المسالخُ؛
ماضي العبث بالأجراسِ التي من إيمانِ الوقتِ بأبوَّتهِ؛
من إيمانِ الوقتِ بأولادهِ اللُّقطاءِ. وَيْكُم:
تبادلوا أبوابَ المسالخِ كالأقدار تبادلتموها، قبْلاً، في السير بالمذابح إلى فردوسها. المهازلُ ضحلةٌ هذا القرن، تتلوى وجعاً من ضحكها، والظروفُ حقدٌ كَرَمْيِ القُرصِ منافسةً في الألعابِ. فلا تسألوا ماذا عن الأحصنةِ متعففةً عن المعاركِ في الأرضِ الطينِ،
وماذا عن الفُرَضِ نائحةً من حَمْلِ الأبواب،
وماذا عن جَمَالٍ يُخذَل في محنَتِهِ السابعة؟
كلُّكم غارقون في وساوسِ سنبلةٍ. أُفٍّ:
يُخيِّبُ المَجْدَ ما يُخيِّبُ السنبلةَ،
والكلابُ متوجِّعةٌ في المسالخ نباحاً،
والقناديلُ تتكسرُ بالزيتِ فيها على جمرةِ الدمِ. أفٍّ:
أحدَ عشرَ نبيًّا في بزرةِ القمحِ.
نقاءٌ واحدٌ في السنبلةِ.
آلهةٌ لا تُحصى تصعد في البخارِ
دافئاً
يصعد
مِنْ
أحشاءِ
الكبشِ
في
مسلخٍ
بارد.
بَشَرٌ في المسالخِ: أين ستذهبون بعدَ نفادِ الغضبِ ذبحاً على ذبحٍ؟
ما يَحْدثُ للماءِ يحدثُ كلَّ يوم.
ما يحدثُ للدمِ يحدثُ قبلَ الغسقِ بأشبارٍ من أشبارِ الغيمِ. لا تقصيرَ:
الأفواهُ تتحرك بما ليس من شأنِ الألسنةِ أن تتعاوَرَ كلماتٍ عظاماً،
وكلماتٍ غضاريفَ،
وكلماتٍ شحماً،
وكلماتٍ عضَلاً أُذِيقتْ ما يُرِيبُها.
رفِّهوا عن القتلِ في المسالخِ يُرَفِّهْ عنكم، أيها
المعقولونَ
كالمُحْتَمَلِ
سَيِّداً
في
الذباب.
الأشلاءُ تردِّدُ إنشادَ السواطيرِ. أُفٍّ:
سكاكينُ لَعِبٌ.
أحشاءٌ لعبٌ،
والرؤوسُ متدحرجةً تستوضحُ الموتَ ما لم يخطر ببالِ الموت.
موتىً يلقَّنون، في المسالخ، ألاعيبَ الموت؛
يلقَّنون حكمةَ الصعود بالمنازعاتِ إلى آدابِ الأحياء.
الموتى مُترَفُون، أيها
المُتْرَفونَ
بما
ورثتم
من
آدابِ
الموتِ،
وتهذيبِ المقابرِ متوارَثاً دِيْناً عن دِيْن.
الموتى يسرقون من الموتى، في المسالخ، أحكامَ مقابرهم،
وتشاريعَ الظلماتِ لمُعتَقَدِ العظامِ، التي اربَكها أنها قادرةٌ على إرباكِ الخلودِ برميمها.
اجْمعوا العظامَ على أنساقٍ،
وانزعوا الأحشاءَ متساويةً في الأوزانِ، أيها
الأبرياءُ،
المحتشِدونَ
بقناديلهمِ
الشحمِ
على
أبوابِ
الفردوسِ. لا تقصيرَ:
أبوابٌ مدَّهنةُ المقابضِ والأقفالِ بشحمٍ.
شحمٌ ثقةُ العُذرةِ بالعذريِّ.
شحمٌ معصيةٌ.
شحمٌ غفرانٌ.
شحمٌ مَراتِبُ في نكاحِ الغايات للغايات.
أبوابٌ شحمٌ.
شرفاتٌ شحمٌ.
نوافذُ شحمٌ في الجدرانِ الشحم.
منازلُ شحمٌ. أُفٍّ:
تذوَّقوا نقانقَ الخيرِ الشحمِ. الْدجاجاتُ خارجةٌ من المسالخِ بشحمٍ بين مناقيرها. مَزارعُ شحمٌ خلف الأبوابِ. شتْلٌ شحومٌ. خُصى على الغصونِ في الحقل الشحمِ. الْأيدي والأقدامُ نابتةٌ في الحقلِ الشحمِ. الأكبادُ، والرئاتُ نابتةٌ، والكواكبُ الخُطَّافاتُ متأنِّيةٌ في رفع أشلاءِ الكون.
لا تُذْعِروا الدِّيَكةَ في الحقلِ الشحمِ. كلٌّ
يحظى
مِن
المسالخِ
بتواريخَ كِلَىً،
أو أمعاءٍ.
كلٌّ يحظى من المسالخِ بموعظة إيمانهِ الأولِ بالأصلِ الأولِ للمحتومِ وقضاءِ المحتوم.
ألغراميلُ سائحةٌ بالفُروجِ في الأرسانِ تجولُ بها بين الجَزورِ،
والدمُ
ميزانٌ
في
كَيْلِ
الموتِ
سُكَّرةً سُكَّرة.
٭ شاعر وروائي سوري ـ السويد
سليم بركات
لا أعلم إن كان هناك في العالم العربي،من يتفوق عليك في نقش الحرف العربي،أيها الكردي الأصيل…