الأردن: إيماءة «داعشية» تهدد «أكاديمياً بارزاً» وتداعيات جامعة «آل البيت» ويوم أسود في «التعليم العالي»

عمان- «القدس العربي» من بسام البدارين : إشارة «داعشية» بامتياز صدرت عن موظف غاضب في جامعة آل البيت الأردنية عند اللحظة التي اقتحم فيها مع زملاء له مكتب رئيس الجامعة الدكتور ضياء الدين عرفة الاثنين الماضي. وفقاً للتدقيق الأمني بدا ان أحد اعضاء هيئة التدريس في الجامعة استعمل وهو يهدد البروفيسور رئيسه إيماءة «السكين» التي تختص بتنظيم داعش في موقع لا يحتمل ولا يستدعي بكل حال.
تلك اللمحة «الداعشية» قد تكون البند الأساسي في التحقيق القضائي الذي يخص حالة نادرة وغير مسبوقة تشهدها المملكة الأردنية الهاشمية قوامها شكوى قضائية من جامعة حكومية كبيرة بصفتها الإعتبارية ضد مجموعة موظفين متنمرين هددوا رئيسهم بالقتل وبوضوح. لا تزال تداعيات ما حصل في جامعة آل البيت الأردنية تلتهم الأضواء وتقرع كل أجراس القلق.

ساعات قليلة فصلت بين إعلان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أن من يعتقد انه يستطيع المس بهيبة مؤسسات التعليم مخطئ مع عبارة «سنتخذ الإجراءات» وبين قرار الركن الأكاديمي المعروف عالمياً وعربياً الدكتور ضياء الدين عرفة بالانسحاب من «المشهد المر». ما حصل وكما توثقت منه «القدس العربي» بالصورة والصوت والشهادة بسيط ومؤلم: يقرر مجلس أمناء الجامعة التنسيب بتسمية الدكتور عرفة رئيساً للجامعة نفسها لفترة ثانية ثم يحضر الرجل الذي يقود الجامعة أصلاً منذ اربع سنوات لمكتبه ليجد أكثر المشاهد إثارة للفوضى أو ما سماه وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور وليد المعاني بـ «داحس والغبراء» بنسخته الأردنية في مؤسسات التعليم العالي.
عندما دخل الدكتور عرفة لمكتبه وجد «التوليفة التالية»: الموظفون الغاضبون الذين احتلوا مكتبه وهدد أحدهم بذبحه في غالبيتهم من أبناء بادية الشمال الأردني… الأمن الجامعي الذي أحاط برئيس الجامعة ويرافقه من أبناء قبيلة بني حسن الشريكة لأهل البادية في المنطقة والمحافظة.
كان الاحتقان بادياً على المعتصمين في مكتب رئيس جامعة آل البيت والغلاظة ملموسة في سلوكهم وسبب تحركهم أصلاً هو حصرياً «ما سمعوه عن تعيين أربعة نواب لرئيس الجامعة ليس بينهم أي من الاساتذة والأكاديميين من أهل البادية».
المعتصمون الغاضبون هنا لا يعلمون أن الدكتور عرفة نفسه ليس صاحب قرار ولا اختصاص في مسألة تعيين «نواب الرئيس» أصلًا وأنه لا يوجد ضمن كادر الجامعة الأكاديمي أي «زميل» من أهل البادية تنطبق عليه المواصفات وأن الحل الوحيد لمطلب قد يعتبر اعتيادياً في ضوء محاصصة كل شيء في الأردن هو الاستعانة بأحد علماء البادية من خارج الجامعة وتلك مسألة تعني ترتيبات إدارية ومالية من مجلس الأمناء.
بكل حال الغاضبون إياهم تركوا الحقيقة التي تقول إن رئيس مجلس الأمناء وهو قامة علمية ووزارية كبيرة بحجم الدكتور عدنان البخيت هو الذي يرفض ولأسباب مالية فقط الاستعانة بنائب رئيس من خارج الجامعة ووعد – أي البخيت – بالنظر في الأمر خلال ثلاثة أشهر بمعنى أن المجلس الذي يدير الجامعة أصلاً يتفاعل مع مطالب أهل البادية ولا يرفضها.
لسبب غير مفهوم بعد، قرر الموظفون والأساتذة الأربعة الغاضبون صب جام غضبهم على المعادلة غير المعنية وهي الدكتور عرفة رئيس الجامعة والذي سبق له أن خدم في العديد من المواقع المتقدمة وتأسيس الجامعات. بكل حال وعندما دخل البروفيسور عرفة مكتبه وسط الفوضى كانت خياراته معقدة ووضع أولوياته على أساس «منع حصول» أي إحتكاك عنيف بين طاقم الحرس الجامعي الذي يحيط به وبين المجموعة التي تهاجمه وتطرده. وكانت تلك المسألة الأولى في تفاعل الدكتور عرفة مع المشهد لأن اندلاع أي مشاجرة بين الأمن الجامعي والمحتجين كان يمكن ان يشعل صراعاً عشائري الطابع خارج الجامعة ويحصل ما لا تحمد عقباه.
قام أبناء بني حسن من الحرس الجامعي بواجبهم تماماً وفي اللحظة التي ادرك فيها عرفة بأن الحوار مع المحتجين غير ممكن انسحب من مكتبه وتركه للغاضبين رغم أن القضية المطروحة أصلاً تختص بمجلس الأمناء وليس بمكتب رئيس الجامعة.
لاحقاً دخلت البلاد برمتها بمزاج تناقل ما حصل في جامعة آل البيت… صدمة في الشارع وذهول في مكتب رئيس الوزراء وحراك للأكاديميين الخائفين من التالي وتبريرات «جهوية وعشائرية» تحاول فقط حماية الاستعراض «الداعشي» المشار إليه مع اشتعال الواسطات لاحتواء الموقف. وصدرت الأوامر من اعلى مستويات القرار المرجعي باتخاذ إجراءات جدية وحاسمة وأعلم الرزاز وزيره عادل الطويسي بالتعليمات في الوقت الذي كانت فيه المدرعات والآليات الأمنية تحيط بالجامعة وتضطر فيه أيضاً كل الأجهزة الأمنية لخرق حرمة جامعة مهمة سينزل تصنيفها مع هبوط «سمعة الأردن» مستقبلاً وبدون مبرر حقيقي. في كل حال وأمام «القدس العربي» أكد الدكتور عرفة حرصه على مسيرة التعليم العالي ورغبته في الانسحاب ورفضه العودة لفترة ثانية لرئاسة جامعة آل البيت. وحصل ذلك قبل أن يعلن عرفة في رسالته للوزير الطويسي عدم رغبته في قبول قرار إعادة تسميته رئيساً للجامعة بموجب تنسيب مجلس الأمناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية