الأردن: استمرار مسلسل «التطنيش» الأمريكي والتجاهل السعودي والعداء الإسرائيلي وأزمة الاستثمار «مكانك قف»

عمان ـ «القدس العربي» : رغم مؤشرات البهجة والاحتفال التي أظهرها أعضاء مجلس الوزراء الأردني مؤخراً بارتفاع ملحوظ على نسبة النمو الاقتصادي إلا أن التقارير العميقة والتي تصدر تحديداً عن مؤسسات أمريكية ما زالت تسترسل في الحديث عن أزمة اقتصادية قابلة للتفاعل في الأردن بدون آفاق لمعالجات جذرية لها.
هذه التقييمات مستمرة في التحدث عن «تحديات» أساسية تواجه الاقتصاد الأردني في العام 2018.
ويبدو في السياق ان الاتصالات الجارية مع اكبر صديقين مموليين وهما الولايات المتحدة والسعودية أخفقت في تحقيق أهداف وضعت بداية العام ومن بينها زيادة حجم المساعدات المالية ، الأمر الذي يبرر اندفاع الحكومة الهوسي في محاولة متسارعة لتهيئة البيئة الداخلية لجذب الاستثمار.
وحسماً للخلاف على مسألة جذب الاستثمار وبعد ملاحظات ملكية نقدية للحكومة تم تعيين وزير خاص بملف الاستثمار.
جهود الوزير الجديد ما زالت غامضة لكن لوحظ انه لمّح إلى آفاق ايجابية بعدما شارك ضمن وفد رسمي ترأسه الملك عبد الله الثاني مؤخراً لزيارة مجمعات استثمارية في الولايات المتحدة الأمريكية.
الوزير مهند شحادة بدا مجاملاً أكثر من كونه متمكناً وهو يحدث الزملاء في مجلس الوزراء عن زيارة أمريكا الأخيرة والتي كانت الأولى له كمسؤول عن الاستثمار.
المجاملات في هذا المضمار لم تعد تعجب رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الذي جدد مطالبته اعضاء طاقمه بالبقاء في الميدان أكثر والعمل بنشاط على جبهة جذب الاستثمارات.
لكن الاستثمارات كما يحاجج بعض كبار المسؤولين بحاجة إلى بيئة تسويقية تنتهي بتحقيق ارباح للمستثمر خصوصاً اذا لم تكن استثمارات مسيّسة أو مدفوعة بتوجيه سياسي.
في المساحة المحددة في الاستثمار والتوظيف السياسي تتضح أكثر مستويات التحدي التي يخوضها الأردنيون حيث تبدل كبير واستثنائي في أنماط الادوار الإقليمية وتقلص في نفوذ الأردن الإقليمي وأزمة منفتحة على كل الخيارات السلبية في حاضنة النادي الخليجي وحيث احتمالات عودة لقطاع كبير من الأردنيين العاملين في اسواق الخليج والذين بدأ الآلاف منهم يعودون فعلاً.
واقع مسألة الدور الإقليمي يقول اليوم بأن حكومة إسرائيل دخلت في سياق تخاصمي وعدائي مع عمان وبان الادوار التقليدية لعمان لم تعد مطلوبة او مرغوبة عند الإسرائيليين الميالين للتطرف والاستئثار بتسوية القضية الفلسطينية وعدم تقديم تنازلات.
الواقع نفسه يقول بأن ادارة الرئيس دونالد ترامب لا تستمع للفقراء ولا تريد الخوض معهم في مجال حيوي بالرغم من ان الرئيس نفسه وصف الأردنيين بأنهم «مقاتلون اشداء» قبل أكثر من عشرة أسابيع وهو وصف لم يعقبه اطلاقاً أي تدابير في لجان الكونجرس لدعم المساعدات التي ينبغي ان توجه لهؤلاء المقاتلين.
إغلاق المعابر الحدود مع سوريا والعراق اصبح بحد ذاته عنصراً خانقاً للاقتصاد الأردني خصوصا وانه يضرب قطاع التجارة والتصدير وقطاع النقل وهي قطاعات حيوية واساسية في الدورة الاقتصادية وكانت تخفف من العبء على عجز الميزانية.
ويقتنع الأردنيون أكثر مع الايام بأن فتح معبرهم المغلق مع سوريا وكذلك المغلق مع العراق لم يعد قراراً لا سورياً ولا عراقياً بل هو قرار ايراني وقد حذر من هذا الموضوع في وقت مبكر قبل أشهر عدة لاعب مخضرم من وزن رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم الكباريتي.
ويقر أحد السياسيين الكبار في الأردن أمام «القدس العربي» بأن مفاوضات واتصالات فتح معبري نصيب وطريبيل مع سوريا والعراق تواجه دوماً وأبداً النقطة نفسها حيث يبرز الوجه الإيراني بالمقابل ليسأل: لماذا لا تعيدون سفيركم إلى طهران عبد الله ابو رمان بعدما سحبتوه منذ أكثر من عام؟
معنى الكلام هنا واضح فطهران هي التي تملك اليوم القرار بشأن فتح حدود الأردن مع سوريا والعراق امام التجارة والتصدير وحركة الشاحنات .. وذلك بالرغم من الضمانات التي تقدمها موسكو لتنشيط اتصالات فتح معبر نصيب واللغة التعاونية التي يتحدث فيها عن فتح معبر طريبيل رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي.
ويصادق على القناعة في هذا المضمار تقرير أمريكي معمق اطلعت عليه «القدس العربي» ويتضمن اشارة واضحة إلى ان الإيرانيين هم من يعيق اتصالات فتح المعابر مع دمشق وبغداد حيث مساهمة كبيرة من الحدود معطلة تماما في ما يتعلق بقطاعات النقل والتصدير والتجارة. بمعنى آخر تحاصر إيران هذه الفعاليات وبصمت. والمنطق نفسه يواجه المشروع المتمثل بتشغيل خط نقل النفط بين العراق والأردن.
عمان الرسمية لا تريد الاعتراف بأن طهران هي التي تعيق فتح المعابر وإسرائيل تتحول من شريك دافئ إلى السلام إلى طرف عدائي تجاه ليس فقط المصالح الأردنية ولكن ايضاً تجاه الادوار الأردنية التقليدية المألوفة.
وفي الأثناء لا يعرف الأردني ما الذي ينبغي أن يفعله حتى يستثمر اقتصادياً في الدور السياسي والإقليمي والامني.
ولا يعرف ما الذي ينبغي أن يفعله حتى يتمكن من جذب استثمارات خصوصاً في ظل التجاهل السعودي التام والغريب لما اتفق عليه العام الماضي على حزمة من الاستثمارات في مجال الطاقة تحديداً.

الأردن: استمرار مسلسل «التطنيش» الأمريكي والتجاهل السعودي والعداء الإسرائيلي وأزمة الاستثمار «مكانك قف»
إيران «تحاصر» المصالح الأردنية في العراق وسوريا وتمنع «إعادة فتح المعابر»
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول توهان - الاردن:

    لقد حرقنا كل سفننا مع ايران واقمنا معسكرات لتدريب المعارضه السوريه فاغضبنا حكومة الاسد ووضعنا كل بيضنا في السله السعوديه التي هي مطنشيتنا اصلا انا ترامب فهو انسان متقلب وعليه لنتكل على الله ونعيد السفير الاردني لطهران

  2. يقول مروان /الاردن:

    للخروج من الأزمة الإقتصادية العميقة التي تواجه البلد يستدعي ذلك الالتفات إلى الأوراق على الطاولة ومنها بالنقاط :-
    – استثمار الاحترام والتقدير الدولي للقيادة الاردنية وترجمة وتسييل ذلك بمنافع اقتصادية على اليلد.
    – أن الأردن بموقعه الجيو سياسي مهم جدا واشبه بعش الدبابير اذا ما تم محاصرته.
    -الجدية بتسريع استخراج الزيت الصخري وتجاوز خلق العراقيل المفتعلة من أصحاب الاختصاص لكون الأردن يمتلك مخزون استراتيجي مؤكد منافس لأكبر الدول في هذا المجال للخلاص من استنزاف كلفة شراء المشتقات البترولية وتجاوز تاثير السياسة على الاقتصاد إلى حد ما لخطورة وأهمية الملف الاقتصادي في الحالة الاردنية .
    – العمل وبشكل جدي على تطوير الإدارة العامة بعيدا عن الشللية والنفعية وتصفية الحسابات
    – الدخول وبسرعة لإجراءات ثورية في مجال الاستثمار بمحفزات واعفاءات ضربية واسعة تصل لصفر ضريبة ،والتحضير المسبق لمرافق البنية التحتية وعلى حساب الدولة شريطة استقطاب استثمارات نوعية قادرة على توطين التكنالوجيا الجديدة لهدف خلق فرص عمل حقيقية و دائمة وباجور عادلة لمواجهة ملف الفقر والبطالة الأخطر على استقرار البلد.
    – فتح الحدود مع سوريا والعراق ومن البوابة الايرانية والسماح للسياحة الدينية الشيعية بالوصول لمقامات الصحابة من آل البيت يسبقها تفاهمات على عدم التدخل بالشأن الداخلي الاردني خاصة نشر مذهب الشيعي .
    – الدخول في تفاهمات مع الدول صاحبة المسؤولية في وجود ملف اللجؤ السوري في الاردن لاستيعاب جزء عادل منه أو دفع كلف حقيقية وبخلافه اتخاذ مواقف غير مجاملة على المصلحة العامة.
    – وهنالك الكثير من الاوراق والملفات الصغيرة والكبيرة الاحتياطية القادرة على اخراج البلد مما يواجهه لا مجال لذكرها في هذه العجالة

  3. يقول سامح //الأردن:

    *كان الله في عون الأردن
    (شعبا وحكومة) .
    *الوضع الإقتصادي (ضعيف)
    والفساد ينتشر والناس تعبانة..
    حسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  4. يقول محمد حاج:

    فلتحذ الاردن حذو قطر ، علاقات متينة مع تركيا وايران ، ماذا استفادت من رمي كل ثقلها في أحضان الامارات والسعودية ؟ يتهمون ايران بالارهاب وهم أول من يقيمون العلاقات الاقتصادية معها ، كل تركيز الامارات والسعودية على مصر سياسيا واقتصاديا ، رغم اختلاف السيسي معهم بالنسبة لعلاقته مع الحوثيين أو نظام بشار ، فلتبحث الاردن عن مصلحتها أولا وأخيرا .

  5. يقول الهدهد - اربد:

    على الاردن ان يقوم بفتح الحدود امام الاخوة السوريون للذهاب الى دول الخليج كما فعلت تركيا لعل وعسى ان يلتفت الاخوة السعوديون للاردن
    وكما يجب على الاردن ان يتفاهم مع الاخوة القطريين والاتراك على شرح الوضع الاقتصادي الاردني والتقارب مع تركيا مفيد جدا لماذ لا تكون العلاقات مع الاتراك اقوى.

  6. يقول نضال القطب-كندا:

    على الاردن الاعتماد على ذاته 100% وعدم انتظار الاخرين لمساعدته والتمنن عليه وعلى مواطنيه.
    الاردن لديه نقاط قوة كثيرة ولكن على المسؤولين الاردنيين تفعيلها بدون مجاملة، لانه لو حصل امر سيء للاردن -لا سمح الله- لدفعت العديد من الدول ثمنا باهظا نتيجة التطورات السلبية في الاردن.
    يجب علينا في الاردن تعزيز علاقاتنا مع تركيا وايران كونهما دولتان اقليميتنا محوريتان وكذلك مع قطر، وهو عكس ما نفعله حاليا ارضاء للاخرين- الذين يطنشوننا- وعلى حساب مصالحنا الوطنية.
    يجب اعادة السفير الاردني الى طهران ودعوة شركات ايرانية للاستثمار في الاردن وكذلك اعادة العلاقات مع قطر الى مستواها السابق وتوقيع اتفاقيات معها لتزويد الاردن بالغاز القطري باسعار تفضيلية، وتزويد قطر بحاجتها من البضائع الاردنية في ظل الحصار الظالم المفروض عليها.
    لنتذكر جيدا ان الاردن ليس ضعيفا، لكن المجاملات السياسية لاطراف لا تعبء به تضعف من وضعه السياسي والاقتصادي.
    الان هو الوقت الصحيح لوضع مصالح الاردن فوق اي اعتبار، لماذا نجامل الاخرين، كفاية لقد طفح الكيل.

إشترك في قائمتنا البريدية