الأردن بين نسختين من «تنظيم الدولة»: الدفاع «اليقظ» في سوريا و«العميق» في العراق

عمان ـ «القدس العربي»: يجتهد الأردن الرسمي والأمني في متابعة استراتيجيته العميقة في مراقبة كل تطورات الملف الداخلي السوري والعراقي على أمل التمكن أو الإستمرار في التمكن من «إبقاء المشكلات الأمنية» وتحديدا تلك المتعلقة بالجماعات»الإرهابية» خارج الحدود الأردنية.
على هذا الأساس يراقب الأردن حدوده مع العراق وسوريا تحديدا وهو يستعد لكل الإحتمالات مزنرا بنخبة من أفضل أسلحة ومعدات الردع الدفاعية العسكرية التي تشمل المراقبة الالكترونية وتكتيكات الرصد والإشتباك الناري.
وما زالت عمان وكما فهمت «القدس العربي» من الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني حريصة على إبقاء الإشتعالات خصوصا في سوريا والعراق بعيدة عن الأرض الأردنية، مما تطلب حتى المجازفة بالإستمرار في إغلاق المعابر في طريبيل بالقرب من الأنبار ونصيب جنوبي درعا بالرغم من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن ذلك.
في القياسات الأردنية التي يلمح لها المومني ستبقى الحدود بصفة رسمية مغلقة ما دام لا توجد «مؤسسة نظامية» في الطرف الآخر تقوم بواجبها ويمكن التعامل معها، والأردن لا يظهر أي إستعداد لتكرار السيناريو «التركي» في العلاقة مع الحدود السورية.
التقارير الأمنية التي ترد من سوريا والعراق لأصحاب القرار في الأردن لا توحي في أن أزمة الحدود مع العراق وسوريا قد تكون «قصيرة الأمد» وفي الجانب الإداري الأردني يستمر مجلس السياسات المركزي للدولة في العمل والتنسيق والتشاور مع بقية المؤسسات السيادية في تفعيل أفضل أنظمة الدفاع الاستراتيجي بعمق وفقا لتعبير إستعمله العاهل الملك عبدالله الثاني مؤخرا.
المستجدات وفقا للتقييمات العميقة تبدو مثيرة في التفكير الأردني أيضا، فتنظيم الدولة بنسخته السورية يتموضع قرب السويداء وفي صحراء تدمر في عمق بادية الشام بـ»تواطؤ» مع النظام السوري حسب التقديرات الأردنية التي تتحدث عن خطوط تموين فعالة يحصل عليها التنظيم داخل سوريا ودون تفعيل أي معارك بينه وبين جيش النظام.
في المعلومات الأردنية تنظيم الدولة في سوريا يصبح أكثر ثراء ولديه مخزون كبير من النفط والغاز ومؤخرا فقط تركت له في ظروف غامضة ومريبة نخبة من أكبر مخازن السلاح النظامي السوري وقصدا في تدمر تحديدا وبدا أن الدولة السورية تنسحب بهدوء وهي تسلم تدمر بدون قتال لتنظيم الدولة.
خلال نقاش مع شخصيات سياسية بارزة في عمان علمت «القدس العربي» أن نظام الرئيس بشار الأسد «يتعاون» مع تنظيم الدولة ويتقصد مساعدته في» البقاء والتمدد» ولا يخوض معه أي مواجهة عسكرية على أساس الرغبة في تتبع سياسة «حرق الأوراق» بمعنى ترك المناطق التي لا يتاح فيها الإنتصار عسكريا عالقة بيد الجماعات الإرهابية لإرهاق الدول التي «تآمرت»على النظام السوري.
بسبب قناعات من هذا النوع في أوساط النخبة السياسية الأردنية بما في ذلك بعض الأجنحة في مؤسسة القرار، لا توجد إتصالات من أي نوع بين الحكومة الأردنية ونظيرتها السورية، رغم أن الأردن قصدا أبقى على السفارة والسفير في الإتجاهين بسبب طبيعة التعاطي مع الأزمة وفقا للوزير المومني.
في كل الأحوال كان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد صرح علنا بأنه يلاحظ عدم إشتباك النظام السوري مع تنظيم الدولة أو عدم محاولته إستعادة الأراضي التي يحتلها.
خلف الستارة يرى مسؤولون وسياسيون عرب وأمريكيون أن الرئيس بشار الأسد «ينتقم» من الجميع بترك الفرصة أمام تنظيم الدولة للتمدد والتوسع.
وهي فرصة من الطبيعي جدا أن تقلق اليوم دولة مثل الأردن ليس فقط لأنها في حالة إشتباك علنية مع تنظيم الدولة في سوريا والعراق ولكن لإن قوات التنظيم أصبحت في الواقع تماما ملاصقة لحدود الأنبار مع الأردن وتقترب بصورة أكبر من الحدود الأردنية عبر محور ـ تدمر- السويداء.
لذلك برزت الحاجة لإختبار النظام الدفاعي العسكري الحدودي الأردني حيث تم مؤخرا إحراق ثم تفجير أربع سيارات شحن متوسطة على الأقل حاولت الإقتراب من الحدود الأردنية ورفضت الإستجابة لنداء التوقف الأول وحسب البيان الرسمي الأردني «تم التعامل معها وفقا لقواعد الإشتباك وتدميرها».
قبل ذلك أوقفت طائرات «يقظة» لسلاح الجو الأردني عدة محاولات للتسلل عبر الحدود من سوريا بصورة غير شرعية.
وفي كواليس الإدارة الأردنية يقول المسؤولون أن إطلاق النار على أي محاولة للتسلل هي رسالة لكل الأطراف توضح ان عمان لا تريد الخوض في إختبارات وبأنها «جدية» عندما يتعلق الأمر بعدم بروز أي تسوية فيما يتعلق بالأمن الحدودي.
مسؤول كبير قال لـ «القدس العربي»: نظامنا الدفاعي «يقظ للغاية» وجميع مراكز القوى في المحيط فهمت تماما اليوم أنه سيعمل وبحزم وصرامة ضد أي محاولة إختراق والعديد من الأطراف إختبرت المسألة وقرأت رسالتنا بوضوح.
يقظة النظام الدفاعي الأردني على الحدود مع سوريا لمست بالدليل المباشر والتصرف بعمق في السياق العراقي أيضا ما زال الخيار الاستراتيجي بالنسبة للمؤسسة الأردنية عندما يتعلق الأمر برصد ومتابعة الإشتعالات والإحتمالات في العراق وسوريا المجاورين.

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الامارات // الأردن:

    * حمى الله ( الأردن ) الغالي من شر ( داعش ) وشر النظام السوري .
    * لكن يبقى ( تمدد ) وتوسع داعش داخل ( سوريا ) لغزا ومثار جدال ؟؟؟
    * وهذه بعض الأسئلة المشروعة والتي تدور على معظم الألسن ؟؟؟
    1 ـ تمدد داعش السريع وسيطرته مؤخرا على ( تدمر ) هل هو
    نتيجة التنسيق مع النظام السوري أم ( لضعف الجيش السوري ) ؟؟؟
    2 ـ لماذا لم يستعن النظام السوري بحليفه ( حزب الله ) للدفاع عن تدمر ؟؟؟
    3 ـ لماذا لم يقم ( طيران ) النظام بقصف قوافل داعش الزاحفة نحو تدمر ؟؟؟
    4 ـ ماذا يستفيد النظام السوري من تسليم تدمر لداعش ؟؟؟
    * شكرا

إشترك في قائمتنا البريدية