لا ألوم المثقفين والمسيسين الأردنيين من الأصدقاء وغيرهم وهم يعبرون عن الامتعاض من سياسات تحويل البلاد إلى مستودع وخزان بشري وبصورة غامضة وبدون أن يشعر الأردني المواطن بالإنصاف أو يتم «تكييش» الخدمات التي يقدمها البلد للمجتمع الدولي والعالم والإنسانية ومراكز القوى في الإقليم.
يكفي الآن الخروج لزيارة طبيب في عمان العاصمة لإدراك مستوى الوقت المهدور في زحام سيارات لا ينتهي ليلا نهارا أو المغادرة بغرض تقديم العزاء في مدينة إربد شمالي البلاد لإدراك كيف تغيرت هذه المدينة وغرقت شوارعها في ايقاع اللجوء السوري.
في مدينة المفرق سمعت بأن الحصول على كيلوغرام من الخبز يتطلب الوقوف لساعتين على الأقل في طابور أمام المخبز. وفي عمان والزرقاء لا مجال للحصول على شقة بسعر منطقي لان أسعار العقارات ارتفعت كثيرا.
صديق لي اكتشف الحقيقة المرة..أصحاب العقارات القابلة للتأجير في العاصمة يدققون في جوازات السفر ويرفضون التأجير للمواطن الأردني. وحتى تحصل على شقة مستأجرة في الأردن اليوم وتحديدا في العاصمة عليك ان تكون من جنسية إحدى الدول المجاورة المشغولة بالحرب الأهلية.
صدمني هذا الأمر، وبعد التدقيق والتوثق من أننا نتحدث عن بدل ايجار مرتفع جدا وخيالي وغير مسبوق اكتشفت بأني سأستأجر شقة بسرعة وبدون تعقيدات لو كنت ليبيا او عراقيا أو سوريا. أما إذا كنت أردنيا فسيتمتم صاحب الشقة ببعض الكلمات ويعتذر ويدير ظهره حتى لو دفعت نفس السعر.
الأردن واحة أمن واستقرار..هذا صحيح وسيبقى صحيحا. لكن المواطن الأردني يشعر اليوم بأن بلاده تتحول – كما يقول صديق لي – لمستودع بشري.. حتى بعض الأقلام الصحافية التي تناكف بالعادة بدأت تروج للأمر بنصوص ذكية في الصحافة اليومية تحاول ايهام القاريء بأن المسألة تنطوي على استثمار وطني عميق.
قصة التنوع الثقافي وخلط الجنسيات وتوفير فرص نادرة للاندماج الحضاري والثقافي كلها عبارات ممتازة وايجابية لكنها تبدو رومانسية ومضللة عندما يتعلق الأمر بمؤسسات بيروقراطية وغير ديمقراطية. وعندما يتعلق الأمر ببلد لا زالت نخبه العليا تؤمن بتزوير الانتخابات أو تحتاج لثلاث سنوات من العمل المركز حتى تستعيد هيبة امتحان الثانوية العامة.
الكلام يبقى رومانسيا عندما تخفق الدبلوماسية الأردنية بكل خبراتها في تحقيق «مقايضات» مشروعة في علم وعالم السياسة بين الأدوار والمصالح أوعندما يتعلق الأمر بغياب أي موارد من أي نوع لا سياحية ولا زراعية ولا نفطية. حتى الغابات الأسمنتية العشوائية المنتشرة في عمان الغربية والتي تضم طبقة النخبة من الضيوف والأشقاء العرب تنقطع بها الكهرباء أحيانا اليوم أوتنقص المياه. فما بالك بالقرى والأطراف الأبعد التي لم يشملها القدر بعد بميزة استقبال ضيوف أو الاسترخاء بموجات التنوع الثقافي الديمغرافي.
الأمن والاستقرار من نعم الله سبحانه وتعالى، ويأتي نتيجة تضحيات كبيرة يقدمها رجل الأمن الأردني. لكن هذه الوظيفة قد تختل إذا لم ترافق النطاق الخدماتي الذي تقدمه الدولة الأردنية مهارة ادارية ودبلوماسية قادرة على التوظيف والاستثمار فعلا.
هنا حصريا تكمن المشكلة..يغرق القوم في طبقات الادارة العليا بالكلام الانشائي عن التضامن العربي والملاذ الانساني..الخ من الاسطوانات ويتم ايهام العامة بأن البلد تستثمر في موقعها الجيوسياسي.
لكن لا يلمس المواطن الأردني على الأقل فوائد هذا الاطار بل تزداد حياته اليومية صعوبة. فالأسعار ترتفع بصورة جنونية والشارع يصبح أكثر ازدحاما والعقارات لا تؤجر للأردنيين والعمالة الوافدة تتزايد وديون الدولة تجلس بوقار مستقرة بل تنمو بدون اي ملامح لأنها ستتقلص.
نقولها بصدق وصراحة.. نثق بالدولة الأردنية لكن نعرف تماما طبيعة ومهارة وقدرات النخب التي تمثلها اليوم ونزعم بضمير مسترخ أننا امام طبقة كاملة من الشخصيات الكلاسيكية المحترمة التي لا يمكنها استبدال الدور الخدماتي الانساني بالمصالح الأساسية.
ونعرف بالمقابل أن المشكلات الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الأردنيون لا زالت «باقية وتتمدد» بالرغم من كل الضجيج المثار حول الدور المركزي في تعزيز الأمن والاستقرار. كما نعرف أن سياسات تحويل البلد لخزان بشري صحيح أنها اليوم «قدرية» لكنها ليست شفافة ومراوغة لان الحقائق لا تقال أمام المواطن الأردني.
أحدهم حاول اقناعي بأن البلد دوما مستفيدة على اساس انها تتحول لمركز عمليات لوجستية عملاق يخدم البشرية بالبعد الانساني.. شخصيا أرى أن البلد أصبح اقرب لصالة ترانزيت عملاقة في مطار آمن ويدار جيدا لكن لا يوجد فيه ما يكفي من دورات المياه لقضاء حاجة الطبيعة.
ضحك صديق لي كان وزيرا للإعلام عندما قلت ان الأردن بلد بلا «سوائل» اذ لا يوجد مياه ولا غاز ولابترول… العالم الذي يضغط على الأردن ويطالبه باحتواء تداعيات ونتائج المؤامرات التي تحاك ضد شعوب المنطقة ودولها وتؤدي للهجرات القسرية هو نفسه العالم الذي لا يبادر لسداد ديون المملكة الأردنية ولا لمساعدتها اقتصاديا ولا حتى لضمان الوسائل التي تسهر على بقاء أجهزة التكييف شغالة في المساحة الجغرافية الواسعة التي تتحول لصالة مطار.
٭ إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
بسام البدارين
أعان الله شعب الأردن على هذا العبئ الاقتصادي
الحل يا أستاذ بسام سهل جدا
وهو بانشاء منطقة آمنة جنوب سوريا برعاية الأمم المتحدة
عندها سيرجع مئات الآلاف من السوريين لبلادهم
وسيتبقى السائح فقط بالأردن – ما رأيك
ولا حول ولا قوة الا بالله
لاول مرة في الحياة اختلف معك اخي بسام الذي احبه واحترمه واقدره فالاردن مستفيد من هؤلاء المقيمين بمعنى اخر هم سياح مقيمين تستفيد منهم الدولة بالضرائب التي تزداد مع ازدياد دخل المطاعم والفنادق وبيع الشقق وزبائن الاتصالات حيث الان عشرة ملايين زبون بشركات الخلوي اكثر من نصفهم غير اردنيين اضافة لما تجنيه الدولة من منح ومساعدات لهؤلاء المقيمين وللاسف لا تظهر هذه المنح بالخدمات وانما لجيوب المسؤولين واخيرا هذه ارض الله ورب الكون كفيل بنا برزقنا بالماء والامطار وغيره وهذا اعتقادي بالله
لا أدري لماذا الأخ الكروي يصرّ على زجّ الأردن الذي يعاني من شح بالمياه والموارد الطبيعية وادخاله بأزمة اقليمية أكبر من طاقاته وحجمه وقدراته بالإضافة لكلفتها المالية والأمنية الباهظه في حال تدخل مباشرة بالأزمة السورية وتورط فيها والتي تديرها أقوى دولتين بالعالم اميركا وروسيا
او ليس من الأجدى أن تكون دعوتك لاقامة منطقة آمنة او عازلة أو منطقة حظر جوي للفلسطينيين داخل حدود بلادهم التاريخية ومن الجهات الاربع والتي احتلها الكيان الصهيوني الذي قتل وهجر واحتل أرض شعبها منذ سبعة عقود؟
الأردن بكل الأحوال مشارك بالتحالف
والمنطقة الآمنه ستكون برعاية دولية ( من التحالف مثلا )
أما عن الفلسطينيين فاسأل من منعهم من العبور للجهاد بفلسطين
أرجو أن أكون أوضحت لك الصورة الآن يا عزيزي الأحول
مع تحياتي ومحبتي واحترامي لك وللجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله