الأردن: ضرب متواصل على وتر «ناصر جودة» وهجوم منظم ضد «وزارة الخارجية» ومشوار «مضايقة النسور» لإقصاء حكومته بدأ باقتراح البرلمان للتخلص من آلية المشاورات والعودة لصلاحيات «الملك»

عمان ـ «القدس العربي»: لا يمكن التفريق عمليا بين الحملة المباغتة التي استهدفت حكومة الرئيس عبدالله النسور وهو يقتحم سنته الثالثة في الحكم متحمسا للمزيد من البقاء في القرار وبين الإصرار العنيد على مطاردة وزير الخارجية المخضرم ناصر جودة الذي لا يلتفت إطلاقا للنمو الكبير في دائرة خصومه والمناكفات التي تطاله.
الحملة على الوزير المعتق والجالس للعام الثامن على التوالي في كرسي الخارجية بلا منافس لها ما يبررها في الواقع، فالرجل يكثر من السفر ويدير وزارة سيادية بعيدا عن الأضواء وعلاقته مباشرة بالقصر الملكي ومكاشفاته للإعلام وأحيانا للبرلمان «قليلة نسبيا» ووجودة لأكثر من سبع سنوات وزيرا للخارجية يدفع المتبرعين بالمناكفة لكل من يتقادم في موقعه للنشاط.
ثمة ملاحظات متعددة يتناقلها الجميع على أداء الوزير جودة، والحالة السياسية العامة في البلاد لا تتقبل ببساطة صمود أي مسؤول رفيع لكل هذا الوقت، والمنتج الأهم في الإعلام المحلي ضد الوزير جودة يتم تصنيعه في أرجح الأحيان إما من زملاء للرجل في الوزارة والحكومة أو من بعض مراكز القوى في الظل التي ترى ان جودة المخضرم أطال الإقامة في موقعه من دون عوائد ومكاسب سياسية ملموسة.
في كل الأحوال من الواضح ان جودة، ورغب الشغب المتواصل ضده، لا زال يحظى بالثقة المرجعية الملكية ويعمل على ملفات تثير الحساسية أصلا مع أن حساسية فريقه الدبلوماسي تتزايد عندما ينجح آخرون في تحقيق إنجازات دبلوماسية وسياسية بعد إخفاق الحكومة وأجنحتها.
رغم ذلك يمكن ملاحظة السعي المتكرر لاصطياد بعض «العثرات والأخطاء» وتدوينها قصدا في صفحة جودة علما بأن موقعه كنائب لرئيس الحكومة يجعل كل زملائه متضامنين معه في تحمل المسؤولية.
والخطأ الأكثر إثارة للجدل في السياق كان يتعلق بنشر خبر «عودة الملك» بعد زيارة طويلة أثارت الجدل مؤخرا بصورة غير نظامية وعبر موقع إلكتروني يديره أحد أقرباء الوزير جودة.
وتم تداول قصة هذا التسريب على اساس ان جودة شخصيا يتحمل مسؤوليته في الوقت الذي يمكن القول فيه بأن الفوضى التي تجتاح إدارة الإعلام في الديوان الملكي منذ أكثر من عام قد تكون المسؤولة المباشرة عن خطأ التسريب وغيره من الهفوات المعلوماتية والإعلامية.
هي في كل الأحوال فوضى ولدت في عهد الدكتور عماد الفاخوري، زميل جودة الآن في وزارة التخطيط، وبقيت واستمرت من دون معالجة حتى بعد مغادرة الفاخوري لوظيفته الراقية في مؤسسة القصر.
الأهم أن الحملة على جودة في معظمها تتغذى معلوماتيا من مستشارين وموظفين كبار لديه يتسابقون على المواقع والنفوذ والتقارب من وزيرهم أو الانتقام من قراراته بإبعادهم.
والأكثر أهمية ان استهداف الوزير جودة هو جزء من حالة الضجر المتنامية في البلاد من طول بقاء وإقامة حكومة الرئيس النسور برمتها، حيث كان معدل عمر الحكومات في الماضي القريب لا يزيد عن عام واحد في أحسن الأحوال، فيما يخطط النسور لركوب موجة البرلمان نحو السنة الرابعة.
بعض وزراء النسور خارج نطاق هضم الشارع الشعبي لهم وبعضهم متخصصون بإنتاج المشاكل بين هؤلاء حتى في تصنيف الرئيس نفسه، وفقا لما علمته «القدس العربي» الوزير جودة ووزير التعليم العالي لبيب الخضرا.
لكن ذلك لا يمكنه بحال من الأحوال معاكسة الرؤية المرجعية التي لا زالت تثق بالنسور وفريقه بكل الأحوال، وإن كانت أطراف موازية بدأت التحرك بصورة مباغتة لإنتاج انطباعات بأن ورقة حكومة النسور اليوم «آيلة للسقوط» عن شجرة الصمود والبقاء وهو أمر تطور لمنهجية لم يعلم بعد ما إذا كانت مبرمجة ومقصودة ومرعية من مراكز قوى في الدولة أم تلقائية وعفوية.
التعبير الأشرس في السياق يتمثل في مداخلة غامضة تقدم بها رئيس مجلس النواب عاطف طراونة عبر صحيفة «عمون» الإلكترونية مساء الأربعاء عندما وصف آلية «المشاورات البرلمانية» بأنها «عبء» على البرلمان وغير منتجة وثبت إخفاقها مقترحا التخلص من هذه الآلية التي شكلت بموجبها حكومة النسور أصلا والعودة للمربع الدستوري الأفضل وهو «صلاحيات الملك فقط».
تصريح طراونة لا يخلو من «الخبث السياسي» والقراءة الأولى له واحدة من اثنتين فالرجل إما يحتفظ «بسطر» لا يحتفظ به الآخرون ومطلوب منه التعاون والتحدث باسم النواب لإعفاء النظام من آلية المشاورات النيابية الخاصة بتشكيل الحكومة أو أنه بدأ شخصيا عراك المناكفة مع النسور، لإقصاء الحكومة بعدما كان حليفا لها في الماضي القريب.
في الحالتين الواضح ان حكومة النسور بدأت تتعرض لمحاولات منظمة تستهدف إجبارها على خلع بعض أثواب التحالف، ما يفسر الرعاية التي تقدم بها فجأة الرئيس لكتلة المبادرة تحديدا، كما يفسر الانفلات المباغت لقصة التخلص من المشاورات البرلمانية التي تعيق اختيار «بديل» قبل تفسيره للضرب المتواصل على وتر اسمه «ناصر جودة».

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول hamza -london:

    للاسف .. منذ سنتين سمعت منك ايها الكاتب العزيز نفس الخبر .. بان المناكفات بدات لاسقاط حكومة النسور .. بينما هو لا يزال محلقا ..

  2. يقول حسام:

    الذي يقرأ هذا المقال سوف يتصور بشكل زائف وغير حقيقي أن للأردن برلمان وحكومه يعتد ويثق بها الشعب ، وهذا غير حقيقي ، نواب الشعب هم نواب خدمات مناطقيه لا دخل لهم في السياسه الداخليه أو الخارجيه ، هم مجرد شهود زور لا بهشوا ولا بنشوا والشعب الأردني في النهايه هو من يتحمل تبعات هذا الخطأ الجسيم الذي يسمى زورا ” مجلس النواب ” .

    1. يقول د.عبدالسلام احمد:

      صدقت….في بلدنا، النواب والوزراء والمسئولين كلاً يسعى لمصلحته الخاصة قبل كل شيء. لا يوجد نواب وطن ولكن نواب مصالح ومناطق…وزراء فقط للسلطة والمصلحة الشخصية ….سفارات يتجاوز عددها عدد سفارات دولة عظمى وكل ذلك خدمة لمصالح معارف واقارب. كل شيء يتراجع في الأردن للوراء وما زلنا نتغنى بأنجازات غير موجودة.

  3. يقول ammar hamad:

    وزير الخارجية لا بهش ولا بنش زلمة بوخذ راتب و بقولوا شو يحكي والله ما بدري منين هبت

إشترك في قائمتنا البريدية