الأردن: لماذا قرر الرزاز «خلوة» وزارية عشية 100 يوم على حكومته؟

حجم الخط
0

عمان ـ «القدس العربي» ـ بسام البدارين: لا جديد يمكن الإخبار عنه عندما يتعلق الأمر بقرار رئيس الوزراء الأردني الجديد وعشية عبوره المئة يوم الأولى من عمر حكومته «عقد خلوة وزارية» حيث لا شروحات ولا تفاصيل ولا مسوغات ولا مبررات خصوصا وان الشارع فقد ثقته بمسلسل «الخلوات» التي أصبحت «موضة» سياسية جربتها حكومات سابقة ولم يفهمها الرأي العام.
عمليا الظروف والاعتبارات التي دفعت الرزاز باتجاه «خلوة» غير مفهومة حتى اللحظة على الأقل.
لكن السبب الوحيد المعلن على لسان الحكومة لتنظيم تلك الخلوة لا يحتاج أصلا لخلوة ويمكن اعتباره من البرامج العابرة للحكومات في العادة.
ذلك السبب كان الوحيد الذي أعلنه وزير التنمية السياسية وشؤون البرلمان موسى المعايطة على هامش تفرغه للعمل مع الأحزاب السياسية بعد العطلة البرلمانية.
وفقا للمعايطة ستعقد الحكومة «خلوة خاصة» أبرز محاورها الإصلاح السياسي والمواطنة وتفعيل المشاركة السياسية والحاكمية ومشروع اللامركزية والتفاعل مع المجتمع المدني.
تلك في كل حال عناوين مطاطة جدا ومستهلكة وعقدت عشرات الخلوات من أجلها والانشغال الحقيقي بها قد يحتاج لسنة كاملة من الخلوة على الأقل.
لكن الإيحاء واضح، وهو ان بعض الملفات التي ستطرح تحت تلك العناوين تحتاج لمكان مغلق وقدر من الخصوصية وبصورة محددة عندما يتعلق الأمر بتعريف «المواطن الأردني» وبمنهجية المواطنة والتعامل مع المجتمع المدني حيث اتهامات بالأطنان هنا للرزاز ولحكومته من قبل حراس المعبد القديم وقوى الأمر الواقع والتيارات المحافظة. الإيحاء أيضا بأن الوزراء لا يستطيعون التحدث بصراحة في قاعة الاجتماع المركزي في مقر رئاسة الوزراء خصوصا وان الشعب لا يطلع أصلا على المجريات.
بوضوح يجازف الرزاز وهو يتحدث عن «خلوة للوزراء» بمبادئ الشفافية التي التزم بها خصوصا وان القضايا التي طرحها الوزير المعايطة أساسية ومهمة وتحتاج لنقاشات علنية قرر الوزير المعايطة عندما التقى قيادات الأحزاب انها ستدار في خلوة وزارية قريبة من المئة يوم الأولى في عمر حكومة الرزاز وأقرب إلى ذكرى مئوية الدولة الأردنية القريبة أيضا.
ليس سرا ان القصد بالخلوة الوزارية ليس الإختلاء الحقيقي بالوزراء ولا طرح أسرار عميقة، لأن كل الأجهزة والمؤسسات في الدولة ممثلة أصلا في مجلس الوزراء ولا يحتاج الأمر لخلوات.
لكن هذه الحقيقة تدفع في إتجاه وجود تفسير آخر ومختلف للخلوة الوزارية باعتبارها «تقنية مجربة» وتستدعي ذكريات حزينة بالنسبة للأردنيين حيث انها كانت موضة دارجة لم ينتج عنها أي تحول حقيقي لصالح الدولة أو الناس.
بالنسبة للرزاز الخلوة قد تكون فرصة للنقاش الحر وفي حالة استرخاء بين أفراد الطاقم الوزاري عشية تنقيح وتعديل الفريق بعد الـ100 يوم الأولى كما وعد والتزم.
الرزاز كان قد أبلغ الوزراء وفي الاجتماع الأول لهم بعد أداء اليمين الدستورية أن عملية تقييم صلبة ستحصل بعد 100 يوم موحيا ضمنيا أن بعض الوزراء سيغادرون الحكومة إذا ما كان الأداء متعاكسا مع التقييم. لكن ما لا يعرفه المراقبون هو العلاقة بين الخلوة ومن سيبقى أو يغادر من الوزراء. إلى ان يتضح الأمر يمكن القول بأن خلوة الرزاز التي لم يعلن مكانها بعد تعقد في ظل ظرف معقد تواجهه حكومة فتحت للتو ملفات فساد كبيرة من الصنف الذي يصعب السيطرة عليه.
والخلوة يعقدها الرزاز بين أفراد الطاقم في إطار التقييم الذاتي وتوضيح بوصلة واتجاهات المرحلة اللاحقة بعد الاجتماع الشهير والوحيد الذي عقده الملك عبد الله الثاني مع الحكومة قبل عدة أيام والذي تخلله تفويض الرزاز بـ«كسر ظهر الفساد».
وإذا كان «العامل الملكي» تحديدا أساسيا في بناء مشهد الخلوة يمكن توقع ان تكون الخلوة هي ذراع الرزاز في السيطرة أكثر على طاقمه وفي التأكد أكثر من ولائهم للبرنامج الكبير المقبل خصوصا وان برنامج عمل الخلوة يتضمن القضية الأكثر إثارة للجدل والتجاذب على صيغة معركة وهي قضية «مدنية الدولة» أو التحول للمنهج الوطني.
يفسر ذلك ولادة فكرة الخلوة أصلا بعد التفويض الملكي للرزاز وبعدما أعلن أن توجيهات القصر الملكي واضحة لصالح تمتين الإصلاح ومكافحة الفساد وفي ظل الإصرار الحكومي على العمل منهجيا في طريق دولة القانون والمؤسسات والأهم والأكثر حساسية كما المح المعايطة دولة «المواطنة».
بهذا المعنى لا يمكن مقايسة خلوة الرزاز التي يريدها لأغراض ذاتية وموضوعية بتلك الخلوات التي سبق ان ملأت الدنيا ضجيجا ولم تؤد لأي نتائج محددة وملموسة. لكن المفارقة ان تلك الخلوة تعقد فيما بقية المؤسسات الشريكة تراقب كل التفاصيل. وتعقد فيما يغادر الرزاز عبرها ولو قليلا منطقة «الشفافية» على أمل «التمكين الداخلي» هل ينجح؟ السؤال في هذه المرحلة افتراضي حتى اللحظة وبلا جواب.

11TAG

الأردن: لماذا قرر الرزاز «خلوة» وزارية عشية 100 يوم على حكومته؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية