الأردن و«النووي» الإيراني: إصدار المواقف على قدر «المصالح»… وتصريحات «متحفظة» لا تغضب إيران ولا تجازف بخدمات مجانية للسعودية

عمان ـ «القدس العربي»: يعرف وزير الاتصال الناطق بإسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني مسبقا بأن مؤسسة دولته لا تريد في هذه المرحلة على الأقل ولأكثر من سبب «تحديد موقف» عدائي او محايد من ملف الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني.
لذلك يتحدث في أول بيان للحكومة الأردنية بعد الإعلان عن الموقف التاريخي بعبارات عمومية ويشير إلى ان زميله وزير الخارجية يتابع اتصالات التقييم مع نظيره الأمريكي جون كيري وإلى ان عمان تنتظر «وثائق» الاتفاق لتقييم التفاصيل. هي بهذه الحالة عملية تهرب ديبلوماسية من مسألتين: الأول تحديد موقف متسرع أو عاطفي سياسيا من الاتفاق الذي سيغير ملامح الكثير من معطيات المنطقة، والثاني ترسيم موقف «انفعالي» على بوصلة الموقف السعودي المحتد الذي توعد الرئيس باراك أوباما بالندم، متحدثا عن مراجعات لحمل الاتفاق الثقيل ستضطر لها الإدارة الأمريكية اللاحقة.
عمليا يبقي الأردن الأبواب مفتوحة مع كل الأطراف بما فيها إيران ويخاطب بخطوات منهجية محسوبة بدقة دوائر الاهتمام السعودي دون إعلان العداء لإيران ولاتفاقها النووي ودون التورط بموقف مباشر، بعدما تبين أن المواقف السياسية في المستوى الإقليمي، خصوصا من القضايا الحساسة، ترضي طرفا وتغضب آخر بكل الأحوال.
كثيرون من مخضرمي السياسة في عمان مرتابون بإنتاجية الديبلوماسية الأردنية الثابتة بعنوان الحرص على التغازل مع جميع الأطراف والإفلات من إعلان مواقف محددة.
قبل هؤلاء عدد لا بأس منه من المسئولين من بينهم وزير الخارجية ناصر جوده وحتى رئيسه عبدالله النسور يقدرون بأن سياسة تجنب المواقف الحادة من القضايا والملفات الإقليمية المعقدة ناجحة ودفعت الحالة الأردنية للاستقرار في مواجهة لطمات ما بعد الربيع العربي.
بصرف النظر عن هذا الجدل تبدو عمان متهيئة لإرضاء السعودية وإقناعها بإعادة العلاقات إلى مستوى التحالف الإستراتيجي، لكن في دوائر القرار المغلقة يتم تبادل تقييمات بعنوان التوقف عن ترسيم سياسات ومواقف «مجانية» لا يقدرها الطرف الآخر وتحديدا السعودية.
في الوقت نفسه، الهجوم على الاتفاق النووي المعني يعني مواجهة حسابات إيرانية وهو ما لا تريده عمان التي سعت من باب التنويع في الخيارات الإستراتيجية على رأي رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي إلى مخاطبة إيران، من لحظة الزيارة الشهيرة التي قام بها لطهران الوزير جودة والتي لحقها جلسات ثقافية وسياسية مغلقة في عمان يساند فيها السفير الأردني الجديد في طهران عبدالله أبو رمان وهو بالمناسبة مقرب من النظام السوري أو معترض على المعارضة السورية مؤشرات الانفتاح على الإيرانيين.
معنى الكلام ان عمان لا تريد إغضاب إيران بإعلان الحرب على اتفاقها النووي مع الأمريكيين دون ان تبارك هذا الاتفاق وبصيغة لا تغضب السعودية ولا تقدم لها بالمقابل خدمات مجانية.
سياسيا وفي العمق تبدو عمان ميالة لوجهة النظر التي تقول ان ما يزعج إسرائيل يمكن الترحيب به، خصوصا وان تمكين إيران من امتلاك التكنولوجيا النووية يخفف المؤامرة الإسرائيلية الخلفية على المشروع النووي السلمي الأردني فقد كانت إسرائيل دوما طرفا في عمق أحاديث مدير النووي الأردني الدكتور خالد طوقان عن مشكلات إسرائيل وهو ما أشار له طوقان مرتين على الأقل ردا على تساؤلات للقدس العربي مؤخرا.
مسألة أخرى تشير لها أوساط عمان الحكومية وهي تحاول توضيح أسباب عدم الحماس لإعلان الحرب على الاتفاق النووي الإيراني الأخير، فتمكن المجتمع الدولي من إلزام إيران بعدم استعمال تكنولوجيا النووي لأسباب عسكرية، يمكن ان يفيد بالضغط دوليا على النووي الإسرائيلي لاحقا عبر تطبيق نموذج إسلامي لضبط النووي بالتعاون مع القوى الكبرى.
لذلك، وعلى هذا الأساس، يقرن الوزير المومني تصريحه اليتيم حتى اللحظة عن الاتفاق الإيراني الأمريكي، بعبارة يتحدث فيها عن ترحيب بلاده بأي آليات يمكن ان تحد من سباق التسلح النووي بالمنطقة.
عليه حسابات الأردن دقيقة عندما يتعلق الأمر بالملف النووي الإيراني، ما يفسر ويشرح مجددا الحرص على توازنات سياسية في الموقف العلني على الأقل تتطلب تلك الصيغة التي تجامل السعودية ولا تغضب إيران وتزعج الإسرائيليين، والأهم من كل ذلك صيغة تنسجم مع النظرية التي تحاول حكم الاعتبارات السياسية الأردنية وقوامها إصدار المواقف على قدر المصالح.

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الاتفاق النووي بين أوباما وايران يتشابه
    مع اتفاق بيل كلنتون مع كوريا الشمالية
    أي ستحصل ايران على القنبلة قريبا !

    يجب على السعودية وتركيا ومصر التجهيز لرادع نووي لقنبلة ايران

    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول محمد علي . ايران / الخليج الفارسي:

      الم يكن الرئيس العراقي الاسبق صدام حاميكم ..

      ثم انقلب عليكم ؟؟

      مايدريك الا تتحالف تركيا مع ايران ضدكم مثلا ؟؟

      اقول مثلا

      فمن كان منا يتخيل او يتصور ان تبتلع دولة عربية دولة عربية اخرى ؟؟

      الم يسأم بعض العرب من تكرار سلسلة اخطائه المتكررة ؟؟

  2. يقول حسام محمد الاردن:

    موقف الاردن الرسمي عقلاني.
    نأمل ان تستخدم ايران عقلانيتها عند التعامل مع قضايا المنطقة بعيدا عن مزج الاسلام بالسياسة، فهذا(اي المزج) هو نهج محدودي القدرات.

  3. يقول علي بوخميرة:

    عجيب أمر من يسمون أنفسهم عربا ويدعون أنهم مسلمون!تخيفهم قنبلة إيران النووية المفترضة ، ولا ترعبهم مئات الرؤوس النووية الإسرائيلية الموجهة إلى كل البلدان المستعربة والمتأسلمة والمستسلمة.
    فلو استخدمنا منطق المستعربين والمتأسلمين، فأنا وأخويا على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب .
    المشاهد للقنوات الناطقة بالعربية والممولة في جلها ببترودولارات مشيخات الخليج ، يشاهد ويسمع فيها أن العدو اللدود للمستعربين والمتأسلمين هي إيران وليست إسرائيل التي اغتصبت فلسطين والجولان ومزارع شبعا اللبنانية ، وهي تشكل خطرا على باقي المشيخات والدويلات،لأنها( أي إسرائيل ) لا تمتلك دستورا وليس لها حدود مع جيرانها معترف بها دوليا ، ويراودها حلم “من النيل إلى الفرات” ، بل إلى ماوراء النهرين ، لأن الأيديولوجية الصهيونية تؤمن بأن أرض إسرائيل هي كل أرض تصل إليها دباباتها وطائراتها.
    تتواصل المأساة في سوريا وليبيا والعراق واليمن ومصر وغيرها ،والشعوب المستعربة والمتأسلمة نائمة وكأنه لا يوجد خطر.

  4. يقول ahmed alhasani bruxelles:

    عندما تفكك الاتحاد السوفياتي جلبت ايران العلماء لصناعة المفاعلات النووية ..!!!!!!!

إشترك في قائمتنا البريدية