الأردن: وزارة النسور تغادر «الاسترخاء» المعتاد ومنطقة «الأمان» وتسأل النواب عن «إنقلابهم المفاجئ»

عمان ـ «القدس العربي»: وجد الإسلاميون في الأردن في تصريحات رئيس الوزراء حول حجب معلومات عن الحكومة بخصوص عملية «تجسس» إسرائيلية فرصة سانحة للانقضاض مجددا على خط الإصلاح السياسي الرسمي مع التشكيك بما يتردد عن الاستعداد لحكومة أغلبية برلمانية. حزب جبهة العمل الإسلامي استهجن في بيان له ما وصفه بموقف الدكتورعبدالله النسور من موضوع الذهب والأحداث التي حصلت في قرية «هرقلا» وسأل الحزب علنا: كيف يدخل خبراء صهاينة ومعدات من دولة الاحتلال بدون علم رئيس الحكومة ومن نسق حضورهؤلاء؟
تصريح من هذا النوع قد ينهي مساحة الاعتدال التي بقي فيها الرئيس النسور إزاء التيار الإسلامي طوال العام الماضي خصوصا في ظل أجواء التأزيم ضد الإخوان المسلمين التي يرعاها ويغذيها بعض صناع القرار من خارج الحكومة.
النسور كان قد أثار ضجة سياسية واسعة النطاق عندما صرح بأنه كان «مغيبا» فيما يتعلق بقضية أجهزة التجسس والمتفجرات وحزب الجبهة سأل : لماذا تأخرت الحكومة في عقد مؤتمرها الذي لم يزد المواطن الأردني إلا تشكيكاً وفقداناً للثقة بهذه الحكومة؟ وإذا كانت أدوات التجسس قد زرعت منذ عشرات السنين، لماذا تم الاكتشاف مؤخراً؟
وإتهم الحزب الحكومة باستغفال الأردنيين وطرح مجددا مسألة «الولاية العامة» للحكومة.
الإشارة الأخيرة تستهدف النيل مسبقا من مشروع حكومة الأغلبية البرلمانية التي وعد بها القصر الملكي علنا وعدة مرات والرئيس النسور يتمتع بخبرة كافية تجعله يعرف بأن كشفه النقاب عن تغييب الحكومة عندما يتعلق الأمر بمعلومات «أمنية» سيؤدي إلى التشكيك مجددا بمبدأ الولاية العامة وجدية الإصلاح السياسي.
ما التقطه الإسلاميون بالخصوص يؤشرعلى ما ثار من نقاش خلف الستارة بعد إعتراف النسور بحجب المعلومات عن حكومته في قضية حفريات قرية هرقلا في عجلون والتي أعلن الجيش رسميا أنها تتعلق بأجهزة تجسس إسرائيلية مفخخة مزروعة منذ 45 عاما فيما كان الرأي العام يعتقد بأنها متعلقة بكنز عظيم للإمبراطور هرقل. إفصاحات الجيش عمليا خففت من حدة الشائعات حول الكنز والذهب لكنها فتحت المجال بعد تصريحات النسور لإعادة طرح النقاش مجددا في مبدأ الولاية العامة للحكومة خصوصا وان النسور كشف النقاب عن حجب المعلومات عنه وهو نقاش يثور في البلاد منذ غادرت حكومة الرئيس الدكتور عون الخصاونة التي استقال رئيسها دفاعا عن مبدأ الولاية العامة.
خلافا لرؤساء آخرين لم يكثر النسور من الحديث عن «ولايته العامة» وسبق ان طالب الشعب بمحاسبته على أي قرار تتخذه السلطات والأجهزة الأمنية لكنه تحدث عن حجب المعلومات بعدما شعرت حكومته بالإحراج في قضية التجسس المفخخ الإسرائيلية.
الفكرة السائدة في أوساط السياسة الآن أن حكومة النسور «لم تعد مرتاحة» وتغادر منطقة الثقة والأمان فقد استفسر رئيسها من عدة أركان في البرلمان عن سبب انقلاب مجلس النواب على الحكومة وأبلغ رئيس مجلس النواب عاطف طراونة مباشرة أحد الوزراء بأن الحكومة هي التي تسببت بأزمة الرواتب التقاعدية التي دفعت القصر الملكي لرد تعديلات قانونية يمنح النواب بموجبها لأنفسهم راتبا تقاعديا مساويا لرواتب الوزراء.
هذه الاستفسارات عندما تصدر عن برلماني عريق من وزن النسور تؤشر على ان تجربة الحكومة التي حصلت على الثقة ثلاث مرات عمليا لم تعد مستقرة خصوصا وان خيوط اللعبة لم تعد بيد الحكومة وهو ما تكشفه حيثيات قضية الذهب والتجسس الإسرائيلي المفخخ.
عدم استرخاء الحكومة وسماح النسور بجدل الولاية العامة مجددا يفتح خيارات النقاش حول التغييرات الوزارية على مصراعيها خصوصا في ظل النشاط النخبوي المفاجئ في الاتجاه المضاد لوزارة النسور بهدف إسقاطها وهو نشاط مشاغب يقوم به حاليا العديد من السياسيين من خارج الصف الحكومي.

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية