الأردن: ولاية الروابدة تنتهي بعد أيام ومحاولات لتقليص فرصته في البقاء والنسور يرفع مجددا شعار «حكومتي باقية وتتمدد»

عمان – «القدس العربي»: لا تخرج التكهنات التي امتلأت بها الساحة الأردنية السياسية خلال الأيام الثلاثة الماضية عن نطاق الشغب الموسمي ومشاغلات النخب ومراكز القوى خصوصا عندما يتعلق الأمر بمحاولة الايحاء بقرب المساس بشخصية تشريعية بارزة جدا هي الدكتور عبد الرؤوف الروابدة، على خلفية رد الملك عبد الله الثاني لقانون اللامركزية الإدارية.
الروابدة وهو رئيس مجلس الأعيان كان هدفا للاصطياد في المياه العكرة خلال اليومين الماضيين، بهدف انتاج مناخ يسمح بإقصاء الرجل حتى يخلو مقعده في رئاسة المؤسسة التشريعية لشخصيات أخرى.
والانطباع بأن قرب انتهاء فترة وولاية رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة بسبب بوصلة تحديات المنطقة والحاجة لروح وفريق جديدين، قد يدفع بإقصاء الروابدة الذي تنتهي عمليا ولايته المستمرة لعامين يوم الأحد المقبل، حسب الاجندة الزمنية الدستورية التي يتحدث عنها الطراونة لكبار الزوار.
هذه المناقلة تشحن الجو العام والصالونات بالإشاعات لكنها ليست ملزمة في كل الأحوال للقرار الملكي المرجعي، ليس فقط لأن خيارات الأدوات محصورة في المرجعية، ولكن ايضا لأن الروابدة تحديدا لا يوجد من يماثله أو يناجزه كحارس بوابة بقدرات محكنة وخبرات متراكمة في المستوى التشريعي، خصوصا ان خبرات التشريع أو إدارة عملية التشريع تبقى محدودة عند البدلاء المفترضين.
بدا لافتا في السياق ان النخب السياسية العليا تشتم وتتوقع مرحلة تغيير على مستوى الطاقم الأمر الذي ينتج في الواقع الكثير من التكهنات، خصوصا ان مركز القوة الذي يشغله بيروقراطي عريق من وزن الطراونة في رئاسة ديوان الملك بدأ يحتاج للتغيير. الطراونة نفسه ورغم عدم وجود خيارات عديدة أمامه في ظل وجود لاعب من وزن الدكتور عبد الله النسور في رئاسة الوزراء، ألمح مؤخرا إلى انسجامه مع وظيفته في انتقاد محاولات الربط بين احتمالية رحيل الروابدة عن موقعه وبين الخلاف الذي ظهر على قانون اللامركزية وانتهى برده في اتجاه ملكي واضح أثار الكثير من الجدل.
نخبة الحكم وبسبب سيناريوهات التغيير المحتملة بدت مرتبكة خلال الساعات القليلة الماضية. ففي حال تجديد الدماء في ديوان الملك يبقى الشاغر الوحيد للرئيس الطراونة هو المقعد الحالي الذي يشغله الروابدة. والاستغناء عن الأخير خيار قد لا يبدو منطقيا بسبب خبراته الراجحة في ادارة عملية التشريع وحديثه المنهجي والدستوري بخصوص ملفي اللامركزية وقانون الانتخاب.
قرار الملك بخصوص قانون اللامركزية عكس في أبرز جوانبه عناصر الاستقرار في ادارة المؤسسات وهو نفسه الاستقرار الذي ينطلق منه شخص من وزن الروابدة في إدارة العمل خلافا، لأن ما حصل، وكما يقول أحد كبار الساسة لـ «القدس العربي» هو تمرين حي وميداني على ممارسة ديمقراطية ودستورية لا يوجد بديل حقيقي عن الروابدة إذا ما رغب صاحب القرار في تكريسها.
بطبيعة الحال يحرم تغيير الروابدة بالطراونة وفورا رئيس مجلس النواب عاطف طراونة من موقعه المضمون تقريبا في رئاسة مجلس النواب.
في كل الأحوال يجلس آخرون خلافا للطراونة في المساحة المعنية باصطياد رئاسة مجلس الأعيان اذا تقررت حتى السبت المقبل خطوة من طراز ترحيل الروابدة.. وأبرز هؤلاء هو الدكتور معروف البخيت نائب رئيس مجلس الأعيان ورئيس الحكومة الأسبق والبيروقراطي الوحيد تقريبا الذي بقي معنيا بتخفيف حالة العداء والاحتقان مع النظام السوري في دمشق.
كثيرون يحاولون الإيحاء بأن مرحلة مغازلة الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلا قد تتطلب وجود شخصية من طراز البخيت في ظل تقاعد السياسي الأبرز الذي عمل لسنوات كحلقة ناشطة وفاعلة في التواصل مع النظام السوري وهو المخضرم زيد الرفاعي.
الطراونة بدوره يدير تحالفات داخل الأطقم العاملة في القصر تثير من المتاعب وتنتج من الأدوار ما يحد من مكاسبه في مساحة الدور الوطني. بالمقابل يبدو رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور متمترسا رغم كل الخصوم والمشاغبات خلف القاعدة التي تقول «حكومتي.. باقية وتتمدد».
النسور قد يبقى أكثر من المقترح وما يفترضه خصومه في منصبه ليس لأنه الرجل الذي أدار باقتدار التوجهات الاقتصادية غير الشعبية، من دون كلف حراكية أو اجتماعية، ولكن أيضا لأن الحاجة ملحة أو قد تكون ملحة في الأيام القليلة المقبلة لقرارات اقتصادية صعبة جدا يبدو النسور مؤهلا لاتخاذها. ومن الحكمة ان تتخذها حكومته ما دامت أوراقها الشعبية في المسار الاقتصادي محروقة أصلا.
معنى ذلك ان موقع رئاسة الوزراء على الأقل حتى التحضير للانتخابات 2017 خارج المنافسة.. كذلك المواقع السيادية العليا في الجيش والأمن. ومعناه ان الزحام يدخل في نطاق الاحتمالات، كلما اقتربت ساعة إخلاء موقعي رئاسة ديوان الملك ورئاسة الأعيان، الأمر الذي يبرر بوضوح انها ليست تجاذبات فقط ولا محاولات بعض النافذين إخلاء مقعد النسور أو الروابدة، ولكنه يبرر أيضا الزحام النخبوي الذي بدأ يعيق الحركة ويستثمر في اضعاف الأدوات وبصورة توحي باقتراب حسم التركيبة.

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الحرحشي -منشية بني حسن( الهنود الحمر في الاردن)-المفرق:

    (ولكن أيضا لأن الحاجة ملحة أو قد تكون ملحة في الأيام القليلة المقبلة لقرارات اقتصادية صعبة جدا يبدو النسور مؤهلا لاتخاذها. ومن الحكمة ان تتخذها حكومته ما دامت أوراقها الشعبية في المسار الاقتصادي محروقة أصلا.) الله لا يعطيكوا العافية بكقي جرم بالناس مهيى ميته من الجوع.

إشترك في قائمتنا البريدية