عمان ـ «القدس العربي»: قضي الأمر على المستوى المركزي للقرار في الأردن على الأرجح فالانتخابات العامة المقررة في العشرين من الشهر الجاري ستحصل وتنظم وبمن حضر وبصرف النظر عن اي مفاجآت بالرغم من كل محاولات تأجيلها او الإثارة المنتجة بسببها وحولها منذ أكثر من ثمانية اسابيع.
في دائرة القرار الضيقة ووفقاً للمستجدات الأخيرة الخيارات كانت أصعب من بعضها البعض فأي تأجيل للانتخابات سيعني وضع القانون الحالي للانتخابات على الرف والعودة لصيغة قانونية جديدة والدخول في دائرة متعاكسة ومعقدة من الجدل الدستوري.
حسابات اللحظة الأخيرة فيما يبدو راهنت أولاً على الحاجة الملحة للسمعة الدولية الناتجة عن تنظيم انتخابات نظيفة وسط محيط إقليمي ملتهب.
وثانيًا على ان «تكلفة» المضي قدماً في مشوار الانتخابات بشكلها الحالي أقل من تكلفة تأجيلها والعودة لفوضى الجدل القانوني المتعلق بالانتخابات.
يعني ذلك عملياً ان مستوى الإدارة العليا في الدولة قرر القبول بفكرة واحتمال وجود كتلة صلبة وقوية في برلمان 2016 تتبع الإخوان المسلمين وهي حالة يخشى خبراء دستوريون وسياسيون مبكراً من أن تؤدي لاحقاً إلى مواجهة خيار حل البرلمان المقبل في وقت قصير خصوصاً في ظل القناعة التامة وعند جميع الأطراف بأن الطرف الوحيد القوي والمتماسك في اللعبة الانتخابية بالشارع اليوم هو جبهة العمل الإسلامي التي تأتمر بأمر جماعة الإخوان المسلمين الأم التي سحب ترخيصها.
القبول بوجود تيار إخواني متماسك في البرلمان المقبل ينطوي على تضحية بالنسبة للحكومة والسلطة لكنه أصبح الآن في ظل عدم جاهزية القانون الانتخابي والتسرع في فرضه بدون تعمق الخيار الاضطراري وعلى أساس ان جماعة الإخوان في الواقع ستعالج المشكلة الأهم التي يعاني منها وسط القرار وهي ضعف نسبة المشاركة في الاقتراع.
الكلفة المركزية جراء هذا الواقع على حسابات الدولة وعلاقاتها تتمثل في ان وجود قوي للأخوان المسلمين في برلمان المستقبل الأردني سيزعج بالضرورة بعض الحلفاء في دول مثل الإمارات ومصر وهي مسألة يعتقد ان الدولة الأردنية يمكنها تخطيها في إطار حسابات المصلح الأعمق.
ومن المتوقع ان يساهم نشاط المعارضة الإسلامية الانتخابي في الشارع بتكيف العملية ورفع نسبة المشاركة خصوصا في ظل الوقائع التي اوحى بها مقدما الرجل الثاني في جماعة الإخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد وهو يتحدث عن المشاركة في 23 دائرة انتخابية في مختلف أنحاء المملكة.
بحسبة رقمية بسيطة سيطرح الإخوان المسلمون في الشارع أكثر من 100 مرشح للانتخابات بينهم مرشحون أساسيون وفيهم «حشوات» غرضها تفعيل القوائم الانتخابية وهو خيار تعجز عنه تماماً بقية القوى السياسية والحزبية ولا تستطيع تنظيمه حتى الشخصيات المحسوبة على التيار المحافظ والتقليدي.
القدرة على ترشيح ما لا يقل عن 100 شخصية في وقت قصير بعد قرار المشاركة هي حدث الموسم بالنسبة للإخوان المسلمين الذين سيستفيدون بكل الأحوال من هذا الاستعراض الضخم والمؤثر في عملية يثبتون فيها بأنهم لقمة غير سائغة.
جرأة الترشيح الإخوانية وصلت إلى حد ترشيح عدة قوائم في الدائرة الانتخابية نفسها، الأمر الذي لا يحصل او يفعله الآخرون بالعادة بالرغم من سلسلة الضربات والانشقاقات التي طالت الجماعة.
الشيخ مراد العضايلة أحد ابرز قادة الحركة الإخوانية وأبرز المرشحين أيضاً سبق أن قال لـ«القدس العربي» أن التيار تجاوب مع الانتقادات التي كانت توجه له دوماً بخصوص مقاطعة الانتخابات مستغرباً ان تثار ملاحظات على الإسلاميين لأنهم قرروا المشاركة في اللعبة السياسية بعد سنوات من انتقادهم لأنهم لا يفعلون.
يفترض على هذا الأساس ان يوضح الإسلاميون الإخوان ملامح تركيبة قوائمهم الانتخابية بعد غدٍ الأحد حيث يتشوق الجميع لتحسس تكتيك الإخوان الانتخابي.
بسام البدارين
الانتخابات ليست الشهر الجاري بل القادم…..