لا تزال قارتا أمريكا الشمالية واللاتينية تتعرضان لأعاصير مدمّرة وزلازل، ضرب آخرها المكسيك وخلّف أكثر من 250 قتيلا، وقبلها تعرّضت مدينة هيوستن، في ولاية تكساس الأمريكية، لإعصار صب عليها ما يقارب 11 تريليون غالون من الماء أدى لمقتل 70 شخصاً وجرف بيوت المناطق الفقيرة من المدينة بخسائر تقدر بمئة مليار دولار، كما ضرب باربودا وأنتيغوا، أنغويلا، سان مارتن، بويرتو ريكو، الباهاما، وكوبا وولاية فلوريدا الأمريكية وهو ما أدّى لخسائر هائلة لملايين من البشر.
أثار الظهور العنيف والمتسارع لأعاصير وزلازل تساؤلات كثيرة حول علاقة هذا الأمر بالتغيّرات المناخية الكبرى التي تؤثر في الأرض التي نعيش عليها، وأدّى إلى تركّز النقد على رئيس أكبر دولة ملوّثة للطبيعة في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أصبح، (بعد قرار دانييل أورتيغا، رئيس نيكاراغوا، التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ) هو، والرئيس السوري بشار الأسد، الزعيمان السياسيان الوحيدان في العالم اللذان يرفضان هذه الاتفاقية.
من جملة المفارقات السوداء المرتبطة بموضوع هذه الشراكة الافتراضية بين الرئيسين، أن ترامب وصف النظام السوري في خطابه للأمم المتحدة مؤخرا بـ«الدكتاتورية والإجرام»، وقبلها وصف الأسد شخصياً بأنه حيوان، وربما كان ترامب، بدوره، أكثر الرؤساء الأمريكيين تعرّضاً للإهانة والشتيمة (الزعيم الإيراني خامنئي قال أمس إن ما قاله في الجمعية العامة للأمم المتحدة «خطاب رجل عصابات» فيما قالت كوريا الشمالية إنه «نباح كلب»!)، والحقيقة أن جرائم الأسد، بحق شعبه (وبحق الطبيعة البشرية) مهولة بكل المقاييس الإنسانية، كما أن تأثير سحب ترامب لأمريكا من اتفاق المناخ قد يكون مهولاً أيضاً وسينعكس على كل سكان المعمورة.
أصاب الإعصار الأخير على فلوريدا، بين ما أصاب، منتجعاً من أملاك ترامب نفسه، ما أدى لخسارته قرابة 17.5 مليون دولار، غير أنه من الواضح أن «تذكير» الطبيعة بغضبها لترامب لم يجعله يتراجع قيد أنملة عن موقفه الرافض لفكرة تغيّر المناخ.
أحد الكتاب الفرنسيين قال إن إعصار هارفي صفع ترامب على وجهه وقام، عملياً، بالتصويت ضده، وتخيّل أن فيضانا لنهر البوتوماك يهدم البيت الأبيض، أو عودة لإعصار فرانك الذي ضرب نيويورك قبل 5 سنوات يطيح ببرج ترامب في المدينة، قد يوقظ ترامب من غطرسته وجهله، وهو جهل لا تشاركه فيه، على غير ما هو متوقع، أهم شركات الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها شركة إكسون النفطية، وكذلك شركات شل وبي بي واوكسيدنتال بتروليوم.
لا يعني هذا عدم وجود صناعات وشركات كبيرة تؤيد ترامب، لكن رغم أن تصريحات ترامب الانتخابية كانت تركز على أن اتفاقية المناخ ستحرم أمريكا من مئات المليارات وأن ما يهمه هو مصالح أمريكا ومواطنيها أولاً (ما ترجمته أن أمريكا أهم من العالم) فالموضوع يتعلّق بقناعة سياسية يمينية متشددة ترفض فكرة التغير المناخي، أو لا تريد دفع أكلافه، رغم أنها أكثر الدول العالمية ثراء.
وكما أدّى تشبّث الأسد بمنصبه إلى كوارث هائلة على سوريا وشعبها، فإن السياسة المحافظة حول المناخ لترامب، هي إنذار هائل للعالم، يفوق، ربما، خطر سياساته العنصرية ضد الأقليات والمهاجرين.
الموقفان، أوصلا العالم إلى استعصاءات كبرى، وإذا أضفنا لذلك أن ضحايا الكوارث الطبيعية، والسياسية، هم دائماً من الفقراء، نفهم الخطر الذي يمثله أمثال الأسد وترامب.
رأي القدس
هده نتائج حتمية بما كسبت ايدي الناس في حق الارض فالجشع قد اعمى البصر والبصيرة بحيث اصبح هم منعدمي الضمائر من اصحاب الشركات الكبرى والمجاميع الصناعية الكبرى والاموال والقوى الكبرى هي جني المال والبحث عن المصالح والمحافظة عليها مهما كانت النتائج المترتبة عن دلك فطبيعي ان نتابع هدا الدمار الهائل والاتي اعظم ان استمرت الامور على هدا المنوال.
*عزيزي سليم ياسين حياك الله والجميع.
اقرأ تعليقات الأعزاء(د.أثير ود.جمال )
ستجد الإجابة على سؤالك بارك الله فيهما
وفي جميع قراء ومعلقي (قدسنا العزيزة).
سلام
حياك الله اخي العزيز الفاضل سامح ، وحيا الله استاذنا الدكتور جمال ، الذي يأتينا بالدرر من حيث لا نعلم.
.
و التحيات خالصة و موصولة لجميع اخواننا المعلقين.
على الأقل ترامب خطر على العالم ورحيم بشعبه اما ما أبتليت به شعوبنا فهو العكس اشداء على شعوبهم رحماء بالأجانب فشتان بين ترامب والأسد فالأول تحكمه قوانين وتراقبه عدالة واعلام يترصد به شتان بين المقارنة.
الأفاضل الأخ من الأردن الغالي سامح والأخ الدكتورالرائع أثيرالشيخلي المبدع…أعتذرللتأخربرد التحية لأنني كنت بعيدًا عن التواصل.وللتوفقط عدت مشتاقًا إلى محراب القدس العربيّ ؛ والفطام عن متابعتها صعب.أشكركما على الذكرالحسن ؛ ونحن نتعلم منكما الكثير.السّيد سامح صاحب الأسلوب السهل الممتنع الرشيق كنبال السهام الدقيق.والدكتورأثير الرائع المبدع الغنيّ عن المديح ؛ ولجميع المعلقين الأكارم التحية.