اوتاوا ـ أ ف ب: انتظرت نسيم خمس سنوات ليتم قبولها في برنامج للتعليم العالي في كندا، ولكن قبل سنتين على تخرّجها وتسلّمها شهادة الدكتوراه تعثّرت خطط الطالبة السعودية جرّاء الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت مؤخراً بين الرياض وأوتاوا.
وبعدما أوقفت السعودية هذا الأسبوع كل برامج الابتعاث والتدريب والزمالة إلى كندا نتيجةً للتصدّع في العلاقة بين البلدين بعد انتقادات كندية للسعودية تتعلّق بحقوق الإنسان، تعمل الرياض الآن على إعداد وتنفيذ خطة لنقل الطلاب السعوديين إلى بلاد أخرى.
وبالنسبة إلى نسيم هذا الأمر قد يعني أنها وزوجها الذي يدرس الطب في كندا لن يتمكنّا من استلام شهادتي تخرّجهما، وهي تشعر بضياع كبير كونها تركت السعودية مباشرة بعد وفاة والدها عام 2017 لمتابعة تحصيلها العلمي على بعد آلاف الأميال عن بلدها.
تعيش نسيم، الأم لولدين، في تورنتو لكنها تحدّثت خلال زيارة عائلية إلى الرياض حيث قالت «كل شيء قد انتهى».
وأضافت «ما زال أمامي عامان من الدراسة لنيل الدكتوراه، وزوجي يحتاج لعامين كي يتخرّج كطبيب. كانت لدينا خطة مثالية، والآن قد نضطر لأن نبدأ من الصفر، لكن لن يكون في إمكاني ذلك. لا أستطيع فحسب».
سميرة شابة سعودية تعيش تعقيدات مشابهة، فقد تزوجت في جدّة الثلاثاء غداة إعلان الإجراءات السعودية وكانت قد خطّطت للعيش في كندا إلى جانب زوجها حتى ينتهي من دراسته.
وخطّطت سميرة للسفر والعيش إلى جانب زوجها في كندا حتى ينتهي من دراسته، لكنها خلال حفل الزفاف كانت تشعر «بالانكسار والخيبة» على حد تعبيرها.
وقالت «كنت على وشك ان أترك حياتي لأذهب للعيش مع زوجي في كندا حيث يملك منزلا هناك. الآن لا اعرف إلى اين سأذهب. كل خططنا تلاشت بقرار واحد، وحتى قبل أن نتزوّج».
يوجد في كندا 192 ألف طالب أجنبي من 200 بلد يتابعون دراستهم في الجامعات الكندية، وفق الأرقام الرسمية الكندية العام الماضي.
ويبلغ عدد الطلاب السعوديين بينهم 8 آلاف وهم المجموعة الأكبر من بلد واحد. وينفق الطالب من 30 إلى 80 الف دولار كندي سنويا كرسوم ونفقات معيشة، لذا فإن خسارة الرسوم سيكون وقعها سيئا على الجامعات الكندية.
وضخّ الطلاب الأجانب 15.5 مليار دولار كندي (12.0 مليار دولار أمريكي) في الاقتصاد الكندي العام الماضي، تشمل رسوم الجامعات والكتب والمساكن ونفقات اخرى.
رابطة جامعات كندا
وقال باري جونستون من رابطة «جامعات كندا» التي تمثّل 96 مؤسسة للتعليم العالي «هذا أكثر من صناعة قطع السيارات والخشب».
في أونتاريو حيث ينخرط واحد من كل خمسة طلاب سعوديين في كندا في جامعاتها، يمكن أن يؤدي نقل الطلاب إلى خسارة تبلغ «عشرات الملايين من الدولارات»، وفق مجلس جامعات أونتاريو.
وقال ناطق باسم المجلس إن «اجتذاب الطلاب الأجانب جزء ضروري من خطة التنمية الاقتصادية الواسعة في أونتاريو، نظرا لأن قدرة أونتاريو على اجتذاب أفضل المواهب من كل أنحاء العالم يساعدها على جذب الاستثمارات والمشاريع الدولية».
ويواجه الطلاب السعوديون صعوبات أكبر بكثير في سعيهم للانتقال قبل شهر من فتح الجامعات ابوابها.
وقال جونستون «هذا يُعدّ عرقلة كبيرة لهم، فقد يخسرون فصلا او سنة دراسية كاملة».
اما نسيم فأشارت إلى تعقيدات نقل الاشخاص الذين كانوا يعيشون في كندا إلى مكان آخر، وقالت «إنه ليس بالأمر السهل، لا أعرف ما الذي سأفعله».
وقالت فيرونيك فالي المسؤولة في جامعة أوتاوا لفرانس برس «ما زلنا نحاول جوجلة الوضع»، مضيفة «همّنا الرئيسي هو صالح الطلاب».
تداعيات على النظام الصحي
وفي غرب كندا تمّ إبلاغ 150 طالبا سعوديا يدرسون الطب والهندسة في جامعة رجينا في ساسكاتشيوان أن أمامهم شهرا لمغادرة البلاد.
وقالت ليفيا كاستيلانوس المسؤولة عن قسم الاجانب في الجامعة لقناة «سي بي سي» الكندية «أقوم بعملي هذا منذ 20 عاما، وعملت في جامعات عدة في كندا، لكن هذه هي المرة الأولى التي أشهد فيها شيئا من هذا النوع». الفوضى التي ستنجم عن القرار سيكون تأثيرها قاسيا على طلاب الطب، مع وجود نحو 800 سعودي يتابعون تخصصاتهم الطبية.
وقالت جنفياف موينو من جمعية كليّات الطب في كندا إن «العديد من الأطباء المتدرّبين هم في منتصف الفترة التخصّصية، وأي خلل قد يؤخّر تدريبهم».
وأشارت إلى ان شهادة الطب تتطلّب ثلاث او أربع سنوات من الدراسة، يتبعها من سنتين إلى سبع سنوات للتخصّص في مجال معيّن و«التدرّب على هذا الاختصاص». ووفق الكليّة الملكيّة لأطباء وجرّاحي كندا فإن ما يصل إلى 25 ألف مريض يمكن ان يتأثروا سلباً من خسارة المتدرّبين السعوديين.
وقال جونستون «هذا قد يؤثّر على النظام الصحّي في كندا»، مضيفا «طلاّب التخصّص يؤمّنون بشكل يومي العناية للمرضى الكنديين كجزء من تدريبهم، والسعوديون يشكلون ثلث طواقم العناية في المستشفيات الجامعية».
مصلحة الوطن احسن وما يدريك امور تحدث فى ضاهرها ما يسوئك ولكنها خير
وكندا ليست المكان الافضل للدراسه