لا أدري لماذا نحن العرب ربما أكثر شعوب الأرض إنتاجاً واستهلاكاً لما يُسمى بـ«الأغاني الوطنية. لماذا لا تنتشر الأغاني الوطنية إلا في بلادنا العربية تقريباً؟ هل سمعتم في حياتكم بأغنية وطنية أوروبية أو أمريكية أو حتى أفريقية؟ ربما لا. كل ما نسمعه في الغرب مثلا النشيد الوطني لهذا البلد أو ذاك قبل البدء بمباراة كرة قدم مع فريق أجنبي، أو عند الاحتفال بمناسبة قومية كبيرة حقاً كذكرى الانتصار على النازية خلال الحرب العالمية الثانية. لماذا لا تبث وسائل إعلام أعدائنا القريبين والبعيدين أي مواد وطنية عاطفية حتى أيام الحروب؟ أما نحن، فكل أيامنا أعياد وطنية..ما شاء الله!
لعل الطراز الأكثر شيوعا وبثاً عبر وسائل إعلامنا المرئية والمسموعة هو تلك الأناشيد التي تتغنى بحب الزعماء، ففي كل بلد عربي تقريباً تتحفك الإذاعات والتلفزيونات بوجبة دسمة من تلك الأغاني «عمّال على بطال»، فقد تفتقت قرائح شعرائنا عن أجمل الشعر وأبدعه في «حب القادة». ولو صدقت أشعار هؤلاء «الشعراء» لكنا أكثر سكان المعمورة ولعاً وهياماً بحكامنا. وهذا طبعاً ليس صحيحاً بأي حال من الأحوال، لكن هذه الأغاني كما هو معروف للجميع كالواجب المدرسي مقررة على وسائل الإعلام شاء من شاء وأبى من أبى، واللي مش عاجبو يشرب من مية البحر الأصفر، ومفروض على الكل تحمل تلك الأغاني، حتى لو كانت مؤلمة كآلام الأسنان أو الرقبة، إذا لم نرد تشبيهها بآلام عضوية أخرى. فلا أدري لماذا يريدوننا زعماؤنا أن «ندوب في دباديبهم» رغماً عن أنوفنا وحلوقنا؟ ألا يمكن في هذه الحالة أن يكون الهدف من مثل هذه الأغاني هو إخفاء أو التغطية على الشعور الشعبي الحقيقي تجاه الحكام، ألا وهو الكره في بكثير من الأحيان؟
أما النوع الثاني من الأغاني الوطنية فهي تلك التي تسترسل في التغني بعشق الوطن على علاته على غرار «وطني وطني» أو «بلادي بلادي» أو «يا ديرتي». إن المتمعن في تركيبة تلك الأغاني يرى بأنها، كالنوع الأول، تحض، لا بل تأمر «المواطن» بأن يتعلق بالوطن. لكن كما نعلم فإن الحب ليس شيئاً إجبارياً، بل طوعي. فإذا أردت أن أحب شيئاً ما، فلن أكون بحاجة إلى جارنا أو أبن خالتي أو بائع البطانيات الكورية كي يقول لي إن ذلك الشيء جدير بحبي. كذلك الأمر بالنسبة لحب الوطن. إنها فكرة سخيفة فعلاً أن يعتقد جهابذة الإعلام والسياسة في عالمنا العربي أن عشق الوطن يمكن أن يُزرع في نفوس الشعب عن طريق الأغاني والأهازيج والأناشيد أو على طريقة التعبئة العامة.، فأسلوب غوبلز وزير إعلام هتلر التعبوي القائم على مبدأ «اكذبوا ثم اكذبوا فلا بد أن يعلق شيء في أذهان الجماهير» قد ولّى ولم يعد يجدي نفعاً في هذا العالم المتطور، ووسائل الدعاية العربية التقليدية أصبحت نكتة ممجوجة لا تثير إلا القرف والغثيان في أحسن الأحوال. فعقول الناس كبرت كثيراً، ونضجت، ولم تعد تنطلي عليها تلك الألاعيب السخيفة القديمة القائمة على غسل الأدمغة ولي العقول بطريقة سمجة.
متى يتعلمون أن الإنسان لا يمكن أن يحب وطنه إلا إذا وطنه أحبه وحقق له الإنجازات الحقيقة، وليس الوهمية التي نجدها فقط في الأغاني الوطنية، فالحب شعور متبادل، وليس من طرف واحد حتى وان كان العاشق و المعشوق هو المواطن والوطن. فالوطن ليس شيئاً مقدساً يجب أن تعبده حتى وإن داسك ليل نهار. ألم يقل سيدنا علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه: «ليس هناك بلد أحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك». أي إن أحس الأوطان هي التي تحترم مواطنيها، وتحافظ عليهم وتتحملهم بدلاً من أن يتحملوها. وهناك مثل إنكليزي شهير يقول إن «الوطن حيث القلب». أي أنه طالما أن قلبك يحب مكاناً ما، حتى لو لم يكن مسقط رأسك، فهو وطنك. فما الفائدة أن يعيش الإنسان في مكان وقلبه في مكان آخر؟ ما الفائدة أن يعيش الإنسان غريباً، أو يعاني الغربة في وطنه، وتريده في نهاية النهار أن يتغنى بحب الوطن؟ كيف تطلب من إنسان أن يحب وطنه إذا كان وطنه يكرهه، أو يعذبه ليل نهار كما تفعل معظم الأوطان العربية مع مواطنيها؟
الحب العادي يا جماعة الخير لا يمكن أن يكون عذرياً، فالإنسان يحب شخصاً لشيء ما. ليس هناك حب شخصي مجرد، فما بالك بحب الوطن الذي ينطوي على منافع مادية متبادلة، فهو لا يمكن أن يكون عذرياً، إلا عند الغارقين في الرومانسية الخيالية؟
دعوني أقول للحكومات العربية والإعلاميين والموجهين والمخططين إن حب الوطن لا يمكن أن يتولد في نفس الإنسان العربي من خلال الاستماع إلى أغنية وطنية عاطفية. ربما لهذا السبب أصبح بعض الأناشيد الوطنية مدعاة للسخرية والتهكم. إن حب الوطن لا يُفرض فرضاً بالقوة الغاشمة، فإذا أردنا من الشعب العربي أن يحب ربوع بلاده فلنجعل من هذا الوطن العربي الكبير شيئاً محبوباً فعلاً. فهناك ملايين الأشياء في هذا الوطن تبعث على الحقد والاشمئزاز والنفور والبغضاء وليس على الحب.
فإذا أرادت الأنظمة العربية أن تجعل مواطنيها يعشقون وطنهم فعلاً فليكن هذا الوطن جديراً بالحب من خلال ما يقدمه للمواطن من حريات وخدمات ورفاه واحترام. وعندما تتوفر مثل هذه الأمور في أي وطن لا أعتقد عندئذ أننا سنكون بحاجة إلى الأغاني والأناشيد الوطنية الحماسية. والدليل على ذلك أن الإذاعات والتلفزيونات الغربية لا تبث أي أغنيات وأهازيج وطنية حتى في المناسبات الوطنية. لماذا؟ لأنها تعرف أن الشعب الغربي يحب الوطن من خلال ما يقدمه له ذلك الوطن، وليس من خلال الأغاني الوطنجية المفروضة. لا أبالغ إذا قلت إن الإنسان الغربي قد يكون أكثر تعلقاً وإخلاصاً لوطنه من معظم المواطنين العرب بألف وتسعمائة وتسعة وتسعين ألف مرة، مع أنه لم يستمع في حياته إلى أغنية وطنية واحدة.
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
طز بأي وطن لا أجد فيه حريتي وكرامتي
طز بأي وطن تُهدر فيه حقوقي
ولا حول ولا قوة الا بالله
حياك الله
هون عليك . فسوف أهديك قصيدة أحمد مطر: يسقط الوطن
أبي الوطن/ أمي الوطن/ رائدنا حب الوطن/ نموت كي يحيا الوطن/ يا سيدي انفلقت حتى لم يعد/ للفلق في رأسي وطن
ولم يعد لدى الوطن/ من وطن يؤويه في هذا الوطن/ أي وطن؟
الوطن المنفي../ أم الوطن؟!/أم الرهين الممتهن؟ أم سجننا المسجون خارج الزمن ؟!
نموت كي يحيا الوطن/ كيف يموت ميت ؟/ وكيف يحيا من أندفن ؟!
نموت كي يحيا الوطن/ كلا .. سلمت للوطن !/ خذه .. وأعطني به/ صوتاً أسميه الوطن
ثقباً بلا شمع أسميه الوطن/ قطرة أحساس أسميها الوطن/ كسرة تفكير بلا خوف أسميها الوطن
يا سيدي خذه بلا شيء/ فقط/ خلصني من هذا الوطن
* * *
أبي الوطن
أمي الوطن
أنت يتيم أبشع اليتم إذن
ابي الوطن
أمي الوطن
لا أمك أحتوتك بالحضن
ولا أبوك حن!
ابي الوطن
أمي الوطن
أبوك ملعون
وملعون أبو هذا الوطن!
* * *
نموت كي يحيا الوطن
يحيا لمن ؟
لابن زنى
يهتكه .. ثم يقاضيه الثمن ؟!
لمن؟
لإثنين وعشرين وباء مزمناً
لمن؟
لإثنين وعشرين لقيطاً
يتهمون الله بالكفر وإشعال الفتن
ويختمون بيته بالشمع
حتى يرعوي عن غيه
ويطلب الغفران من عند الوثن؟!
تف على هذا الوطن!
وألف تف مرة أخرى!
على هذا الوطن
من بعدنا يبقى التراب والعفن
نحن الوطن !
من بعدنا تبقى الدواب والدمن
نحن الوطن !
إن لم يكن بنا كريماً آمناً
ولم يكن محترماً
ولم يكن حُراً
فلا عشنا.. ولا عاش الوطن!
كلام سليم يا استاذنا العزيز, ولكن……
الوطن هو قطعة الارض التي نسكن عليها والناس الذين نعيش معهم وتجمعنا بهم صلة قرابة وتاريخ مشترك يمتد لفترة طويلة, الاف السنين احيانا كما في بلادنا بحكم تاريخها الطويل, بالاضافة الى اللغة والدين وملامح الوجه وغيرها من الامور…
اوطاننا تعاني من مشاكل كثيرة, ولكن ماذا لو اصبح كره الوطن وعدم محبته هو الشعور المسيطر لدى شعوبنا, لدى شبابنا, ماذا سوف يحصل برأيك..
سوف نفكر بالهجرة الى مكان اخر, وهذا هو الذي يحصل حاليا, الالاف من شبابنا يعبرون البحار ليهاجروا الى بلاد الغرب, الى اوربا.
ولكن هل سوف تبقى اوربا فاتحة بابها على الدوام, هل سوف يبقى المواطن الاوربي يتعامل مع المهاجرين بنفس الطريقة الى الابد, وهل قبل كل شئ, سوف يتحول المهاجرين الى اوربيين بعد عقد او عقدين او مئة سنة, اقصد من الناحية الجسمانية, لون العين ولون البشرة وغيرها من الامور, بالطبع لا, واذا مرت اوربا بمشاكل كما حصل في الحرب العالمية الثانية وصعدت مجموعة من اليمينيين الى السلطة وحكم حكام مجرمين كهتلر وستالين اوربا, بالتأكيد سوف يتم طرد كل هؤلاء العرب, انها ليست بلادكم, ارجعوا الى اوطانكم, هذا اذا سمح لهم هذا قبل ان يتم حرقهم كاليهود.
الوطن في بعض الاحيان هو قدر وليس اختيار, ويجب التفكير بطريقة مختلفة عند التطرق له, ليس حبا وليس كرها, ولكن هو امر واقع,
الوطن هو كوكب الارض بكل ايجابياتها وسلبياتها, فهل يحق لنا ان نكره الارض حاليا, بالطبع لا, لأننا لا نملك الموارد التي تمكننا من الهجرة الى كوكب اخر افضل منه ان وجد.
كلام سليم عزيزي أنس
أرجو أن تقرأ تعليقي على مقال الكاتبة المبدعة غادة السمان الْيَوْمَ
يتفق مع رأيك
تركنا أوطاننا بعد أن كرهنا العيش فيه …و لكن شخصياً أشعر بالندم ، فقد هربنا من الواجب ، و تركنا الوطن لمن خرّبه , و لا نستطيع العودة الآن !
هل نسيت أن سيدنا موسي قد هاجر من مصر بسبب ظلم أهلها
هل نسيت انه لم يذكر عنه انه تألم لفراقه عن بلده
هل نسيت أنه دعي
فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
ماذا نفعل في بلادنا ؟؟
نعيش فقراء عاله علي الاخرين بلا أي ادني كرامه
لا تقلق يا صديقي سنهاجر لبلاد العدل و ليست الظلم فأرض الله واسعة
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا – 4:97
كان ” حب الوطن من الإيمان ” ، ثم أصبح هجاء الأوطان الإنشدوة …
و ذاك عيب !
*السبب بكلمة واحدة (العاطفة)
الزائدة عن حدها.
* للأسف نحن معشر (العرب) نفكر بقلوبنا
وليس بعقولنا والأمثلة عديدة جدا ..
* أي قائد أو زعيم عربي بدو ينجح
ويكسب شعبية برفع شعارات تحرير
(القدس) وفلسطين مجرد شعارات
على أرض الواقع ماكو.. مفيش..يبعث الله
الله غالب..
*العاطفة المقننة شئ طيب ومطلوب
لكن أن تسيطر علينا العاطفة ونلغي
عقولنا شيء مو طيب وعيب.
سلام
شر البليه مايضحك
إذا كان حبّ الوطن مرهون بالأغنية الوطنية فقط.فما بالك بحبّ الأمريكان ( وأغلبهم من المهاجرين ) لأمريكا؟ ورغم أنها يسّرت لمواطنيها نعمًا كثيرة ؛ فأمريكا أكثرالأمم اليوم ارتباطًا بوطنيتها ؛ لهذا لا تجد مناسبة ولا مكانًا عامًا ولاخاصًا إلا وفيه علم الولايات المتحدة الأمريكية يرفرف…
لغة الانفعال لا تعني الحقيقة دائمًا.نعم حبّ الوطن من الإيمان : أمس واليوم وغدًا.فمنْ لا يحبّ وطنه لا يحبّ نفسه ؛ مهما عاند قدره الغريب.
و هل من الوطنية تدمير الوطن بالتعاون و التصفيق لأعداء الوطن …..تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
ولا ازال اتذكر يوما في امتحان جهوي حينما وضعوا لنا فب مادة ادبية ان نتحدث عن حب الوطن تحت نص الموضوع : لست تلقى مثل ارض المغرب الفذ ارضا ولو اجتزت الارض طولا وعرضا !! هههه امر سخيف ومريع لقد عرفت ان صاحب المقولة كاذب فانه بعد 15 كيلو متر بعد الابيض المتوسط ستجد وطنا افضل ب 747383636373727 الف مرة دون ان تقطع الارض لا طولا ولا عرضا يكفي ان تركب قارب مطاطي لا اكثر !!