مدريد ـ «القدس العربي»: قررت الاشتراكية الأممية إرسال لجنة تقصي إلى الصحراء الغربية لإنجاز تقرير حول وضع حقوق الإنسان. ويرأس اللجنة دبلوماسي وسياسي إسباني أنتونيو ياننيس من الحزب الاشتراكي، وهو الحزب نفسه الذي ينتقد حكومة مدريد لمنعها اللجوء السياسي عن صحراوي محكوم بالإعدام لاتهامه في مقتل أفراد من القوات الأمنية المغربية في أحداث مخيم أكديم أيزيك سنة 2010.
وكانت الاشتراكية الأممية قد عالجت ملف الصحراء الغربية خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي في اجتماع لها في جنيف بسويسرا، واتفقت على إرسال لجنة تقصي حول حقوق الإنسان في هذه المنطقة المتنازع على سيادتها بين المغرب وجبهة البوليساريو. وأرجأت بث التقرير النهائي إلى لجنة أحزاب البحر الأبيض المتوسط. هذه الأخيرة، عقدت اجتماعا لها في مدينة فالنسيا خلال نهاية الأسبوع، وقررت إرسال اللجنة خلال شهر أيار/ مايو المقبل برئاسة أنتونيو ياننيس السياسي والدبلوماسي السابق المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الإسباني.
ومنذ انضمام جبهة البوليساريو إلى الأممية الاشتراكية بصفة عضو ملاحظ سنة 2008، عملت على إحضار ملف حقوق الإنسان ضمن استراتيجيتها في مواجهة المغرب علاوة على منتديات أخرى مثل البرلمان الأوروبي وبرلمانات مختلف الدول الأوروبية وفي أمريكا اللاتينية. وتزامن انضمام البوليساريو مع تراجع قوة الحزب الاشتراكي المغربي، وكذلك غياب ما يعرف في المغرب بـ «الدبلوماسية المغربية».
ورغم العلاقات القوية التي تجمعه بالمغرب، يعتبر الحزب الاشتراكي الإسباني من أكبر الداعمين لتقرير المصير في نزاع الصحراء. ومن ضمن آخر ما قام به هو دعم صحراوي اسمه حسنة عالية يلاحقه القضاء المغربي بتهمة التورط في مقتل أمنيين مغاربة في أحداث أكديم إيزيك سنة 2010 بمنطقة العيون أكبر مدينة في الصحراء.
وكانت الدولة الإسبانية قد رفضت لحسنة اللجوء السياسي خلال الشهر الماضي، وطالبته بالرحيل. وتشكلت لجنة حقوقية وحزبية مؤيدة له وتسانده، واستطاعت طرح الموضوع في البرلمان بمبرر أن الحكم صادر عن القضاء العسكري ولا يمكن الاعتداد به. ورفضت لجنة الداخلية في البرلمان الإسباني منح اللجوء السياسي له، يوم الثلاثاء الماضي بفضل أصوات الحزب الشعبي الذي يشكل الأغلبية في اللجنة، بينما كانت كل باقي الأحزاب لصالح منحه اللجوء السياسي.
لكن الرفض يخفي أشياء أخرى في ملف الصحراء في إسبانيا، ومنها التوظيف السياسي بالتناوب لهذا النزاع. وفي هذا الصدد، انخرطت كل الأحزاب بما فيها الحزب الاشتراكي في دعم المبادرة البرلمانية لصالح حسنة عالية.
ويبقى المثير هو موقف الحزب الاشتراكي الذي انخرط في دعم ملف حسنة عالية وارتباط ذلك بأكديم إيزيك، ولكن تاريخ تعامل الأحزاب السياسية، وخاصة الشعبي والاشتراكي لا يحمل أي مفاجأة. فقد كان الحزب الشعبي في المعارضة وكان يتحدث باسم مصالح البوليساريو في البرلمان إبان أحداث أكديم إيزيك، مما دفع المغاربة إلى تنظيم تظاهرة ضخمة خلال نوفمبر 2010 للتنديد بموقفه.
وبينما كان الحزب الاشتراكي يتفهم موقف المغرب وقتها، لأنه كان في السلطة، يقوم الآن بدور مختلف نهائيا ومتعارض مع مصالح المغرب ويصب في صالح البوليساريو.
وهذه المناورات تجعل المغرب يميل بكثرة إلى الحزب الحاكم وتسهيل مأموريته في العلاقات الثنائية، بينما تبحث البوليساريو عن تأييد الحزب المتزعم للمعارضة ليكون ناطقا بمصالحه في البرلمان.
حسين مجدوبي