تفرض التطورات التي تشهدها الساحة السياسية اسئلة مشروعة بشأن مستقبل «الاسلام السياسي»، بعد الانتكاسات التي تعرض لها في غير بلد عربي، خاصة مصر التي كانت مهدا لهذه الايديولوجية، وتحديدا في الخمسينيات من القرن الماضي، عندم اسس لها اعضاء جماعة الاخوان في سجون الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ومنذئذ كانت مصر الحاضنة الشعبية الاساسية لهذا التيار، حتى بعد ان عادت جماعة «الاخوان» الى الحياة في السبعينيات على ايدي الرئيس الراحل انور السادات، وتوسعت لتؤسس فروعا في نحو سبعين دولة. ومن هنا يمكن فهم مدى الفداحة التي تمثلها الانتكاسة في مصر، كما يمكن فهم الخسائر التي توالت في ليبيا وتونس وغزة واليمن وهو ما يعرف بـ»تأثير الدومينو».
ولا شك في ان مستقبل «الاسلام السياسي» اصبح على المحك، بعد الضربات التي جعلت وجود «الاخوان» تنظيميا مقتصرا على عدد من الدول في الخارج، رغم استمرار المظاهرات الطلابية المؤيدة للجماعة في مصر. وتتعدد الاراء والسيناريوهات التي تنظر لمستقبل الجماعة ومن ثم المشروع، وتتراوح بين منتقدين يعتبرون ان «الجماعة انتهت في مصر حتى اشعار اخر»، في مواجهة الخطاب الرسمي للتنظيم الدولي للاخوان، الذي يقوم على ان «النظام المصري سيرفع الراية البيضاء قريبا»، بسبب استمرار الاحتجاجات. اما الواقع فلا بد انه يقع في منطقة ما بين هذين الرأيين، حيث لا يستطيع احد ان ينكر وجود تيار شعبي مؤيد لفكرة «الحكم الاسلامي» من غير ان يكون بالضرورة عضوا او حتى مؤيدا للاخوان، وفي المقابل، فان نسبة كبيرة من المصريين فقدت الثقة في مصداقية «احزاب الاسلام السياسي» جميعها، وكل من يحاول ان يصل الى السلطة عبر شعارات اسلامية، ولا يعني ذلك انهم غير متدينين، لكنهم وصلوا الى ضرورة الفصل بين الدين والسياسة. اما الاخطر فهو انهم اصبحوا يربطون بين جماعة الاخوان وما تشهده البلاد من اعمال ارهابية، وسواء كان هذا منصفا او ظالما او غير دقيق، فانه الواقع، وهو ما يلقي ظلالا كثيفة على امكانية عودة الاخوان كتنظيم او حزب سياسي، بدون ان ينكر ذلك عليهم حقهم كمواطنين في المشاركة السياسية الكاملة، ضمن اطار القوانين ذات الشأن. وحسب تقرير نشره معهد كارنيجي الامريكي مؤخرا بشأن مستقبل «الاخوان» فان خمسة سيناريوهات تنتظر الجماعة، هي:
السيناريو الأول:
سيواصل النظام المصري سياسته الحالية بالسعي الى القضاء الشامل على جماعة الإخوان، وهو السيناريو المرجح في المستقبل المنظور بالنظر الى ما يجنيه النظام السياسي من مكاسب عبر استخدام «الاخوان» كفزاعة وتحميلهم مسؤولية تقصيره او فشله على الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية.
السيناريو الثاني:
تعود جماعة الإخوان إلى الحياة السياسية في مصر بتحقيق انتصار عن طريق كسب دعم شعبي، وتساعدها في ذلك الاحتجاجات المستمرة التي «تهز» النظام، وهو ما يروج له التنظيم الدولي للجماعة، كما اشرنا لاحقا. وهو سيناريو يبدو اقرب الى «التفكير المتمني» منه الى توقعات جدية، اذ ان الغضب الشعبي الذي يتزايد فعليا ضد النظام لاسباب عديدة، لا يصب في مصلحة الاخوان او اي قوى سياسية اخرى.
السيناريو الثالث:
يتفاوض الإسلاميون مع النظام بشأن عودتهم للحياة السياسية بالطريقة نفسها التي كانوا عليها إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهي المشاركة السياسية للإخوان مع مراعاة خطوط حمراء يحددها النظام. ولم يثبت وجود دليل على جدية هذا السيناريو رغم تكرار التكهنات بشأن «مصالحة سياسية».
السيناريو الرابع:
تنقسم جماعة الإخوان إلى قسمين رئيسيين، يرى القسم الاول الذي يضم المعتدلين ضرورة التراجع عن السياسة الحالية باعتبار انها «شديدة الصدامية»، بينما يضم القسم الثاني المتشددين الذين يرون أن السياسة الحالية للجماعة شديدة التوافقية والتواؤم مع وجود أخطاء فكرية بها. ويرجح كثيرون ان هذا الانقسام قد حدث بالفعل، وان كان ينتظر اللحظة المناسبة للاعلان عن نفسه.
السيناريو الخامس:
تعترف الجماعة بإخفاقاتها فيما يتعلق بالاحتجاجات الحالية، وتنسحب من العمل السياسي وتركز على تجديد فكرها داخليا. وعلى الرغم من وجود بعض التأييد الخجول لهذا السيناريو داخل الجماعة، فانه غير مرجح بالنظر الى انه سيعتبر «انتحارا سياسيا غير ضروري» لا يتسق مع حقيقة ان القيادات المتشددة التي مازالت تسيطر على مقاليد الامور من وراء القضبان، ليسوا معروفين بالمرونة السياسية، كما انه لم يعد لديهم ما يخسرونه.
ولا يمكن اغفال عدة تطورات محلية واقليمية، ستسهم في رسم مستقبل الجماعة ومن ثم الاسلام السياسي.
اولا – ان انسحاب احزاب سلفية ووسطية مما يسمى بـ»تحالف دعم الشرعية» بعد تاريخ من الخلافات والانقسامات، ادى عمليا الى انهيار ذلك التحالف، ما حرم الاخوان من الاطار السياسي الاخير الذي كان يمكن ان يمثل قناة للتفاوض. وكشف مدى ما يعانيه «بيت الاسلام السياسي» من هشاشة، بالنظر الى ان بعض الاحزاب السلفية او الاسلامية المعتدلة ابقت الباب مفتوحا للمشاركة في الانتخابات التي سيقاطعها الاخوان رسميا.
ثانيا- ان صعود خطر تنظيم «داعش»، ساعد في تقوية الضغوط الدولية على التنظيم في الخارج، فقررت بعض الدول إما ابعاد عدد من قياداته، او رفض استقبالهم. وبالفعل تمكن النظام من استعادة احد القياديين مؤخرا عبر الشرطة الدولية (الانتربول)، وهو ما يثير اسئلة بشأن ما اذا كانت قيادات المنفى ستكون قادرة على احدداث اي تغيير على ارض الصراع التي هي داخل البلاد وليس خارجها.
واخيرا، وبغض النظر عن السيناريوهات والتكهنات، فان ثمة حقيقة صلبة لا يمكن القفز عليها، وهي ان ما تعرض له الاخوان ومن ثم الاسلام السياسي خلال الشهور الماضية يستلزم وقفة مع النفس للمراجعة، على الا تنقصها الصراحة او التواضع، والاهم الرؤية السياسية.
ومع حقيقة ان الاسلام السياسي سيبقى كمشروع او «فكرة» تدعمها دول ومـــؤسسات اعلامية واقتصادية وامنية، فان وجــــوده الحقيقي يستوجب استعادة الحاضنة الشعبـــية الاوسع من غير الاسلاميين، ولا يمكن ان يحدث هذا عبر الارتباط او التواطؤ او التعاطف مع ميلشيات العنف او الارهاب التكفيري بشتى اسمائها، بل ان هذا المنهاج يعجل بالنهاية المحتومة، خاصــــة في مصر التي فشل الارهاب عبر تاريخها في تحقيق اي مكسب سياسي.
٭ كاتب مصري
خالد الشامي
تحليل رائع وكاتب متمكن.
داعش في الطريق مسافة السكه والذي قتل السادات كان عسكريا
والتدهور الاقتصادي والخدماتي سيشعل نار الثورة الجديده
أما الرئيس الشرعي محمد مرسي فسيكون صمام الأمان حين يفقد بمصر
الشعب المصري ذاق الحرية يوما – ولحد الآن ما زال طعمها بفمه
ولا حول ولا قوة الا بالله
مصر يخير وستطل بخير رغم الكارهين والحاقدين. اما عودة مرسي في المشمش وعليك خير.
انا لا اعتقد ان مرسي سيعود لسبب بسيط هو ان امثال مرسي تصلح لشعوب حضارية تفهم ما معنى ان تكون ديموقراطيا اما هؤلاء التقدميون بالمقلوب والذين صدعوا رؤوسنا بالكفته فهم دائما تواقون الى فرعون وهم في تيه كبني اسرائيل تشتريه وتبيعه في ليله وضحاها، ولذلك تألق الصعاليق واصبحت راقصة هي الام المثالية في عصر التقدميون بالمقلوب واخرى راقصة تقول الخليفة عمرو بن العاص ومفكر آخر يقول الاخوان سبب سقوط الاندلس.. يا ترى مين العبقري الغير مكتشف في عصر العر ليقول لنا كيف انضم كارتر الى جماعة الاخوان وماذا كان منصبه وهل ولد في الاسماعيلية ام في اسوان وهل يا ترى الامطار لا تسقط في منتصف الصيف في القاهرة لان الاخوان يوقفون السحاب… يلا خلينا نشوف من هو العبقري الجديدة في عصر صهينة مصر.
تحية للكاتب المحترم
لا شك أن الإخوان المسلمين يواجهون أزمة قاسية بسبب القبضة القمعية للنظام القديم الجديد الذي غير رأسه و أبقى على منهجه
ولا شك أن شعبية الإخوان تراجعت كثيرا قبل 30 يونيو ليس بسبب أدائهم السياسي الذي لم يكن في المستوى و إنما بسبب إعلام الكذب الذي تديره الثورة المضادة
غير أن قوة الإخوان تكمن في
– لا يوجدد بديل سياسي يملأ الفراغ
– قدرة التنظيم على إمتصاص الصدمات
– و الأهم هو غباء النظام الحالي الذي يحاول شراء الوقت بالأكاذيب ثارة و بالقمع ثارة أخرى
Bravo yousef