الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي تهديد جديد للعلاقة الزوجية

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: للفتور في العلاقة الزوجية أسباب عديدة لكن الجديد كما يرى علماء النفس دخول النت وتحديدا مواقع التواصل الاجتماعي إلى البيوت بدون استئذان. فالزوجة والزوج على حد سواء لا يستطيعان ممارسة حياتهما إلا بوجود المحمول الذي أصبح شيئا أساسيا وضروريا، ومن الصعب الاستغناء عنه. فكل الأمور تتم من خلاله. هذه التكنولوجيا الحديثة أصبحت تقلل أحيانا من اللحظات الدافئة والحميمية بين الزوجين. وعلى الرغم من أهمية هذه المواقع في الاتصال والتواصل إلا أنها فتحت ثغرة كبيرة في الترابط والتماسك الأسري.
فكيف تؤثر مواقع التواصل على ترابط العلاقة بين الزوجين وهل بالفعل كانت السبب الرئيسي في حالات فتور العلاقة وظهور الغيرة القاتلة والمشاحنات والخيانة والطلاق؟

اختلافات وضغوط

د. سليمان فايز قديح أخصائي نفساني واستشاري علاقات أسرية وباحث أكاديمي وأستاذ علم النفس من فلسطين يقول لـ«القدس العربي»: الفتور في العلاقات مرتبط بمدى القدرة على استمرار التواصل بين الطرفين واختلاف طريقة التعامل عن ما قبل الزواج فيحصل تحول في درجة الاهتمام بالحياة اليومية، ومن الأسباب الأخرى ان الناحية الاقتصادية تحول محور الاهتمام الفردي إلى اهتمام جماعي. فقبل الزواج يكون الاهتمام منصبا على اللقاءات والغزل، وبعد الزواج والوصول إلى حالة الاشباع الغريزي تقل اللهفة مما يسبب صدمة لدى المرأة ويتحول الحب الروحاني والممزوج بالحب للعلاقة الحميمة إلى حب عشرة وكفاح في الحياة وتحصل ضغوط مختلفه سواء مهنية أو منزلية أو غيرها.
وعن مشاعر المرأة ومدى تأثرها بانشغال زوجها الدائم مع مواقع التواصل يقول: ان مشاعر المرأة تختلف عن الرجل من ناحية التعبير والحفاظ عليها، فالمرأة بطبعها رقيقة وحساسة وتحتاج دائما للحضن الدافئ ودرجة من الأمان من أولوياتها الحفاظ على استمرار الحب، ومن خلاله تعتقد انها تتغلب على كل ما يعيق استمرار الحياة، في حين الرجل رغم وجود العواطف إلا انه أقل تمسكا بالمشاعر تجاه زوجته وان وجدت احيانا لا يعبر عنها ويهتم بالقشور أكثر من التفاصيل.

التكنولوجيا ليست السبب

ويرى د.قديح ان المشلكة ليست في مواقع التواصل ويختلف كثيرا مع من يعتقدون ان ظهور التكنولوجيا سبب مباشر لظهور المشاحنات حتى وان لم توجد الهواتف المحمولة والنت ستخلق معيقات بديلة. في الماضي الإهتمام كان منحصرا في أساسيات البيت ورغم ذلك كنا نرى الطلاق والانفصال وكذلك تعدد الزوجات. مضيفا انه يعتقد ان كل زمن له منغصاته على الحياة الزوجية بل قد تكون الحياة العصرية حدت من ظاهرة تعدد الزوجات حيث أصبحت أقل انتشارا من ذي قبل. وبالنسبة لما يريده الرجل من المرأة طبيعي جدا ان تكون مساهمة معه في بناء الأسرة والاهتمام به وبالأبناء وان تحافظ على ذلك البناء من خلال عملية التربية. أما بالنسبة للعلاقة الحميمة فطبيعي ان تتأثر بكل شيء فكلما كانت الحياة تعج بالمنغصات من الطبيعي يفقد أحد الزوجين المتعة في العلاقة الحميمة ونحن في عصر التطور التكنولوجي والعلاقة الحميمة تتأثر بثقافة الزوج والزوجة حيث ان العلاقة التقليدية أصبحت لا تلبي غريزة الرجل والمرأة وهنا قد تحدث بعض الفروق في القناعة والثقافة.
أما أ. طلعت حسن حمود أمين عام النقابة العامة للاخصائيين الاجتماعيين والنفسانيين اليمنيين، المعيد في قسم الخدمة الاجتماعية في جامعة صنعاء فلديه رأي معاكس ويعتبر ان التطور التكنولوجي أثر على العلاقة الطبيعية بين الأزواج وقال: الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي أثر بالفعل على العلاقة الزوجية وتختلف عملية التأثير والتأثر بكيفية ومدى الاستخدام لوسائل التواصل الاجتماعي بين الزوجين التي تصل أحيانا إلى درجة الإدمان ومن أبرز الأسباب:
– استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لساعات طويلة أثر على الإهتمام بشريك الحياة.
– مع مرور الوقت يصل البعض إلى درجة الاهتمام بالمحادثات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من اهتمامه بأولاده وشؤون المنزل والزوجة.
– استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في بناء علاقات وصداقات غير مقبولة في السياق القيمي والثقافي للزوجين فقد تحدث الخيانة في أشكال مختلفة وهذا في حد ذاته يؤدي إلى فتور العلاقة وبالتالي الطلاق.
– تحول الحوار الهادئ المباشر بين الزوجين إلى حوار مشحون غير واضح نتيجة عدم تركيز الطرفين والاهمال بسبب الانشغال في محادثات وسائل التواصل الاجتماعي فتبدأ عملية التواصل المباشر تقل وتتأثر العلاقة بين الزوجين ويولد ذلك العديد من المشكلات الاجتماعية.
ويضيف: أن المرأة تحتاج من الرجل إلى الإحساس بالحب والإهتمام والرعاية وخلق جو من الأمن والإستقرار الأسري وكذلك يحتاج الرجل من المرأة الحب والاهتمام وخلق جوء من التفاهم المتبادل في ظل المشكلات والاحتياجات المتعددة وصولا إلى حياة زوجية مستقرة وهادئة.
«القدس العربي» استطلعت آراء مستخدمي مواقع التواصل وتراوحت الاجابات بين مؤيد ومعارض لـخطورة هذه المواقع على العلاقة بين الزوجين:
أحمد: أكيد دمار اجتماعي وليس تواصلا وسبب ازدياد نسبة انتشار الطلاق هي شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك – واتساب – فايبر). يرجع الأمر إلى مدى نضج الزوج والزوجة ووعيهما بمنافع وأضرار وحدود استخدام هذه المواقع ويحتاج الأمر أن يستشعر كل منهما روح المسؤولية في طريقة الاستخدام.
عامر: بالتأكيد، كل مشغول بجواله وقراءاته وأصدقائه ومعارفه ومتابعاته، في غالب الأحيان ترى الزوجين جالسين كل مشغول بجواله، فمن أين يأتي التواصل العاطفي ومن أين تأتي الرومانسية؟ هذا إن افترضنا أن كل واحد فيهما مخلص ولم يتعرف على صديق أو حبيب جديد.
ابراهيم: يعتمد الموضوع على الثقة المتبادلة ومراعاة طباع الرجل الشرقي في فضاء غير محكوم بأخلاق أو ثقافة.
ميساء: حسب طبيعة العلاقة بينهما، إذا كانت قوية وصحيحة وحقيقية ستكون مواقع التواصل الاجتماعي جزءا ترفيهيا لهما وتساعد في الترويح عن النفس وتعميق الصداقة والحب بينهما، أما إذا كانت علاقتهما مجرد زوج وزوجة وتقليدية زائفة غير ناضجة أظن الوضع مختلف هنا تسمى حالة هروب من الواقع.
سعاد: طبعا هو سبب الخلافات بين الأزواج، في الحقيقة ان فيسبوك كشف الكثير من أخلاق الناس التي كانت مخفية ولا يعلم بها إلا الله وغالبا ما يكون الزوج هو السبب الرئيسي لنشوب الخلافات!
فؤاد: بكل أسف كان مفروض ان يكون فيسبوك للتواصل الاجتماعي وتعزيز الروابط بين الناس إلا ان الكثيرين يستغلونه بعكس المطلوب.
سمير: أن كثيرا من حالات الطلاق ودمار الأسر من أهم أسبابها مواقع التواصل.
فوزي: لقد خربت بيوت بنيت منذ عشرين سنة.
سعيد: لو كانت هناك مشكلة قد تكون هذه المواقع جزءا منها لسوء الاستخدام.
جمال: السكين تستعمله وله فوائد كثيرة وممكن تستعمله كأداة قتل وممكن بالعقل السليم يستخدم لأشياء مفيدة.
وسيم:لا يمكن الجزم بأنها السبب الرئيسي، غير أنها باتت من بين أسباب الفتور بين الأزواج، بل ومن أسباب الطلاق. فمواقع التواصل الاجتماعي باتت متنفسا للكثيرين، خاصة أولئك الهاربين من مشاكل متعددة، أسرية، اجتماعية، مالية، نفسية وغيرها.
مهند: حسب طريقة الإستعمال. إذا إستخدم النت لقتل الفراغ أو للحصول على معلومات أو للتواصل مع من هم بعيدون عنا جسدياً فلا بأس أما أن يستخدم للترهات وفضح أسرار البيوت وتعريتها أو للتواصل مع شخص كنت معه طوال اليوم أو أن أهمل واجباتي الأسرية بسببه فهذا غير منطقي. كل شيء يجب أن يعطى حقه ليس بزيادة ولا بنقصان.
يوسف: الفتور يختلف عن الإنفعالات. إن مواقع التواصل ساهمت في تخفيف حدة الإنفعالات في العلاقات الأسرية. هي من جانب أسهمت في زيادة درجة الفتور وانعدام الدهشة في العلاقات لكن في الوقت ذاته قللت من نسبة المشاحنات إلى درجة كبيرة من باب عدم الاكتراث بالآخر وليس تصاعد وتيرة الحب في الأجواء العائلية .
عصام: يعتمد على العلاقه الزوجية وعلى مدى الثقة المتبادلة وقد يؤدي إلى ضعف الروابط والعلاقات الأسرية.
حسن: المثل العامي بيقول: كل شيء بيزيد عن حده ينقلب ضده.
جمال: لا أعتقد فضغوط الحياة كثيرة ومواقع التواصل ما هي إلا متنفس.
عبدالله: عندما يصب أحد الزوجين كل اهتمامه على هذه الوسائل أكيد تخلق المشاكل. فعندما تكون الجلسة عائلية وأحد الزوجين منشغل في هذه الوسائل ويتبسم ويكتب أو يقضي ليله ملتهيا بها أو يعطيها أهمية أكثر من مقابله، هذه أمور تتسبب في المشاكل.
حسام: قضت على التجمع الأسري حيث كانت الأسرة تجتمع وتناقش قضاياها ومشاكلها لإيجاد الحلول المناسبة أما الآن فان التعامل السلبي مع هذه الوسيلة زاد الهوة بين الأزواج والأطفال فكل واحد في البيت تجده منزويا في ركن مع جهازه أو مع هاتفه المحمول.

وجدان الربيعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية