لسبب ما، وجدتني أستحضر حالات ومشاهد تاريخية كثيرة ومتعددة أمام التقاطات فضائية للأسبوع الماضي.
مثلا: ما العلاقة بين الزعيم السوفييتي الراحل نيكيتا خروتشوف والفنانة المصرية شيرين؟
الجواب هو الحذاء!!
فخروتشوف في حادثة تاريخية لا تتكرر في الأمم المتحدة عام 1960، وأثناء إلقاء خطابه قام بخلع حذائه والضرب به على المنبر أمامه والتلويح به في وجه «العالم» إن جاز التعبير.
وكان أجمل تعليق حي وقتذاك ما قاله رئيس وزراء بريطانيا حين طلب ممن حوله، مشيرا إلى خروتشوف حاملا حذاءه (..أرجو ترجمة ما يقوله السيد خروتشوف).
فجأة، وبينما نحن كمشاهدين نستمتع بشيء من الطرب في برنامج أعتقد أنه أفضل من سواه من حيث الترفيه الذي يقدمه، تقرر الفنانة المصرية شيرين خلع حذائها أبو كعب عالي واستخدام الكعب نفسه – أجلكم الله- لضرب الزر أمامها مرات عدة وبعنف في الحلقة الاخيرة من برنامج «ذا فويس» الذي تعرضه قناة «أم بي سي»!
أقرأ اليوم أن الفنانة اعتذرت عن الموقف، وهو اعتذار في محله، وإن دافع البعض عن موقفها بصور مماثلة لنسخ البرنامج حول العالم، حيث نجوم خلعوا أحذيتهم أو رفعوها في وجه الكاميرا، إلا أنني أجد أن تصرفها خارج سياق ثقافة احترام المتلقي وسياق البرنامج ذاته في نسخته العربية.
استخدام الحذاء الخروتشوفي، حسب بعض علماء النفس، وسيلة للفت الإنتباه.. مثل كسر عين «المزراب» في أحد مسرحيات الرحابنة، يلفت الإنتباه فعلا، لكن ليس بالضرورة أن يثير الإعجاب.
وأجدني مثل المرحوم مكميلان أتساءل وأسأل «أم بي سي» عن ضرورة «ترجمة» ما «قالته» شيرين.
استجوابات قناة «سي بي سي»
حول حرب اكتوبر
والتاريخ يحضر بقوة، خصوصا في ذكرى حرب أكتوبر الشهيرة، والتي تصادف في السادس من أكتوبر كل عام.
لكن قناة «سي بي سي» المصرية صعقتنا باستجوابات في الشارع مع مواطنين مصريين، وإن كان المقصود الطرافة فإن النتيجة كانت مضحكة مبكية حد الوجع، فالسؤال الذي حملته القناة للشارع المصري كان «أين ستصلي صلاة 6 أكتوبر.. وكم ركعة هي الصلاة؟». الإجابات التي كانت تحمل الجدية في الجهل صاعقة.. وهي تذكرني باستجواب شبيه مع طلاب جامعات في الأردن قبل أعوام قليلة، حول أين تقع المجر مثلا، وكانت الإجابات تقريبا بين الهند والصين.
استحضرت تاريخ 6 أكتوبر وحادث المنصة الشهير، الذي راح ضحيته الرئيس المصري أنور السادات، مما مهد لحضور الرئيس حسني مبارك إلى المنصة الرئاسية، والبدء بالعبث التاريخي في المناهج والإعلام مذاك، لتصبح حرب الإستنزاف ويوم العبور «وهو عبور بري بالمناسبة»، مكثفة بالضربة الجوية فقط، لأن طيارا اسمه حسني مبارك قاد سربا من طلعاتها الجوية!! لكن التاريخ يبقى تاريخا وكما قال محمد حسنين هيكل، فإن قيادة سرب في طلعة جوية لا يكفي لاكتساب شرعية حكم مصر!!
سيد الحماقات الفضائية
ومن ميزات عصر ما بعد الربيع العربي، أن فضائياته التلفزيونية تبرز نجومها من خلال الهفوات والأخطاء الغبية وكثير من الحماقات، لا من خلال الكفاءات والتقديم المتميز الحاضر بالوعي .
سيد الحماقات توفيق عكاشة بلا منازع، حتى أن الكتابة الجدية عنه تفقد الموضوع الجدي قيمته الحقيقية، ومن ذلك أيضا المذيع المصري أحمد موسى، والذي نبت فجأة في عالم الفضاء العربي، وشكرا للدكتور باسم يوسف وقفشاته الساخرة التي التقطت تاريخ حماقات الرجل في الإعلام.
آخر إبداعات أحمد موسى كانت الأسبوع الماضي في بثه تقريرا «حصريا» عرض فيه كما أفاد لجمهوره، تصويرا لطلعات الطائرات الروسية والقصف الجوي الروسي في سوريا!! ليدلل على ضخامة التدخل الروسي طبعا، وليته لم يفعل!!
فقد تبين أن ما بثه الإعلامي صاحب السجل الأكبر في الهفوات والعثرات بعد توفيق عكاشة، ليس إلا لعبة إلكترونية حديثة مصورة بتقنية عالية تحاكي الواقع، لعبة
«Apachi Air Assault». إلى هذا الحد وصلنا؟ وإلى هذا الحد الاستخفاف بالعقل العربي!
مصر مش رقاصة ولا بلطجي
وحتى لا يتم اتهامي بالتجني، فإنني لا أهاجم الإعلام المصري، بل أهاجم تلك النماذج الصارخة فيه، وأتألم أن نماذج الإعلام المصري المحترم لا تجد الإضاءات المناسبة لها، وربما كان هذا أرحم لها في ظل هذا التسابق على الجنون.
مثلا، قناة «تين»، وهي قناة مستجدة في عالم الفضائيات، لكنها تقدم الكثير مما هو محترم، ومن بين ذلك برنامج «عسل أسود» للمبدعة الزميلة (منة فاروق) والتي تحاول بما تقدمه وتعده مع طاقم محترم في برنامجها أن تثبت ما قالته هي بنفسها على الهواء مخاطبة منتجي السينما من أن «مصر مش رقاصة ولا بلطجي ولا شمام بودرة»!!
نعم يا منة.. مصر أكبر من ذلك بكثير الكثير، تلك التي في خاطري ودمي.
كاتب أردني يقيم في بروكسل
مالك العثامنة
الربط بين شيرين و خروتشوف قريته مرتين اليوم يا جماعة الظلم حرام أكاد أجزم أن شيرين عمرها ما سمعت بخروتشوف و لا تعرفه أصلا.
أستاذ عثامنة
فقط للدقة التاريخية لم يشارك حسني مبارك في الضربه الجويه ظهر السادس من أكتوبر، لقد كان يومها قائدا لسلاح الجو المصري. مع التحيه والاحترام