مدريد – «القدس العربي» تشهد إسبانيا يوم الأحد المقبل انتخابات بلدية تعتبر هامة للغاية لأنها لأول مرة تهدد عرش الحزبين الكبيرين، الحزب الشعبي المحافظ والحزب الاشتراكي اللذين سيطرا على الحياة السياسية من الانتقال الديمقراطي في أواسط السبعينيات، وذلك بسبب ظهور أحزاب جديدة مثل بوديموس. ولأول مرة، بدأ بعض النشطاء المغاربة المتجنسين يميلون إلى مقاطعة الانتخابات احتجاجا على استمرار تهميشهم سياسيا مقارنة مع الجاليات المغربية في دول أوروبية أخرى.
والانتخابات البلدية المقبلة قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية في إسبانيا بشكل جذري نظرا لقوة حزبين جديدين وهما بوديموس اليساري و«سيودادانس» الليبرالي، حيث ستكون نهاية الثنائية الحزبية التي عمرت طويلا في هذا البلد الأوروبي، ومن معالمها ارتفاع الفساد السياسي، وهو ما يترتب عنه تبلور بديل سياسي.
وفي كل انتخابات أوروبية يحضر الصوت العربي وأساسا المغربي في دول مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا حيث جاليات مغربية قوية. وقد ارتفعت نسبة المغاربة الذين حصلوا على الجنسية الإسبانية، وإن كان بعد انتظار طويل مقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى.
وكان الكثير من النشطاء المغاربة (المتجنسين) يعتبرون أن هذه الانتخابات قد تكون نهاية تهميشهم بفضل ظهور أحزاب جديدة مثل بوديموس. لكن بعد نشر لائحة المترشحين في مختلف الأقاليم الإسبانية، يتضح الغياب المهول للعرب وأساسا المغاربة الذين يشكلون أكبر جالية عربية في هذا البلد الأوروبي.
هذا الغياب أصبح حديث المغاربة المتجنسين في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يطرحون أسئلة حول استراتيجية التهميش التي تنهجها الأحزاب السياسية سواء اليمينية منها أو اليسارية تجاه الإسبان من أصل مغربي. وتزداد هذه الأسئلة بحكم تقاليد انخراط المغاربة في السياسة الأوروبية. ويوجد انفتاح محدود من طرف أحزاب قومية في بلد الباسك وكتالونيا.
وتلقت «القدس العربي» الكثير من الملاحظات والاحتجاجات على هذا الوضع من نشطاء إسبان من أصل مغربي ينددون بالتهميش السياسي غير المنطقي الذي يطرح تساؤلات عميقة حول مفهوم الاندماج الذي تطمح له إسبانيا.
وتحضر هنا المقارنة في أكثر من تعليق لنشطاء في شبكات التواصل وأساسا الفيسبوك. ومن ضمن التعليقات المثيرة كتب أحدهم «في بعض الدول الغربية يقوم متطرفون إسلاميون بنهي المسلمين عن التصويت بحجة أن الديمقراطية حرام، وفي إسبانيا تقوم الأحزاب والدولة بهذا الدور بتهميشها المغاربة سياسيا».
وعمليا، في الوقت الذي وصل فيه أوروبيون من أصل مغربي إلى البرلمانات والوزارات بما فيها في دولة حديثة الهجرة المغربية مثل إيطاليا، لا تدمج الأحزاب الإسبانية من باب البروتوكول المغاربة المتجنسين في لوائح المترشحين ولو في أسفل القائمة التي لا تؤدي إلى الاختيار. وتعتبر دعوات مقاطعة الانتخابات البلدية الأحد المقبل فردية ومحدودة تنظيميا، لكن الظاهرة قد تشهد ارتفاعا حقيقيا خلال الانتخابات التشريعية المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل حيث قد تتحول إلى دعوة مهيكلة ومنظمة.
حسين مجدوبي